خاص: كتبت- نشوى الحفني:
خيرت “واشنطن”؛ “طهران”، ما بين العمل العسكري أو إبرام اتفاق حول ملفها النووي.
ورد “البيت الأبيض”؛ السبت، على رفض “إيران” دعوة الرئيس؛ “دونالد ترمب”، للتفاوض على اتفاق نووي، بالتأكيد على أنه: “يمكن التعامل مع طهران إما عسكريًا أو من خلال إبرام صفقة”.
وقال المتحدث باسم “مجلس الأمن القومي” بالبيت الأبيض؛ “براين هيوز”، في بيان: “نأمل أن يضع النظام الإيراني شعبه ومصالحه فوق الإرهاب”، وفقًا لـ (رويترز).
رفض “خامنئي”..
وجاءت هذه التصريحات بعد أن شدّد مرشد إيران؛ “علي خامنئي”، على أن “طهران” لن تُرغم على الدخول في مفاوضات.
وقال “خامنئي”؛ إن: “طهران لن تتفاوض تحت ضغط البلطجة”، وذلك بعد يوم من إعلان “ترمب” أنه أرسل رسالة إلى مرشد “إيران” للتفاوض على اتفاق نووي.
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن “خامنئي” قوله؛ خلال اجتماع مع كبار المسؤولين، إن العرض الذي تقدمت به “واشنطن” لبدء المفاوضات: “يهدف إلى فرض توقعاتها. لن نقبل أبدًا مطالب كبح البرنامج الصاروخي”.
أعاد فرض سياسة “الضغوط القصوى”..
وكان “ترمب” عبّر عن استعداده للتوصل إلى اتفاق مع “طهران”؛ لكنه أعاد في نفس الوقت فرض سياسة “الضغوط القصوى”؛ التي طبقها خلال فترته الرئاسية الأولى لعزل “إيران” عن الاقتصاد العالمي؛ ودفع صادراتها النفطية إلى الصفر.
وخلال فترة رئاسته الأولى بين عامي (2017 و2021)، انسحب “ترمب” من اتفاق بين “إيران” والقوى الكبرى؛ فرض قيودًا صارمة على أنشطة “طهران” النووية مقابل تخفيف للعقوبات.
وبعد انسحاب “ترمب” من الاتفاق في 2018؛ وإعادة فرض العقوبات، ارتكبت “إيران” عدة انتهاكات وتجاوزات للاتفاق، حسّب مزاعم (رويترز).
نفاد الوقت أمام الطرق الدبلوماسية..
وقال المدير العام لـ”الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، التابعة للأمم المتحدة؛ “رافائيل غروسي”، إن الوقت ينفدّ أمام الطرق الدبلوماسية لفرض قيود جديدة على أنشطة “إيران”، مع استمرار “طهران”؛ في تسّريع تخصيّب (اليورانيوم) إلى درجة قريبة من صنع أسلحة.
وتُصّر “طهران” على أن أنشطتها النووية مخصَّصة للأغراض السلمية فقط.
مفاوضات وضمانات..
“حسين رويوران”؛ أستاذ العلوم السياسية في جامعة (طهران)، أوضح أن “إيران” مستَّعدة لتقديم ضمانات حول سلمية برنامجها النووي مقابل رفع كامل للعقوبات.
وقال “رويوران”: “طريق الحل هو المفاوضات، لأن البديل عسكري، وهو ما لا يرغب به أحد. لكن إيران لن تدخل في مفاوضات تحت التهديد أو العقوبات القصوى”.
مناورات إسرائيلية وأخرى إيرانية..
وكانت صحيفة (نيويورك تايمز) قد نقلت عن مسؤولين إسرائيليين؛ تأكيدهم أن اللحظة الحالية هي الأنسب لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، مشيرة إلى أن تنفيذ مثل هذا الهجوم يتطلب دعمًا لوجستيًا وعسكريًا أميركيًا واسع النطاق.
وحاليًا تُجري “إسرائيل” تدريبات على قمة “جبل الشيخ”، التي تُشّبه في تضاريسها مناطق إيرانية، والتي تُشير إلى أن “تل أبيب” تأخذ خيار العمل العسكري على محمل الجد، وتقول عنها مصادر عسكرية إسرائيلية أن هذه المناورات تُحاكي سيناريوهات معقدة تتضمن إنزالًا جويًا واشتباكات في مناطق جبلية وعرة.
لكن “إيران” بدورها؛ لا تقف مكتوفة الأيدي؛ فقد أجرت مناورات عسكرية واسعة النطاق تضمنت اختبار صواريخ متطورة، من بينها صاروخ (خيبر 4)؛ الذي يتمتع بقدرة تدميرية تُعادل (60) طنًا من الـ (TNT).
كذلك أكدت أنها ستَّرد بقوة على أي هجوم إسرائيلي أو أميركي، مشيرة إلى أن منشآت “إسرائيل” النووية ستكون ضمن أهداف الرد.
خيارات مفتوحة ونهاية غير محسومة..
ومع استمرار العقوبات الأميركية وتزايد الضغوط الإسرائيلية؛ تبدو “إيران” في موقف صعب. فهي من جهة لا تُريد الانصياع للإملاءات الأميركية، ومن جهة أخرى تُدرك أن العمل العسكري قد يكون كارثيًا.
الدبلوماسي الإسرائيلي السابق؛ “مئير كوهين”، في حديثه مع (سكاي نيوز عربية)، قال: “نحن نقترب من لحظة الحقيقة. إما تسوية شاملة، أو خيار عسكري سيُكلف الجميع ثمنًا باهظًا”.
وبينما يُحاول كل طرف تعزيز موقعه التفاوضي، يبقى مستقبل المنطقة معلقًا على خيط رفيع، في انتظار ما إذا كان “ترمب”، أو أي رئيس أميركي آخر، سيلجأ في النهاية إلى خيار القوة، أم سيُبقي الباب مفتوحًا أمام الدبلوماسية.
الوساطة الروسية بين “طهران” و”واشنطن”..
والأيام الماضية؛ تناقلت عدة وكالات إعلامية أن “روسيا” عرضت لعب دور الوساطة بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، في مباحثات تتناول الملف النووي وقضايا شائكة وعالقة أخرى.
ونقلت قناة (زفيزدا) الحكومية الروسية؛ الثلاثاء، عن المتحدث باسم (الكرملين)؛ “دميتري بيسكوف”، قوله إن الرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، وافق على التوسط بين “طهران” و”واشنطن” في محادثات بشأن الأسلحة النووية.
وكانت وكالة (بلومبيرغ) قد أوردت؛ الثلاثاء أيضًا، أن: “روسيا وافقت على مساعدة إدارة الرئيس الأميركي؛ دونالد ترمب، على التواصل مع إيران بشأن قضايا مختلفة”، منها برنامج “طهران” النووي ودعمها وكلاء في الشرق الأوسط.
وقالت مصادر إن “ترمب” طلب ذلك من نظيره الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، خلال مكالمة هاتفية في 12 شباط/فبراير الماضي، وإن هذه القضية نوقشت من قبل الوفدين الروسي والأميركي في “الرياض”؛ في 18 من الشهر نفسه.
تاريخيًا؛ لعبت “روسيا” دورًا محوريًا في المفاوضات بين “إيران” والغرب، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي، إذ كانت “موسكو” طرفًا أساسيًا في مجموعة (5+1)، وتُحاول اليوم استعادة هذا الدور عبر قنوات خلفية، سواء من خلال اللقاءات الدبلوماسية أو عبر دول وسيطة مثل “الصين” أو “قطر” أو “عُمان”.
وينبع اهتمام “روسيا” بهذا الملف من خشيتها من أثر أي مواجهة مباشرة بين “إيران” و”الولايات المتحدة” على الاستقرار الإقليمي ومصالحها في المنطقة.
فرصة لممارسة النفوذ الدبلوماسي..
كما تنظر “موسكو” إلى إحياء “الاتفاق النووي”؛ (الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018)، كفرصة لممارسة نفوذ دبلوماسي على “إيران” يضمن بقاءها داخل الإطار الدبلوماسي، بدلًا من التوجه نحو تطوير قدرات نووية عسكرية. كما يُشكل هذا الملف مدخلًا لـ”موسكو” لتحقيق مجموعة من الأهداف الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية.
فمن جهة؛ سيَّشكل نجاح “موسكو” في هذه الوساطة فرصة لها لتظهر كقوة دولية قادرة على التأثير في ملفات شائكة، على الرغم من العزلة الدولية (تحديدًا الغربية)؛ التي تواجهها، (بسبب الحرب على أوكرانيا). كما من شأن نجاحها في هذا الملف أن يُعزز علاقاتها مع عمالقة النفط والغاز في المنطقة، “السعودية والإمارات”، اللتان طالما ما نظرتا لـ”إيران” بعين الريبة.
اقتصاديًا، أي تصعيد عسكري بين “إيران” و”الولايات المتحدة” سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط والغاز بسبب الآثار المباشرة التي سيُفرضها على خطوط الإمداد، ما سيضرب استقرار الأسواق الحالي ويحرم “موسكو” من المكاسب التدريجية التي تحققها الآن بالالتفاف على العقوبات الدولية وتأمين أسواق بديلة لمنتجاتها من الطاقة.
عقبات أمام الوساطة الروسية..
رغم سعي “روسيا” للعب هذا الدور، إلا أن هناك تحديات كبيرة قد تعرقل نجاح جهودها، فعلى الرغم من كل المؤشرات إلا أن “الولايات المتحدة” مازالت لا تثق بالروس، وقد لا توافق “واشنطن” على أن تستخدم “موسكو”؛ “طهران”، لتكريس نفوذ إقليمي وربما دولي. كما أن تمسك “إيران” بسياستها العدائية تجاه “واشنطن” لا يساعد الجهود الروسية المحتملة للتهدئة، يضاف إليه الانقسام الداخلي في “إيران” بين المتشددين والإصلاحيين حول كيفية التعامل مع الغرب، مما سيعقد أي مبادرة روسية للمصالحة.
كما أن لـ”إسرائيل” ودول الخليج موقف من هذا الملف، فهذه الدول تراقب الدور الروسي بقلق وقد تعارض أي اتفاق قد يعزز قوة “إيران” في المنطقة على حسابها، ما قد يفسر إصرار “إسرائيل” على ضرورة توجيه ضربة عسكرية لمشروع “إيران” النووي.