خاص : كتبت – نشوى الحفني :
التضاربات تتزايد بشأن انسحاب القوات الأميركية من “العراق”؛ ما بين تأكيد بالرحيل وآخر بالبقاء، تحدث خطوات أخرى تعكس المشهد.
فقد أعلن “العراق” عن تشكيل لجان تختص بجدولة انسحاب قوات “التحالف الدولي”، من “العراق”. وقال اللواء “يحيى رسول”، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية؛ إنه: “تم تشكيل لجان فنية تعمل على عقد عدة اجتماعات بشأن ذلك”، مؤكدًا أن “العراق” نجح، من خلال جلسات “الحوار الإستراتيجي”، في تحويل قوات “التحالف الدولي”، من قتالية إلى تدريبية، لافتًا إلى أن: “الحوار مستمر ويتضمن نتائج إيجابية”.
وأكد “رسول”؛ أنهم: “بحاجة للتدريب والتسليح والتجهيز وتبادل المعلومات الاستخباراتية، دون طلب الحاجة لأي مقاتل من التحالف”، معللاً بأن ذلك: “يصب في استكمال بناء قدرات القوات المسلحة العراقية”.
تغيير عنوان وجود القوات فقط..
ورأى الكاتب والمحلل السياسي، “أثير الشرع”؛ إن: “ما تم الإعلان عنه، في مسألة انسحاب قوات التحالف، هو تغيير عنوان وجود القوات الأميركية فقط؛ من قوات مقاتلة إلى مستشارين وقوات للتدريب، وهذا الانسحاب غير ملموس على أرض الواقع، فالقوات الموجودة قتالية وهناك قواعد عسكرية ثابتة، غرب وشمال العراق”، مشيرًا إلى أن “العراق”: “يحتاج إلى جدية في تنفيذ هذا الانسحاب”.
وعبر الكاتب عن إعتقاده بأنه: “ربما تكون هناك ضغوط لتعطيل هذا الانسحاب”، مشيرًا إلى أن: “المفاوضات النووية مع إيران لم تنتهِ بعد، وربما يكون هناك تحضير لسيناريو أكبر للمنطقة، في حال فشل المفاوضات مع إيران”.
وأكد المحلل السياسي أن: “بقاء القوات الأميركية، في العراق، لا يخدم البلاد، والعراق جاد في مسألة انسحاب القوات؛ وهناك قرار برلماني وسياسي في هذا الخصوص، لكن الولايات المتحدة غير جادة في الانسحاب”.
وحول التحديات الأمنية التي تواجه البلاد، قال “الشرع”: “إن العراق يمتلك قدرات أمنية كبيرة؛ وما يحتاج إليه الآن هو التعاون الأمني والاستخباراتي”، مشيرًا إلى أن: “هناك جهات تعمل لأجندات خارجية، وهناك فقدان ثقة بين الكتل السياسية المختلفة، ما دفع الحكومة وبعض الكتل السياسية إلى المطالبة بدعم خارجي لضمان بقائها”.
مغادرة شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية..
وتماشيًا مع أنباء انسحاب القوات الأميركية، غادرت شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية، الإثنين، قاعدة (بلد) الجوية، التي تضم طائرات (إف-16)، التابعة لـ”سلاح الجو العراقي”، على ما أفاد مسؤولون عسكريون، وكالة (فرانس برس)، بعد عدة هجمات صاروخية؛ يبدو أن السلطات غير قادرة على وقفها.
وكانت السلطات العراقية؛ قد أرسلت مستشارها للأمن القومي، “قاسم الأعرجي”، الأسبوع الماضي، إلى القاعدة لطمأنة الطواقم المتواجدة فيها، بعد أيام قليلة من إصابة متعاقد أجنبي بهجوم صاروخي استهدف القاعدة.
غير أن مسؤولاً عسكريًا عراقيًا رفيع المستوى، قال لـ (فرانس برس)؛ إن: “طواقم الشركة غادرت بالفعل، صباح الإثنين، ويضم الفريق 72 فنيًا متخصصًا من شركة (لوكهيد مارتن)”، فيما أكّد مصدر عسكري آخر أيضًا؛ مغادرة الفريق للقاعدة.
وأوضح المسؤول الأول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته؛ أن: “الفريق الفني المسؤول عن صيانة طائرات (إف-16)؛ غادر قاعدة (بلد) إلى أربيل”، عاصمة “إقليم كُردستان”، التي كانت تُعدّ أكثر أمنًا من بقية المناطق العراقية.
وقال “جوزيف لاماركا جونيور”، مسؤول الاتصالات في الشركة المصنعة للأسلحة، في بيان، إنه: “بالتنسيق مع الحكومة الأميركية؛ ومع اعتبار سلامة الموظفين على رأس أولوياتنا، تقوم (لوكهيد مارتن)؛ بنقل فريق (إف-16)، الذي يتخذ من العراق مقرًا له”، من دون أن يكشف عدد الموظفين الذين يتم سحبهم.
يؤثر على صيانة مقاتلات “إف-16“..
وأكد برلماني عراقي، أن انسحاب شركة “لوكهيد مارتن” الأميركية، من قاعدة (بلد) الجوية، بـ”العراق”، سيؤثر على صيانة مقاتلات (إف-16).
وقال عضو “لجنة الأمن والدفاع” بالبرلمان العراقي، “سعران الأعاجيبي”، خلال حديث، لـ (العين) الإخبارية، إن: “قضية إدامة المعدات العسكرية، من قبل شركات أجنبية، أمر وارد ومعتاد عليه، منذ بدايات تسليح الجيش العراقي، خاصة أن أغلب المعدات العسكرية العراقية، من طائرات ودبابات؛ هي ما بين الروسي والفرنسي والتشيكي والأميركي وغيرها”.
وأكد أن: “الجهود المبذولة لإقناع الشركة بالبقاء باءت بالفشل”، مشيرًا إلى أن الشركة: “أبلغت الجانب العراقي؛ بأنها ستعود حين توفر الحماية لموظفيها”.
ولفت عضو “لجنة الأمن والدفاع” العراقية؛ إلى أن: “انسحاب الشركة المختصة بصيانة طائرات، (إف-16)، سيكون له تأثير في جوانب توفير قطع الغيار الخاصة بذلك النوع، فضلاً عن ضياع فرص من التدريب والمشورة، التي تحتاجها القوات الجوية العراقية”، منوهًا إلى أن: “العراق يملك كفاءات لا يُستهان بها من مهندسين ومختصين، في ذلك المجال، ولكن ذلك غير كافي”.
واستدرك، قائلاً إن: “أغلب الطائرات العراقية متهالكة، ومر عليها زمن طويل، وتحتاج إلى عمليات صيانة وتجهيز وإدامة من قبل الشركات التصنيعية المختصة”.
العراق يعاني ضعف كبير في الدفاعات الجوية..
ويُشير “الأعاجيبي”، إلى أن: “العراق يعاني من ضعف كبير في مجال الدفاعات الجوية، وغالبًا ما تكون سماءه مكشوفة دون وجود معالجات ذات قدرة على مجاراة الاختراق”.
وأكد البرلماني العراقي، ضرورة أن يكون لدى العراق: “منظومة صواريخ متطورة، أسوة بالدول المجاورة، ولو كانت من نوع، (إس-300) الروسية، فضلاً عن منظومات رادارات أرضية لفرض سيادة الدفاعات الجوية على الفضاء العراقي العسكري”.
تتواجد ضمن مقار عسكرية بالاستضافة..
وبشأن تواجد القوات الأميركية، وما يُشاع بشأن قواعدها في “العراق”، ينفي عضو “لجنة الأمن والدفاع” النيابية، صحة تلك الأنباء.
وأوضح أن: “القوات الأميركية والتحالف الدولي؛ تتواجد ضمن مقار عسكرية عراقية عن طريق الاستضافة”.
أعطال وأعطاب الطائرات !
كما قال الخبير والمحلل الأمني، “علي البيدر”، في حديث خاص لـ ( PUKmedia)؛ أنه وبلا شك هذا الانسحاب له تداعيات خطيرة، كون الكوادر الفنية العراقية غير قادرة على أعمال الصيانة للطائرات المتواجدة في القاعدة الجوية، مشيرًا إلى أن ذلك سيؤدي إلى الضرر بالطائرات، وربما تصل حد الأعطال والأعطاب بها.
وأضاف، أن المسألة ستقوض من عمليات محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي؛ مما ينعكس سلبًا على الواقع الأمني في عموم البلاد، داعيًا حكومة “الكاظمي” إلى إعادة النظر بشأن هذه المسألة، عن طريق إرسال تطمينات إلى تلك الشركات؛ والتعهدات بتوفير الحماية المطلقة لها، ومنع حدوث أي عمليات استهداف ممنهجة تنفذها فصائل مسلحة على الأرض.
وبيّن “البيدر”، أن الحكومة قادرة على توفير الحماية لهذه الشركات، لكنها ربما لا تريد أو تتحاشى التصادم مع تلك الفصائل المسلحة، مطالبًا أن يكون هنالك تكثيف للجهد الاستخباري والعمل بحزم على ضرب وقطع اليد التي تحاول مهاجمة تلك الشركات، مستطردًا بالقول: “حتى وإن اضطرت الحكومة إلى التفاوض مع الفصائل المسلحة أو الذهاب إلى الدول الإقليمية التي ترعى تلك الفصائل والمتربحة من تلك العملية لإيقاف تلك الهجمات”.
ودائمًا ما تتعرض قاعدتي (بلد)، في “صلاح الدين”، و(عين الأسد)، في “الأنبار”؛ فضلاً عن قاعدة (فكتوريا)، عند مقتربات “مطار بغداد”؛ و(حرير)، في “أربيل”، إلى هجمات صاروخية بذريعة تواجد قوات أجنبية عسكرية.
وعادة ما تتبنى ميليشيات مسلحة عراقية على صلة بـ”إيران”، الهجمات الصاروخية التي تستهدف تلك القواعد.
وتتواجد داخل قاعدة (بلد) الجوية، شمال العاصمة، “بغداد”، شركة “لوكهيد”، الأميركية المكلفة بصيانة طائرات الـ (F16)، التي كان “العراق” تعاقد على شرائها بعيد انسحاب القوات الاجنبية من “العراق”، عام 2011.
وشهدت قاعدة (بلد) الجوية، في الـ 3 من الشهر الحالي، قصفًا بوابل من صواريخ (الكاتيوشا)، سقط إحداها قرب أحد الثكنات التي يستخدمها موظفو الشركة الأميركية.
وكانت الشركة قد أعادت فنييها للعمل، بعد أن سحبتهم، مطلع العام الماضي؛ بسبب تصاعد تهديدات فصائل مسلحة عراقية باستهداف القاعدة.
تداعيات على كفاءة الطائرات..
وعقب قرار انسحاب موظفي الشركة الأميركية الأخير، حذرت قيادة العمليات المشتركة، يوم الثلاثاء، تداعيات ذلك الأمر على كفاءة تلك الطائرات.
وأكدت “العمليات المشتركة”، في بيان، أن: “طائرات ( F16)، هي طائرات مهمة جدًا، والعمود الفقري للقوة الجوية العراقية، وذراع العراق في مقاتلة ومحاربة الإرهاب”، مبينًة أن: “الشركات العاملة في صيانة هذه الطائرات؛ لها تأثير مباشر في عملية إعداد الكوادر والتقنيات التي تسهم في رفع قدرة الفنيين العراقيين”.
وأضاف البيان، أنه: “نأمل أن يكتمل تدريب كوادرنا الفنية من أجل القيام بأخذ مبادأة الإدامة، وكذلك التجهيز بصورة كاملة والتصليح”، مشيرًا إلى أن: “أي توقف في الجدول الزمني لعملية الإعداد، سوف يؤثر سلبيًا على عمليات التدريب وإكتمال قدراتنا وبناء إمكانياتنا الهندسية والفنية”.
“باقون في العراق” !
وفي تناقض مع أنباءالانسحاب، صرح قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال “ماكينزي”، لـ (العربية)؛ بأن “أميركا” باقية في “العراق”، وستستمر في عملياتها الموجهة ضد (داعش).
وقال: “سنبقى في العراق، حسب رأيي، وسنستمر في حملتنا المضادة لـ (داعش)، ومهما كان مستقبلنا في العراق، فهذا المستقبل ستقرره بشكل مشترك، الولايات المتحدة وحكومة العراق، وليس طرفًا ثالثًا مثل إيران”.