لمن ينسبها “مجلس الأمن” ؟ .. التوتر يندلع من جديد بين العراق والكويت بسبب ترسيم الحدود !

لمن ينسبها “مجلس الأمن” ؟ .. التوتر يندلع من جديد بين العراق والكويت بسبب ترسيم الحدود !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في فصل جديد من فصول التوتر بين “العراق” و”الكويت”، بعدما كانت العلاقات قد بدأت مؤخرًا بالعودة إلى مجراها الطبيعي، أشتكى “العراق” في رسالة رسمية وجهها لـ”مجلس الأمن الدولي”، دولة “الكويت”، متهمًا إياها بأنها تتبع سياسة فرض الأمر الواقع من خلال إحداث تغييرات جغرافية في الحدود البحرية بين البلدين.

وحسب صحيفة (الرأي) الكويتية، فإن المندوب العراقي لدى المنظمة الأممية السفير، “محمد بحر العلوم”، سلّم الرسالة إلى رئيس مجلس الأمن، في السابع من آب/أغسطس الماضي، مطالبًا بتعميمها وإصدارها كوثيقة رسمية من وثائق المجلس، وأن “بحر العلوم” اجتمع مع عدد من ممثلي الدول؛ لشرح موقف بلاده.

وطلبت الحكومة العراقية من “الأمم المتحدة” توثيق احتجاجها الرسمي على ما أسمته “قيام حكومة الكويت بإحداث تغييرات جغرافية في المنطقة البحرية الواقعة بعد العلامة 162، في خور عبدالله، من خلال تدعيم منطقة ضحلة، (فشت العيج)، وإقامة منشأ مرفئي عليها من طرف واحد دون علم وموافقة العراق”.

ليس له أساس قانوني..

واعتبرت الحكومة العراقية، أن ذلك لا أساس قانونيًا له في الخطة المشتركة لتنظيم الملاحة البحرية في “خور عبدالله”، مشيرةً إلى أن ترسيم الحدود من قِبل طرف واحد في مناطق لم يتفق عليها الطرفان، وفقًا لما نص عليه المرسوم الأميري، 317 لسنة 2014، في شأن تحديد المناطق البحرية لـ”الكويت”، يُعد فعلًا باطلًا بموجب أحكام القانون الدولي.

ملوحةً الحكومة العراقية، في رسالتها لـ”مجلس الأمن”، إلى أن: “استمرار الكويت بفرض سياسة الأمر الواقع بإيجاد وضع جديد يغير من جغرافية المنطقة، لن يسهم في دعم جهود البلدين في التوصل إلى ترسيم نهائي للحدود البحرية بينهما، ويًعد فرضًا لواقع مادي يجب ألا يؤخذ بعين الاعتبار عند ترسيم الحدود بين الدولتين”.

اختلاف قانوني حول تفسير الجانبين..

وفي توضيح للشكوى، أشارت “وزارة الخارجية ​العراقية” إلى: “وجود اختلاف قانوني مع ​الكويت​ حول تفسير مسألة تتعلق بالحدود البحرية أدى لإرسال رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس ​مجلس الأمن​”، لافتةً إلى أن: “اختلافا قانونيًا في تفسير موقع حدودي نسميه منصة؛ والجانب الكويتي يسميه جزيرة، باعتباره خط الأساس المعتمد في رسم الحدود البحرية بين البلدين في نقطة معينة ما بعد الدعامة 162”.

ولفتت إلى أنه: “كان هناك تفاوض بين البلدين حول وجهة النظر المحددة، وسبق للعراق أن أبدى اعتراضه على قيام ​حكومة​ الكويت بأي إنشاءات من جانب واحد، وسبق الإجراء العراقي الأخير توجيه الكويت رسائل إلى ​الأمم المتحدة​ تتناول موقفها بهذا الشأن”، مشيرةً إلى أن: “العراق أرسل هاتين الرسالتين لبيان تفسيره القانوني للحالة، ونحن نعتقد بأن التفسير القانوني بإتجاه مصلحتنا”.

توجه صحيح لإسترجاع الحقوق..

من جهتها؛ رحبت النائبة عن ائتلاف (دولة القانون)، “عالية نصيف”، أمس، قيام الحكومة العراقية بتقديم شكوى ضد “الكويت” لدى “مجلس الأمن” بشأن ترسيم الحدود.

وقالت “نصيف”، في تصريحات صحافية، إن: “خطوة الحكومة العراقية بالشكوى ضد الكويت توجه صحيح لإسترجاع حقوق العراق البحرية التي إستلبتها الكويت في وقت سابق؛ مستغلة ظروف العراق الأمنية غير المستقرة، فضلًا عن التفات الخارجية العراقية إلى منشادات المختصين التي أوضحت حقوق العراق في مياه الخليج”.

حق سيادي للكويت..

وأثارت شكوى “العراق”، ضد “الكويت” في “الأمم المتحدة” واتهامها بمحاولة تغيير الحدود البحرية، ردود فعل غاضبة في “الكويت”، معبرين عن استيائهم، ومطالبين الحكومة بـ”ردود عملية”.

فقد أكدت دولة “الكويت” حقها السيادي في بناء منصة بحرية فوق “فيشت العيج”، ردًا على اعتراض الحكومة العراقیة على الأمر.

وقال مصدر مسؤول في “وزارة الخارجیة الكویتیة”، أمس، أن بناء منصة بحریة فوق منطقة “فشت العیج”، الواقعة في المیاه الإقلیمیة لدولته؛ “حق سیادي لدولة الكویت في إقلیمھا وبحرھا الإقلیمي”، وفقًا لوكالة أنباء الكويت، (كونا).

وقال المصدر؛ إن “وزارة الخارجیة” تسلمت ھذه المذكرة من الوفد الدائم لدى “الأمم المتحدة” بعد تسلیمھا إلى “مجلس الأمن”.

ونوه إلى أن الرد تضمن، تأكيد دولة “الكویت”، أن المیاه الإقلیمیة تم تحدیدھا بموجب المرسوم الصادر في 1967 بشأن عرض البحر الإقلیمي لدولة “الكویت”، وتم تحدیثه في عام 2014، بشأن تحدید المناطق البحریة لدولة “الكویت”، وذلك وفقًا لما نصت علیه المادة 15 من اتفاقیة “الأمم المتحدة” لقانون البحار 1982؛ والمودعة لدى “الأمم المتحدة”.

وتابع المصدر؛ أن “فيشت العیج” ھي مساحة من الأرض مكونة طبیعیة فوق سطح البحر وتقع في المیاه الإقلیمیة الكویتیة، وعلیه فإن بناء المنصة حق سیادي لدولة “الكویت” في إقلیمھا وبحرھا الإقلیمي، وفقًا للرد الكويتي.

وأكمل؛ أنه تم بناء المنصة لأغراض الملاحة البحریة في “خور عبدالله”، بالإضافة إلى تلبیة الاحتیاجات الأمنیة لھذه المنطقة، وقد تم إخطار “العراق” من خلال محضر الاجتماع السادس للجنة (الكویتیة-العراقیة) بعزم دولة “الكویت” على إقامة المنصة، كما تم توجیه مذكرة لـ”السفارة العراقیة” لدى دولة “الكویت” بھذا الشأن، في 2017.

ونصت النقطة الرابعة في رد الخارجية الكويتية، على أن: “قامت دولة الكویت بالرد على مذكرات الجانب العراقي المؤرخة، في أيلول/سبتمبر 2017، وأيلول/سبتمبر 2018، والتي طالبت الجانب العراقي فیھا بالتریث في إنشاء المنصة لحین استكمال الحدود البحریة بعد النقطة 162 بالمذكرتین الموجھتین من سفارة دولة الكویت، في بغداد، إلى وزارة الخارجیة بالتأكید على أن بناء المنصة من الأمور السیادیة لدولة الكویت”.

وأكد المصدر، أنه في ما یتعلق بترسیم الحدود البحریة بعد العلامة 162؛ فإن دولة “الكویت” تؤكد بأنھا استمرت في مطالبة الجانب العراقي، منذ عام 2005، إلى آخر اجتماع، في آيار/مایو الماضي، بأن یباشر الخبراء القانونین في البلدین بالبدء في مفاوضات ترسیم الحدود البحریة غیر المرسمة، وتم ذلك عبر اجتماعات اللجان الوزاریة المشتركة والرسائل الوزاریة بھذا الشأن.

وأختتم المصدر تصریحته؛ بأن: “دولة الكویت إذ تستعرض ھذه الوقائع، فإنھا تؤكد حرصھا على العلاقات الأخویة المتمیزة بین البلدین الشقیقین ومواصلتھا التنسیق مع الأشقاء لحسم كافة الملفات العالقة حتى لا تتعرض علاقة البلدین لأي شوائب”.

توقيت الشكوى غير موفق..

واستغرب مسؤول كويتي، طلب عدم ذكر اسمه، شكوى “العراق” لـ”مجلس الأمن” في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية زخمًا يدفعها قدمًا إلى الأمام، وتوج في الفترة الأخيرة بزيارات متبادلة بين مسؤولين رفيعي المستوى في البلدين، مبينًا في الوقت نفسه أن الخلافات الحدودية في العادة تتم مناقشتها على مستوى ثنائي بين الدول عبر اللجان المشتركة وغيرها، فضلاً عن ترسيم الحدود بين “الكويت” و”العراق”، جاء وفقًا للقرار 833 الصادر عن “مجلس الأمن”، عام 1993.

وأضاف أن: “موضوع المنطقة البحرية وعلاماتها وترسيمها كانت حاضرة في كل الاجتماعات الثنائية مع الجانب العراقي، الذي كان يفضل عدم الخوض فيها من النواحي الفنية والقانونية آخذًا الحوار إلى مسارات سياسية من قُبيل القول إن الحكومة العراقية لا تريد أي إجراءات تغضب البرلمان العراقي والشارع العراقي”، وتمنى لو لم يعمم “العراق” رسالة مندوبه كوثيقة رسمية من وثائق “مجلس الأمن”، مؤكدًا على أن “منشأة فيشت العيج تقع ضمن المياه الإقليمية الكويتية، وهذا موثق تاريخيًا وقانونيًا”.

سلوك مستفز..

وفي المقابل؛ اعتبر النائب الكويتي، “أسامة الشاهين”، أن: “شكوى حكومة ‎العراق ضد ‎الكويت سلوك مستفز ليس مستغربًا من جار الشمال”، مضيفًا: “أطالب الحكومة بردود عملية وموضوعية، بجانب أخذ احتياطات أمنية ودبلوماسية كاملة”.

وقالت النائب، “صفاء الهاشم”، أن: “هذا نهج العراق منذ أمد !! فعلًا … الكحل بعين الرمدة خسارة”، على حد تعبيرها.

وأضافت “الهاشم”، قائلة: “كان ومازال رأيي ثابتًا، منذ أن تجرأ هذا البلد وشعبه على غزو الكويت، وبعد كل الخير الذي قدمه أمير الإنسانية، الشيخ صباح الأحمد، واليد الممدودة لإعمار العراق بعد كل الشقاق الذي فيه وغض الطرف عن تسديد ديون مستحقة عليهم للكويت … هذا ما نتلقاه منهم”.

وتابعت: “مازلت أقول وأكرر سياسة الطيبة واللين مع نظام متقلب ما تصلح”، ملاحظةً أن: “سياسة تصدير الأزمات في العراق إلى الخارج تحرك أصبحت تستخدمه الحكومات العراقية المتعاقبة كلما وصلت إلى طريق مسدود في وسيلة منه لإجترار المزيد من الأموال، عمومًا الحل بالتحكيم الدولي والحزم معهم حتى تنتظم بلدهم ويعيش شعبهم بشكل صحيح”.

كما استنكر نائب مجلس الأمة، “شعيب المويزري”، الإجراءات العراقية ضد “الكويت”، بتقديم “العراق” شكوى ضد “الكويت” في “مجلس الأمن”.

وقال “المويزري”، في تغريدة له عبر حسابه الشخصي بـ (تويتر): “ليس مستغربًا تقديم العراق شكوى ضد الكويت؛ وهذا نتاج الإدارة السيئة لحكومة دولة الكويت التي صرفت المليارات على العراق وغيره وتركت الكويتيين يستجدون وظيفه وسكن يأويهم وأشغلتهم في غَمْ القروض والعلاج والزحمه وكل يوم يصَبْحون الشعب بمشكلة ومجهزين لنا، (مو للي شتمهم)، سجن خمس نجوم”.

تطور خطير..

ودعا رئيس الخارجية البرلمانية، “د. عبدالكريم الكندري”، وزارة الخارجية، إلى توضيح ما أثير حول شكوى تقدم بها “العراق” بحق “الكويت”، في السابع من آب/أغسطس الماضي، إلى “مجلس الأمن”، واتهامها بأنها تتبع سياسة فرض الأمر الواقع من خلال إحداث تغييرات جغرافية في الحدود البحرية بين البلدين، واعتباره أن ترسيم الحدود من قِبل طرف واحد فعلاً باطلاً بموجب أحكام القانون الدولي.

واعتبر “الكندري” أن هذا التطور الخطير في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي حاولت الحكومة الكويتية في أكثر من مناسبة تصويرها بأنها علاقة تقارب، يستدعي أخذ الحيطة والحذر، وهو عمل استفزازي مرفوض ويجب التصدي له، خصوصًا أن ترسيم الحدود خاضع للقرار الأممي رقم 833، الصادر عن “مجلس الأمن”، عام 1993، وهو موضوع محسوم ويعتبر أي تعدي عليه تعديًا على السيادة الكويتية.

وخلص “الكندري” إلى أن هذا الإدعاء يجب أن يجري التعامل معه بكل حزم دوليًا، وبكل شفافية مع المواطنين الكويتيين، فليس من المقبول أن تصدح وسائل الإعلام الكويتية الرسمية بالتقارب وطي صفحة الماضي بين البلدين بعد الزيارات المتبادلة التي شهدها الطرفان خلال الأشهر الماضية، ثم تقوم الحكومة العراقية بتقديم رسالة رسمية وتعممها كوثيقة من وثائق “مجلس الأمن” تتهم “الكويت” بالتعدي على حدوده البحرية، الأمر الذي يؤكد سوء النوايا المبيتة من جانب “العراق” تجاه “الكويت”.

اتفاقيات ترسيم الحدود ستُلغي الشكوى..

تعليقًا على الخطوة العراقية، أكد أساتذة قانون أن الاتفاقيات المبرمة بين “الكويت” و”العراق”، بشأن ترسيم الحدود، من شأنها إلغاء الشكوى المقدمة أمام “مجلس الأمن”.

وطالبوا، الحكومة، بتفنيد الشكوى وتوضيح ملابسات القضية أمام الرأي العام.

وأوضح أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت، “د.علي الدوسري”، أن الشكوى مسارها طويل وفق الأطر القوانين الدولية، مبينًا أن “الكويت” إذا كانت متفقة مع الحكومة العراقية السابقة على رسم الحدود البحرية والجوية والبرية؛ فلا يمكن للحكومة العراقية الحالية تغيير الأمر، وستُرفض شكواها في “مجلس الأمن”.

مؤكدًا على أن “مجلس الأمن” لا يستطيع فرض تعديل الحدود على “الكويت” إذا كانت هناك اتفاقيات بين البلدين منذ سنوات، ومع حكومات سابقة؛ فالحكومة العراقية ملزمة بقرارات الحكومات السابقة، لذلك الشكوى سترفض بناءً على اتفاقيات سابقة بين البلدين.

من جهته؛ قال أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت، “د. صباح اليوسف”، إن البت في هذه المسألة يتطلب الإطلاع على الاتفاقيات والقوانين بين البلدين، ومن ثم تحديد المسألة وفق القانون، مضيفًا أنه لم أجد تصريحًا حكوميًا رسميًا بهذا الشأن حتى تكون الصورة واضحة للجميع، إضافة إلى ذلك، جرى تداول خبر الشكوى في مواقع التواصل الاجتماعي، وخرجت كثير من المعلومات التي قد تكون أغلبها معلومات خطأ، حالها حال غيرها من المعلومات، التي تشهد رواجًا كبيرًا، وفي النهاية تكون خطأً؛ لذلك يجب أن يكون هناك تصريح حكومي واضح بهذا الشأن.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة