خاص : كتبت – نشوى الحفني :
باتت حركة (طالبان) على مشارف العاصمة الأفغانية، “كابول”، وهو الأمر الذي يحاول الرئيس الأفغاني، “أشرف غني”، مواجهته قائلاً إن هناك مشاورات مكثفة تجري حاليًا من أجل وقف الحرب، وسط تقدم متسارع لحركة (طالبان) التي أصبحت على مشارف العاصمة.
وتعهد “غني”، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي الأفغاني؛ بالدفاع عن الديمقراطية في بلاده، مؤكدًا أن الأولوية القصوى الآن؛ هي لحشد قوات الجيش الذي تهاوى أمام حركة (طالبان)؛ في الأيام الأخيرة.
وقطع الرئيس الأفغاني الطريق أمام الشائعات التي قالت؛ إنه قد يقدم على تقديم استقالته.
وأكد أنه يسعى لمنع وقوع مزيد من الاضطرابات والتهجير في البلاد.
لكن يبدو الواقع على الأرض مغاير لما يرمي إليه الرئيس الأفغاني، إذ إن حركة (طالبان) سيطرت على أكثر من نصف مراكز الولايات، خلال 08 أيام فقط.
أماكن سيطرة “طالبان”..
وسيطرت عناصر حركة (طالبان)، الجمعة؛ على “قندهار”، ثاني أكبر مدينة في “أفغانستان”، ومعقلها السابق، في وقت فرت القوات المتمركزة فيها إلى خارجها.
وتزحف (طالبان)، حاليًا؛ على العاصمة، “كابل”، إذ إن مقاتليها لا يبعدون حاليًا عنها سوى: 50 كيلومترًا.
واليوم السبت، أعلنت الحركة السيطرة على مدينة “شرانة”، عاصمة ولاية “بكتيكا”، شرقي “أفغانستان”، فيما شنت هجومًا كبيرًا على مدينة “مزار شريف”، شمالي البلاد، وسيطرت على محطة إذاعية في مدينة “قندهار”، جنوبًا.
نزوح الآلاف ومناشدات بفتح الحدود..
وخلال الأيام القليلة الماضية، نزح الآلاف بالفعل، إلى “كابل”، بعد اتساع رقعة سيطرة (طالبان)، لكن العاصمة قد لا تكون المستقر الأخير لهم، لأنها باتت قريبة من السقوط في يد الحركة المتشددة.
ومع تفاقم الأزمة الأمنية بعودة المعارك بين القوات الأفغانية ومسلحي (طالبان)، دعت “الأمم المتحدة”، جيران “أفغانستان”؛ إلى إبقاء الحدود مفتوحة للاجئين الفارين من البلاد، الذين يُزيدون حدة كارثة نزوح يعانيها البلد بالفعل.
ورغم حديث الرئيس الأفغاني عن وجود جهود لوقف الحرب، إلا أن ذلك لا يبدو واقعيًا، مع نفي (طالبان) وجود مفاوضات أصلاً.
ودخل على الخط، الجمعة، مستشار الأمن القومي الباكستاني، “معيد يوسف”، الذي دعا القادة الأفغان إلى التوصل لتسوية سياسية مع (طالبان)؛ عبر الحوار والتفاوض.
الوقت لم يفت لمنع سيطرة “طالبان” !
إلى ذلك، قال السناتور “ميتش ماكونيل”، زعيم الأقلية الجمهورية بـ”مجلس الشيوخ”، الأميركي، الجمعة، إن الوقت لم يفت لمنع (طالبان) من السيطرة على “كابول”.
ودعا “ماكونيل”، إدارة الرئيس “جو بايدن”؛ إلى وقف تقدم (طالبان) باستخدام الضربات الجوية، وتقديم الدعم للقوات الأفغانية التي تدافع عن العاصمة الأفغانية.
وقال “ماكونيل”؛ إنه أصدر هذا البيان بعد أن تحدث مع السفيرة الأفغانية لدى واشنطن، “عديلة راز”.
انتقاد سياسة “بايدن” تجاه أفغانستان..
وانتقد زعيم الجمهوريين، في “مجلس الشيوخ”، الخميس، الرئيس “بايدن”، بسبب سياسته: “المتهورة” تجاه “أفغانستان”، في وقت تعمل “الولايات المتحدة” على إجلاء موظفي سفارتها في مواجهة تقدم (طالبان).
وقال “ماكونيل”، في بيان؛ إن: “أفغانستان تتجه نحو كارثة هائلة ومتوقعة؛ ويمكن تفاديها. والمحاولات السريالية للإدارة، للدفاع عن سياسات الرئيس، بايدن، الخطيرة، هي صراحة مهينة”.
وأضاف: “إدارة بايدن؛ هبطت بالمسؤولين الأميركيين إلى درجة مناشدة المتطرفين لتجنب سفارتنا، بينما يستعدون للسيطرة على كابول”.
وتابع: “قرارات الرئيس بايدن؛ تدفعنا نحو نتيجة أسوأ حتى من السقوط المهين لسايغون، عام 1975″، في نهاية حرب “فيتنام”.
استعدادات لسقوط العاصمة..
وقال “ماكونيل”؛ إن هذه التصريحات الأميركية الأخيرة: “تبدو كأنها استعدادات لسقوط كابول”، داعيًا “بايدن”؛ إلى: “الإلتزام الفوري بتقديم مزيد من الدعم للقوات الأفغانية، بدءًا بدعم جوي”؛ ما بعد 31 آب/أغسطس، التاريخ المحدد لإنهاء الانسحاب الأميركي من “أفغانستان”.
وحذر من أنه: “بدون ذلك، قد تُحيي (القاعدة) و(طالبان)؛ الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر؛ عبر حرق سفارتنا في كابول”.
ويعرف “ماكونيل” الرئيس الأميركي منذ عقود، واستطاع الإثنان التعاون من الناحية السياسية في مناسبات عدة، لكن هذه المرة، لم يُوفر الجمهوري المؤثر أي انتقاد بحق “بايدن”.
وقال “ماكونيل”؛ إن إستراتيجية “بايدن”، الذي وصل إلى السلطة، في كانون ثان/يناير الماضي: “حولت وضعًا غير كامل، ولكن مستقر، إلى إحراج كبير وإلى حالة طواريء عالمية في غضون أسابيع قليلة”.
وكانت (رويترز)؛ قد نقلت عن مسئول في “وزارة الدفاع” الأميركية، (البنتاغون)؛ أن التقييم الجديد للاستخبارات الأميركية يرى أن: “طالبان” يمكنها عزل “كابول”، خلال 30 يومًا والسيطرة عليها في غضون 90 يومًا.
تفشي الفساد..
ويرى “د. وائل عواد”، المتخصص في الشأن الآسيوي: إن هناك أكثر من سبب وراء هذه القوة التي تُسقط بها (طالبان) الولاية إثر الولاية، فحركة (طالبان) لم توقف هجماتها أصلًا، وكانت تهاجم القوات الأميركية دائمًا، وكذلك القوات الحكومية، فهي حافظت على قوتها وتسليحها الذي حصلت عليه من “باكستان”.
وأشار “عواد” إلى أن تفشي الفساد في حكومة المركز؛ ربما كان وراء اصطفاف كثير من الجنود مع حركة (طالبان)، لافتًا إلى أن هناك أمرًا يتعلق بالطرف الأميركي وأقصد به: ماذا كانت تفعل “الولايات المتحدة” على مدى العشرين عامًا إذا كانت النتيجة كما نرى في مدى قوة الجيش الأفغاني ؟
الحل العسكري يحسم التصعيد الأخير..
وأضاف “عواد”؛ أن “الولايات المتحدة” لم تقدم أي ضمانات للحكومة الأفغانية؛ فقالت إنها ستدعمها، مما يُشير إلى حرج الموقف الذي وضعت فيه الحكومة الأفغانية، خاصة أن الوضع يُشير إلى أن “أفغانستان” مقبلة على حرب أهلية عرقية؛ ستكون لها تداعيات سلبية على المنطقة، ودول الجوار تحديدًا. مشيرًا إلى أن الحل العسكري هو الذي سيحسم التصعيد الأخير.
حالة إرتباك وتقديرات متضاربة..
فيما أشار الدكتور “طارق فهمي”، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة “الأميركية”، بالقاهرة؛ إلى أن الإدارة الأميركية في حالة إرتباك وتقديراتها تبدو متضاربة، وهناك سوء تقييم واضح من الإدارة الأميركية، فقد كان هناك تقدير لإدارة كاملة لحركة (طالبان)، خلال ثلاثة أشهر، والذي أتضح بعد ذلك أن هناك فراغًا ملأته (طالبان)، مشيرًا إلى أن هذا الوضع سيدفع دول الجوار للتدخل ولعب دور؛ مما جعل كثيرين يتوقعون أن “روسيا” مثلًا أو “الصين”؛ ستلعب دورًا مهمًا في المستقبل القريب.
موضحًا “فهمي” أن الرهان على مفاوضات، في “الدوحة”، من أجل إحياء “اتفاق الدوحة”؛ رهان خاسر، لأن الأرض هي التي ستحسم الصراع عسكريًا، متوقعًا سيناريو إقامة علاقات بين “الولايات المتحدة” و(طالبان)، بعد استيلائها على الحكم، وإعادة تدوير دورها سياسيًا وعسكريًا من قبل “الولايات المتحدة”، أو سيناريو آخر وهو دخول المنطقة المحيطة بـ”أفغانستان”، في دوامة الإرهاب وتصديره للدول المجاورة؛ مثل: “الصين وروسيا وإيران”، وهو سيناريو كارثي.