23 ديسمبر، 2024 9:23 ص

ما بعد استقالة “عبدالمهدي” .. لماذا الإصرار على رفض “الإيراني” دون “الأميركي” ؟

ما بعد استقالة “عبدالمهدي” .. لماذا الإصرار على رفض “الإيراني” دون “الأميركي” ؟

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

بالأمس الأول، الأحد، وافق البرلمان العراقي على طلب استقالة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، ما يجعل أداء حكومته يقتصر فقط على “تصريف أعمال”، وفقًا للدستور.

وصرح رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، أنه سيخاطب رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، لتكليف رئيس جديد للوزراء. وفي ظل الفارغ السياسي سيكون “العراق” منفتحًا على كل السيناريوهات، بعدما أصبحت الكرة في ملعب الأحزاب والكتل السياسية؛ إضافة إلى نفوذ المرجعية الشيعية.

توقيت الاستقالة !

وذكرت مصادر عراقية أن استقالة “عبدالمهدي” جاءت بعد بضعة أيام من زيارة نائب الرئيس الأميركي، “مايك بنس”، دون علم حكومة “بغداد”، حيث هبطت طائرته في قاعدة “عين الأسد” العراقية في “الأنبار”، وقال “بنس”، في كلمة له في القاعدة، إن قوات بلاده باقية في “سوريا” و”العراق” لتعزيز الشراكة مع الحلفاء.

ويتضح من توقيت الاستقالة أن “العراق” مازال خاضعًا للنفوذ الخارجي، وهو ما يرفضه المتظاهرون العراقيون.

وكان النائب العراقي، “حسـين عرب”، قد حدد خمسة شروط لاختيار رئيس الـوزراء المقبل؛ أبرزها أن يكون مسـتقلًا وشابًا وكفؤًا ولم يسبق له أن تسلم أي منصب حكومي ولا يملك سوى الجنسية العراقية، وهذا ما يريده المتظاهرون الذين يأملون بمستقبل أفضل للبلد.

استجابة للمرجع الديني !

يقول الكاتب والأكاديمي العراقي، “حميد الكفائي”: لم يستجِب “عبدالمهدي” لنداءات وصرخات الشعب العراقي ومئات المثقفين والكُتاب والمحللين والأكاديميين ورجال الدين الذين طالبوه بالاستقالة منذ مطلع شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي، بعد سقوط المجموعة الأولى من الشهداء برصاص الحكومة وأتباعها وميليشياتها، بل التصق بالكرسي وكأنه حقه الذي ورثه عن الأجداد. والغريب أنه قدم استقالته إلى البرلمان، وليس إلى رئيس الجمهورية الذي كلَّفَه بتشكيل الحكومة.

ولقد استجاب “عبدالمهدي” فورًا لنداء المرجع الديني، “علي السيستاني”، لأنه يعلم مدى السلطة المعنوية التي يتمتع بها، دون أن يمتلك جيشًا يخيف به الخصوم أو مالًا يوزعه على الأتباع، فقوته مستمدة من موقعه الديني ومواقفه التي تنسجم مع المصلحة العامة وإرادة الناس، وهذا هو الموقف المتوقع من رجال الدين الحقيقيين.

لا يجب الإلتفاف على مطالب المتظاهرين..

يضيف “الكفائي”؛ أنه إذا حاولت الأحزاب الحالية، الممثلة في البرلمان، التسويف والتأجيل والإلتفاف على مطالب المتظاهرين وإطالة عمر هذه الحكومة المنبوذة، فمن شأن ذلك أن يشجع الناس على التصرف خارج الدستور والقانون، وهذا ليس في مصلحة أحد، خصوصًا المسؤولين الحاليين لأنهم سيكونون هدفًا للمتظاهرين الغاضبين.

يجب أن تُحل كل الميليشيات وتجرَّد من سلاحها، فلا يمكن إقامة دولة متماسكة بوجود مسلحين يتصرفون حسب أهوائهم ومزاجهم ومصالح قادتهم كما تفعل الميليشيات المرتبطة بـ”إيران” حاليًا.

يجب التحقيق في اغتيال الناشطين والمثقفين واختطافهم والتجاوز عليهم، خصوصًا النساء منهم. هذه أعمال شائنة ومن المعيب أن تمر دون تحقيق وعقاب.

إلغاء دستور “بريمر”..

أما الكاتب، “عبدالباري عطوان”، فيرى أن استِقالة “عبدالمهدي”، التي تُجسِّد أوّل انتصار للحِراك الشعبيّ ربّما تَكون بدايةً لسلسلةٍ من التّنازلات من قِبَل النّخبة الحاكِمة، ولكنّها ليسَت كافيةً لعودة حالة الهُدوء إلى الشّوارع، وانسِحاب المُحتجّين، لأنّ هذه الاستقالة لم تكُن المَطلب الأساس، وإنّما رحيل كُل الطّبقة السياسيّة الفاسِدة، وإلغاء دُستور “بريمر”، وإجراء إصلاحات شامِلة تُحَقِّق العدالة الاجتماعيّة وإلغاء المُحاصصة الطائفيّة وكُل إرث الاحتِلال الأميركيّ مصدر كُل الأزَمات.

انتِقاصًا من حق الحِراك الشعبيّ !

يضيف “عطوان”؛ أن “عبدالمهدي”، الذي تولى سُدّة الحُكم، في تشرين أوّل/أكتوبر عام 2018، لم يَكُن خِيارًا شَعبيًّا، ولم يَكُن مُؤهّلًا لتولّي السّلطة، واختير كـ”دُمية” من قِبَل التكتّلات الفاسِدة، ولأنّه الأضعف الذي لا يتمتّع بدعم قبيلة أو كُتلة سياسيّة معروفة بهُويّتها الإصلاحيّة، وكانَ مِثل الماء “بلا لون أو طعم أو رائحة”.

تبرير “عبدالمهدي”، لهذه الاستِقالة المُتأخِّرة بأنها استجابة لطلب المرجع الشيعيّ الأعلى، “علي السيستاني”، يُعتَبر انتِقاصًا من حق الحِراك الشعبيّ ودوره، وتَقليلًا من إنجازِه الأكبر، أيّ فضح الطّبقة السياسيّة الحاكِمة التي نهَبت ثروات البِلاد، وجوّعت الشّعب، وجعَلت من خُمسِه تحت خط الفقر، وحَرَمَته من الحد الأدنى من الخدمات العامّة، وهو الذي تبلُغ عوائِده النّفطيّة 20 مِليار دولار شَهريًّا على الأقل.

لماذا رفض التدخل الإيراني تحديدًا ؟

بعد إحراق “القنصلية الإيرانية”، في مدينة “النجف”، للمرة الثانية خلال 4 أيام، يرى المحللون أن المتظاهرون العراقيون يُصرُّون على رفض أي تدخل إيراني في شؤونهم الداخلية.

ولكن هناك من يرى أن جميع مصائب “العِراق” تعود إلى الاحتلال الأميركي، وبمُشاركة وتَواطُؤ الذين عادوا إليه على ظهر دبّاباته، ووصلوا إلى سُدّة الحُكم عبر العمليّة السياسيّة التي وضَعوا أُسسها الطائفيّة المُفرِّقة الطّامسة للهُويّة الوطنيّة الجامِعة.

فإذا كان هذا الحِراك، ضِد النّفوذ الأجنبي وتَغلغُله في “العِراق”، بعد أن تحوّلت البِلاد إلى ساحة صِراع وتنافُس بين النّفوذين، الإيرانيّ والأميركيّ، وهذا تَوصيفٌ صَحيحٌ لا جِدال حوله، فإنّ هُناك من يطرَح سُؤالًا جَوهَريًّا تقول مُفرداته: لماذا لا يتم حرق المصالح الأميركيّة في “العِراق” جَنبًا إلى جَنبٍ مع “القُنصليّات الإيرانيّة” أيضًا ؟.. ولماذا لا نسمَع من يُردِّد شِعار: “أميركا برّة برّة أيضًا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة