خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مع تطور الأحداث المتسارعة على الساحة السودانية، دخلت التأثيرات الدولية على خط الأزمة، ما بين مطالب بالتهدئة وضبط النفس وخطوات فعلية وأخرى تحذرية.
وأصدرت “بعثة الاتحاد الأوروبي” لدى “الخرطوم”؛ بيان بدعم من سفارات: “فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة”.
وقال البيان: “نواصل الاعتراف برئيس الوزراء وحكومته كقادة دستوريين للحكومة الانتقالية. من الأهمية أن يقوم السفراء المقيمون في الخرطوم بأن يكونوا قادرين على التواصل مع رئيس الوزراء. لذلك نطلب بشكل عاجل أن نتمكن من مقابلة رئيس الوزراء”.
وتابع: “نلاحظ عودة رئيس الوزراء، الدكتور عبدالله حمدوك؛ إلى مقر إقامته، لكننا ندعو أيضًا إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين سياسيًا دون تأخير”.
وأردف: “نؤكد على أهمية احترام الحق الأساس في التظاهر لجميع المواطنين السودانيين وضرورة احترام جميع حقوق الإنسان الأخرى لجميع المواطنين. يجب على قوات الأمن والعناصر المسلحة الأخرى الإمتناع عن الهجمات العنيفة في جميع الأوقات، ويجب حماية المتظاهرين السلميين. كما نكرر التأكيد على الأهمية الحاسمة لوصول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى جميع أنحاء البلاد”.
وجدد البيان الغربي التأكيد على: “الدعوات الدولية للعودة الفورية إلى خارطة الطريق من أجل التحول الديمقراطي في السودان، على النحو المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا للسلام”.
وقال: “إن إجراء حوار شامل وسلمي ودستوري بين جميع أصحاب المصلحة في عملية الانتقال في السودان؛ هو السبيل الوحيد للحرية والسلام والعدالة للجميع”.
مطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين..
في الوقت ذاته؛ ذكرت “وزارة الخارجية” الأميركية، ليلة الأربعاء، أن الوزير “آنتوني بلينكن”، تحدث إلى رئيس الوزراء السوداني المُقال، “عبدالله حمدوك”، في وقت متأخر الثلاثاء، ورحب بإطلاق سراحه من الاحتجاز.
وقالت الوزارة في بيان، إن “بلينكن” عاود التأكيد على مطالبته، القوات المسلحة السودانية، بالإفراج عن جميع القادة المدنيين المعتقلين.
وأفاد مكتب “حمدوك”، الثلاثاء، أنه قد تمت إعادته مساء اليوم مع زوجته إلى مقر إقامتهما في “الخرطوم”، وذلك عقب ضغوط دولية ومطالب لإطلاق سراحه.
وقال المكتب أن “حمدوك” موجود: “تحت حراسة مشددة”، مضيفًا أن: “عددًا من الوزراء والقادة السياسيين لا يزالون قيد الاعتقال في أماكن مجهولة”، بعد اعتقال الجيش جميع القيادات المدنية في “السودان” وحل المؤسسات، الإثنين.
أطاح بحكومة “حمدوك” لتجنب حرب أهلية..
ودافع قائد الجيش السوداني، “عبدالفتاح البرهان”، الثلاثاء، عن سيطرة القوات المسلحة على السلطة، قائلاً إنه أطاح حكومة “حمدوك” لتجنب حرب أهلية، في حين خرجت احتجاجات في الشوارع للتنديد بتحرك الجيش غداة اشتباكات دامية.
وقال “البرهان”، في أول مؤتمر صحافي يعقده بعد إعلان حالة الطواريء، إن الجيش لم يكن أمامه سوى إبعاد السياسيين الذين يحرضون على القوات المسلحة.
وقال: “المخاطر التي شهدناها، في الأسبوع الماضي؛ كان من الممكن أن تقود البلاد إلى حرب أهلية”.
وقال “البرهان” إن “حمدوك”، الذي اعتقل، الإثنين؛ مع عدد من أعضاء الحكومة، لم يُصبه أذى وإنه موجود في بيت “البرهان”.
وأضاف: “حمدوك ضيف في منزلي وليس معتقلاً، وسيعود لبيته بعد هدوء الأمور… حمدوك في منزلي لحمايته من قيود فرضتها عليه قوى سياسية”.
تأكيد التواصل والشركة بين المكونين..
وقالت “وزارة الخارجية” الأميركية؛ إن هناك اتصالات تتم على مدار الساعة مع شركاء “الولايات المتحدة” داخل “السودان” وفي المجتمع الدولي، من أجل دعم الشعب السوداني وتحقيق تطلعاته، وذلك في ظل التطورات الأخيرة التي يشهدها البلد، مؤكدة في الوقت نفسه حرص “واشنطن” على مصالح السودانيين وتوحيد البلد والتواصل والشراكة بين المكون العسكري والمكون المدني.
وذكرت المتحدثة الإقليمية باسم “وزارة الخارجية” الأميركية، “جيرالدين غريفيث”، في تصريحات خاصة لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ أمس الثلاثاء، أن “واشنطن”: “تستنكر ما حدث في السودان”، موضحة أن “الولايات المتحدة”: “تُدين استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، وتدعو لاستعادة خدمة الاتصالات وشبكات الإنترنت”.
وأضافت: “من المهم أن يكون هناك تقدم فيما يخص مطالب الشعب السوداني بالشفافية والديمقراطية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والقضائية.. الولايات المتحدة تقف بجانب الشعب السوداني في سعيه للديمقراطية.. ونحن نُحث الطرف العسكري في السودان على القيام بواجباته وإطلاق سراح القيادة المدنية، والعودة للانتقال السياسي وفقًا لمطالب الشعب السوداني”.
تعليق مساعدات بـ 700 مليون دولار..
وحول قرار “واشنطن” بتعليق جزء من مساعداتها للسلطات الانتقالية في “السودان”، بقيمة: 700 مليون دولار، كرد فعل فوري على التطورات الأخيرة، أشارت المتحدثة الإقليمية باسم “وزارة الخارجية” الأميركية، إلى أن “الولايات المتحدة” حذرت من تداعيات أية محاولة لتقويض المضي قدمًاً في العملية الانتقالية في “السودان”، موضحة أن: “هذه المساعدات التي تم إيقافها؛ تتعلق بدعم العملية الانتقالية، ولذلك اتخذت إدارة الرئيس بايدن هذا القرار”.
وأضافت: “الآن نحن على تواصل مع شركائنا في السودان، بالإضافة إلى المجتمع الدولي فيما يخص ما هي أنسب الخطوات المستقبلية لمعالجة الصعوبات الحالية في السودان”.
إلتزام بنجاح العملية الديمقراطية..
وردًا على سؤال حول الخطوات التي يمكن أن تتخذها “واشنطن”، في المرحلة المقبلة، قالت “غريفيث”: “لن أتكهن بخطوات المستقبل.. لكن أستطيع أن أقول إن الولايات المتحدة تبقى مُلتزمة كامل الإلتزام بنجاح العملية الديمقراطية في السودان، ونحن نُحث جميع الأطراف السودانية على القيام بأدوارها في هذا الشأن”.
سيطرة العسكريين خيانة للثورة..
فيما وصفت (الترويكا) الدولية – وتضم “الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج” – سيطرة العسكريين على السلطة في “السودان”: بـ”خيانة للثورة والانتقال والمطالب المشروعة” للشعب السوداني.
وجاء في بيان لـ (الترويكا) أنها: “قلقة للغاية إزاء الوضع في السودان؛ وتُدين تعليق عمل مؤسسات الدولة، وإعلان حالة الطواريء واحتجاز العسكريين رئيس الوزراء، حمدوك، وغيره من أعضاء القيادة المدنية”، وفق ما نقله موقع (روسيا اليوم).
ودعت (الترويكا)، العسكريين في “السودان”؛ إلى: “الإفراج فورًا عن المحتجزين بصورة غير شرعية”.
وأضافت أن: “أعمال العسكريين تُمثل خيانة للثورة والانتقال والمطالب المشروعة للشعب السوداني بالسلام والعدالة والتنمية الاقتصادية”.
وشددت الدول الثلاث على ضرورة: “احترام حرية التعبير والتجمع السلمي، وتجنب العنف وإراقة الدماء، وعودة شبكات الاتصال”.
وأكدت أنها: “ستواصل دعم العاملين من أجل سودان ديمقراطي مع حكومة مدنية ذات شرعية كاملة”، معتبرة ذلك: “أفضل ضمانة لاستقرار البلاد والمنطقة على المدى الطويل”.
وأَضافت: “نرفض محاولة تقويض الانتقال نحو انتخابات ديمقراطية؛ وندعو إلى عودة عاجلة للحكومة بقيادة مدنية على أساس الإعلان الدستوري وغيره من الوثائق التأسيسية للانتقال”.
تحديد المسار يتوقف على رد فعل المؤسسة العسكرية..
تعليقًا على ذلك؛ قال الكاتب والمحلل السياسي، “ضياء الدين البلال”: “إن الرفض الدولي لما حدث في السودان متوقع، خاصة أن هناك رفضًا دوليًا دائمًا لكل الانقلابات، مستبعدًا أن يكون للتدخل الدولي الدور الأكبر في تغيير المواقف أو في تغيير الخارطة السياسية في السودان، ولكن التفاعلات الداخلية هي التي ستلعب الدور المركزي في إحداث متغيرات سواء كانت لصالح العسكريين أو المدنيين”، مؤكدًا أن الموقف الإقليمي أهم من الموقف الدولي فيما يتعلق بسير الأوضاع في “السودان”، كما أعرب عن إعتقاده أن المواجهات ستستمر ولن تتراجع وأن ردة فعل المؤسسة العسكرية هي التي ستحدد مسار الأوضاع إما إلي التصعيد أو إلى التهدئة، لافتًا إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه السلطة الحاكمة الآن هو العصيان المدني؛ إذا تمت الاستجابة لدعوات القوى المدنية.
وحول ماهية التهم الموجهة لرئيس الحكومة والوزراء المقبوض عليهم، أوضح، “البلال”، أن الأمر لا يتعلق باتهام؛ وإنما باحتجاز وقد يكون احتجازًا تحفظيًا، وقد يكون هناك بعض الشخصيات التي سيتم تقديمها للمحاكمة، وأن التحفظ على هذه الشخصيات يأتي بغرض ألا تساهم تلك القيادات في تعبئة الشارع وفي زيادة الحراك الشعبي المناهض لتلك التغييرات.
لن يقبل المجتمع الدولي بالانقلاب..
وعن الانقلاب العسكري في “السودان”، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء الركن المتقاعد “ماجد القيسي”؛ أنه: “دائمًا ما يخضع السودان لحكم العسكر والجيش، ولو راجعنا تاريخ الحكومات السودانية لرأينا أن جميعهم ينحدرون من المؤسسة العسكرية، وقد بدأت مسيرة التحول إلى الديمقراطية، في العام 2019، بعد الإطاحة بحكم عمر البشير، الذي حكم لثلاثة عقود في عزلة عن المجتمع الدولي، ليتم بعدها تقاسم السلطة بين الجيش وبعض القوى المدنية”.
وتابع “القيسي” بالقول: “من المقرر أن يقود، مجلس السيادة الحاكم، السودان إلى الانتخابات، في العام 2023، ومن المفترض أن يتلخص دور الجيش بحماية السودان من التهديدات الخارجية، وتبقى السلطات المدنية في يد المسؤولين الذين ينحدرون من الأحزاب المختلفة التي قادت الانتفاضة، لكن الجيش يتهم الأحزاب بسوء الإدارة واحتكار السلطة، والذين هم أيضًا ينحدرون من الجيش السوداني”.
وأضاف “القيسي” قائلاً: “هناك صدام بين السلطتين العسكرية والمدنية، في وقت يُريد فيه السودانيون حكمًا مدنيًا يتنحى فيه العسكر عن حكم السودان، وأن تكون هناك ديمقراطية حقيقية، علمًا أن السودان يقع في منطقة مضطربة، لذا فإن المجتمع الدولي لن يقبل بهذا الانقلاب”.
وسبق وأن شهد “السودان” 08 محاولات لانقلابات عسكرية، خلال أكثر من ستة عقود؛ منها ما نجح ووضع قادة الانقلاب على رأس السطة ومنها ما فشل وقادهم إلى الإعدام أو السجن.