15 يناير، 2025 10:36 م

 مؤسسو الناصرية آل السعدون مهددون بالتهجير منها

 مؤسسو الناصرية آل السعدون مهددون بالتهجير منها

‏بعد أعوام من الاستقرار الأمني النسبي عاد أخيرا مسلسل التهجير القسري إلى جنوب العراق، ‏خصوصا محافظتي البصرة وذي قار، بعد اغتيال عدد من مشايخ أهل السنة في مناطق الزبير وأبي ‏الخصيب والفضلية، في حين وزعت منشورات تهدد بعض العشائر السنية وتطالبهم بالرحيل عن ‏أماكن وجودهم، وخصوصا عشيرة السعدون (كبرى العشائر السنية في جنوب العراق) التي أسست ‏مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار) قبل أكثر من 140 عاما.‏

وفي حين أكد الشيخ عبد الكريم الخزرجي، مدير ديوان الوقف السني في المنطقة الجنوبية، وجود ‏استهداف طائفي لأهل السنة فإن الشيخ عبد الله السعدون، أحد شيوخ عشيرة السعدون في محافظة ذي ‏قار، حذر من أن مدينة الناصرية، مركز المحافظة، قد تخلى من أحفاد مؤسسيها.‏
وقال الخزرجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك أيادي خبيثة تريد تفكيك النسيج الاجتماعي ‏لمدينة البصرة، مدينة التآخي والمحبة»، مبينا أن «هناك منشورات وزعت على عدد مساجد وبيوت ‏أهل السنة في المدينة تطالبهم بالرحيل عنها». وطالب الخزرجي الجيش العراقي بحماية المساجد ‏والتحقيق في الاغتيالات التي طالت أكثر من 12 رمزا سنيا من أئمة جوامع وخطباء وشيوخ عشائر.‏
كما تلقت عائلات منشورات تطالبها بالرحيل عن المحافظة. وقال الشيخ أحمد الدوسري، أحد شيوخ ‏عشائر مدينة الزبير، إن «منشورات وصلت إلى عدد من العائلات تحمل توقيع لواء «أنصار ‏المهدي»، تطالبهم بترك المدينة وإلا سيكون مصيرهم الموت». وأضاف: «هناك أكثر من عشر ‏عائلات تركت بالفعل مدينة الزبير واتجهت نحو غرب وشمال العراق والأردن بعد تلك التهديدات ‏الطائفية».‏
وإلى الشمال من البصرة، وقعت اغتيالات بأسلحة كاتمة للصوت لعدد من أبناء عشيرة السعدون في ‏الناصرية التي بناها على ضفة نهر الفرات جدهم الأكبر الأمير ناصر الأشقر باشا السعدون (أمير ‏قبائل إمارة المنتفق) وسميت على اسمه عام 1870. وقال الشيخ عبد الله السعدون لـ«الشرق الأوسط» ‏إن «هدف الجماعات المتطرفة هو إخلاء مدينة الناصرية من مؤسسيها الحقيقيين، وهذا الأمر ‏مرفوض جملة وتفصيلا، وإن أبناء العشيرة تلقوا تهديدات من قبل جماعة تطلق على نفسها اسم ‏‏(مجاهدون من ذي قار) تطالبهم بالرحيل». وتابع أن «أبناء السعدون من أعرق العشائر العربية في ‏أرض العراق وأكثرهم وطنية، لذا نناشد كل شريف في العراق المساعدة في محاسبة كل العناصر التي ‏تهدف إلى زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد».‏
بدوره، قال حيدر سلمان، رئيس المجلس البلدي في ناحية الفضلية، إن: «المدينة شهدت عمليات ‏اغتيال وتهديد لعدد من أبناء عشيرة السعدون من قبل بعض الجماعات المدعومة إقليميا، بهدف إذكاء ‏الفتنة الطائفية وتمزيق النسيج الاجتماعي».‏
وكانت مناطق جنوب العراق شهدت بعد الغزو الأميركي عمليات قتل وتهجير على الهوية طالت ‏مختلف المكونات من سنة وشيعة ومسيحيين وصابئة. واستقرت الأوضاع نسبيا بعد نجاح عملية ‏‏«صولة الفرسان» التي نفذتها القوات العراقية في مارس (آذار) 2008 في الحد من نفوذ الميليشيات ‏الشيعية في البصرة.‏
من ناحية ثانية، أعلنت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة بابل عن تهجير 35 أسرة من قضاء ‏المحمودية وناحية اللطيفية (جنوب بغداد) إلى شمال بابل، لأسباب طائفية. وقال رئيس الدائرة، نصر ‏عبد الجبار، في تصريح إن «الدائرة سجلت 35 أسرة مهجرة قسرا من قضاء المحمودية وناحية ‏اللطيفية (جنوب بغداد) خلال اليوميين الماضيين إلى بعض مناطق شمال بابل، وذلك بسب الانتماء ‏الطائفي والخوف من مسلحي تنظيم القاعدة». وأضاف عبد الجبار أن الدائرة «زارت خمس أسر ‏مهجرة في منطقة الحيدري التابعة لناحية جبلة و17 أسرة في قضاء المحاويل، وثلاث أسر في ناحية ‏النيل، والبقية في مناطق أخرى في شمال بابل؛ من أجل تقديم المساعدات الإنسانية من مأكل ومأوى ‏وأغطية». كما وقعت عمليات تهجير في بعض نواحي قضاء المدائن (جنوب بغداد) لأسباب طائفية.‏
وكانت اللطيفية والمحمودية ضمن ما كان يطلق عليه خلال السنوات من 2004 إلى 2006 «مثلث ‏الموت»، وهو الطريق الرابط بين العاصمة بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية والذي يمر في ‏مناطق كانت تعتبر من حواضن تنظيم القاعدة إلى أن تمكنت القوات الأمنية من إعادة فرض سيطرتها ‏على هذا الطريق. غير أن قيام مسلحين قبل أكثر من أسبوعين بذبح عائلتين مكونتين من 18 شخصا ‏في اللطيفية أعاد المخاوف من إمكانية عودة «مثلث الموت» وأعمال العنف الطائفي.‏
وفي سياق توضيحه لما يجري على صعيد عمليات التهجير الطائفي قال طلال الزوبعي، عضو ‏البرلمان عن القائمة العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «من غير الممكن قراءة المشهد ‏السياسي بمعزل عن سياقه العام وفي إطار المشروع الذي جاء به الاحتلال الأميركي للعراق؛ إذ انتقل ‏العراق بعد عام 2003 من دولة مواطنة، بصرف النظر عن مضمونها أو طبيعتها، إلى دولة مكونات ‏طائفية وعرقية»، مشيرا إلى أن «الصراع قبل عام 2003 كان صراعا على السلطة بين الحكام ‏والقوى السياسية، وهو ما كان يعبر عنه بالانقلابات أو حتى الثورات، لكن الصراع الآن انتقل إلى ‏صراع مكونات تحقيقا لمشروع العزل الطائفي والعرقي الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الصراع ‏بين المكونات بعد أن فشلت الحكومة من الناحية العملية».‏

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة