لم تبقى أمامهم إلا “الناصرية” غصة في الحلق .. الاتفاق السري بين “الكاظمي” و”الصدر” لإتمام الانتخابات !

لم تبقى أمامهم إلا “الناصرية” غصة في الحلق .. الاتفاق السري بين “الكاظمي” و”الصدر” لإتمام الانتخابات !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

وسط أنباء عن وجود اتفاق بين رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، وزعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، بفض الاحتجاجات، تدفق الآلاف إلى مدينة “الناصرية”، في جنوب العراق، بعدما توفي مواطن متأثرًا بجروحه في صدامات جرت، الأسبوع الماضي، بين محتجين مناهضين للحكومة ومناصرين لـ”الصدر”.

وأصيب، الجمعة الماضي، “رضا الركابي”، برصاصة في الرأس في صدامات بين أنصار “مقتدى الصدر” ومتظاهرين في “ساحة الحبوبي”، في مدينة “الناصرية”، وتوفي “الركابي”؛ ما رفع حصيلة ضحايا أعمال العنف التي سجّلت، الجمعة، إلى ثمانية قتلى وعشرات الجرحى، وقد شارك الآلاف في تشييعهم.

وبعد صدامات، الأسبوع الماضي، فرضت السلطات إغلاقًا في محاولة لوضع حد للتظاهرات في المدينة العراقية الجنوبية، وأقالت قائد شرطة محافظة “ذي قار” ومركزها، “الناصرية”، وفتحت تحقيقًا في الأحداث.

وفي محاولة لإحتواء الأمر، أوفد رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، مستشار الأمن القومي، “قاسم الأعرجي”، وعددًا من كبار المسؤولين إلى “الناصرية” للتحاور مع المحتجين، لكن حالة الغليان مستمرة.

وقضى نحو 600 شخص في العراق في أعمال عنف على صلة بالاحتجاجات، من دون محاسبة فعلية للمسؤولين.

اتفاقات بين المحتجين وخلية الأزمة..

وعن أبرز ما تم الاتفاق عليه، خلال هذه الاجتماعات؛ قال الناشط المدني في الناصرية، “حسين الغرابي”؛ أن: “الاجتماع مع وفد خلية الأزمة تمخض عن عدة نقاط أبرزها عدم رفع خيم ساحة الحبوبي الآن حتى لا يعتبر نصرًا سياسيًا للجهة الميليشياوية التي اقتحمت الساحة، وحماية الساحة عبر ثلاثة محاور أمنية حتى لا تخترق من قبل الميليشيات مرة أخرى، وأيضًا الكشف عن الجناة الذين ارتكبوا الجريمة التي أدت لاستشهاد سبعة من المعتصمين وتجريف الساحة وحرق الخيم، ومنها أيضًا الكشف عن مصير الناشط المدني المختطف في المدينة، سجاد العراقي”.

وأكد الناشط: “قيام القوات الأمنية بالانتشار في ساحة الحبوبي لحماية الساحة وعودة الشباب المعتصمين إلى خيامهم في الساحة”.

وبشأن ما إذا كان الوفد الحكومي قد حدد سقفًا زمنيًا لتنفيذ مطالب المعتصمين، بيّن “الغرابي” أن: “الوفد لم يعطِ سقفًا زمنيًا لتنفيذ مطالب المعتصمين، لكنه وعد بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه”، مضيفًا: “لدينا أزمة ثقة مع الدولة والميليشيات هي خصمنا الأول والأخير؛ ونسعى إلى تقوية قرار الدولة وهيبة الدولة، وبالتالي نحن من جانبنا نبدي حُسن النية لا أكثر ولا أقل وننتظر أن يتعاملون معنا كرجال دولة”.

وتابع: “نحن سنبقى في الساحة مهما كلفنا الأمر لأن لدينا شهداء ومطالب يجب تنفيذها، وحتى ناشدنا الأمم المتحدة يوم أمس، وناشدنا المرجعية الدينية أن تتدخل في هذا الموضوع”، لافتًا إلى أن: “شعبية (التيار الصدري) انخفضت بعد الصدامات مع المعتصمين، وبالتالي الشعب لديه من الوعي الكافي لكي يعرف من الذي يرتكب هذه المجازر”.

“الصدر” يُشن هجومًا عنيفا على المتظاهرين..

وعلى الفور، شن زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، أمس الثلاثاء، هجومًا عنيفًا ضد المتظاهرين العراقيين، متهمًا إياهم بعشق الأميركيين والتشبه بالغرب في التعري والسُكر والمخدرات، محذرًا مما اسماه تنامي ظاهرة: “التشدد أو النفور من الإسلام من طبقة الشباب”، خاصة من هم بداخل المذهب بحجة الدعوة إلى الإصلاح.

“الصدر” وصف المتظاهرين بـ”المغرر بهم”، قائلاً أن: “البعض منهم ينادي بالخدمات وهو يغلق الدوائر الخدمية وينادي بأنه مظلوم ومقموع من القوات الأمنية وهو يقمع ويجبر المدنيين على الإلتحاق به ويصلبهم ويضربهم”، متجاهلاً حادث مهاجمة أنصاره للمتظاهرين في “الناصرية”، الجمعة الماضي، حيث أوقعوا بهم عشرات القتلى والمصابين.

كما اعتبر أن الثورات التي تريد ان تصلح الحكومات لا يمكن ان تستمر مع “التعدي على الذات الإلهية أو تتشبه بالغرب في التعري والسُكر والمخدرات وإيذاء الناس”.

وأضاف: “صوت الثوار يجب أن يُسمع، لكن ليس من خلال مناداة الفاسدين ومطالبتهم بالإصلاح، بل من خلال صناديق الاقتراع، لا غير”، داعيًا الشعب إلى عدم مقاطعة الانتخابات ومنوهًا إلى أنه: “من يقول لن اشترك في الانتخابات؛ سيتحمل المسؤولية في إيصال الفاسدين للحكم مرة أخرى”.

“الصدر” خاطب المعتصمين؛ قائلاً: “ما تفعلوه من اعتصامات هزيلة مخالفة للشرع والقانون؛ ما هي إلا نفع واضح للفاسدين، فقطع الطرق والصلب لم ولن يؤذيهم بل المتضرر الوحيد هو الشعب والمستفيد منها هم الذين يتحكمون بكم من خلال أحزابهم وأعوانهم”، وتساءل قائلاً: “أما آن الأوان أن نعيش بسلام بلا احتلال ولا فساد ولا عنف ولا قطع طرق وأرزاق ؟”.

تظاهرات من فريق لا انتماءات له..

وفي محاولة لتوضيح ما يحدث في الاحتجاجات الأخيرة، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، اللواء “مؤيد الجحيشي”: “لم تكن هناك اشتباكات طائفية في تظاهرات الجمعة الماضي، وما حدث هو أن هناك فريق من الشعب العراقي، لا تدعمه أي جهة رسمية أو حزب أو كتلة سياسية، يُمثل الفريق الوحيد الذي ما زال صامدًا في الشارع حتى الآن؛ لأنهم غير خاضعين لأحد”، مضيفًا: “أما بقية الجهات التي شاركت من أحزاب وكتل سياسية وفصائل مسلحة فقد انسحبت”.

وأضاف أن: “أحداث الجمعة الماضي؛ جاءت نتيجة اتفاق رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، مع زعيم (التيار الصدري)، مقتدى الصدر، على أن ينهي الأخير تظاهرات الشارع  التي لا تتبع الصدر، ولا أي من الفصائل المسلحة التي قتلت المتظاهرين، وهي غير تابعة للأحزاب أيضًا”.

وأوضح: “أما من كانوا مشاركين في التظاهرات فينتمون إلى عدة جهات. الأولى مجاميع مدعومة من الكاظمي ومواقع التواصل، والجهة الثانية التي كانت موجودة مع المتظاهرين هي الأحزاب المشاركة بالحكومة، والجهة الثالثة هي الفصائل المسلحة التي تدعي المقاومة وتتبع إيران مثل: (العصائب – حزب الله)، وهم من قتلوا المتظاهرين”.

واستطرد: “أما الجهة الرابعة؛ فهم الصدريون، (أصحاب القبعات الزرقاء)، أما الجهة الخامسة، وهي الأكثرية شعبية في مظاهرات، تشرين أول/أكتوبر 2019، إلى اليوم، وهي الجهة العفوية النزيهة والتي خرجت من أجل الحقوق الشعبية، وهؤلاء غير منظمين وليس لديهم قائد وغير مدعومين من الدولة أو من أي جهة داخلية أو خارجية”.

اتفاق على إنهاء الاحتجاجات !

وتابع “الجحيشي” بالقول؛ أن: “هناك جهات خرجت من اللعبة، ومنها الفصائل المسلحة والأحزاب، وبقي في الشارع العفويون ومصطفى الكاظمي وسائرون، أتباع الصدر، خلال الفترة الماضية”.

وقال: “عندما تقلد الكاظمي منصب رئيس الوزراء خرج أنصاره من التظاهرات، وبقي العفويون وسائرون، ثم خرج (سائرون)؛ بعد أن حصلوا على بعض المقاعد الوزارية، وانتهى الأمر ببقاء المتظاهرون الحقيقيون بالشارع، وهنا أراد الكاظمي إنهاء التظاهر بالشارع ولم يجد غير مقتدى الصدر وأنصاره ليفعلوا ذلك؛ لأنهم كانوا أقرب الفئات للمحتجين”.

ولفت إلى أنه: “جرى اتفاق بين الكاظمي و(سائرون) على إخلاء الميادين من الخيام، وفعلوا ذلك في ساحة التحرير؛ ثم ذهبوا إلى ساحة (الحبوبي) وأرادوا فضها، لكن ساحة الحبوبي تختلف عن التحرير، وقاموا بزج مدنيين ملثمين في الساحة وقالوا أنهم يريدون صلاة الجمعة في الساحة وفوق الخيام كنوع من الاستفزاز للمعتصمين فلم يقبل المتظاهرون، وتمت الاشتباكات وقتل 7 أفراد من المتظاهرين، وأصبح الصدر وأنصاره قتلة بالنسبة للرأي العام في الداخل والخارج، وهنا استطاع الكاظمي التخلص من مقتدى الصدر ومن المتظاهرين”.

لانحصار الانتخابات بين جناحي “الكاظمي” و”الصدر”..

من جهته؛ قال أمين عام اتحاد القبائل العربية بالعراق، “ثائر البياتي”، إن: “المشهد العراقي الجديد يتلخص في أمرين، الأول نفوذ الصدر وتوجيهاته التي تدل على محاولة تحكمه بالساحة الشيعية، وإضعاف جميع الأطراف وأبتدائها باتفاق مبطن مع الكاظمي لإنهاء مظاهرات ساحة التحرير في بغداد”، مضيفًا: “لم يتبق أمامهم إلا مدينة الناصرية، التي أثبتت قوتها وتماسكها بوجه كل الأحزاب والميليشيات، واستثنت مقرات الصدر من الحرق والهدم، فكانت المفاجئة بهجوم أتباع الصدر وقتل المتظاهرين وحرق الخيام، ودخول الكاظمي بقوات عسكرية من أجل تأمين المحافظة وهي خطوات مدروسة”.

مشيرًا إلى أنه: “نعلل ذلك بالمناسبة الانتخابية التي ستنحصر بين جناح الكاظمي والصدر، ولا نستبعد أن الصدر استعرض قوته أمام كل الأطراف الشيعية الأخرى، والأهم انقلابه على الاتفاق الذي حصل في لبنان من أجل عقد صلح مع نوري المالكي وعزل الكاظمي وترشيح المالكي، ومواجهة الصدر ببيان دخوله للانتخابات وتسمية رئاسة الوزراء القادمة من التيار الصدري”.

اللعب على الحبال يُسقط أصحابه !

وأضاف “البياتي” أن: “الأمر الثاني هو سكوت الأحزاب الشيعية الأخرى وقادة الميليشيات أثناء الاشتباكات، وتجنب أي تصريحات ومراقبة ما سيحدث في الناصرية، والتحرك على المحافظات السُنية وبسط نفوذها بشكل شبه كامل عليها وتجنب مواجهة المتظاهرين في الجنوب”.

ورأى أمين اتحاد القبائل؛ أن: “خلاصة الأمر؛ أن الصراعات بين الأطراف الشيعية الحزبية والميليشياوية في وضع مربك، وهم الآن بين أمرين، أولهما الولاء لإيران وآليات تقديم الدعم إذا صدرت الأوامر والمواجهة مع الأميركان، والثاني محاولة الإبقاء على مكاسبهم وإمتيازاتهم التي حصلوا عليها، وتجنب البعض من تلك القيادات المواجهة مع الأميركان، لكن اللعب على الحبال سيُسقط أصحابه، والجميع الآن يترقب ما ستؤول إليه الأمور في أميركا وردود الفعل الإيرانية التي ظهر ضعفها وعدم قدرتها على المواجهة، وكل مبتغاها أن يتمكن الرئيس المنتخب، جو بايدن، من الحكم وفتح صفحة جديدة بالعلاقات (الإيرانية-الأميركية)”.

وأستبعد “البياتي”: “نشوب أي حرب طائفية”، وتوقع أن يثور الشعب العراقي ضد الميليشيات والأحزاب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة