19 أبريل، 2024 7:52 ص
Search
Close this search box.

مؤتمر “باليرمو” .. يعكس صراع النفوذ بين فرنسا وإيطاليا في “ليبيا” .. فهل ينجح ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في محاولة جديدة لإطلاق عملية انتخابية وسياسية قد تُخرج “ليبيا” من حالة الفوضى وعدم الاستقرار، إنطلق في مدينة “باليرمو” في صقلية بـ”إيطاليا”، وعلى مدى يومين، فاعليات مؤتمر دولي حول الأزمة الليبية، وذلك بمشاركة الأطراف الليبية الفاعلة ووفود سياسية دولية.

يشارك في المؤتمر الدولي كل من وزير الخارجية الفرنسي، “جان إيف لودريان”، والقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، “ديفيد ساترفيلد”، فضلاً عن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، “فيدريكا موغيريني”، ورئيس الوزراء الروسي، “ديمتري ميدفيديف”.

كما يحضر المؤتمر، اللاعبون الليبيون الرئيسيون؛ وهم قائد الجيش الوطني الليبي، المشير “خليفة حفتر”، (تتردد أنباء عن عدم حضوره)، ورئيس البرلمان الليبي، “عقيلة صالح”، فضلاً عن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، “فايز السراج”، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، “خالد المشري”. ومن بين الحضور أيضًا رؤساء دول “تونس والجزائر وتشاد”، فيما سيحضر وزراء خارجية “مصر والمغرب”.

مؤتمر “باليرمو”؛ وضع خطة مكونة من 3 نقاط مهمة على جدول أعماله تشمل مناقشة خطة جديدة لبسط الاستقرار والأمن في “ليبيا” وإجراء انتخابات العام المقبل، فضلاً عن سُبل إحتواء الأزمة الأمنية في العاصمة الليبية، “طرابلس”، وسُبل إنعاش الاقتصاد الليبي.

وتقسم أعمال المؤتمر الدولي إلى يومين: الأول مخصص للمداولات التي تجري بين الأطراف الليبية المشاركة في المؤتمر.

فيما سيجمع اليوم الثاني، جميع الأطراف الليبية والأجنبية، بحسب صحيفة (كوريري ديلا سيرا) الإيطالية.

وسبق وأن اجتمعت الشخصيات الليبية الأربع في “باريس”، في آيار/مايو الماضي، تحت رعاية الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، الذي اقترح يوم العاشر من كانون أول/ديسمبر الماضي موعدًا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وهو ما ثبت أنه أمر “غير واقعي” إلى حد بعيد.

ومن جانبها؛ عارضت “إيطاليا” الخطة التي اقترحتها “فرنسا”، وسط استياء شديد في “روما” بسبب تدخل “باريس” في الشؤون الليبية. حيث يُصر رئيس الوزراء الإيطالي، “غوزيبي كونتي”، على أن بلاده مستعدة دائمًا للقيام بدورها لبسط الاستقرار في “ليبيا”.

خطوة أساسية نحو الاستقرار..

رئيس الوزراء الإيطالي، “غوزيبي كونتي”، اعتبر أن مؤتمر “باليرمو” المزمع عقده في بلاده اليوم، سيمثل خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار في “ليبيا” وأمن حوض البحر المتوسط برمته.

من جهته؛ أعرب رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، “فايز السراج”، عن أمله في أن يخرج المؤتمر بـ”رؤية مشتركة تجاه القضية الليبية”، مشددًا على “ضرورة توحيد مواقف” باريس وروما.

فيما قللت أوساط سياسية ليبية من سقف التفاؤل بالنتائج التي يمكن أن ينتهي إليها المؤتمر، وعزت ذلك إلى شدة التنافس بين “إيطاليا” و”فرنسا” وسعي كل منهما إلى فرض رؤيته لحل يراعي مصالحه.

ولم يعد الصراع بين “باريس” و”روما”، على الإستئثار بالحل وخلق عملية سياسية مرنة تراعي أجندات الخارج، أمرًا خفيًا على الأنظار، فقد بدا أن الجهات الليبية المختلفة أصبحت تتحرك وفق هذه الثنائية وتحاول توظيفها لخدمة أجندتها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المبعوث الأممي، “غسان سلامة”.

مبادرات غير فعالة..

المحلل الليبي، “عماد بادي”، قال إن إحدى نتائج “التنافس بين روما وباريس” في الملف الليبي؛ هي “إطلاق مبادرات غير فعالة، ما يزيد من حالة الاستقطاب في المشهد السياسي مع جهات ليبية تدرك ذلك وتقوم باستغلاله”.

مضيفًا أنه: “في ما يتعلق بمؤتمر باليرمو، من الواضح أن الاستعداد للمشاركة فيه هدفه إيجاد قوة موازية لاجتماع باريس بدلاً من الخروج من المأزق السياسي”.

وتقول “فيديركا فازانوتي”، من مؤسسة “بروكينغز”، رغم أن “إيطاليا” و”فرنسا” لديهما “الكثير من المصالح المشتركة في ليبيا، مثل الطاقة والهجرة ومكافحة الإرهاب، لكن لديهما وجهات نظر متباينة حول كيفية تحقيق أهدافهما”.

ويقول العديد من الليبيين والمحللين إن الأزمة مستمرة بسبب التنافس بين مختلف الدول الغربية والعربية ذات المصالح المتباينة.

لكن “كلوديا غازيني”، خبيرة الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، اعتبرت أنه لا يمكن “إختزال” مؤتمر “باليرمو” في إطار المنافسة بين “باريس” و”روما”.

ودعت إلى “توحيد مواقف الدول المختلفة”، ورأت أنه “من شبه المستحيل التوصل إلى توافق في الظروف الحالية”.

تجاهله للأطراف الفاعلة يطيل أمد الأزمة..

وأكد رئيس الوزراء الليبي الأسبق، “محمود جبريل”، أن أي محاولة لرأب الصدع في “ليبيا” مُرحب بها، معربًا عن رفضه لآلية مؤتمر “باليرمو”، الذي تجاهل دعوة الأطراف الفاعلة على الأرض، مما يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة الليبية.

وقال “جبريل”: إن “مؤتمر باليرمو ليس مبنيًا على منهج واضح وعلى دعوة جميع الأطراف الفاعلة على الأرض، مما يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة ومزيد من الألم والبؤس لليبيين الذين يعانون منذ 7 سنوات”.

وأوضح رئيس الوزراء الليبي الأسبق، أن “مؤتمر باليرمو في مظهره العام يعلن دعمه لغسان سلامة وخارطة الأمم المتحدة في محاولة لتجميع أطراف الأزمة، لكن في حقيقته هو استمرار للمنافسة السياسية بين إيطاليا وفرنسا”.

رسالة إيطالية لفرنسا..

ويرى “جبريل” أن “المؤتمر يُعد بمثابة رسالة إيطالية للرد على الرسالة الفرنسية من خلال مؤتمر باريس مفادها بأن ليبيا تُعد منطقة نفوذ إيطالية وليست فرنسية”.

وأكد أن “صراع النفوذ بين فرنسا وإيطاليا لن يساعد في حل الأزمة، خصوصًا وأن الأطراف الفاعلة على الأرض لم تحضر هذا المؤتمر ولم تدعى إليه”، مشيرًا إلى أن “غياب المشير خليفة حفتر يُعد بمثابة غياب قوة أساسية ما يؤثر على مخرجات المؤتمر”.

انخفاض سقف التوقعات.. 

وترى دوائر سياسية في “روما”، أن هناك إعتقادًا دوليًا بأن الرئيس الأميركي، “ترامب”، يقف مع المحاولات الإيطالية لإنجاح الحل في “ليبيا”، إلا أن عددًا لا بأس به من الأطراف الأوروبية، في مقدمتها “فرنسا” و”ألمانيا”، غير متحمسين – كما يبدو – للدور الذي تريد “إيطاليا” أن تلعبه منفردة، في هذا البلد الذي يحوي أكبر مخزون من “النفط” بين بلدان القارة الإفريقية.

ويرجع سقف التوقعات المنخفض إلى مناخ الشك والريبة، ومخاوف قوى وأطراف ليبية، من أن جماعات الإسلام السياسي تقف مع “إيطاليا” وراء مؤتمر “بالريمو”، وأن قادة من “الإخوان” والجماعة الليبية المقاتلة، بدعم من دول إقليمية أيضًا، عقدوا اجتماعًا في العاصمة الليبية، للوقوف ضد تحركات الجيش الوطني الذي يقوده “حفتر”، وأن زعماء في المجلس الرئاسي يتعاونون في هذا المجال من أجل “قطع الطريق على الجيش الوطني الليبي في الجنوب، وذلك بأن يقوم المجلس الرئاسي بإرسال قوة للجنوب لبسط الأمن هناك قبل أن يتحرّك الجيش الوطني إليها”.

مخاوف من عودة الإسلاميين للسلطة..

وهذه الرؤية أو المخاوف، كشف عنها رمز قبلي ليبي بارز، “عيسى عبدالمجيد”، بأن لدى “إيطاليا” برامج، بالاتفاق مع بعض الأطراف، من أجل إعادة الإسلاميين إلى السلطة، كما كان عليه الحال في 2012 و2013، وأن لدى “إيطاليا” النية للتوغل في الجنوب الليبي.

ويقول رئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي، “عزالدين عقيل”، إنه لن يشارك في المؤتمر لأسباب عدة، منها أنه مجرد محطة جديدة من محطات “مط” الأزمة الليبية، التي يديرها الغرب ولا يحلها، ولأنه شأن إيطالي، لا علاقة لليبيين به إلا كـ”كومبارس”، وأنه من دون تدخل “مجلس الأمن” لإجبار الميليشيات على توقيع اتفاق سلام يفضي إلى تفكيكها ونزع أسلحتها، فإن كل هذا الذي يجري بـ”باريس” و”باليرمو” وغيرها سيظل مجرد حرث في البحر.

بديل لحكومة “السراج”..

ليس هذا التخوف فقط؛ وإنما توجد مخاوف وشكوك من طرف بعض الأطراف الليبية، عبر عنها السياسي والقيادي الليبي السابق، “أحمد قذّاف الدم”، المسؤول السياسي في “جبهة النضال الوطني”، بأن الأطراف الليبية الفاعلة جرى تغييبها عن هذا المؤتمر، وأن الإيطاليين اختاروا بعض الأسماء المحسوبة عليهم، لأن “إيطاليا” تريد أن تفرض بعض العملاء الليبيين في الواقع الجديد، كبديل لحكومة “السراج” التي إنتهى عمرها الإفتراضي، وبالتالي، فهم يريدون إدارة الفوضى في “ليبيا” وليس إنهاءها.

ويرى “قذاف الدم”، أن الدول الغربية، وعلى رأسها “إيطاليا”، تريد، ممن ستجلبهم لحكم “ليبيا”، أن يوقّعوا لها عقودًا جديدة، فالدول الغربية لا تنظر إلى “ليبيا” إلا كـ”حقل نفط” أو “حقل غاز”.

استمرار طبيعي لـ”اجتماع باريس”..

ورأى “أمبرتو بروفاتسيو”، الخبير الإيطالي المتخصص في الشأن الليبي لدى كلية “دفاع الناتو” في العاصمة “روما”، أن مؤتمر “باليرمو” ما هو إلا استمرارًا طبيعيًا لـ”اجتماع باريس”، مضيفًا: “سأكون مندهشًا إذا كانت نتيجة الحدث فى باليرمو مختلفة عما تم الاتفاق عليه فى باريس قبل بضعة أشهر”.

وأضاف “بروفاتسيو” أن الهدف الأول لمؤتمر “باليرمو” هو ضمان احترام جميع الأطراف المعنية للاتفاقات التي تم التوصل إليها في هذا المؤتمر.

توقعات بتوقيع خارطة طريق..

من جانبها؛ قالت “ميكيلا ميركوري”، أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة “ماتشيراتا” الإيطالية، إن مؤتمر “باليرمو” سيكون ناجحًا في حال شاركت الجهات الفاعلة الدولية الرئيسة وأعضائها على أعلى مستوى، فضلاً عن مشاركة أكبر عدد ممكن من الممثلين المحليين الليبيين، وليس فقط “حفتر” و”السراج”، مضيفة: أن “هناك تأكيدات حول مشاركة بعض الجهات الفاعلة الهامة في فزان بما في ذلك الطوارق”.

وأضافت “ميركوري” أن نجاح مؤتمر “باليرمو” يتوقف على الموضوعات التي سيتطرق لها، مشيرة إلى أنه من الضروري التفكير في خارطة طريق عالمية تأخذ في الاعتبار جميع مشاكل “ليبيا”؛ بدءًا من خطة جدية لنزع سلاح الميليشيات ومكافحة الإرهاب والإتجار غير المشروع، بما يمكن في النهاية من صياغة إطار سياسي أكثر استقرارًا لإنشاء مسار انتخابي.

مرجحة أن توقع الأطراف الليبية، خلال مؤتمر “باليرمو”، على خريطة طريق لإنهاء الأزمة الليبية.

ويعد مؤتمر “باليرمو” فرصة مهمة لتوحيد الصفوف وراء خطة الانتقال السياسي التي أعلنها مبعوث “الأمم المتحدة” إلى ليبيا، “غسان سلامة”، والتي تقتضي تنظيم مؤتمر وطني ليبي في الأسابيع الأولى من العام المقبل، ومن ثم إجراء انتخابات في البلاد بحلول ربيع عام 2019.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب