20 أبريل، 2024 5:02 م
Search
Close this search box.

ما الكتاب الذي كان على بوش قراءته قبل غزوه العراق ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص / واشنطن – كتابات

إذا خسرنا العراق، فإننا سنخسر الشرق الأوسط“. هذه الكلمات، التي كان من الممكن أن يتحدث بها عضو جمهوري في الكونغرس أو أي من رموز أدارة الرئيس بوش في أسوأ أيام أمريكا في العراق خلال العامين 2006-2007، لكنها جاءت على لسان شخصية في روايةبغداد بلوز” للكاتب سام غرينللي الصادرة 1976 وهي شخصية ديف بوريل، أمريكي منأصل أفريقي من مدينة شيكاغو، وهو متحدث متمكن من اللغة العربية، وملحق للعمل معالدبلوماسيين الأمريكيين في بغداد خلال انقلاب (ثورة) تموز/يوليو 1958 العراقية التي جلبتالزعيم عبد الكريم قاسم إلى السلطة.

وعلى الغلاف الأخير من كتاببغداد بلوز نقرأ:ديف بوريل هو ضابط شاب في مكتبالمعلومات الأمريكي الذي يعجب بالمتمردين (الإنقلابيين) ويدعم آراءهم سراً”. زملاءه البيض،كانوا مثل أولئك الأمريكيين في المنطقة الخضراء اثناء زعامة الحاكم الأمريكي بول بريمر على المنطقة الخضراء وعملهم من أجل تقديم أعضاء الحكومة العراقية بعد 2003 بوصفهم أبطالاً،أثناء إنشغالهم في شرب المارتيني وعملهم على دعم الليبرالية في بلد عاش عميقا في ظلام الديكتاتوريات العميق ولفترة طويلة.

في كتاب غرينللي كما في الحياة الواقعية،خسرت أمريكا العراقفي صيف 1958فالنظام الملكي المدعوم أمريكيا، الذي تم تنصيبه في أعقاب الاحتلال البريطاني، أطيح بهفي انقلاب عسكري وجد دعماً من أبرز القوى السياسية العراقية: الحزب الشيوعي، البعث والقوى الليبرالية و”الوطنية” الأخرى. هذه الثورة (الانقلاب) أثارت قلق إدارة الرئيس أيزنهاور، التي اعتبرت ذلك إشارة للحماس المتنامي في الشرق الأوسط وتعضيداً قوياًلأفكار القومية العربية والآراء المناهضة للاستعمار التي يروج لها جمال عبد الناصر فيمصر.

وقد تناولت رواية المؤلف عميلًا في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يستخدم تدريبه التجسسي (مواجهة ثورة في شوارع شيكاغو ومدن أمريكية أخرى) مثلما هو المؤلف ذاته الذي عمل خلال الخمسينيات في الشرق الأوسط عميلا لـ”وكالة الاستخبارات المركزية” التيترد في الكتاب بوصف المكتب.

قد تكون رواية “بغداد بلوز” (بلوز هي نوع من موسيقى الأمريكيين السود، وقد تأتي بوصفها معادلا لكلمة شجن)، رواية تجسس من أيام الحرب الباردة، ولكنها أيضا رواية مشاعرالتضامن بين الأميركيين السود والشعوب المستعمرة في جميع أنحاء العالم. يقول بطل الرواية بوريل عن زملائه الذين يعملون لصالح وكالة المخابرات المركزية: “كلهم يريدون أن يكونواجيمس بوند، ولكن لاحقا تتسرب أحلام اليقظة لتنكشف حياتهم الحقيقية“.

الموضوع الأول للكتاب هو العنصرية المتشددة للدبلوماسيين الأمريكيين البيض، التييكتشفها بوريل كما هو كشف عرضي للعراقيين داخل مجتمعهم الذي تقوده يسيطر على مفاصله عالم نخبوي من الدبلوماسيين والجواسيس الأجانب. خلال تدريبه على اللغة العربيةفي ضاحية أرلينغتون المجاورة لواشنطن العاصمة، وجد أنه لا يمكن أن يخدم مع زملائهالبيض اثناء التعليم على مواجهة الاستبداد الشيوعي“.

لاحقاً تبين للبطل بوريل إن وظيفته داخل آلة الدعاية الأمريكية ليست فقط إقناع العراقيين بأنالملك فيصل الثاني هو صديقهم، ولكن أيضاً للتخفيف من حدة العنصرية الغالبة على الصورة الأمريكية، وبالتالي المساعدة في كسب شعوب العالمغير المنحازة“.

الموضوع الرئيسي الثاني في الرواية، شكّلته سياسة الحرب الباردة الأمريكية،. فقد كانالخوف الأمريكي العام في عام 1958 هو أن الثورة العراقية كانت نذيرا ليس فقط للارتقاءبالقومية العربية، وإنما بتراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط مقابل السوفيات. “الملحق الثقافي الأمريكي الزائر، الذي يدين الانقلاب الأخير، يعلن: إن الحمر ينوون خنقنا،عبر السيطرة على العراق واحتياطياته النفطية الضخمة، بل ويزيد سيحصل الشيوعيونأخيراً على موطئ قدم في هذه المنطقة. يمكنهم نشر نفوذهم إلى البلدان المجاورة: تركياوإيران والأردن والكويت. كانت بلاد ما بين النهرين دائما حجر الزاوية في الشرق الأوسط “.

المؤلف سام غرينللي ، لم يظهر اسم صدام حسين (بدأ يعزز سلطته في العراق في منتصف سبعينيات القرن الماضي) في أي مكان في الكتاب، رغم أن صحيفة أمريكية سوداء صغيرة أعادت إصدار الكتاب في عام 1991، أثناء الحرب الأمريكية في الخليج، تحت عنوان مضللبغداد بلوز: الثورة التي رفعت صدام حسين إلى السلطة“، وهو يشبه إلى حد ما وصفالحرب العالمية الأولى بالثورة التي جلبت هتلر إلى السلطة .

في ختام الرواية، كان البطل بوريل ضمن مجموعة من الدبلوماسيين الأميركيين قبيل مغاردتهابغداد الغارقة في فوضويتها وعنفها، ويقولمررنا بجسر الملكة عالية، الذي أعيدت تسميتهجسر الأحرار، ونظرت عميقا في نهر دجلة المنخفض المنسوب، فكانت الرمال تتوسط بدلا من المياه. بينما على أعمدة الإنارة كانت الجثث معلقة(…). في إشارة إلى قيام الجماهير وبتأييد من القادة العسكريين بقتل أفراد العائلة الملكية وعدد من كبار المسؤوليين الحكوميين وسحل جثثهم في الشوارع وتعليقها تشفّياً.

وبحسب د.تيموثي ستيوارتونتر الباحث في التاريخ الأمريكي في جامعة شيكاغو وصاحبالحرب والجنس والحياة الجنسية في أمريكا بالقرن العشرين، يعطينا المؤلف غرينلليمنظوراً للمشهد العراقي الذي تشكل بعمق من قبل الأممية الراديكالية التي زرعها عصرالاستعمار فيما كان يقصد محاربتها، كما فعل الغزو الأمريكي للعراق 2003 حين تسبب في نهوض التشدد الاسلامي وصولا إلى الإرهاب الواسع، بعد أن جاء بدعوى “التخلص من الديكتاتورية وبناء نموذج للديمقراطية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب