12 مارس، 2024 6:39 ص
Search
Close this search box.

“لوس أنغلوس تايمز” : كيف تمحو السعودية حقبة من التزمت بـ”صناعة المرح” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

في ليلة مزدحمة بالحضور في مسرح “الكوميدي كلوب” لعروض “فن الأستاند آب” بمدينة “جدة”، وبينما كانت “السعودية” قد سمحت للنساء بقيادة السيارة، سأل أحد الممثلين إحدى مشاهداته من الجمهور عن السيارات التي تعتزمن شرائها.

فقالت واحدة: “مازيراتي”؛ والأخرى قالت: “مرسيدس”، فرد الممثل :”إذا سألنا رجل سيقول بالطبع ماركة هيونداي، لأنه سيدفع أقساطها”.

كان موظفو قاعة المسرح يتدفقون هنا وهناك لخدمة الحاضرين وتوزيع الحلوى والمسليات أثناء مشاهدة الجمهور للعرض، وقيام الحاضرات بالتقاط الصور بهواتفهن الخلوية لنشرها على مواقع (سناب شات) و(إنستغرام).

تحدثت صحيفة (لوس أنغلوس تايمز) الأميركية إلى أصحاب المسرح، حيث قال “ياسر بكر”، مالك  المسرح، أن الحصول على ترخيص لإقامة المسرح، قبل ست سنوات كان يعد علامة فارقة وخطوة وقتها كانت بعيدة المنال، حيث لم تكن الكوميديا موجودة في البلاد وكان البيروقراطيين الحكوميون لا يثقون بدخول أي شيء جديد على ثقافة المملكة.

قال “بكر” أن المسؤولين لم يكونوا على علم بما يجري في تلك العروض، وكانوا يتسائلون عن كل تفصيلة، “ليس عليك طلب تصريح فحسب، بل أيضًا عليك أن تشرح له، ولماذا يتحدث هذا الرجل على خشبة المسرح عن طفولته وأمه”.

لكن الآن الوضع اختلف، والآن تقدم الهيئة “العامة للترفيه”، الحكومية الجديدة، الحياة الليلية والترفيه تمويلاً، وتسأل كيف يمكنها أن تساعد في نشاط “الكوميدي كلوب” نحو التوسع إلى المزيد من المدن، حيث قال “بكر”، عن ذلك: “إنه تقريبًا تحول 180 درجة”.

أسباب التحول الكبير..

هذا التغيير هو جزء من حملة تحديث شاملة يقودها ولي العهد، الأمير “محمد بن سلمان”، الذي قرر أن يقدم لشعبه البالغ عدده، 32 مليون شخص، شيئًا لم يكن ذا أولوية قصوى في المملكة، وهو “المرح”.

لطالما اعتبرت “المملكة العربية السعودية” واحدة من أكثر الدول الإسلامية تزمتًا، حيث كان يُمنع في الغالب العروض الفنية ودور العرض السينمائي، وفرضت الشرطة الدينية، التي كانت تفرض الفصل العنصري الصارم بين الجنسين في الأماكن العامة. ولكن الآن؛ يتم تخفيف تلك القواعد الصارمة، حيث يدفع الوريث الشرعي للمملكة، والبالغ من العمر 33 عامًا، لخسارة رجال الدين وتجديد روح المملكة.

وتوافد الآلاف من عشاق الكتب الهزلية، مرتدين الأزياء والأقنعة إلى مهرجان “كومك كون” الثاني في “جدة”، في شهر آذار/مارس الماضي.

وأفتتحت أول “سينما” جديدة، منذ أكثر من 30 عامًا في العاصمة، “الرياض”، في نيسان/أبريل 2018، مع عرض لفيلم هوليوود (بلاك بانثر). وفي الشهر نفسه، قام الأمير ووالده، الملك “سلمان”، بتدشين مجمع جديد للترفيه خارج “الرياض” – يوصف بحجم ضعف مدينة “عالم ديزني”، لعرض سباقات السيارات ومنحدرات التزلج الداخلية.

وتعد العروض الجديدة جزءًا من خطة طموحة يطلق عليها، “رؤية السعودية 2030″، لتنويع اقتصاد يعتمد على النفط وجذب الاستثمارات الخارجية وخلق فرص عمل للعدد المتزايد من الشباب الذين يدخلون سوق العمل.

ينفق السعوديون مليارات الدولارات كل عام على الأنشطة الترفيهية خارج البلاد. لكن من خلال توسيع خيارات الترفيه في البلاد؛ تأمل الحكومة في إغراء المواطنين لإنفاق المزيد من هذا المال في الداخل وجذب المزيد من الزوار.

ويمكن أن يساعد ضخ المتعة أيضًا في إضعاف الإحباط العام إزاء تدابير التقشف المؤلمة الجديدة، بما في ذلك الضرائب وارتفاع أسعار الوقود المحلية، التي كانت مدعومة بشكل كبير. أدى انخفاض أسعار النفط الخام العالمية، منذ عام 2014، إلى حدوث عجز في الميزانية، مما أضر بقدرة المملكة على توفير الوظائف الحكومية والمزايا السخية التي اعتاد عليها العديد من السعوديين.

وتقول صحيفة (نيويورك تايمز) أن الأحداث الكبرى في “المملكة” قد تخدم غرضًا آخر للأمير، وهو صرف الإنتباه عن جهوده لتعزيز السلطة وإسكات المنتقدين. ولم يرافق الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة، بما في ذلك إلغاء الحظر طويل الأمد على قيادة النساء للسيارات، بأي انفتاح سياسي في البلاد، تحكمه “ملكية مطلقة”.

وقد ظهرت العشرات من الشركات الجديدة لتلبية الطلب على المزيد من العروض والمهرجانات التي تضاعف عددها مقارنة بعام 2017، حيث توفر لهم السلطة التمويل والتدريب. كما إتخذت خطوات لتبسيط البيروقراطية المرهقة التي كانت تتطلب من المنظمين الحصول على تصاريح من ما يصل إلى اثني عشر مكتبًا حكوميًا لتنظيم الأحداث.

وقال “فيصل بفرات”، الرئيس التنفيذي للهيئة: “نحن نشبه محطة التسوق الواحدة، أنت فقط تتقدم بطلباتك  وتحصل على كل الموافقات”.

تحديات تواجه صناعة الترفيه..

يتم تقديم الطلبات عبر “الإنترنت” ويتم النظر فيها، عادة في غضون 48 ساعة، وبعد ذلك ستعين “الهيئة العامة للترفيه”، مدير المشروع لضمان إقامة الأحداث على مستوى عالٍ ويتوافق مع لوائح وقيم المملكة.

قالت الصحيفة الأميركية أن أحد التحديات التي تواجه الهيئة؛ هو إيجاد أشخاص مؤهلين للتوظيف، حيث لا تقدم جامعات المملكة الكثير حول موضوع الترفيه، حيث كان “بفرات” قد درس الهندسة الميكانيكية في جامعة بمدينة “سان فرانسيسكو” الأميركية، وكان نائبًا لحاكم “الهيئة العامة للاستثمار” في “المملكة السعودية”.

لقد أدى تخفيف القيود الاجتماعية الصارمة التي تفرضها المملكة؛ إلى فوز ولي العهد بحماسة السعوديين –خاصة من الشباب – تجاهه والذين يشكلون حوالي ثلثي السكان، حيث كان يتعرض الكثير من هؤلاء الشباب لمتابعة أحداث الترفيه على مستوى عالمي أثناء سفرهم للدراسة خارج البلاد، ويسعدهم أن يكونوا قادرين على الاستمتاع بأحداث مماثلة في بلادهم.

قالت “إسراء الحبشي”، 25 عامًا، والتي تجري أبحاثًا على تكنولوجيا الطاقة المتجددة لشركة النفط العملاقة الحكومية (أرامكو) السعودية: “في السابق؛ كنت تشعر أن مجموعة من الناس المحافظين والمتشددين يسيطرون على حياة الآخرين. هذا لم يعد كذلك، ويبدو الأمر كأن هناك شخصًا يناضل من أجلك الآن”.

أصوات معارضة..

وعلى الرغم من أن صرخات البهجة والمرح بدأت تتعالى في “المملكة”، إلا أنه بالتأكيد ليس الجميع من المعجبين بالبيئة الجديدة. لا تزال البلاد محافظة بشكل كبير، وحتى بعض السعوديين الأصغر سنًا غير مرتاحين لوتيرة التغيير ونطاقه، حيث تمت الإطاحة برئيس هيئة الترفيه، “أحمد الخطيب”، بشكل مفاجيء من منصبه، بسبب الاعتراض الواسع على عروض “السيرك الروسي” بسبب أداءها من قبل نساء مرتديات أزياء مظهرة للمفاتن.

قالت أم لطفلين، تبلغ من العمر 35 عامًا، طلبت أن يتم التعرف عليها من خلال لقب تقليدي هو، “أم أحمد”، خشية أن ينظر إليها على أنها انتقادية: “أنا أحب الرؤية، لكنني أعتقد أنها تتحرك بسرعة كبيرة”. وتشعر بالقلق من أن بلدها يفقد هويته الثقافية المميزة ويرغب في تحويل نفسه إلى “دبي” أخرى..

وقالت: “إنه أمر غريب بالنسبة لنا، لأننا نشأنا مع كل هذه الأشياء التي لا نرغب بها.. فجأة، هناك عروض بالليزر، ومهرجانات الجنس المختلطة، والمثليين أصبحوا يعلنون عن هوياتهم”.

وتابعت قائلة: “رائع؛ لكني قلقة على السعوديين المتدينين جدًا.. إنهم هادئون الآن، ولكن إلى متى سيظلون هادئين ؟”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب