خاص : ترجمة – آية حسين علي :
عندما حصل المخرج الأميركي، “مارتن سكورسيزي”، على جائزة (Carrosse d’Or)؛ في “مهرجان كان السينمائي”، ألقى الضوء على التناقضات في حياته، وفي شخصياته التي يقدمها في أفلامه، وصرح: “أفلامي تستمد مادتها من الأشخاص الذين تعايشت معهم، ودائمًا أشعر بالقلق وأسأل نفسي إذا كنت تعيش في مجتمع غير أخلاقي فهل تعتبر مذنبًا ؟.. وهل يمكن الاعتراف بأن الشر أمر جوهري دون الشعور بالندم ؟”، ثم توقف عن الكلام ووقف فخورًا.
وأعلن “سكورسيزي”، في إحدى المناسبات، أنه ولد في عالم شبيه بما قدم في الفيلم المكسيكي، (النسيان)، وهو ما يثبت أن التناقضات مثلها مثل الأسئلة الأكثر وضوحًا أو غموضًا يمكنها تغذية العقل، ويكون لها معنًا جيدًا.
وفي الواقع يُعتبر المخرج، الذي ولد في حي “كوينز” بـ”نيويورك”، منذ 75 عامًا، تناقضًا في حد ذاته، فرغم مظهره الهش إلا أنه يخرج من داخله سينما قوية مبنية على الغضب والحكمة، ومن الصعب فهم كيف أتصف بهما طفل قصير ومريض، بحسب وصف الكاتب، “بيتر بيسكيايند”، في كتابه عن الجيل الذي غير “هوليوود”، وكان “سكورسيزي” من أبرزهم.
الأفلام جزء من حياته..
صرح “سكورسيزي” بأنه أرتبط بالعالم الذي تربى فيه، “لكن عالمي لم يتكون فقط من عصابات جريمة مسلحة، إذ لعبت عائلتي دور الناصح الأمين، بالإضافة إلى أفلام مثل (على الواجهة البحرية)، لإيليا كازان، و(قوة القدر) لأبراهام بولونسكي، وقدمت لي الشاشة الكبيرة عالمًا مختلفًا تمامًا عما كان يحدث في الشارع، أفكر مثل المعارضة في ظلال لجون كاسافيتس، الذي تم تصويره في الشارع وعكس عالم البوهيميين الذي كنت أعتبره بعيدًا عني للغاية”.
ويعتبر “سكورسيزي” الحقيقة أكثر من مجرد مرآة للخيال، ومن أبرز أفلامه؛ (سائق التاكسي)، و(الثور الهائج)، و(ملك الكوميديا)، و(بعد ساعات)، و(ذئب وول ستريت)، وكانت آخر أعماله؛ (صمت).
وصرح في الفيلم الوثائقي (رحلة شخصية عبر السينما الأميركية)؛ بأن “الأفلام تصل إلى القلب وتنير البصيرة، وتغير نظرتنا إلى الأشياء، وتحملنا إلى أماكن لم نعرفها من قبل، وتفتح لنا الأبواب والعقول، كما تعتبر ذاكرة العصر؛ لذا نحتاج إلى إبقاءها حية لأن من خلالها نعرف أننا عشنا في عصر ما”.
على وشك الدخول في ممر مظلم..
قال المخرج الأميركي؛ إننا نعيش في عصر ثورة لا نعلم إلى أي مدى سيتغير فن الصور المتحركة، وربما تكون السينما تشهد بداية مرحلة جديدة، وقد نكون على وشك الدخول في ممر مظلم، بحسب تصريح المخرج، “جورج لوكاس”، وفي كل الأحوال علينا الدفاع عن الفن وحماية السينما.
“سكورسيزي” يقدم “الآيرلندي” العام المقبل..
من المتوقع أن تصدر شبكة “نتفليكس” فيلمه الأحدث لعام 2019 بعنوان؛ (الآيرلندي)، وهو فيلم سيرة ذاتية مبني على قصة كتاب (أنت تطلي المنازل)؛ لـ”تشارلز براندت”، وهو من بطولة “روبرت دي نيرو”، الذي يجسد شخصية (فرانك شيران)، زعيم النقابات العمالية، قاتل مأجور من قبل عائلة “بفلينو”، و”آل باتشينو” في دور (جيمي هوفا).
وعن الممثل “روبرت دي نيرو”، بطل فيلمه القادم، قال: “تعارفنا منذ 16 عامًا، وقبل أن نتحدث شعرنا بأن كل منا يفهم الآخر، إنه تخاطر الأفكار”، وتعاون “سكورسيزي” مع “دي نيرو” في 9 أفلام.
علينا حماية تجربة الذهاب إلى صالة السينما..
أضاف “سكورسيزي” أن المعضلة الآن هي القدرة على جعل الناس يذهبون إلى السينمات لمشاهدة الأفلام، وأن تعرض الأفلام في السينما بدلاً من التلفاز، ولا شك أننا في حاجة إلى حماية تجربة الذهاب إلى صالة السينما، لكن في نفس الوقت علينا إدارك أن الأمور تتغير، وأرى أن علاقة إبنتي بالسينما تتم عبر الإنترنت وهو أمر مختلف تمامًا عني”.
وأردف: “أحيانًا أفكر في المطاعم التي تقوم بتوصيل الوجبات إلى المنازل، نعم يمكنك فعل هذا، لكن هذا لا يضاهي سعادة الذهاب إلى المطعم ومشاركة الطعام مع أناس آخرين”.