خاص : كتبت – نشوى الحفني :
فيما يبدو منعطفًا جديدًا في الحرب “الروسية-الأوكرانية”؛ أكد الرئيس الأوكراني، السبت، أن “كييف” غير قادرة حاليًا على شن هجوم مضاد؛ بسبب نقص الأسلحة، حسّب ما ذكر موقع (سبوتنيك) الروسي، وقال في مقابلة مع صحيفة (يوميوري شيمبون): “لا يمكننا البدء بعد. لا يمكننا إرسال جنودنا الشجعان إلى خط المواجهة بدون دبابات ومدفعية وأنظمة (هيمارس)؛ (أنظمة إطلاق صواريخ متعددة)”.
تصريحات “زيلنيسكي”؛ رآها خبراء تحدثوا لموقع (سكاي نيوز عربية)، أنها تُعد الأحدث فيما يخص هجوم “كييف” المضاد، والأولى عقب تفقده جبهات القتال الشرقية في “باخموت”؛ والجنوبية في “خيرسون”، فهل ستؤجل “أوكرانيا” هجوم الربيع المنتظر ؟
اعترافات حقيقية عقب زيارة ميدانية..
وكانت الأيام الماضية؛ قد شهدت تحركات ميدانية للرئيس الأوكراني على جبهات القتال، ففي جبهة الشرق تحدث “زيلينسكي”؛ من “باخموت”، التي تشهد معارك ضارية منذ 08 أشهر وسط أحاديث عن حصار القوات الروسية للمدينة.
والخميس الماضي؛ زار الرئيس الأوكراني، الجبهة الجنوبية، وبالأخص منطقة “خيرسون”، وهنا يقول الخبير الروسي العسكري؛ “شاتيلوف مينيكايف”، إن تصريحات “زيلينسكي” جاءت عقب زيارة الجبهة الجنوبية؛ والتي كانت تُراهن “كييف” على شن هجوم مضاد من تلك المنطقة.
ويرى “شاتيلوف مينيكايف”؛ خلال تصريحاته لموقع (سكاي نيوز عربية)، أن اعتراف “زيلينسكي” دليل على ضعف قواته في جبهات القتال ووضعها الحالي لا يسمح بشن أي هجوم مضاد، بل تُحاول قواته عكس ذلك وهو الصمود؛ وفي بعض الأحيان الفرار من جبهات القتال وفقًا لإعلامهم.
وفنّد الخبير الروسي العسكري، أسباب عدم قدرة “كييف”؛ في الوقت الحالي، على شن أي هجوم مضاد حاليًا أو في القريب، مستبعدًا أن تكون تلك التصريحات خدعة عسكرية من جانب “كييف”.
وذلك بسبب اعتماد القوات الأوكرانية على المُسيّرات لشن أو قصف أي هدف ما يعني فقدانها للمدفعية والقذائف.
كما أن جبهة الجنوب تشهد هدوء نسّبي مقارنة بالشرق؛ نظرًا لعدم وجود ذخيرة كافية للقوات الأوكرانية.
وفي جبهة الشرق تم قطع أكثر من: 95 بالمئة من الطرق في “باخموت” ومحيطها؛ والتي كانت تعتمد عليها “كييف” في تمرير الأسلحة وخروج المصّابين.
تأخر تسّليم الأسلحة الغربية أو بعضها يُفقد “زيلينسكي” أي تقدم ملحوظ أو مؤثر ميدانيًا..
وسلط “شاتيلوف مينيكايف”؛ الضوء على ما أسماه تضارب التصريحات الأوكرانية فيما يخص هذا الهجوم المزعوم، فالخميس الماضي؛ قال قائد القوات البرية الأوكرانية؛ “ألكسندر سيرسكي”، إن “كييف” قد تُشّرع قريبًا في هجوم على منطقة “باخموت”، وعقب ذلك بساعات أقر “زيلينسكي” بصعوبة تنفيذ الأمر، ما يؤكد أن معظم تحركات “كييف”؛ إعلامية، هدفها رفع الروح المعنوية لقواتها ومحاولة تصوير الأمر أن “موسكو” في مأزق.
توقيت مثالي لشن هجوم مضاد..
على الجانب الأوكراني؛ يقول “غولي ميتروخين”، المتخصص بالسياسية الدولية بجامعة “تافريسكي”، إن التوقيت صعب للغاية والغرب يُدرك ذلك بالأخص في جبهة الشرق؛ والتي بسّقوطها سيكون التقدم نحو “دونباس” بالكامل و”كييف” ليس صعبًا على القوات الروسية.
وأوضح المتخصص بالسياسية الدولية بجامعة “تافريسكي” الأوكرانية؛ أن رهان “موسكو”؛ في الوقت الحالي، هو تأخير وصول الأسلحة الغربية لتحقيق أكبر مكسّب على الأرض وإرغام “كييف” على التفاوض.
وأضاف أن الوقت الحالي؛ يُعد المثالي لشن هذا الهجوم المضاد للاستفادة من الإرهاق الروسي في “باخموت” وصعوبة عبور “نهر دنيبروا” في الجنوب؛ مؤكدًا أن الغرب عليه تسّليم الأسلحة بشكلٍ أسرع وبالتزامن مع ذلك تعزيز الدعم الدولي لخطة السلام التي اقترحتها “كييف”.
غزو أوكرانيا بشكلٍ كامل..
وأشار “غولي ميتروخين”، إلى تصريحات نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي؛ “دميتري ميدفيديف”، والذي هدّد فيها بتوجه قوات “روسيا” إلى “كييف ولفيف”، واصفًا تلك التصريحات بنوايا “موسكو” الحقيقة؛ وهي غزو “أوكرانيا” بالكامل.
وفي السّياق الدولي تعهد الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إن بلاده تعتزم مواصلة الضغط على “روسيا” وفرض عقوبات تاريخية ضدها.
ويقول ضابط عمليات سابق في “وكالة المخابرات المركزية” الأميركية؛ إن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، يسّعى إلى الانتصار في “أوكرانيا” من خلال حرب استنزاف مرهقة يتفوق فيها على خصومه، أو هكذا يرى الخبراء، إلا أنه أحيانًا لا تكون الأشياء كما هي ظاهرة في الوقع.
يدعي “دوغلاس لندن”؛ في مقال بصحيفة (وول ستريت جورنال)، إلى أن نتاج ما خرج به من دروس في عمله السابق كضابط عمليات “وكالة الاستخبارات المركزية”، الناطقة بالروسية ضد أجهزة الاستخبارات في (الكرملين)، هو أن لا ليس كل شيء يبدو كما هو.
حرب وجودية لـ”أوكرانيا”..
يتصرف “بوتين” كما لو أنه لا يعتقد أنه يستطيع البقاء على قيد الحياة؛ (أو بقاء بلاده)، إذا ترك هذا الصراع. لكن في الواقع، الحرب وجودية فقط بالنسّبة للجانب الأوكراني، إذ سيُعاني الأوكرانيون من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب إذا استسلموا، بحسّب مزاعم “لندن” التي لا تساوي سوى قيمتها في الحرب الدعائية الأميركية ضد خصمها الروسي.
ويمكن لـ”روسيا” أن تبتعد دون عواقب وخيمة خارج حدودها، و”بوتين” يعرف ذلك، لكن ليس من الواضح أن الحل الذي يُريده (الكرملين) حقًا هو حرب استنزاف، كما يدعي الكاتب.
يزعم “لندن”؛ أن “بوتين” راهن بشكلٍ خاطيء قبل عام عندما توقع انهيار العزم الأوكراني بسرعة مع دخول القوات الروسية، على الرغم من أنه يُعرض صورة غير مرنة، يبدو أن الرئيس الروسي لا يزال يُفكر كضابط مخابرات، حيث نادرًا ما يرتكبون نفس الخطأ مرتين، خاصة عندما يشعرون بالحرج.
ولو كان “بوتين” حقًا متهورًا وأعمى عن الواقع؛ كما يُصّور أحيانًا، لما انسحبت القوات الروسية من ضواحي “كييف” قبل عام، إذ أظهر “بوتين” أنه سوف ينحني عندما يواجه عواقب وخيمة، وهو ما ستترتب عليه حرب طويلة.
ويقول “لندن”؛ إن “بوتين” قد لا يحزن على خسائره الثقيلة، لكنها محرجة لـ (الكرملين) وتقوض روايته عن القوة والبراعة العسكرية، ومع ضعف الخطوط الروسية، سيشعر بضغوط متزايدة لتوسّيع التعبئة خارج المجتمعات الريفية والعرقية التي استهدفها لعزل قاعدته السياسية الحضرية عن عواقب الحرب.
العقوبات الاقتصادية..
وبينما يسّخر البعض من فعالية العقوبات الاقتصادية الغربية، يُضيف “لندن” إلى مزاعمه: “تعمل موسكو بشراسة على تعزيز الروبل وإيجاد مستهلكين بديلين لصادرات الطاقة التي تخلت عنها معظم أوروبا. لكن هذا لا يزال يعني ربحًا أقل، حيث تجذب روسيا العملاء بالنفط والغاز المخفض بشكلٍ متزايد”.
ومع استمرار الحرب؛ سيواجه “بوتين” خيارات متزايدة الصعوبة بين تمويل الصراع وتحسّين الاقتصاد، بحسّب ادعاءات “لندن”؛ الذي أشار إلى أن الإمدادات العسكرية التي تسّعى إليها “روسيا”؛ من “الصين وإيران وكوريا الشمالية”، ليست تبرعات خيرية، وحتى تحويلات الروبل من الشركاء التجاريين الجُدد لن تُساعد “بوتين” في سداد الديون الخارجية المحتفظ بها بالدولار الأميركي.
كل هذا يُشير إلى أنه كلما طالت مدة الحرب، ازدادت الأمور سوءًا بالنسبة لـ”موسكو”، بينما يسمح الوقت لـ”أوكرانيا” بنشر الأسلحة المتطورة الآن؛ التي هي في طريقها إلى “كييف”، وسيمكن المزيد من الوقت أيضًا من زيادة إنتاجية سلاسل توريد الذخيرة التي تبنيها “الولايات المتحدة”؛ كما يدعي العميل الأميركي.