وكالات – كتابات :
لا يبدو أن العلاقات بين “باكستان” و”الهند” قد تتحسن قريبًا، رغم نجاح المعارضة في الإطاحة؛ بـ”عمران خان”، وتولِّي؛ “شهباز شريف”، رئاسة الوزارة في “إسلام آباد”، والسبب “كشمير” وأمور أخرى.
العلاقات بين الجارتين النوويتين بشكلٍ عام تتسم بالتوتر؛ إذ خاضتا 03 حروب منذ الاستقلال عن “بريطانيا”؛ عام 1947، والسبب الرئيس في تلك الحروب؛ هو “إقليم غامو” و”كشمير”، الذي تتقاسم “نيودلهي” و”إسلام آباد” السيطرة عليه.
وفي 05 آب/أغسطس 2019، ألغت حكومة “ناريندرا مودي”؛ المادة (370) من الدستور الهندي، والتي كانت تكفل الحكم الذاتي في “غامو” و”كشمير”؛ ذات الأغلبية المسلمة، ومن ثَمَّ تقسيمها إلى منطقتين تديرهما الحكومة الفيدرالية.
وكان “إقليم غامو وكشمير”؛ منذ عام 1954؛ يتمتع بوضع خاص بموجب الدستور الهندي، الذي سمح للولاية بسن قوانينها الخاصة، إلى جانب حماية قانون الجنسية، الذي منع الغرباء من الاستقرار في الأراضي وامتلاكها. وأصدرت حكومة “مودي” تشريعات تمنح مواطنيها الهندوس، الذين عاشوا في “غامو وكشمير”؛ لمدة تزيد على 15 عامًا، صفة مواطن محلي لتمكينهم من امتلاك الأراضي والإقامة والعمل، إضافة إلى تقلد المناصب العامة.
علاقات شبه مقطوعة بين “الهند” و”باكستان”..
خطوة “الهند” المثيرة للجدل في “كشمير”؛ دفعت “باكستان” إلى خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية، ووقف التجارة مع “نيودلهي”. ومنذ ذلك الحين، لم تفوّت الجارتان أي فرصة للتنديد بالأخرى في المحافل الدولية والإقليمية.
وكانت معاهدة شباط/فبراير 2021؛ التطور الإيجابي: “الوحيد” في العلاقات بين البلدين، والتي أنهت الاشتباكات اليومية تقريبًا على طول خط السيطرة؛ (LoC)، الذي يُمثل حدودًا بحكم الأمر الواقع، تُقسم منطقة “غامو وكشمير” بين الجارتين.
وخلَّفت الاشتباكات في المنطقة المتنازع عليها عشرات القتلى من العسكريين والمدنيين من الجانبين، وأصيب عشرات آخرون من سكان المناطق الحدودية.
حزب (الرابطة الإسلامية الباكستانية)، المنتمي إلى يمين الوسط، والذي انتُخب رئيسه؛ “شهباز شريف”، رئيسًا للوزراء، بعد اقتراح ناجح لحجب الثقة عن سلفه؛ “عمران خان”، دعا منذ فترة طويلة إلى إقامة علاقات جيدة مع جيران “باكستان”، بما في ذلك “الهند”.
على وجه الخصوص، كان لـ”نواز شريف”، الرئيس السابق للحزب، رئيس الوزراء ثلاث مرات، “زاوية ناعمة”؛ في “الهند” منذ زمن رئيس الوزراء الهندي السابق؛ “إندير كومار جوغرال”، إلى الزعيم الحالي؛ “ناريندرا مودي”.
ومع ذلك؛ يعتقد وزير الخارجية الهندي السابق؛ “ياشوانت سينها”، أن العلاقات “الباكستانية-الهندية”: “لا تعتمد على الشخصيات”. وقال “سانها”، الذي شغل منصب كبير الدبلوماسيين في “نيودلهي”؛ (2002 – 2004)، لـ (الأناضول): “بصراحة، لا أرى أي تغيير؛ (بعد تغيير رئيس الوزراء الأخير). نادرًا ما تعتمد العلاقة بين الهند وباكستان على الشخصيات”.
وأضاف أن العلاقة بينهما علاقة دولة مع دولة، حتى إن التغييرات في النظام في: “هذه الدولة أو تلك”؛ لم تكن قادرة على خفض درجات التصعيد بين البلدين، وتابع: “ربما كان هناك بعض الهدوء البسيط بين البلدين. لكن التوترات الأساسية تظل كما هي”.
لا حل حقيقيًا بدون “كشمير”..
ومن وجهة نظر مماثلة؛ لاحظت “ماريا سلطان”، محللة الدفاع والأمن في “إسلام آباد”، أنه في ظل ظروف معينة، “هناك فرص ضئيلة للغاية لإذابة التوترات بين الجانبين، بغض النظر عمَّن يوجد في السلطة”.
وفي حديث لـ (الأناضول) التركية، قالت “ماريا”، التي ترأس “معهد الاستقرار الإستراتيجي لجنوب آسيا”، ومقره في “إسلام آباد”، إنه: “لن يكون هناك استئناف فوري للمحادثات حتى يتم وضع نزاع كشمير ضمن إطار المحادثات”. وأضافت: “الوضع في الهند وباكستان سيبقى مرتبطًا بحلِّ نزاع كشمير”.
وأشارت “ماريا” إلى أن خطوة “نيودلهي”؛ في آب/أغسطس 2019؛ بشأن “غامو وكشمير”، لعبت دورًا “حاسمًا” في توضيح موقف “باكستان” بشأن المحادثات مع “الهند”، بأنه: “لا توجد محادثات مستقبلية ممكنة دون التراجع عن قانون 2019”.
لكن الوزير الهندي السابق؛ “سينها” يعتقد أنه يتعين على الجانبين التخلي عن: “الأفكار الثابتة” للمضي قُدمًا في العلاقات بين البلدين. وقال: “الحاجة الآن لكلا البلدين التخلي عن أفكارهما الثابتة، وبدء حوار بعقل منفتح”.
“القضية الأساسية لباكستان، بغض النظر عمَّن هو رئيس الوزراء، هي: غامو وكشمير، ولا يوجد تقدم مطلق في المجالات الأخرى حتى يتم حل هذه القضية الجوهرية”، مشيرًا إلى أن هذا: “ليس النهج الصحيح”، وأوضح أن النهج الصحيح هو: “التعامل مع العلاقة بشكل كلي”.
ونوَّه بأن هناك العديد من القضايا الأخرى المعلقة، وأن الحلول لهذه القضايا، مثل التجارة، ستُحسن العلاقة بين البلدين. ويرى “سينها” أنه: “على باكستان أن تفعل أكثر مما فعلته الهند”؛ لأن “نيودلهي”: “أظهرت، من حين لآخر، انفتاحًا لم ترُد باكستان عليه بالمثل”، حسب تعبيره.
ماذا قد يفعل “شهباز شريف” ؟
“اشتياق أحمد”، خبير السياسة الخارجية في “إسلام آباد”، قال لـ (الأناضول)، إنه يتوقع: “نهجًا مزدوجًا” من رئيس الوزراء الباكستاني المنتخب حديثًا، لمعالجة الوضع الحالي للعلاقات مع “الهند”، لا سيما في سياق خطوة “نيودلهي”؛ في آب/أغسطس 2019.
وأضاف: “من المتوقع أن يتخذ شهباز شريف؛ نهجًا أكثر حزمًا لمواجهة هذا التحدي الخطير”. وحمّل “أحمد” خطوة “نيودلهي”؛ بشأن “كشمير”، المسؤولية عن المزيد من الإضرار بالعلاقات الثنائية المتوترة بالفعل، حيث قال: “منذ ذلك الحين؛ (آب/أغسطس 2019)، يُعيد النظام القومي الهندي تشكيل التركيبة السكانية وهوية غامو وكشمير، وهو أمر غير مقبول لباكستان”.
وأشار إلى أن خطاب التنصيب الذي ألقاه “شهباز”، عبّر عن الرغبة في تحقيق السلام مع “الهند”، ولكن في إطار قرارات “مجلس الأمن الدولي”؛ بشأن “كشمير”. وكرئيس جديد للوزراء في “باكستان”، قال “أحمد”، إن “شهباز” سيكون: “أكثر صراحة” في إدانة خطوة “الهند”؛ في آب/أغسطس 2019، على المستوى الدولي.
“في الوقت نفسه، لن يغلق شريف الباب أمام الدبلوماسية؛ حتى يتمكن البلدان من تجاوز وقف إطلاق النار الحالي على طول خط السيطرة، والبدء على الأقل في الحديث عن المحادثات، أو إحياء ما يُسمى بالحوار المركب، لتسوية جميع القضايا العالقة وخاصة نزاع كشمير”.
“جاتين ديساي”، السكرتير السابق لـ”المنتدى الشعبي الباكستاني-الهندي للسلام والديمقراطية”، وهو منتدى لمجموعة من نشطاء السلام الباكستانيين والهنود، قال إن القيام بخطوة صغيرة نحو استئناف المحادثات أمر ممكن.
وأضاف “ديساي”؛ لـ (الأناضول): “قد لا يكون من الممكن استئناف كامل للحوار، خاصة أن باكستان ستُجري انتخابات العام المقبل، لكن أعتقد أن بداية صغيرة لاستئناف الحوار أمر ممكن ويجب القيام بها”.
واعتبر أن “شهباز” قد يجد صعوبة في اتخاذ خطوة فورية نحو تطبيع العلاقات، بالنظر إلى شعبية سلفه؛ “عمران خان”، الذي غالبًا ما كان يُشير إلى “شهباز”؛ وشقيقه الأكبر، “نواز”، بـ”أصدقاء مودي”، وهي كلمة تُستخدم بشكل سلبي في السياسة الباكستانية.
وكان تحليل لصحيفة (Indiatoday) الهندية؛ قد تطرق أيضًا للزيارة الخاصة التي قام بها “مودي” إلى “باكستان”؛ عام 2015، لحضور مناسبة عائلية تخص “نواز شريف”، في إشارة للعلاقة الجيدة التي ربطت بين “مودي” و”شريف”، لكن الصحيفة أيضًا خلصت إلى أن ذلك لا يعني بالضرورة تحسنًا تلقائيًا للعلاقات في عهد “شهباز شريف”.
وقال “ديساي”؛ لـ (الأناضول): “دعونا نبدأ بعدد من الأمور التي يمكن تحقيقها، يجب على البلدين أن ينتدبا مرة أخرى مفوضَين ساميَين لهم في الدولة الأخرى، كما يجب أن يعمل كل من المفوضَين الساميَين بكامل طاقتهما”.
وشدد على أنه يتعين على “الهند” إصدار تأشيرات طبية للمحتاجين، كما يتعين على البلدين الإفراج عن الصيادين وإعادتهم إلى بلادهم، موضحًا أن هذه الخطوات: “يمكن أن تُساعد في بناء الثقة بين البلدين، وهذا هو الشيء المطلوب بشكل أكبر في السياق الحالي”.
زيارة “إلهان عمر” إلى “كشمير”..
وفي ذات السياق؛ في زيارة نادرة من نوعها، زارت عضو “الكونغرس” الأميركي؛ “إلهان عمر”، الشطر الباكستاني من “إقليم كشمير”، الخميس 21 نيسان/إبريل، وقالت إن هذه القضية يجب أن تحظى باهتمام أكبر من “الولايات المتحدة”، وهو ما أثار رد فعل غاضبًا من “الهند”، بحسب (رويترز).
وظلت “منطقة كشمير”، ذات الأغلبية المسلمة، مصدر توترات منذ وقت طويل بين الجارتين النوويتين: “الهند” و”باكستان”، وهو ما دفعهما إلى خوض ثلاث حروب منذ استقلالهما عن الإمبراطورية البريطانية؛ في عام 1947. ويُطالب البلدان بالإقليم بأكمله، لكنَّ كلاً منهما يُسيطر على شطر منه.
وقالت “إلهان عمر” للصحافيين، بعد زيارة خط المراقبة الذي يُقسم الإقليم: “لا أعتقد أنه يجري الحديث عن الإقليم؛ (كشمير)، بالقدر الذي يحتاجه، ليس في الكونغرس فحسب بل أيضًا في الإدارة (الأميركية)”.
وتساءلت “عمر”، في وقت سابق من هذا الشهر، عما وصفته بإحجام الحكومة الأميركية عن انتقاد حكومة رئيس الوزراء الهندي؛ “ناريندرا مودي”، بشأن حقوق الإنسان. وبعد أيام، قال وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، إن “الولايات المتحدة” تُراقب ما وصفه بزيادة في انتهاكات حقوق الإنسان في “الهند”؛ من قِبَل بعض المسؤولين، في توبيخ مباشر نادر من “واشنطن” لسجل “نيودلهي” الحقوقي.
وتواجه “الهند”؛ منذ فترة طويلة مزاعم بانتهاكات حقوقية في الجزء الخاص بها في الإقليم، وهي اتهامات نفتها “نيودلهي”، لكن منذ وصول “مودي” إلى الحكم؛ عام 2014، لم تُعد الاتهامات بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان بحق المسلمين في “الهند” مقتصرة فقط على “كشمير”، بل وصلت إلى حد دعوات علنية لإبادة المسلمين، الذين يبلغ تعدادهم أكثر من: 200 مليون نسمة، ويُمثلون: 14% من السكان.
وقالت “إلهان عمر”؛ التي وصلت إلى “إسلام آباد”؛ الثلاثاء 19 نيسان/إبريل، والتقت بزعماء باكستانيين: “فيما يتعلق بمسألة كشمير، عقدنا جلسة استماع في لجنة الشؤون الخارجية؛ (بالكونغرس)، للنظر في التقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان”.
وانتقدت “نيودلهي” بشدة زيارة “عمر”. وقال “أريندام باغشي”؛ المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الهندية: “دعني أقل فقط إنه إذا أرادت هذه السياسية أن تُمارس سياستها ضيقة الأفق في الداخل، فهذا شأنها. لكن انتهاك وحدة أراضينا وسيادتنا أمر يخصنا، ونعتقد أن الزيارة تستحق التنديد”.