26 أبريل، 2024 7:58 ص
Search
Close this search box.

ماذا بعد إنسحاب “ترامب” من الاتفاق النووي ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

رغم التحذيرات الدولية وتحذيرات مستشاريه؛ فعلها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ونفذ وعده الانتخابي، الذي قطعه أمام الشعب الأميركي على نفسه في حال فوزه بالرئاسة الأميركية بالإنسحاب من الاتفاق النووي مع “إيران” وإعادة فرض أقسى العقوبات على النظام الإيراني، معللًا ذلك بعدم نجاح الاتفاق في وقف أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار ومساعيها للحصول على سلاح نووي وردعها عن متابعة برنامجها للصواريخ (الباليستية)، مشيرًا إلى وجود أدلة دامغة تؤكد أن وعود إيران كانت أكذوبة، مما يدل على أن الاتفاق كان مريعًا. “لم يجلب السلام والهدوء”.

وحذر “ترامب”، طهران، من مواجهة “مشاكل أكبر” إذا واصلت أنشطتها النووية، معتبراً إن إيران تستحق “حكومة أفضل”.

إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين يؤيدون قرار “ترامب”..

فور إنتهاء “ترامب” من إلقاء كلمته، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، “دعمه الكامل لقرار ترامب الشجاع”، وأيده أيضًا كل من السعودية والإمارات والبحرين.

دول الاتحاد الأوروبي تأسف على قرار الإنسحاب..

في المقابل، عبرت “فرنسا وألمانيا وبريطانيا”، في بيان صدر عن “الإليزيه”؛ عن “أسفها للقرار الأميركي”، كما أعلنت “الصين” موقفها من الاتفاق من الإبقاء على الاتفاق.

وقبل بضع ساعات من إعلان قراره؛ كان “ترامب” قد تحدث هاتفياً مع نظيره الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”. وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن “ماكرون” سيتشاور مع المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، ورئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، قبل إعلان “دونالد ترامب”.

وكان “ماكرون” قد زار واشنطن، قبل أسبوعين، في محاولة لإقناع نظيره الأميركي بعدم التخلي عن الاتفاق، مقترحًا في الوقت نفسه التفاوض مع إيران حول “اتفاق جديد” يأخذ القلق الاميركي في الإعتبار. وأيدت المستشارة الألمانية، “أنغيلا مركل”، هذا الموقف.

وصول المحادثات لطريق مسدود..

لكن موقف “ترامب” يعبر عن وصول المحادثات المكثفة، التي جرت منذ أشهر بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، إلى طريق مسدود مع رفض برلين ولندن وباريس إعادة صياغة الاتفاق.

وأبرم الاتفاق النووي بين “إيران” ومجموعة من الدول، العام 2015، في ختام 21 شهراً من مفاوضات صعبة.

ويصف الأوروبيون الاتفاق بـ”التاريخي”، ويستندون إلى أن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، التي تقوم بعمليات تفتيش في إيران، تؤكد بإنتظام إلتزام “طهران” ببنود الاتفاق الهادف لضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني.

وكان الاتحاد الأوروبي قد كرر، الثلاثاء، التعبير عن دعمه للاتفاق النووي.

والتقى مسؤولون من “بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي”؛ نائب وزير الخارجية الإيراني، “عباس عرقجي”، في بروكسيل “وكرروا دعمهم للتطبيق الكامل والفعال للاتفاق من جانب جميع الأطراف”، بحسب ما قال الاتحاد في بيان.

إيران تؤكد عدم إنسحابها من الاتفاق..

ورغم التهديد الإيراني المستمر بالإنسحاب من الاتفاق الإيراني في حال إنسحبت واشنطن؛ إلا أن ما حدث عكس ذلك، فقد أكد الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”،  في تعليقه على قرار إنسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، إنه “سعيد بخروج طرف مشاغب منه”، مشيرًا إلى أن بلاده إتخذت “جميع الإجراءات الإحترازية”، قائلًا: إن “إيران ستبقى في الاتفاق النووي دون واشنطن.. وسنجري مشاورات مع الدول المعنية بالاتفاق”.

كما أكد: “نطمئن شعبنا بأننا إتخذنا جميع الإجراءات الإحترازية تحسبًا لهذا القرار”.

وأضاف الرئيس الإيراني: “الولايات المتحدة لا تحترم الاتفاقيات الدولية ولم تنفذ قط إلتزاماتها”، مشددًا على أن قرار “ترامب” تجربة تاريخية لإيران.

وهذا عكس ما ألمح إليه “روحاني”، قبل إعلان “ترامب” إنسحابه من الاتفاق النووي بساعات، حيث قال أن بلاده يمكن أن “تواجه بعض المشكلات” في حالة تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن الاتفاق النووي مع بلاده.

العقوبات العسكرية قليلة التأثير..

حول الإجراءات الإيرانية في حال تصعيد المواجهه، يقول الباحث في الشأن الإقليمي، “إسلام نجم الدين”، أنه في البداية لابد أن ندرك أن العقوبات العسكرية المطبقة على إيران قليلة التأثير على الجيش الإيراني و”الحرس الثوري”؛ عدا في مجال المقاتلات التي تعاني من عجز شديد والقطع البحرية الثقيلة والغواصات، وتستبدل بالقطع البحرية المصنوعة محليًا والإستعانة بشبكات التهريب التكنولوجي التي تديرها طهران بشكل معقد داخل “أوروبا والصين واليابان وروسيا” بتعاون مع الدول الصديقة لطهران، وكثيرًا ما تقبض الولايات المتحدة على شبكات داخلها لتسهيل بيع تلك المعدات لإيران؛ فمثلًا لايزال أسطول المقاتلة (الفانتوم) الأميركية تخدم في القوات الجوية الإيرانية، في حين أنها خرجت من الخدمة في الشرق الأوسط عدا “المغرب”.

إيران ستحرص على عدم المواجهة العسكرية..

وأوضح “نجم” أن إعادة العقوبات سيكون أمر مواجهته هذه المرة أصعب، لأن أوروبا نفسها معترضة على إيقاف الاتفاق، كما أن الإيرانيين أصبحوا متقدمين في صناعة الصواريخ ولديهم خبراء تطوير لتلك المنظومات، بل وتصدرهم، كما يحدث في “اليمن و”لبنان” وحاليًا في “سوريا”، وبإلغاء الاتفاق ستحرص “إيران” على عدم إنجرار الموقف إلى المواجهه العسكرية داخل إيران من خلال:

1 – تحجيم “حزب الله” عن استفزاز إسرائيل؛ مع رفع الجاهزية الكاملة لعناصر الحزب من أجل شن الحرب الخاطفة أو الإستعداد لأي مغامرة إسرائيلية.

2 – تصعيد المواجهه بين “الحوثيين” و”السعوديين”، وضمان إشغال السعودية في الدفاع عن نفسها في حال  رغبه الولايات المتحدة في تفعيل “التحالف الإسلامي” ضدها.

3 – إرسال تهديدات إلى المصالح الأميركية والإسرائيلية في “إفريقيا وآسيا وأوروبا” والأماكن التي ينشط فيها “الحرس الثوري”، مما سيبدو إزعاجًا له واستخدام اللوبي الإيراني في أميركا لإيقاف “ترامب” عن أي عمل عسكري.

4 – إدخال “الصين وروسيا” معادلة الحماية للنظام من خلال طلب حماية روسيا والصين لمصالحهم هناك خشية التهور الأميركي.

5 – رفع قدرات “الحرس الثوري” الصاروخية، ونشر القوة الصاروخية على أقصى مساحة ممكنة لتحييد القوة الجوية الأميركية أو التحالفية من ضرب كل مراكز إطلاق وتخزين الصواريخ.

6 – الإستعداد لهجمات تقنية عالية على خوادم الحاسبات ونظم التأمين لشل الدولة الإيرانية.

7 – نشر عناصر “الباسيدج” و”الحرس الثوري” في الأماكن المضطربة لإيقاف أي أنشطه معادية.

ستطرح فكرة تعديل الاتفاق..

وحول المتوقع حدوثه في الأيام القادمة، قال مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، “د. محمد مجاهد الزيات”، أنه ربما تطرح فكرة تعديل للاتفاق، خاصة برنامج الصواريخ (الباليستية)، معتقدًا أن الأمور لن تذهب لمواجهة عسكرية حاليًا؛ وان إيران ستكون أكثر ضبطًا للنفس.

وأوضح أن الموقف الأوروبي لن يظل بنفس الدرجة من التماسك مستقبلًا؛ إذا لم تقدم لهم “إيران” شيئًا إيجابي يواجهون به “ترامب”، وأن التهديد الإسرائيلي حول سوريا لا يتضمن جديدًا، لكنه فى إطار الحرب النفسية والتأكيد على ثوابت الموقف من التمركز الإيراني في سوريا؛ ولا أعتقد أن أي من الطرفين سيسعى لمواجهة مفتوحة في هذا التوقيت.

ولفت إلى أنه بالتأكيد ستكون هناك مشاكل كبيرة للشركات الأوروبية والروسية والصينية والهندية، وهي متغيرات جديدة ستترك تأثيراتها على مواقف تلك الدول.

سيؤثر على “قطر” والانتخابات العراقية..

أشار “الزيات” إلى أن علاقات “قطر” بـ”إيران” سوف تكون على المحك؛ وستواجه الدوحة صعوبات كبيرة، كما أن مجمل هذه التطورات يمكن أن تؤثر على مجريات الانتخابات العراقية.

وأكد “الزيات” على أن القرار سيترك تأثيرات على الداخل الإيراني، فهناك توترات شعبية مرتبطة بظروف معيشية؛ والقرارات وما يتضمنه من إعادة فرض عقوبات سيحد من قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها لتلك القطاعات، وهو هدف تسعى أميركا إليه لضرب شعبية النظام.

ستتفادى العقوبات ببيع النفط في السوق السوداء..

حول رد الفعل الإيراني المحتمل يرى؛ “د. محمد محسن أبو النور”، المتخصص في الشأن الإيران، أن إيران لن تحرك ساكنًا، فهي لم تنسحب من الاتفاق كما كانت تهدد، وقد أكتفت بخطاب المظلومية وأنها هي الدولة التي تلتزم بالمواثيق الدولية فيما تنسحب أميركا من كل الاتفاقيات، وستبقي على كل المكاسب الاقتصادية والتجارية التي حصلت عليها خلال السنوات الثلاث الماضية مع الدول الأوروبية، وستحاول تفادي العقوبات الأميركية عن طريق بيع النفط عن طريق السوق السوداء للدول الآسيوية البعيدة، مثل “الهند والصين”، وهذا ما أشار إليه الرئيس الأميركي من أن تتضمن العقوبات الكيانات المتعاملة مع إيرن، ويقصد بها شركات “الهند والصين” وبعض الشركات الأوروبية التي لن تستجيب لقرارات وزارة الخزانة الأميركية.

وتصور “أبو النور” أن رد الفعل الإيراني لن ينحصر إلا في العودة مرة أخرى إلى عهد “محمود أحمدي نجاد”، بمحاولة التملص من هذه العقوبات القاسية هذه المرة، ومحاولة عدم تعامل “الحرس الثوري” مع شركات معلنة حتى لا تطال هذه الشركات عقوبات.

الموقف الأوروبي سيتغير..

أتفق “أبو النور” مع “الزيات”؛ في أن الاتحاد الأوروبي لن يبقى إلى الأبد في صف “إيران”، ما لم تقدم إيران تسهيلات ائتمانية ومقبلات اقتصادية حتى تبقى الشركات الأوروبية متواجدة مع إيران، لا سيما مع فشل المشروع الأوروبي الذي كان يريد إسترجاع مشروع الاستثمار في الدول المحظور التعامل معها، وهو كان مشروعًا أوروبيًا في العام 1996 للتعامل مع “كوبا” و”إيران” والدول المحظورة أميركيًا، وسوف تحاول الدول الأوروبية العودة مرة أخرى إلى الخط “الترامبي”، مع التأكيد على أن هناك إحتمالية كبيرة لاتفاق عمل جديد للبرنامج النووي، ومن ثم يمكن القول أن هناك اتفاقًا تكميليًا سوف يحدث في الأسابيع المقبلة بضغط من الدول الأوروبية على إيران، لأنها ستفقد كل المصالح التجارية معهم بسبب إنسحاب “ترامب”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب