19 أبريل، 2024 3:54 ص
Search
Close this search box.

ما الذي تريده “الصين” من وراء دعم نظام “مادورو” .. ولماذا تتفاوض مع المعارضة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

رغم آلاف الكيلومترات التي تفصل “الصين” عن “فنزويلا”؛ إلا أن أعينها لا تغفل لحظة عما يحدث في البلد اللاتيني، وتشكل “الصين”، مع “تركيا” و”روسيا”، ثلاثي الدعم الفولاذي للرئيس، “نيكولاس مادورو”، خاصة بعدما أعلن زعيم المعارضة، “خوان غوايدو”، نفسه رئيسًا بديلاً.

ورغم أن “بكين” لم تعلن دعمها بنفس درجة الصراحة والمباشرة التي تعاملت بها “موسكو” مع الأوضاع في “فنزويلا”، إلا أن المحللين السياسيين فسروا تصريحات الحكومة الصينية بأنها دعمًا حقيقيًا لنظام “مادورو”، وبعد يوم واحد من إعلان “غوايدو” نفسه رئيسًا؛ صرحت المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية الصينية، “هوا تشان ينغ”، في مؤتمر صحافي بأن: “الصين تدعم الجهود التي تبذلها الحكومة الفنزويلية من أجل الحفاظ على السيادة والاستقلال والاستقرار الوطني”.

وشددت “هوا” على رفض بلادها للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية الفنزويلية، في رسالة واضحة المقصود بها “واشنطن”، وهي أول حكومة إعترفت بـ”غايدو”؛ وتُصر على إحكام الضغط الدولي على “مادورو”.

الصين خائفة على مصالحها..

إلتزمت “بكين” بسياسات عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، واكتفت بدعوة الأطراف إلى الهدوء، لكن قلقها بشأن ما قد تصل إليه الأوضاع لم يتوقف، وذكر خبراء لـ (بي. بي. سي موندو)، أن “الصين” تشعر بالقلق إزاء ما يحدث لأنها تُعتبر الدائن الأساس للحكومة الفنزويلة؛ ولها الكثير من المصالح داخل البلد اللاتيني.

ويرجع تاريخ العلاقات الوطيدة بين “بكين” و”كاراكاس” إلى العام 2000، عندما اتفقت مصالح الدولتين معًا، إذ رغبت حكومة الرئيس السابق، “هوغو شافيز”، في تنوع الدول التي تُصدر لها “النفط”، الذي يُعد المصدر الأساس للثروة في “فنزويلا”، بينما كانت “بكين” قد بدأت، منذ الثمانينيات، مرحلة الانفتاح والنمو الاقتصاديين، وراحت تبحث عن مصادر جديدة للموارد الطبيعية لتلبية احتياجات شعبها، وتحولت “الصين”، خلال تلك الفترة، إلى واحدة من الدول الأساسية التي تستورد “النفط الفنزويلي”.

الصين أقرضت فنزويلا 67 مليار في 11 عامًا..

أوضح الباحث بمركز (كارنيغي تسينغهوا) للدراسات السياسية، “مات فرشن”، أن: “النفط هو السبب الجوهري وراء اتحاد الصين وفنزويلا، لقد كانت بكين في حاجة إلى كميات كبيرة منه ووجدته عند فنزويلا”، وكانت “فنزويلا” بها حوالي ثلث الاحتياطي العالمي من “النفط”، وأضاف أن العلاقات بين البلدين شهدت، منذ ذلك الوقت، توطدًا كبيرًا، وأنشأت روابط مستندة على اتفاقات تمويل، وأشار إلى أن “بكين” أخطأت عندما بدأت هذا النوع من التعاون مع “كاراكاس”.

وكشفت أحدث بيانات أصدرتها جامعة “بوسطن” حول صفقات التمويل التي نُفذت بين “الصين” ودول “أميركا اللاتينية”، أن “بكين” قد أقرضت “فنزويلا” أكثر من 67 مليار دولار، خلال الفترة من 2007 وحتى 2018.

وأضاف أنه خلال السنوات الأولى، أثمر هذا التعاون مصالح كبيرة للحكومتين، لكن موت “شافيز”، عام 2012، غير الأمور بشكل جذري، وفي العام التالي على وفاته، شهدت أسعار “النفط” إنهيارًا كبيرًا، فأهتزت أركان الاقتصاد الفنزويلي وأخذت الأوضاع تسوء بشكل دراماتيكي، حتى وصل إلى المرحلة الحالية؛ إذ سجل أكبر معدلات التضخم في العالم، كما يعاني الشعب من أزمة خطيرة في الحصول على المواد الأساسية مثل الأدوية والغذاء، وأمام هذا الوضع الصعب بات من الواضح أن “كاراكاس”، في ظل استمرار “مادورو” على رأس السلطة، لن تتمكن من الإلتزام بسداد الديون في المواعيد المحددة، وقد تطلب فترات سماح، وتشير مصادر مختلفة إلى أن “فنزويلا” تدين لـ”الصين” بنحو 20 مليار دولار.

“مادورو” أو “غوايدو”.. المهم الأموال !

في الواقع لا تهتم كثيرًا “الصين” بوجود “مادورو” أو “غوايدو” أو حتى شخص ثالث على رأس السلطة، المهم هو ضمان حصولها على دفعات الديون واستمرار إمدادها بـ”النفط”، الأمر الذي لا يمكن التحقق منه، لذا تلجأ “بكين” إلى دعم “مادورو” على أساس أنه ملتزم أساسًا بالاتفاقات ويسعى إلى سداد الديون.

وصرح مدير مركز دراسات أميركا اللاتينية في جامعة “رنمين” الصينية، “كي شوغن”، بأن: “الصين تواجه خطورة كبيرة من تواجدها في فنزويلا”، وأشار إلى أن القلق الصيني إزاء التوترات في “فنزويلا” يزداد مع عدم وجود ضمانة لاستمرار الإلتزام بالاتفاقات الاقتصادية الموقعة بين البلدين إذا ما أُطيح بـ”مادورو” وحكومته، وأن رسالة التهدأة التي تصدرها المعارضة الفنزويلية لـ”بكين” لا يمكنها إزالة المخاوف، وشدد على أن دعم الحكومة الصينية لـ”مادورو” أمرًا صحيحًا، ذلك لأنه هو الرئيس الشرعي حتى الآن.

طموحات جيوسياسية..

تشبه المحاولات الصينية لتوطيد علاقاتها بدول “أميركا اللاتينية”؛ الرغبة في إظهار القوة والكشف عن عضلاتها أمام “الولايات المتحدة”، لذا تأتي طموحات “الصين” الجيوسياسية أيضًا وراء حرصها على توطيد علاقاتها بـ”فنزويلا”، رغم أنها ليست المورد الوحيد لها بـ”النفط”، ولم تهتم بتدعيم علاقاتها بكل من يصدر لها “البترول” مثلما فعلت مع “كاراكاس”، بلغ هذا الأمر ذروته منذ وصول الرئيس، “شي غينبينغ”، إلى السلطة في عام 2013؛ ودفعه لتمديد النفوذ الصيني في دول “أميركا اللاتينية”، في محاولة منه لتدعيم ثقل بلاده في هذه المنطقة أمام نفوذ “واشنطن”، بحسب خبراء.

وصرح المحلل في شؤون السياسة الصينية، “ويلي لام”، بأنه: “خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، حاول الرئيس، شي، استخدام القوة الناعمة في كل أركان العالم ووضع أهمية خاصة لأميركا الجنوبية، ذلك لأنها تعتبر الفناء الخلفي للولايات المتحدة”.

وأضاف: “إنها طريقة لتخويف واشنطن، والقول للأميركيين بأن جمهورية الصين الشعبية قادرة على التأثير في دول قريبة من بلادهم”، وأشار إلى أن هناك تشابهًا كبيرًا في الإيديولوجيات، وهو أمر يعتقد بأنه المحرك لقرارات الرئيس الصيني.

بينما ترفض مصادر أخرى في البلد الآسيوي، مقربة من الحكومة، القول بوجود إرتباطًا بين إيديولوجية الرئيس والسياسات الخارجية، ويؤكدون على أن الحكومة تتصرف ببراغماتية.

الصين تتفاوض مع المعارضة..

أمام استمرار الأوضاع في التدهور لم تقف “الصين” مكتوفة الأيدي، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، “غين شوانغ”، مطلع شباط/فبراير الجاري بأن: “بكين تواصلت عن قرب مع كل الأطراف بطرق مختلفة وناقشت معهم الأوضاع في فنزويلا”، وأوضح: “لا يهم كيف تتطور الأوضاع، وإنما يجب ألا تتأثر العلاقات الصينية الفنزويلية بها”.

وذكر المحلل، “كي شوغن”، أن لديه دليلاً عن أن السلطات الصينية تمكنت من التقارب مع المعارضة الفنزويلية بطريقة ما، في محاولة لإيجاد قناة للحوار، كما كشفت صحيفة (وول ستريت غورنال) الأميركية عن قيام دبلوماسيين صينيين بالإلتقاء بممثلين من المعارضة الفنزويلية في “واشنطن”، وذكرت الصحيفة الأميركية أن الجانبان ناقشا إمكانية أن تسمح “بكين” بتمديد مواعيد سد دفعات الديون، كما تحدثا عن الإلتزام بقدر كبير من الشفافية بشأن التعامل مع الاتفاقات الموقعة بين البلدين، بينما وصفت متحدثة باسم “وزارة الخارجية الصينية” ما جاء في تقرير الصحيفة بأنها؛ “أخبار كاذبة”.

وأكدت الخبيرة بمركز الحوار بين الأميركتين، “مارغريت مايرز”، أن “الصين” مستمرة في دعم “مادورو”؛ فقط من أجل الحفاظ على الاستقرار وحماية أموالها، وأشارت إلى أن جزء كبير مما تحاول “الصين” فعله هو تأمين إمدادت “البترول” كي تتمكن “كاراكاس” من دفع ديونها، وأن الأمر لا ينطوي على موقف سياسي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب