2 فبراير، 2025 4:44 ص

ماذا يحدث في الجانب الآخر ؟ (3) .. آخر هجرات الشاطيء السيناوي البعيد !

ماذا يحدث في الجانب الآخر ؟ (3) .. آخر هجرات الشاطيء السيناوي البعيد !

خاص : كتب – عمر رياض :

نصف كيلو متر آخر من سيناء – بطول الحدود مع غزة – بدأ تهجيره، وبدون إخطار سابق للسكان، مع بداية الأسبوع الماضي.

كان الحديث الرسمي – منذ بداية المرحلة الأولى للتهجير في تشرين أول/أكتوبر 2014 – عن أن هناك مرحلة واحدة فقط من التهجير سوف تتم، ليستيقظ سكان “رفح” في سيناء على بدء مرحلة ثانية في تشرين أول/أكتوبر 2015.

بدأت المرحلة الثانية ومعها بدأ صراع بين الحكومة والجيش – والأخير هو المهندس التنفيذي – من جانب والمهجرين من الأهالي من جانب آخر، حول التعويضات اللازمة لنقل قرى مدينتن بأكملهم، حيث خرجت من قوائم التعويضات أعداد كبيرة من الأسر وراحت تتهم الحكومة بتجاهل مطالبها والأجهزة التنفيذية بسرقة هذه التعويضات بعد نزع أراضيهم ومنازلهم.

لم تكن التعويضات المشكلة الأكبر، كما كانت تروج “ماكينات” الإعلام المحلية، بل كانت الأزمة هي الهجرة إلى المجهول وقسوته، كونه أمر مفروض بالقوة على سكان عاشوا على هذه الأرض ربما قبل استعادة مصر لأرض سيناء في الحرب مع إسرائيل.

المرحلة الثالثة..

في الرابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، وقبل يومين فقط من الإحتفال بذكرى “حرب أكتوبر” لتحرير سيناء، بدأت المرحلة الثالثة من تهجير سكان مدن محافظة شمال سيناء الحدودية، الإعلان جاء في إجتماع شعبي أقامه محافظ شمال سيناء – لواء جيش – وجمع من الأجهزة التنفذية وبعض ممثلين للعائلات والقبائل في سيناء.

في الخامس من تشرين أول/أكتوبر، بدأ التنفيذ الفعلي على الأرض. مئات الأسر من مدينة رفح الحدودية كانوا ينقلون أغراضهم تاركين منازلهم لعبوات التفجير وجرافات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة؛ المنوط بها تنفيذ خطة تهجير المنطقة العازلة بين مصر وغزة.

اللقطات الفوتوغرافية التي أخذت في اليوم الأول لبدء المرحلة الثالثة كانت تشرح المأساة، حيث ظهرت عشرات الأسر تجمع أغراضها من المنازل لتحملها سيارات يستأجرها السكان المهاجرين إلى المدينة الأقرب، بلا مصير معروف.

السيارات المستأجرة أيضاً كانت مأساة أخرى حسبما حكي السكان، حيث تكلفت السيارة الواحدة حوالي 1500 جنيه، وعلى الرغم من صغر حجم المبلغ أمام مبالغ أخرى وعدوا بها كتعويضات للأهالي في خطط التنمية التي لم تتم منذ عشرات السنوات، بالإضافة إلى تعويضات التهجير التي لم يحصلوا عليها، إلا أنهم لم يجدوا هذا المبلغ اليوم.

كانت عمليات نقل المهجرين من المفترض أن تقوم بها الأجهزة التنفيذية في سيناء، لكنها تخلت عن نقل السكان، كما حدث في المرحلة الأولى وبعض من المرحلة الثانية للتهجير.

في اليوم الأول لتهجير المرحلة الثالثة هدم 40 منزل دون سابق إنذار، في الحلقة السابقة من هذا الملف أنفردت (كتابات) بنشر وثيقة غير معلنة أرسلت للأجهزه التنفيذية في شمال سيناء، وتضمنت تعليمات باخلاء سكان المرحلة الثالثة دون إعلان رسمي من أجهزة الدولة أو حصر للتعويضات، كما حدث خلال المراحل السابقة، وجاء التعتيم حول مزيد من مراحل التهجير بسبب عدم وجود معلومة حقيقية حول المساحة التي تريد أجهزة الدولة نزعها بالفعل، مع طمس المعلومات حول مساحة التهجير الحقيقية والمستهدفة، والتي يمكن أن يتخذ بها قرارات أخرى.

قدر البعض، وفق مصادر، أنها قد تبلغ 5 كيلومترات في رفح فقط، الأمر الذي يتبعه حرب وعمليات عسكرية جديدة لتدمير الأنفاق أو تأمين المنطقة العازلة من الإرهاب والمتسللين، بحسب طبيعة السنوات السابقة.

قد يتسبب هذا في أن يدفع سكان مدن سيناء أضعاف ما دفعوه من حصار وإفقار في السنوات الثلاثة الماضية في وجود تعتيم إعلامي متعمد أمام تدهور الحال هناك.

وصف أهالي رفح المرحلة الثالثة من التهجير بفتح الباب أمام طرد المزيد من سكان سيناء بحجة التأمين من الإرهاب، حيث وصل إجمالي المساحة المهجرة، حتى هذا القرار، 1500 متر بعمق رفح وبطول 14 كيلومتر، بزيادة كيلومتر واحد عن المساحة التي أعلنت منذ المرحلة الأولى.

ليست “رفح” وحدها هي ما تتحمل عبئ الحرب والتهجير، إلا أنها المدينة الأكبر نصيباً في المعاناة.

لا يشعر بنية التهجير الكاملة، للمدن فقط، القليل من السكان الباقين في “رفح”، فسكان “العريش” – العاصمة – أيضاً هاجر منهم الكثير بعد أن بدأت الحياة في التوقف تدريجياً.

طورايء “جبهة الحرب” من سيناء إلى القاهرة..

خلال شهر تشرين أول/أكتوبر 2014، فرضت القوات المسلحة حظر التجوال، المعلن لأول مرة، على “العريش”، بعد مذبحة هي الأكبر منذ بدء إعادة انتشار الجيش في سيناء بعد ثورة (كانون ثان) يناير، وكان ما يروج وقتها أن الطواريء سوف تستمر لفترتين؛ كل فترة ثلاثة أشهر حتى تنتهي عمليات الحرب على الإرهاب، إلا أن الحظر أستمر عاماً كاملاً فوجيء سكان سيناء بعدها بإصدار قرار التهجير.

أخذ قرار الحظر يمتد للمرافق والخدمات الأساسية في سيناء؛ مثل المياه والغاز والكهرباء والإتصالات، إلى عشرات الأيام المتتالية، فيما عرف بتجويع مدن الشرق وحصار سيناء.

يمر اليوم ثلاث سنوات كاملة على بدء حظر التجوال وتوقف المرافق الحيوية في سيناء، ولم تنتهي الحرب التي حدد لها الجيش مدة 6 أشهر، على العكس تماماً أخذت المدن تتفكك وتنهار قبل أن تصدر قرارات تهجيرها.

في نفس الوقت أصدرت الحكومة بعد تصديق رئاسى بتجديد حالة الطواريء في كافة أنحاء الجمهورية مطلع الشهر الجاري، وهو ما لم يفهمه الجميع وما لم يكن مبرراً.

تعمل الطواريء في مصر على الجانب الأمني فقط، لكنها لا تفعل في حالات الكوارث والهجرات وكل ما يتعلق بالجانب المدني، كما الحال في دول العالم.

لذلك يظل مشهد العالقين على النقاط الأمنية من المهجرين، بطول طريق سيناء، دون حسم حتى الآن، كما يظل كل من أفترش الرمال والوديان داخل “العريش” العاصمة دون غطاء.

لا أحد يعلم إلى أين مصير هؤلاء المهمشون أو المنسيون في دفاتر الحكومات، ولا أحد يذكرهم سوى يوم الانتصار الوهمي في الحرب بصفتهم “حراس الجبهة الشرقية”.

أمام عبارة قناة السويس تقف مئات السيارات للمهجرين، ربما بدون أغراض، في أنتظار عبور عكسي من سيناء لأول مره منذ الحرب.

حماس.. “كيف عبرت كتائب الرنتيسي”..

كانت “كتائب الرنتيسي” تجهز للصعود، بعد مقتل قائد “حركة حماس” في غزة “عبد العزيز الرنتيسي” عام 2004.

بالفعل صعدت الحركة للحكم، بعد أربعة سنوات من إغتيال قائدها. ولم تكن الانشقاقات أكثر من خلاف على الحكم داخل غزة.

لكن الحركة الإسلامية لم تسلم من تصدع خرجت منه أجنحة أكثر تطرفاً، تشير التقارير إلى أن تلك المجموعات هي التي كونت جيوش الإسلام الجديد.

مع بداية ثورة (كانون ثان) يناير، المصرية، كان أول عرض عسكري للكتائب المجهولة القادمة من الصحراء.

ثم فرض الحظر على سيناء في 2014، بحجة مقاومة هذا الإرهاب، لكن ما يحدث الآن هو استمرار الحرب وهجرة جديده للأهالي من هناك.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة