خاص : ترجمة – محمد بناية :
في آتون الأحداث العراقية الأخيرة، توجه “مايك بنس”، نائب الرئيس الأميركي، في زيارته لـ”العراق”، إلى قاعدة “عين الأسد” العسكرية، في “الأنبار”، بدلًا من “بغداد”، وتوجه بعد لقاء العسكريين الأميركيين في القاعدة والحوار الملفت للإنتباه مع قيادات العشائر، إلى مدينة “أربيل”، عاصمة “إقليم كُردستان العراق”؛ والتقى المسؤولين في الإقليم قبل أن يعود إلى “الولايات المتحدة الأميركية”.
وبعد زيارة “بنس” مباشرة؛ إحتدمت الاضطرابات في عدد من المدن العراقية، وبخاصة “النجف” و”الناصرية” وعدد من المناطق الحساسة الأخرى، والتي أدت بالنهاية إلى استقالة رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”.
ولا يمكن تحليل الاستقالة دون الأخذ في الاعتبار لأهداف زيارة نائب الرئيس الأميركي لـ”الجمهورية العراقية”، لاسيما بعد لقاء قيادات العشائر في “الأنبار”، والذي تخلله الحديث عن الأجواء المعيشية الصعبة للعراقيين. بحسب صحيفة (الجمهورية الإسلامية) الإيرانية الأصولية.
استقالة “عبدالمهدي” والأموال السعودية !
والملاحظة المثيرة للاهتمام هي القول بوضوح الكثير من المشاريع والمؤامرات الأميركية ضد حكومة “عبدالمهدي”. فلم يكن الأخير على استعداد للقاء نائب الرئيس الأميركي في قاعدة “عين الأسد” العسكرية، كما رفض، العام الماضي، قبول دعوة، “دونالد ترامب”، للقاء في نفس القاعدة.
وكان الرئيس الأميركي قد زار “العراق”، العام الماضي، ليلاً كما أطفأت الطائرة التي تقله إلى القاعدة أضواءها، وغادرها بعد ساعتين إلى “الولايات المتحدة الأميركية” ولم يسمح بنشر تفاصيل الخبر إلا بعد الخروج من المجال الجوي العراقي.
التقى “مايك بنس”؛ قيادات العشائر وأخبرهم: “لا تتوقعوا الكثير من الحكومة العراقية لحل مشاكلكم. لكن منذ اللحظة سوف تتدفق أموال السعودية والإمارات عليكم، وسوف تتحول قواعد عين الأسد والحبانية إلى مراكز تسليم هذه الأموال”.
والجدير بالملاحظة في وعود نائب الرئيس الأميركي؛ هو مرور الأموال السعودية والإماراتية أولاً على العسكريين الأميركيين قبل تحويلها إلى رؤساء العشائر في “الأنبار”. ومن الواضح بالطبع مصادر إنفاق هذه الأموال، وشروط الأميركيين في “عين الأسد” و”الحبانية”، لتسليم هذه الأموال إلى رؤساء العشائر.
لم يكن عبدًا لواشنطن..
ورغم تبني “بنس” هكذا طرح، لكن كان لقادة العشائر رأي آخر تجاه “بنس” وطرحه، وأجابوا على حديث نائب الرئيس الأميركي بالقول: “لقد أخذتنا الدهشة من تلكم التصريحات، فلطالما تحدث أصدقاؤنا الأميركيون، على مدى الـ 16 عامًا الماضية، عن دعم حكومة بغداد والديمقراطية في البلاد، وطلبوا إلينا الوقوف إلى جانب الحكومة المركزية، لكن سمعنا على لسان نائب الرئيس الأميركي حديثًا جديدًا ينطوي على الكثير من المعاني”.
وهذه الواقعة توضح، بما لا يدع مجالاً للشك، مصادر تأمين أموال الاضطرابات الأخيرة في “النجف” وسائل المدن العراقية، وهوية من يقفون خلف هذه الاضطرابات، والأهداف التي يتطلعون إلى تحقيقها، وطبيعة المؤامرة التي راح ضحيتها “عادل عبدالمهدي”.
وهذا لا يعني أن أداء رئيس الوزراء العراقي كان بلا عيوب، وإنما الجدير بالاهتمام فيما يتعلق بهذه المسألة، هو أن الفساد والفقر والبطالة وسائر المشكلات العراقية هي إرث الحكومات السابقة وسبب وصول “العراق” إلى ما هو عليه اليوم. ولأن “عبدالمهدي” لم يكن على استعداد ليكون عبد “الولايات المتحدة” فقد توجب كسر كل الجرار على رأسه.
وقد حذر آية الله “علي السيستاني”، في بيانه الجمعة الماضية، من خطورة اندلاع حرب أهلية ونظام حكم ديكتاتوري بـ”العراق”؛ إذا لم يميز المواطنون صفوفهم عن المتمردين، وبالنظر إلى الحقائق التي أسلفنا فلقد كان التحذير في محله.
وما من شك أن “الولايات المتحدة” وجهت الاضطرابات في “العراق” حتى اللحظة؛ ولو لم يميز المواطنون صفوفهم ولم يتصرف السياسيون العراقيون بذكاء، فسوف توجه “الولايات المتحدة” أيضًا مستقبل “العراق”، حيث تتطلع إلى توطين حكومة في “بغداد” تكون خادم مطيع لـ”البيت الأبيض”. وفشل المؤامرة الأميركية الخطيرة منوط بذكاء السياسيين وأتباعهم الكامل للمرجعية.