“مالونق” قائد الجيش المُقال .. أول مسمار في نعش رئيس الجنوب السوداني “سلفاكير”

“مالونق” قائد الجيش المُقال .. أول مسمار في نعش رئيس الجنوب السوداني “سلفاكير”

كتبت – نشوى الحفني :

في ظل تفاقم الأزمة في جنوب السودان وقيام الرئيس “سلفاكير ميريديت” بإقالة قائد جيشه، قامت سبع جماعات معارضة في جنوب السودان، يقود إحداها الزعيم المتمرد “ريك مشار”، السبت 13 آيار/مايو 2017، بالاتفاق على العمل عن كثب لتحقيق مسعاها المتمثل في الإطاحة بحكومة الرئيس “سلفاكير”.

من بين موقعي الاتفاق الوزيران السابقان “كوستي مانيبي”، و”لام أكول”، وكذلك الرئيس السابق لـ”هيئة الإمداد والتموين” في القوات المسلحة “توماس كيريلو سواكا” الذي استقال في شباط/فبراير الماضي احتجاجاً على الانتهاكات المتفاقمة لحقوق الإنسان من قبل الجيش وهيمنة الجماعة العرقية التي ينتمي إليها كير وهي “الدينكا”.

“ناثانيل أوييت”، المسؤول الكبير في جماعة “الجيش الشعبي لتحرير السودان، قطاع الشمال الذي يقوده مشار، قال: “عندما نعمل معاً يمكن أن تكون جهودنا السياسية والدبلوماسية والعسكرية أكثر فاعلية من عملنا كوحدات منفصلة”.

بول مالونق

واستقلت جمهورية جنوب السودان عن السودان في 2011، لكنها سقطت في الحرب الأهلية بعد عامين عقب قيام “كير” المنتمي لـ”الدينكا” بعزل نائبه مشار المنتمي للجماعة العرقية “النوير”.

وكان من شأن ذلك اشتعال صراع على أساس عرقي بشكل كبير وتفشي المجاعة في أجزاء من البلاد ونزوح حوالى 750 ألف شخص من بين السكان الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين.

وقالت الأمم المتحدة إن العنف في جنوب السودان يرقى إلى “التطهير العرقي”، ويمكن أن يتصاعد ليصبح “إبادة جماعية”.

وتقاتل جماعة “مشار” القوات الموالية لكير، لكن جنرالات عدة انشقوا وكونوا حركات لهم أو انضموا لحكومة “كير”.

ومنذ اندلاع الصراع تكونت جماعات مناوئة للحكومة، وقاتل بعض تلك الجماعات بعضها الآخر.

مؤتمر يسعى لتكوين جبهة موحدة..

قادة المعارضة  قالوا في البيان الذي أصدروه السبت 13 آيار/مايو 2017، إنهم سيعقدون مؤتمراً “بغرض السعي إلى جبهة موحدة في شأن القضايا الإستراتيجية والعملياتية المشتركة”.

العضو في مجموعة من المسؤولين السابقين المنفيين ممن كانوا في حزب “الجيش الشعبي لتحرير السودان”، “أويايا دينغ أجاك”، قال: “نشعر بأننا إذا كان لنا هدف واحد.. سنكون في حاجة إلى تنسيق جهدنا ونحتاج إلى التحدث بلغة واحدة”.

مضيفاً “أجاك” إن هناك بعض القضايا الخلافية التي لا تزال قائمة من بينها تعيين قائد للجبهة.

الحكومة لا تعترف بالمعارضين..

أكد الناطق الرئاسي “أتيني ويك أتيني” أن الحكومة لن تتفاوض مع أي معارضين جدد. وقال: “الحكومة لا تعترف بمثل هذه المجموعة”، مضيفاً: “ليس لدينا وقت لهم”.

وجاءت خطوة المعارضة نحو الوحدة في وقت ظهرت فيه شروخ داخل الائتلاف الذي يقوده كير. فخلال الأيام السابقة أقال كير قائد الجيش “بول مالونق”، بعد تقديم عدد من كبار الجنرالات استقالاتهم زاعمين وجود تحيز عرقي وجرائم حرب.

الإقالة مجرد ممارسة عادية..

كان وزير الدفاع “كوال منيانق جوك” قد هوّن من أهمية إقالة “مالونق”، وأشار إلى أنها “مجرد ممارسة عادية لتغيير شخص وتعيين شخص آخر”. مضيفاً أن “سلفاكير” عين الجنرال “جيمس أجونق” قائداً للجيش خلفاً لمالونق.

وأضاف “جوك” أنه تم إبلاغ “مالونق” قبل شهر بأنه سيتم إعفاؤه من منصبه، مشيراً إلى أن هذا التغيير لن يؤثر على مكافحة الجيش للجماعات المتمردة، مؤكداً على أن “العملية ستستمر”.

لا داعي للقلق..

خرج “سلفاكير” الجمعة 12آيار/مايو 2017، ليطمئن مواطنيه، قائلاً إنه لا داعي لقلقهم من إقالة رئيس أركان الجيش، بول مالونق، مؤكداً على أن الوضع الأمني طبيعي.

قائلاً في القصر الرئاسي بجوبا: “هذه الإقالة في بلد يشهد حرباً أهلية تعتبر قراراً روتينياً وتطوراً طبيعياً ينسجم مع ما يحصل (عادة) داخل الجيش”، مضيفاً: “أنا هنا لأؤكد لكم أن الوضع الأمني يبقى طبيعياً وأحض جميع المواطنين على مواصلة نشاطاتهم اليومية كما تعودوا”.

تقارير أمنية تتحدت عن تحركات للإطاحة بسلفاكير..

موضحاً إنه ظل طوال الفترة الماضية يتلقى تقارير أمنية عديدة تتحدث عن تحركات عديدة للجنرال المقال من أجل الإطاحة به من كرسي الرئاسة، مؤكداً على أنه كان على يقين بأن تلك التقارير ليست حقيقية.

وأشار رئيس جنوب السودان إلى أنه قد وجه كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية في البلاد بتوفير الضمانات الكافية من أجل عودة “مالونق” إلى العاصمة، وتعهد شخصياً بتخصيص طاقم عسكري لتوفير الحماية الأمنية له.

لافتاً “كير”، إلى أن “مالونق” سارع إلى مغادرة العاصمة بعد قرار الإقالة ولم يهنئ خلفه المعين الجنرال “جيمس اجونغو” ولم يحضر مراسم أدائه اليمين .

موضحاً إنه خلال اتصال هاتفي مع “مالونق” بعد الإقالة أخبره أنه ارتكب بمغادرته “جوبا” سريعاً خطأ قائلاً: “كان عليك أن تشكرني شخصياٍ على الفترة التي منحتك إياها وإمكان خدمة شعب جنوب السودان”… “مالونق بالأمس حين تحدثت إليه كان منزعجاً. حاولت تهدئته لكنه خرج عن طوره”.

لا نية للتمرد ..

في وقت سابق من يوم السبت 13 آيار/مايو 2017، قال قائد الجيش السابق لدى وصوله إلى العاصمة “لو اردت التمرد لكنت تمردت هنا (في جوبا) (…) لو اردت القتال لكنت قاتلت هنا”.

واثارت اقالة مالونق في مرسوم مساء الثلاثاء 10 آيار/مايو 2017، مخاوف لدى السكان من مواجهات محتملة بين قواته وتلك الموالية للرئيس كير.

وتصاعدت هذه المخاوف مع مغادرة مالونق لجوبا وضمن موكب في اتجاه مسقط رأسه في ولاية بحر الغزال (شمال).

وتوقف مالونق في ييبور بولاية البحيرات (220 كلم شمال جوبا) حيث اقنعه المحافظ بالعودة إلى جوبا بناء على طلب السلطات.

ووفقا لـ”أ. ف. ب” يتمتع رئيس أركان الجيش المقال بنفوذ كبير، حتى أن البعض يعتبره أقوى من كير نفسه. وكان الأخير عينه رئيساً لأركان “الحركة الشعبية لتحرير السودان” في نيسان/ابريل 2014.

الخروج من جوبا محاولة لترتيب الأوراق للتمرد..

يرى بعض المراقبين أن خروج الجنرال المقال من جوبا عقب إقالته مباشرة ما هو إلا محاولة منه لترتيب أوراقه من جديد، ومن ثم اتخاذ قرار بالتمرد على الحكومة التي كان يدافع عنها، ويشير هؤلاء إلى أن الرجل يتمتع بنفوذ كبير في مسقط رأسه بولاية شمال بحر الغزال ذات الكثافة السكانية العالية، والتي ينحدر منها أغلبية المنسوبين إلى قوات مثيانق أنيور، وهي مليشيات من قبيلة الدينكا الموالية للحكومة.

ويقول المحلل السياسي “جون ماركو” إن خيار مواجهة الحكومة هو القرار الذي سيتخذه الجنرال المقال بمجرد وصوله إلى مسقط رأسه، ويرى “ماركو” أن الرجل يعتبر قرار إقالته محاولة للتخلص منه وإزاحته من المشهد العام في البلاد، ولا يستبعد “ماركو” أن يذهب ملونق باتجاه مواجهة الحكومة مستقبلاً إذا أعاد ترتيب أوراقه.

لا صحة لإشاعات الانقلاب على سلفاكير..

بالمقابل، يرى “أتينغ ويك أتنيغ” السكرتير الصحافي لرئيس جنوب السودان أن إقالة “ملونق” إجراء روتيني يحدث داخل هيئة أركان الجيش كل عامين أو أربعة أعوام.

واستبعد “أتينغ ويك” أن تكون هناك دوافع أخرى وراء قرار الإقالة مثل الشائعات التي كانت تتحدث عن ترتيب الجنرال انقلاباً عسكرياً على سلفاكير.

ريك مشار

مشدداً السكرتير الصحافي لسلفاكير على أن الجنرال المقال من المقربين لرئيس البلاد، وأن الأخير أبلغه بالقرار قبل صدوره، ويرى أن ملونق لا يمكن أن يتمرد أو ينضم إلى المعارضة المسلحة كونه من أكثر الرجال وفاء وإلتزاماً تجاه الحكومة.

الإنقلاب سينجح في حال تدخل القوى الخارجية..

يتفق معه الخبير فى الشؤون الإفريقية ومياه النيل الدكتور “زكي البحيري” قائلاً، لـ(كتابات)، أنه يستبعد تماماً أن يقوم قائد الجيش المقال، ولا حتي جماعات المعارضة التي تحالفت ضد حكومة سلفاكير، بانقلاب ناجح ضد الأخير حتى وإن كانت قد تجمعت ضده ولديها النية لذلك لأن جنوب السودان دولة تحكمها القبلية وهو ما حدث مسبقاً عندما حاول “رياك مشار” النائب السابق لسلفاكير الإنقلاب ضده، فلم ينجح الإنقلاب وتسبب في حدوث نزاعات قبلية من حينها وحتي الآن، وهو ما لم تسمح به قبيلة الدينكا.

مضيفاً “البحيري” أن سلفاكير مسنود من دول إقليمية مثل “أوغندا” التي تحاول جاهدة بحل المشكلات الدائرة داخل الجنوب السوداني.

إلا أن “البحيري” أشار إلى أن يمكن أن يسقط رئيس الجنوب السوداني في حالة واحدة فقط وهي أن يحدث تدخل لقوى خارجية.

وكان “سلفاكير” قد عين الجنرال “بول ملونق” في منصبه قائد الجيش في أوائل العام 2017 عقب تجدد النزاع في البلاد، وحينها كان الجنرال حاكماً لولاية شمال بحر الغزال التي ينتمي أغلبية سكانها لقبيلة الدينكا التي ينحدر منها رئيس البلاد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة