9 أبريل، 2024 12:24 م
Search
Close this search box.

ما بين المخططات الإقليمية والمطالب الشعبية .. العنف يتأجج في “البصرة” والحكومة عاجزة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يزداد الأمر سوءًا يومًا بعد يوم في “محافظة البصرة” العراقية، ويزداد العنف الذي يُخرج التظاهرات من كونها سلمية مطالبة بحقوق إلى مواقف عدائية ضد كيانات محددة ينتقم منها المتظاهرون من خلال التعدي على مقراتها وإحراقها، وقد أعلنت “مفوضية حقوق الإنسان” في العراق، عن حصيلة ضحايا تظاهرات “البصرة”، منذ بداية أيلول/سبتمبر 2018، مشددة على ضرورة إنصاف ذوي الضحايا من خلال تقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل.

وقالت المفوضية، في بيان الخميس الماضي: “نتابع بقلق بالغ تصاعد وتيرة حدة التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في البصرة للمطالبة بحقوقهم المشروعة”، مبينة أنها “رصدت استخدام العنف المفرط من قبل الاجهزة الأمنية بحق المتظاهرين السلميين، والذي أدى لسقوط 7 شهداء بين صفوف المتظاهرين وجرح 93 وإصابة 18 منتسبًا أمنيًا منذ بداية الشهر الحالي”.

ودعت “مفوضية حقوق الإنسان”، القوات الأمنية في “البصرة”، إلى توفير الحماية للمتظاهرين.

وتشهد مدن جنوبي “العراق” مظاهرات شبه يومية، بسبب تردي الخدمات الأساسية، من بينها الانقطاع المتكرر للكهرباء خلال أشهر الصيف، ونقص مياه الشرب، وعدم توافر فرص عمل للشباب.

لكن منذ الاثنين الماضي، ارتفعت حدة الاحتجاجات في “البصرة”، إذ أحرق المحتجون مقر المحافظة ومقرات أخرى؛ وترافق ذلك مع مقتل متظاهرين، تعهدت حكومة “حيدر العبادي” التحقيق فيها.

حرق القنصلية الإيرانية..

وشهدت التظاهرات تطورًا غير مسبوق في الاحتجاجات الشعبية، أمس الجمعة، حيث أحرق متظاهرون “القنصلية الإيرانية”، مما دعا “طهران” إلى دعوة رعاياها لمغادرة المحافظة “فورًا”، بينما نزلت ميليشيات موالية لها إلى الشارع، حيث أطلقت نيرانها على المحتجين السلميين.

وحاصر الآلاف من المتظاهرين الغاضبين مقر “القنصلية الإيرانية” في “البصرة”، قبل أن يندفع المئات منهم إلى داخل المقر ويحرقونه بالكامل، ورصدت مقاطع فيديو صور ألسنة اللهب تلتهم المقر الدبلوماسي.

وهتف المحتجون بشعارات مناهضة لنظام “طهران”، وكان منها: “إيران بره بره”، وأحرقوا أيضًا العلم الإيراني.

يعكس الغضب الشعبي العراقي تجاه إيران..

إحراق القنصلية يظهر حجم الغضب الشعبي في “العراق” إزاء “إيران”، التي تتدخل بصورة سافرة في شؤون بلادهم، كما تسببت في إنهيار الخدمات العامة في “البصرة”، على وجه الخصوص.

وبعد إحتراق القنصلية، دعت “السفارة الإيرانية” في “بغداد”، رعاياها في “البصرة”، إلى مغادرتها فورًا.

ولم يتوقف الغضب الشعبي في “البصرة” عند “القنصلية الإيرانية”، إذ توجه الآلاف منهم إلى القصور الرئيسة في المدينة، حيث أحرقوا مقرًا لميليشيات “الحشد الشعبي” هناك، كما أحرقوا مقر حركة ما يسمى “البشائر”، التابعة لرئيس الوزراء العراقي السابق، “نوري المالكي”، الموالي هو الآخر لـ”إيران”.

وسارعت “إيران”، عبر ميليشيات “عصائب أهل الحق”، إلى إطلاق النار على المتظاهرين، الأمر الذي أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة عدد آخر، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية.

وفي وقت لاحق؛ اندلعت مواجهات مسلحة بين الميليشيا والجيش العراقي الذي تدخل لفض المواجهات بين المتظاهرين ومسلحين في مقر “العصائب” في منطقة “بريهة” في “البصرة”.

وخلال الأيام الماضية؛ اتهم متظاهرون، ميليشيات تابعة للأحزاب الموالية لـ”إيران”، بإرتداء زي عسكري، وإلقاء الرصاص والقنابل عليهم.

فرض حظر التجوال..

وفي محاولة للسيطرة على الأحداث، أعلنت قيادة العمليات العسكرية في “البصرة” فرض حظرًا للتجوال على المدينة بأكملها قبيل الساعة التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي، (1800 بتوقيت غرينتش)، وسط احتجاجات عنيفة، وفق (رويترز).

وأضاف البيان؛ أن قوات الأمن ستعتقل أي شخص تمسك به في الشارع وقت سريان الحظر.

معالجات الحكومة لا تقدم حلول..

تعليقًا على الأحداث؛ يقول الباحث السياسي العراقي، الدكتور “علي التميمي”، أن ما يجري في “البصرة” هو تراكمات سابقة نتيجة لنقص الخدمات وأيضًا استشراء الفساد الإداري والمالي، الذي أدى إلى أن تتحول “مدينة البصرة” إلى مدينة منكوبة، ومعنى “المدينة المنكوبة” في القانون الدولي هو عدم وجود الماء والكهرباء والصحة والتعليم، وبالنتيجة تحولت فعلاً، “البصرة”، إلى “مدينة منكوبة” بكل المعايير الدولية، هذه المتطلبات الحياتية منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي كل دساتير العالم بما فيها الدستور العراقي.

بالإضافة إلى أن “أزمة المياه” أصابت الآلاف بالأوبئة، خصوصًا “الكوليرا” والأمراض الكلوية الخطيرة، التي بدأت تبيد الناس بالكامل. لهذا تحولت التظاهرات إلى اعتصامات وإضرابات عارمة في كل المحافظة.

وأوضح أن المعالجات التي تقوم بها الحكومة لا يمكن أن تقدم حلولاً لهذا الواقع المرير، لأن مثل هذه المشاكل تحتاج إلى إستراتيجيات بعيدة المدى. وقد تأزم الوضع في “البصرة” نتيجة إطلاق الرصاص على المتظاهرين وقتل وجرح أعداد منهم.

مخطط إقليمي ولا يوجد محركات داخلية..

فيما أكد المحلل السياسي العراقي، “عباس العرداوي”، أن ما يجري في “البصرة”؛ مخطط إقليمي، ولا يوجد محركات داخلية لما يحدث، حيث استغلت هذه القوى الإقليمية بعض الضغوط الموجودة فعليًا، منها سوء الخدمات وضعف أداء الحكومة المحلية والمركزية وواجباتها تجاه المواطن، واستغلت السفارة الأميركية، من خلال تدخل قنصلها، لتنفيذ خطة تأجيج الشارع الجنوبي الذي هو دائمًا وقود لمحركات أخرى للضغط على “بغداد” وغيرها.

وأضاف “العرداوي”؛ أنه من المعروف أن “البصرة” عاصمة “العراق” الاقتصادية، وتوجد فيها موارد نفطية كبيرة، وبالتالي فهذا يؤثر على “بغداد” والأوضاع الأمنية والاقتصادية، ويكون ذلك ضاغط كبير على “بغداد” والأحزاب الإسلامية، ومحاولة خلق عداء مع “الجمهورية الإسلامية”، الذي يحاول بعض المحتجين والمندسين لتنفيذ اعتداءات على مقرات “الحشد الشعبي” وحرق العديد من المؤسسات، وكل ذلك يؤشر على أن الأمر لا يقف عند المطالب فقط، بدليل إنها قامت بإحراق مؤسسات حكومية عديدة.

نتاج للأزمة السياسية التي يعيشها العراق..

وأوضح الكاتب والصحافي العراقي، “يوسف أبوالفوز”، أن “كل ما يجري على الساحة العراقية من صراع بين الأقطاب السياسية؛ هو نتاج للأزمة العامة التي تعيشها البلاد، منذ سقوط النظام السابق”.

مؤكدًا على أن “الحكومات المتعاقبة لم تنجح بإقامة بديل مناسب يقدم خدمات وحياة كريمة للمواطن العراقي كما حدث في البصرة”.

ولفت إلى أن ما حدث في البصرة “فجر الصراعات والخلافات بين القوى السياسية، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة، حيث الشرخ الكبير بين المعسكر الموالي للسياسة الإيرانية، والجناح الذي يريد أن يسيطر من تحت عباءة الجناح الإيراني، ولديه مغازلات مع قوى أخرى، قد تكون أميركية أو سعودية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب