23 يوليو، 2025 12:23 ص

ما بين النزاع القضائي وعدم التسليم السلمي للسلطة .. هل تنقلب الطاولة لصالح “ترامب” !

ما بين النزاع القضائي وعدم التسليم السلمي للسلطة .. هل تنقلب الطاولة لصالح “ترامب” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يقاتل الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، من أجل حصوله على ولاية ثانية، وسط نتائج قد تقلب الطاولة لصالحه خلال الفترة المقبلة، حيث أكد أنه سوف يكشف عن فساد عملية الإقتراع في الانتخابات الأميركية الأخيرة التي فاز بها منافسه، “جو بايدن”.

وبالفعل أعلنت وسائل إعلام أميركية، أمس الأربعاء، فوز الرئيس المنتهية ولايته، “دونالد ترامب”، بولاية “آلاسكا”، وذلك بالتزامن مع قرار إعادة فرز الأصوات في ولاية “جورجيا”.

ووفق ما ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز)، فإن “ترامب” فاز بالأصوات المخصصة لـ”آلاسكا” في “المجمع الانتخابي”، والبالغ عددها 3، بعدما تقدم بـ 46 ألف صوت عن منافسه، “جو بايدن”.

إلا أن الفوز بـ”آلاسكا” لن يغير نتائج الانتخابات، التي أجريت في الثالث من تشرين ثان/نوفمبر الحالي، حيث لا يزال الفارق كبيرًا بين “ترامب” و”بايدن”؛ الذي جرى إعلانه رئيسًا منتخبًا وفق النتائج.

وجاء فوز “ترامب” في “آلاسكا”، في وقت قررت فيه سلطات ولاية “جورجيا”، إعادة فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية، بعد أن أتضح أن فارق الأصوات بين “بايدن” و”ترامب” يقل عن 0.5 بالمئة.

وتمتلك ولاية “جورجيا” 16 صوتًا في “المجمع الانتخابي”، وتعد من أبرز الولايات الحاسمة والمتأرجحة في الانتخابات الرئاسة الأميركية.

عدم اعتراف بالهزيمة أتبعه معركة قضائية..

وما يزال “ترامب” يصر على عدم الاعتراف بهزيمته في الانتخابات، مؤكدًا أنه سيخوض معركة قانونية و”سينتصر”.

ويقول الرئيس الجمهوري إن هناك خروقًا حدثت أثناء عملية التصويت، خاصة الأصوات التي وصلت إلى مراكز الإقتراع عبر البريد، واصفًا ما حدث بـ”سرقة الانتخابات”، من دون أن يقدم أدلة على ذلك.

لهذا مضت حملته قدمًا في استراتيجية التقاضي الطويلة المدى التي تتبعها في محاولة لقلب فوز “جو بايدن” بالانتخابات، فرفعت دعوى قضائية في “ميشيغان”؛ على الرغم من تركيز نائب الرئيس السابق على وضع أساس إدارته المقبلة.

لكن مع التطورات الجديدة بعد أن قررت ولاية “جورجيا” إعادة فرز الأصوات، فإن محاولات معسكر “ترامب” اكتسبت إثارة كبيرة.

إلى ذلك، توجه فريق المرشح الجمهوري إلى محكمة اتحادية لمحاولة منع ولاية “ميشيغان” من التصديق على نتائج الانتخابات.

ويتخلف “ترامب” بنحو 148 ألف صوت أو 2.6 نقطة مئوية في إحصاء غير رسمي لمجمل أصوات “ميشيغان”، وهي ولاية حاسمة بمنطقة الغرب الأوسط كان قد فاز بها في 2016، لكنه خسرها لصالح “بايدن” وفق توقعات وسائل الإعلام.

مزاعم كاذبة لتقويض الثقة العامة..

وقال “غيك رولو”، المسؤول بولاية “ميشيغان”، في بيان؛ إن حملة “ترامب” تروج لمزاعم كاذبة لتقويض الثقة العامة في انتخابات “ميشيغان”.

وأضاف: “إنها (الدعاوى) لا تغير الحقيقة: انتخابات ميشيغان أجريت بنزاهة وأمان وشفافية والنتائج انعكاس واضح لإرادة الشعب”.

ويساند مشرعون جمهوريون كبار وحلفاء آخرون لـ”ترامب” استراتيجية الرئيس، قائلين إن لديه الحق في الطعن في نتائج الانتخابات.

ورُفعت الدعوى بعد يوم من وصف “بايدن” عدم اعتراف “ترامب” بالهزيمة بأنه: “أمر يثير الضيق”.

ورفض القضاة عدة دعاوى رفعها “ترامب”، ويقول خبراء القانون إنه ليست هناك فرصة تذكر لتغيير النتيجة من خلال التقاضي.

وكان “بايدن” اقتنص، يوم السبت الماضي، الفوز في الانتخابات بعد أن ظفر بسلسلة من الولايات الحاسمة ليحصد 290 صوتًا، متخطيًا الـ 270 صوتًا اللازمة في “المجمع الانتخابي”.

ويفوز “بايدن” كذلك بالتصويت الشعبي؛ بما لا يقل عن خمسة ملايين صوت، مع استمرار بعض الولايات في إحصاء الأصوات.

انتقال سلس للسلطة من “ترامب” لنفسه..

إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، إنه سيكون هناك انتقال سلس للسلطة من الإدارة الحالية للرئيس، “دونالد ترامب”، إلى إدارة ثانية له.

وجاء هذا التصريح ردًا على سؤال حول كيفية سير العملية؛ بعد فوز “بايدن” في الانتخابات، التي أجريت في 3 تشرين ثان/نوفمبر الحالي.

وأضاف “بومبيو”: “يجب أن يكون لدى العالم كل الثقة في أن انتقال السلطة ضروري لتأكيد أن وزارة الخارجية تقوم بمهامها اليوم، وناجحة في عملها اليوم، وناجحة مع الرئيس، الذي سيتولى منصبه، في 20 كانون ثان/يناير القادم، الذي سيكون ناجحًا أيضًا”.

مخاوف عدم تسليم السلطة بشكل سلمي..

وبسبب رفض “ترامب” الاعتراف بالهزيمة، ظهرت مخاوف من سيناريو عدم تسليمه السلطة بشكل سلمي؛ وماذا يمكن أن يحدث ؟، خاصة وأن الانتقال المنظم القانوني السلمي للسلطة يُعد أحد السمات المميزة للديمقراطية الأميركية.

فعلى مدى تاريخ الولايات المتحدة الممتد، منذ 244 عامًا، لم يسبق لرئيس أميركي أن رفض مغادرة “البيت الأبيض” بعد خسارته الانتخابات.

وفي مقابل إعلان فوز “بايدن”، فإن “ترامب” يمتلك الإمكانيات القانونية والشرعية التي يحق له استخدامها للطعن في نتيجة التصويت، غير أنه ما لم تحدث تحولات دراماتيكية داخل المحاكم في المستقبل القريب ولم يُثبت إدعاءاته بحدوث مخالفات في الانتخابات، فإن يوم 20 كانون ثان/يناير القادم؛ هو موعد تولي الرئيس الجديد المنصب، والذي يجب فيه على “ترامب” أن يترك المنصب.

وكان “ترامب” قد حذر بشكل واضح، خلال حملته الانتخابية؛ من أنه لن يقبل الهزيمة. وقال مرارًا إنه عازم على البقاء في السلطة بصرف النظر عما تقوله هيئة الانتخابات، مشيرًا إلى أن الحالة الوحيدة التي يمكن أن يخسر فيها ستكون في حال سُرقت الانتخابات.

لذا بدأ المحللون والمتابعون للأمر في مناقشة ما سيحدث في حال نفذ “ترامب” تهديده وحاول التشبث بالسلطة، حتى أن “جو بايدن” قد سبق وتحدث عن هذه الفرضية.

يتولى الجيش إخراجه من البيت الأبيض..

ففي لقاء تلفزيوني أُجري في 11 حزيران/يونيو الماضي، طرح المذيع الساخر، “تريفر نواه”، سؤالاً على “بايدن”؛ حول ما إذا كان قد فكر في احتمال رفض “ترامب” إخلاء المقر الرئاسي في حال مُني بالهزيمة.

فأجاب “بايدن”: “نعم، فكرت في ذلك”، مضيفًا أنه مقتنع بأنه في موقف كهذا سيكون الجيش مسؤولاً عن منعه من الاستمرار في المنصب، وسيقوم ببساطة بإخراجه من “البيت الأبيض”.

وأكد “بايدن”، في بيان نشرته حملته يوم الجمعة الماضي، على أن الناخبين – وليس المرشحون – هم من يقررون نتيجة الانتخابات. وجاء في البيان أن: “الشعب الأميركي سيقرر نتيجة هذه الانتخابات، وحكومة الولايات المتحدة قادرة تمامًا على إخراج المتسللين من البيت الأبيض”.

ومن الممكن أن تقع على عاتق الشرطة القضائية أو جهاز الخدمة السرية مهمة اصطحاب “ترامب” إلى خارج المقر الرئاسي.

وفي حال أصر “ترامب” على رفضه مغادرة المنصب، قد يكون من الضروري تقييم ولاء قوات الأمن للرئيس.

أمر صعب لكنه ليس مستبعد !

وحول ما إذا كان من الممكن أن يحاول “ترامب” استخدام قوات الأمن من أجل البقاء في السلطة بصورة غير شرعية، يرى البروفيسور، “داكوتا رودسيل”، خبير سياسة وتشريعات الأمن الوطني في جامعة ولاية “أوهايو”، أن: ” قيام رئيس باستغلال صلاحياته من أجل البقاء في السلطة، بعد خسارته الانتخابات، يُعد أمرًا صعبًا؛ ومن شأنه تقويض مباديء رئيسة، لكنه ليس مستبعدًا”.

محذرًا من أن: “ذلك قد يلحق ضررًا هائلاً بالبلاد وبالمباديء المهمة للعلاقات المدنية العسكرية وبالآفاق العالمية للديمقراطية”.

إلا أنه أوضح أن سيناريو تشبث “ترامب” بالرئاسة مدعومًا بقوات الأمن – في رأيه – غير وارد حدوثه.

وأضاف: “أفراد الجيش يقسمون الولاء للدستور لا للسياسي الموجود في السلطة. كما أن أعلى مسؤول عسكري في البلاد، وهو الجنرال مارك ميلي، رئيس الأركان المشتركة للجيش؛ أكد مرارًا على أن الجيش لن يكون له دور في هذه الانتخابات”.

واتفقت معه “كيشا بلين”، الأستاذة في جامعة “بيستبرغ”؛ والخبيرة في دراسة حركات الاحتجاج الاجتماعية، قائلة أن: “مجرد حقيقة أنه يتعين علينا نسأل أنفسنا إذا ما كانت القوات المسلحة ستتدخل في الانتخابات؛ تكشف الكثير عن الحالة المحزنة التي آلت إليها الأمور في بلادنا”.

مضيفة أنه: “قبل أربع سنوات، لم يكن أغلب الأميركيين يتخيلون هذا. لكن بعد رؤية ترامب وقد نشر القوات الفيدرالية، (خلال الاحتجاجات)، في بورتلاند وواشنطن خلال الأشهر الأخيرة، يُعد هذا مصدرًا حقيقًا للقلق. لا أعتقد أنه سيناريو مرجح، لكن لا يمكننا أن نستبعده كاحتمال خطير، بالنظر إلى كل ما حدث خلال هذا العام”.

وبالفعل خلال الاحتجاجات المناهضة للعنصرية، التي خرجت منتصف العام الجاري، كان “ترامب” يدرس إمكانية نشر الجيش لفض المظاهرات.

ففي 5 حزيران/يونيو الماضي؛ ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن الجنرال، “ميلي”، أقنع “ترامب” بعدم تفعيل قانون التمرد لعام 1807؛ بهدف حشد القوات العاملة في أنحاء البلاد لقمع الاحتجاجات. وقالت الصحيفة إن ذلك: “خط يقول عدد من المسؤولين العسكريين الأميركيين إنهم لن يتخطوه حتى وإن أمر الرئيس”.

وفي نهاية الأمر أمر “ترامب” باستخدام الحرس الوطني، والذي يتصرف وفقًا لسلطة الرئيس أو حاكم الولاية تبعًا للظروف.

كما شاركت عناصر من قوات الأمن غير العسكرية – الذين يرفعون تقاريرهم إلى “وزارة الأمن الداخلي” – في إحتواء الاحتجاجات التي خرجت في “واشنطن وبورتلاند” ومدن أميركية أخرى.

لذا تكهن البعض بأنه في ظل أزمة تنجم عن الانتخابات، قد يأمر “ترامب” بنشر عدد من الأفراد المسلحين غير العسكريين.

ومع ذلك، من الصعب تخيل أن تكون هذه خطوة ناجحة من جانب “ترامب” للبقاء في السلطة، على إفتراض أن قوات الأمن لن تضع نفسها رهينة المصير السياسي للرئيس.

يضع الجيش في موقف مستحيل..

ويقول البروفيسور، “رودسيل”؛ إنه قلق بشأن سيناريوهات محتملة لهذه المسألة. “كتبت سابقًا عن احتمال محاولة الرئيس ترامب استخدام أمر تنفيذي، أو محاولة وزارة العدل التي يهيمن عليها حلفاؤه السياسيون إصدار “توجيه” يشير إلى أنه يجب على السلطة التنفيذية اعتبار ترامب هو الفائز في انتخابات متنازع عليها”، لكنه حذر من أن ذلك سيكون: “غير مناسب وغير مقبول تمامًا”.

وأضاف: “صدور أوامر للجيش بمواصلة أداء التحية العسكرية للرئيس، بعد إنتهاء ولايته، ظهر يوم 20  كانون ثان/يناير؛ سيضع الجيش في موقف مستحيل”.

موضحًا أن: “نصف سكان البلاد والكثيرون حول العالم سيعتقدون أن الجيش الأميركي غير السياسي اتخذ موقفًا حزبيًا. يجب ألا يتلقى الجيش أمرًا كهذا أبدًا”.

مخاوف من اندلاع العنف..

وبغض النظر عن السيناريو المتطرف الذي تتعرض فيه استقلالية القوات المسلحة للخطر بسبب خلافات سياسية حزبية، يحذر آخرون من أن الوضع السياسي الراهن يمكن أن يؤدي إلى ظهور أعمال عنف في مناطق أخرى.

وتقول “كيشا بلين”؛ إن رفض مرشح خاسر في انتخابات رئاسية قبول النتيجة؛ يمكن أن يؤدي إلى “حدوث اضطرابات مدنية خطيرة”.

وترى “بلين” أن الخطاب الرئاسي: “عزز إمكانية وقوع احتجاجات وربما أعمال عنف”.

ولعل الوضع الذي شهدته مدن أميركية عدة في الأشهر الأخيرة، من متظاهرين مسلحين يعبرون عن دعمهم للرئيس، بالإضافة إلى ظهور جماعات معارضة راديكالية في الشوارع بعضها مسلح أيضًا، يُعد بمثابة تذكير بالعنف المحتمل الذي يحمله التوتر السياسي الراهن في الولايات المتحدة .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة