17 أبريل، 2024 11:39 م
Search
Close this search box.

ما بين الرفض والقبول به .. قوة “اليمين المتطرف” تظهر في إقرار “الميثاق العالمي بشأن الهجرة” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

رغم ما حدث من اعتراضات عليه؛ أقرت مبدئيًا نحو 150 دولة “ميثاق الأمم المتحدة” حول “الهجرة” في “مؤتمر مراكش” بالمغرب، الذي عُقد على مدار يومي الـ 10 و11 من الشهر الحالي، إلا أنه سيخضع لتصويت نهائي للتصديق عليه في التاسع عشر من كانون أول/ديسمبر 2018، أمام “الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

وتأتي الوثيقة الختامية، التي تتكون من 31 صفحة، والمؤتمر الحكومي الدولي، وحفل مراسم المصادقة على الاتفاقية، تتويجًا لمفاوضات مكثفة استمرت تقريبًا لمدة عامين، شارك فيها أعضاء من المجتمع المدني وحكومات ممثلون عن القطاع الخاص، برعاية كل من السفيرين المكسيكي، “خوان خوسيه غوميز كوماتشو”، والسويسري، “يورغ لوبر”.

ويحتوي الميثاق على عشرة مباديء توجيهية و23 هدفًا. لكل منها قائمة طويلة من الإجراءات التطوعية المحتملة، والتي يمكن للدول الاختيار من بينها. وتشمل هذه التدابير الوقاية من العوامل الدافعة للهجرة، ومكافحة الإتجار بالبشر وإدارة الحدود وتسهيل العودة. كما يركز على أفضل الإجراءات والحلول لتسهيل الهجرة النظامية.

المهاجرون يأخذون إمتيازات غير مرغوب فيها..

وتعتقد الدول الأوروبية أن المهاجرين يأخذون موقع ومميزات المواطن الأوروبي؛ لذلك تنظر الحكومات إلى المهاجرين كغير مرغوب بهم.

فيما أعلنت خمسة عشر دولة انسحابها منه أو تعليق قرارها النهائي بخصوصه مع الانتقادات والاعتراضات على الميثاق، ومن جانبها، جددت “الولايات المتحدة الأميركية”، الجمعة الماضي، التعبير عن “رفض الميثاق وأي شكل من أشكال الحوكمة العالمية”.

وتشمل لائحة المنسحبين كلاً من “النمسا وأستراليا وجمهورية التشيك وجمهورية الدومينكان والمجر وليتوانيا وبولندا وسلوفاكيا”. وأرتأت سبع دول أخرى إجراء المزيد من المشاورات الداخلية بخصوصه.

الاتفاق غير مٌلزم..

منتقدو الميثاق يعتبرون أنه يفتح الباب أمام موجات هجرة كثيفة لا يمكن التحكم فيها، وقالت “لويز أربور”، ممثلة الأمم المتحدة الخاصة للهجرة الدولية، إن الاتفاق غير مُلزم من الناحية القانونية، لكن يمكن أن يقدم خطوطًا إرشادية مفيدة للدول التي تواجه الهجرة.

ونفى الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، أن يكون الاتفاق العالمي حول الهجرة، الذي توصلت إليه الدول الأعضاء بالمنظمة، في تموز/يوليو الماضي، يتضمن فرض أية سياسات من جانب “الأمم المتحدة” على أية دولة بما يمس سيادتها.

إطار للتعاون الدولي..

قائلاً في كلمته أمام “مؤتمر الهجرة الآمنة” بمدينة “مراكش” المغربية، يوم الاثنين الماضي، أن “الاتفاق ليس مُلزمًا من الناحية القانونية، وهو ليس معاهدة”، موضحًا أن الاتفاق هو بمثابة “إطار للتعاون الدولي، ومتأصل ضمن عملية تفاوض مشتركة بين الحكومات تتم بحسن نية وتؤكد بشكل خاص على مبدأ سيادة الدول، بما في ذلك الحق السيادي للدولة في تقرير سياستها الوطنية حيال الهجرة، وحقها في إدارة الهجرة ضمن نظامها القضائي بما يتسق مع القانون الدولي”.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أن حركة المهاجرين بين البلدان الإفريقية أكبر منها بين الجنوب والشمال.

وقال: “إن الهجرة بين دول الجنوب بإفريقيا اليوم لهي أكبر من الهجرة من الجنوب إلى الشمال، فعلى سبيل المثال، عدد المهاجرين الأفارقة في البلدان الإفريقية أكبر ممن يتواجدون في أوروبا”.

مسألة الهجرة تحتاج لإدارة سليمة..

ودافع الأمين العام للأمم المتحدة، عن “الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية”، مؤكدًا على أن الميثاق يطرح أفكارًا في دعم التنمية في بلدان المنشأ ومساعدة المجتمعات المضيفة، ويدعو إلى توفير المزيد من القنوات القانونية للوصول إلى البلدان والشركات وأسواق العمل.

كما أكد “غوتيريش”، على أن مسألة “الهجرة” صارت ضرورة تحتاج لإدارة سليمة كي تتم بشكل بعيد عن الخطورة، داعيًا الدول لوضع سياساتها الوطنية ضمن إطار من التعاون الدولي لضمان نجاحها، موضحًا إن “السياسات الوطنية لها فرصة أكبر للنجاح ضمن التعاون الدولي”.

وختم كلمته؛ بالإعراب عن أسفه، لغياب بعض الدول عن “مؤتمر الهجرة الدولي”، آملاً أن تعي هذه الدول أهمية “ميثاق الهجرة الجديد” وتنضم إليه لاحقًا.

وكانت حكومة “بلغاريا”، المنتمية لتيار يمين الوسط، قد قررت عدم إنضمام البلاد إلى اتفاق للأمم المتحدة ينظم معاملة المهاجرين في أنحاء العالم.

يوجد أكثر من 258 مليون مهاجر في العالم..

وفقًا لـ”الأمم المتحدة”، هناك اليوم أكثر من 258 مليون مهاجر في العالم.

ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم بسبب “العولمة” وتسهيل الاتصالات والنقل والتجارة، فضلاً عن تزايد حدة الفوارق في الثروات، والإختلالات الديمغرافية وتغير المناخ.

وتقول “الأمم المتحدة” إن “الهجرة” توفر فرصًا وفوائد هائلة سواء للمهاجرين أو للمجتمعات المضيفة أو للمجتمعات الأصلية. ولكن عندما تفتقر الهجرة إلى التنظيم بشكل جيْد، فإنها قد تشكّل معضلة كبيرة، ولذلك، فمن اللازم أن تكون أكثر أمانًا وأكثر تنظيمًا ونظامية.

وقد اكتسبت الاتفاقية زخمًا بعد أزمة الهجرة في أوروبا، في عام 2015، والتي شهدت أكبر تدفق للاجئين والمهاجرين منذ الحرب العالمية الثانية. وهي ثمرة معاهدات ومبادرات سابقة متعلقة بحقوق الإنسان والتنمية مثل “المنتدى العالمي للهجرة والتنمية”، ونابعة من إلتزام سياسي يُعرف باسم “إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين”، والذي تم تبنيه بالإجماع، في عام 2016، من قِبل أعضاء “الجمعية العامة للأمم المتحدة” الـ 193.

اللاجئون أجبروا على النزوح..

تعليقًا على الموضوع؛ قال “محمد الحواري”، مسؤول الإعلام والاتصال بـ”المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” إن: “اللاجئين حول العالم أجبروا على النزوح؛ وليس للبحث عن فرص اقتصادية، وعلى الدول أن تمارس دورها الأخلاقي لإعادة التوطين للاجئين والمهاجرين حول العالم وأن يكون لها دور أكثر من ذلك لإستضافة هؤلاء، لأنه إن لم يجد المهاجر ذلك يبحث عن أي شئ للهجرة عبر رحلة خطرة”.

ومنوهًا عن أن فئة المهاجرين تبحث عن أرضٍ آمنة مع ما تبقى من أسرتها، وقائلاً إن الدول التي تأوي اللاجئين هي الدول الأكثر فقرًا، مطالبًا بدمج اللاجئين في المجتمعات التي يهاجون إليها؛ لأن ذلك يُحسن الاقتصاد المحلي للدول المضيفة، لأن المهاجر يريد أن يعيش حياة الكفاف والعمل لا غير، وعندما يقدم ذلك للمهاجرين لن نرى أي مشاكل منهم. مؤكدًا على أن من يحاول أن يتهرب من هؤلاء هم الذين لا يشعرون بما يعانيه المهاجرون واللاجئون من آلام ومآسي.

يدل على قوة وضغط اليمين المتطرف..

وقال المحلل السياسي، “ماك شرقاوي”: “إن الكثير من الدول الأوروبية، وخاصة دول اليمين المتطرف، تعتقد أن المهاجرين يأخذون فرصًا ومواقع من المواطن الأوروبي، لذلك تتحفظ بعض الدول الأوروبية في استقبالهم وتمنعهم من الدخول إلى أراضيها”، مشيرًا إلى أن الميثاق الذي أعلن في عام 2016؛ اجتمع فيه قرابة 193 دولة وتقلص العدد إلى 150 دولة في “مراكش”، وهذا يدل على مدى قوة وضغط اليمين المتطرف.

وأضاف “شرقاوي” أن: “هذا ما أكدته تظاهرات فرنسا من أن اليمين المتطرف له دور في منع المهاجرين من الدخول إلى بلادهم، وهذا ينطبق على المهاجر الشرعي وغير الشرعي، لذلك لابد من وجود تعريف صريح حول الهجرة المؤقتة والهجرة الشرعية”. وأكد “شرقاوي” أن التصويت النهائي، يوم 19 كانون أول/ديسمبر 2018، لن يؤثر عليه ضغوط “الولايات المتحدة” أو بعض الدول الأوروبية، مع التسليم بأن  لـ”الولايات المتحدة” دور في الحشد ضد المهاجرين.

كلما زادت القيود زادت الهجرة غير الشرعية..

وقال “عبدالجواد أحمد”، الشريك القانوني لشؤون اللاجئين: “أن الميثاق يكرس لحق الإنسان في التنقل من دولة لآخرى بحسب رغبته، سواء للدراسة أو العمل مع الحفاظ على سيادة الدول”. وأن “الاعتراضات من الدول ما هي إلا فوبيا الخوف من الهجرة”، موضحًا أنه لابد أن يكون الاعتراض مبنيًا على التوازن ما بين حق الهجرة وحق سيادة الدول على أراضيها.

مضيفًا أن: “أي اتفاق ينظم أحكامه القانون، وهو يعتبر غير ملزم إلا إذا تم التوقيع عليه من خلال اتفاق الدول مع بعضها البعض”.

وأوضح أن زيادة ظاهرة الهجرة غير الشرعية سببها هو فرض قيود على حرية التنقل، لأن تفعيل حق الفرد في التنقل مع ضبط تنظيم هذا الحق أقره “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، مطالبًا الدول الأوروبية بأن تعي أنه كلما تم وضع القيود كلما تزداد الهجرة غير الشرعية، قائلاً إن أي اتفاقية دولية تصبح ملزمة من الناحية القانونية بعد التوقيع عليها من هذه الدول، وذلك من خلال أحكام معينة تقرها مباديء القانون الدولي.

وثيقة شاملة ومتوازنة..

ويقول “والتر كالين”، أستاذ القانون الدولي في جامعة “برن”، إن قوة الميثاق تكمن في أنه وثيقة شاملة ومتوازنة للغاية، تأخذ بعين الاعتبار كلاً من المخاوف الجديّة المشروعة لأولئك الذين يريدون ضبط الحدود، وحقوق المهاجرين.

لا يخلق قواعد جديدة..

أما بالنسبة لـ”فنسنت شتيل”، مدير مركز الهجرة العالمي في معهد الدراسات العليا في جنيف، يرى إن الميثاق لا يخلق قواعد جديدة، ولكنه يعيد صياغة القواعد الحالية. وبالرغم من أن الميثاق طوعي، إلا أنه يمكن أن يحدث فرقًا، كما يقول.

ويعقب “شتيل” قائلاً: “سيتم إنشاء عملية متابعة ومراجعة لتقييم تنفيذ الميثاق. فحتى ولو لم يكن ملزمًا قانونيًا، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستجتمع كل أربع سنوات لتقييم التنفيذ. هناك إفتراض قوي على الورق بأن هذه الإلتزامات سوف تؤخذ على محمل الجد من قِبل الدول وسيتم تنفيذها”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب