خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
عُقدت “قمة النقب” بمشاركة وزارء خارجية: “الولايات المتحدة، والبحرين، ومصر، ومراكش، والإمارات العربية المتحدة”؛ للتأكيد على التعاون الأمني والاقتصادي في مختلف القضايا والموضوعات؛ ومن بينها الأمن المائي، وهي لا تعكس فقط انعدام آلية التعاون المتساوية بين الدول المشاركة، وإنما يبدو أنه لا يمكن الاعتماد على جدول أعمال وطريقة تعامل الدول التي تدعي حل الأزمة؛ بحسب “ونوس بهنود”؛ في تقريره الذي نشرته (مؤسسة الدراسات المستقبلية في العالم الإسلامي) الإيرانية.
وقد عٌقدت القمة في منطقة “النقب”؛ جنوب “فلسطين” المحتلة. ومن المقرر أن تتحول “قمة النقب” إلى لقاء سنوي وبشكل دوري بين الدول.
كذلك أفضت القمة عن تشكيل: 06 مجموعات تهتم بالتركيز على قضايا الأمن، والطاقة، والسياحة، والصحة، والتعليم، والأمن الغذائي والمائي.
والسؤال: إلى أي مدى تحظى هذه القمة؛ (باعتبارها رمز على إثبات القوة وكسب الشرعية والمكانة الإسرائيلية؛ وبخاصة بين الدول العربية)، بالقدرة على المشاركة في القرارات الصادرة ؟
أزمة المياه وإسرائيل..
وتُثبت الأبحاث المتعلقة بأزمة الماء في الشرق الأوسط، التعامل الإسرائيلي الأناني والذي يساوي القضاء على المصادر المائية لكل الدول؛ في حين أن “منظمة الأمم المتحدة” كانت قد أصدرت تقريرًا مقلقًا عن أزمة المياه في الشرق الأوسط.
وطبقًا للإحصائيات، يمتلك الشرق الأوسط الذي يُمثل: 6.3% من سكان العالم؛ نسبة: 1.4% فقط، من المياه العذبة المتجددة في العالم.
وكان “منتدى المياه” قد قدم؛ في آذار/مارس 2009م، صورة مظلمة عن ارتفاع معدلات الطلب وتراجع احتياطيات المياه، حيث يواجه الشرق الأوسط عجز كبير جدًا في المياه.
وفي مقالة بعنوان: “الأزمة المائية في الشرق الأوسط، فرصة لأشكال جديدة من سلطة الماء والسلام”، كتبت “غوشكا ويسلز”؛ مركز دراسات الشرق الأوسط، جامعة “لوند”: “في العام 1955م، واجهت ثلاث دول عربية مشكلة مائية، والمتوقع أن تصل الأزمة في العام 2025م؛ إلى 18 دولة أخرى. ووفق الإحصائيات تواجه: الكويت، والبحرين، والأردن، واليمن، والإمارات، والسعودية، والعراق مشكلة نقص المياه، لأسباب من مثل الكثافة السكانية، ونقص المصادر، والإدارة غير الصحيحة، والتصحر”.
معوقات أمام تدابير التعامل مع أزمة المياه..
في المقابل؛ ما هي التدابير التي اُتخذت للتعامل مع أزمة المياه المتزايدة ؟.. رغم تعامل كل دولة على حدة مع موضوع أزمة المياه، إلا أن القرارات الدولية في هذا الصدد؛ فشلت في لفت انتباه الخبراء، إذ يبدو أنها كانت مصحوبة بمصالح تلك الدول.
ووفق المعلومات؛ يُمثل التعامل السياسي للعديد من الدول تهديدًا للمصادر المائية؛ بحيث يعتقد الباحثون أن “إسرائيل” تُمثل أغلب هذه المخاطر والتهديدات. في بحث بعنوان: “الأزمة المائية والصراعات في الشرق الأوسط”، يقول “محمد بني سلمه”: “يُعاني هذا البلد من نقص المياه، ويسعى من جهة أخرى لتطوير المصادر من خلال التنمية الزراعية، والصناعية، وقبول الهجرات اليهودية في السنوات المقبلة. على سبيل المثال، نهر الأردن الذي ينبع من: لبنان وسوريا، ويُعتبر أحد أهم المصادر المائية، يفصل سياسيًا بين الأردن وفلسطين. وفي بداية القرن الماضي عقدت فرنسا وبريطانيا؛ نيابة عن الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، اتفاقية التوزيع العادل لموارد النهر”.
في حين بدأت الصراعات بين: “الرياض” و”تل أبيب”، بشأن هذا النهر قبل تشكيل “إسرائيل”؛ في العام 1948م. وسعى اليهود عبر تغير مجرى النهر دون مراعاة احتياجات الدول، إلى تنفيذ عدد من المشاريع.
علاوة على ذلك، وجهت “إسرائيل” جزء من مياه هذا النهر باتجاه “النقب”؛ دون التفات إلى حقوق الدول الأخرى. وتسعى “الأردن” و”سوريا”؛ للاستفادة من النهر من خلال تشييد سد “مقارين”. لكن العمل في السد توقف سبب السلوكيات الإسرائيلية والتعاون الأميركي.
وبعد حرب 1967م؛ وما تلاها من احتلال “إسرائيل” أجزاء من “الضفة الغربية”؛ في “فلسطين” و”الجولان السورية”، سارعت “تل أبيب”؛ إلى احتلال “فلسطين” بشكل غير قانوني.
والساسيات الهجومية الإسرائيلية، والصراعات الإقليمية، وموجات الهجرة واللجوء المستمرة من العام 1948م؛ تؤثر سلبيًا على مصادر المياة. بشكل عام يمكن القول إن “إسرائيل”؛ منذ تأسيسها، تسعى إلى ترسيم الحدود المائية.
إسرائيل و”قمة النقب”..
و”قمة النقب” تُمثل جزءً من الفكر السائد في “إسرائيل” للسيطرة على الحدود المائية وإعادة ترسيمها. والسؤال: في ضوء هكذا وضع وسيرة “إسرائيل”؛ غير المقبولة، للاستفادة من المصادر المائية، أو ليست الثقة في “تل أبيب” بمثابة خنوع في مواجهة الهيمنة الإسرائيلية ؟
يبدو إن “إسرائيل” تسعى بدلًا من البحث عن صداقة منصفة، إلى فرض مطالبها على الدول الأخرى من خلال السيطرة على المصادر المائية، ومن غير المستبعد في ظل غفلة الدول أن ينتظر طفل سوري سياسات بلاده العامة تجاه “إسرائيل”؛ للحصول على شربة ماء.
والعمل في “قمة النقب” للسيطرة على المصادر؛ وبخاصة في الدول التي تواجه أزمات متعددة من مثل الماء والغذاء، هو بمثابة جرس إنذار يعكس تأزم الأوضاع الأمنية والاستقرار المائي للمنطقة بشكل أكبر من الوضع الراهن، حال استمرار خطط هذه القمة، لاسيما وأن القمة تستهدف إدراج المزيد من الدول تحت الراية الإسرائيلية.