خاص : كتبت – هانم التمساح :
ثغرات تتكشف يومًا بعد يوم، تُظهر مدى الفساد الذي يغرق فيه “نظام الملالي”.. فمنذ قدّم الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، مشروع موازنة العام 2020 إلى “مجلس شوری” النظام، والجدال والنقاش حول أرقامه ومضمونه علی أشدّه.
وفي كل يوم ینکشف جانب جديد من الثغرات العميقة، تتعلق بمصادر تمويل هذه الميزانية وتسدید تكاليفها الطائلة، مما يُزیح الستار عن الأرقام المزیّفة لمشروع الموازنة للعام الجدید.
وأعترف نائب الرئيس الإيراني، “إسحاق جهانغيري”، بتفشي الفساد والفقر في بلد يرفع شعارات دينية؛ ويصدعنا بالحديث عن زهد قيادته، ورجالات “الحرس الثوري”، الذي يحكم البلد بالحديد، وأثبتت كل مؤشرات الفساد أنه أكثر المؤسسات فسادًا على الإطلاق.. ويبدو أن انتقادات نائب الرئيس تأتي ضمن صراع “الحرس الثوري” مع مؤسسة الرئاسة.
من جانبه؛ لم یبقى “روحاني” مکتوف الیدین أمام هذا الهجوم علیه وعلی حکومته، في صراعه مع “الحرس الثوري” وسطوته، فهو یدفع باستمرار المقرّبین منه؛ أمثال: “جهانگيري” و”نوبخت” و”همتي” وغیرهم، إلی المشهد السیاسي، في محاولة منه للحصول علی موافقة “مجلس الشوری” علی مشروع الموازنة بکل الطرق المتاحة، من خلال الإلحاح أو الإغراء أو إعطاء “وعود الإصلاح الاقتصادي” الكاذبة أو التهديد بكشف فساد قيادات “الحرس الثوري”.
نائب الرئيس : أُسر لا تجد قوت يومها !
وقال “جهانغيري”، وفقًا للتليفزيون الإيراني؛ أن: “الفساد والفقر متفشيان في البلد، وهناك أُسر لا تجد قوت يومها؛ في حين يستمر آخرون في نهب المال العام”، ووصف الفساد المستشري في “إيران”؛ بـ”النمل الأبيض في جسد الثورة”.
وطالب نائب الرئيس الإيراني؛ بالجدية في مكافحة الفساد، قائلًا إن ذلك يحتاج إلى “رقابة شاملة وتُقبل دور الصحافة من أجل الشفافية”.
وتابع “جهانغيري” إن: “البلاد تُمر بأصعب الظروف الإقليمية والدولية والداخلية، منذ عام 1979”. وأضاف: “إنه من أجل التغلب على الأزمات والمشاكل يجب أن يتم تجاهل أوجه القصور، وعلى الجميع أن يساعد على تجاوز هذه المرحلة الصعبة”.
ويرى خبراء، أن “جهانغيري” لم ينطق إلا بالحق في قضية الفساد في “إيران”، والتي تُصم النظام الإيراني بالعار. فالفقر والفساد في “إيران” وصلا إلى مستويات عالية للغاية؛ ولا يمكن السكوت عليهما.
كما أن “خامنئي”، المشغول بتربية الميليشيات والإنفاق عليها، لا يرى أي شيء آخر داخل “إيران”.
“منظمة الشفافية” : إيران من أكثر الدول فسادًا وعُملتها الأضعف..
ويُشير تقرير “منظمة الشفافية الدولية”، لعام 2019، إلى أن “إيران” من أكثر الدول فسادًا، حيث تحتل المرتبة (146) من بين 180 دولة.
ويأتي حديث نائب الرئيس الإيراني، عن تفشي الفساد والفقر؛ في حين كشفت النائبة في البرلمان الإيراني، “هاجر تشناراني”، في مقابلة لها مع موقع (إصلاحات نيوز) الإيراني؛ أن: “40% من الشعب الإيراني يرزحون تحت خط الفقر بسبب سوء الإدارة وعدم کفاءة بعض المسؤولين في إيران الغنية، كما أن العُملة الإيرانية هي الأضعف في العالم”.
من جانبها؛ أكدت “تشناراني”، وهي عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بـ”البرلمان الإيراني”؛ على أن: “لا الهجوم الخارجي ولا الأقمار الصناعية يمكن أن تزعزع معتقدات وإرادة الشعب الإيراني، لكن سوء الإدارة وإجحاف بعض المسؤولين هما من تسببا في استياء الشعب الإيراني”.
كما قالت إنه: “من المفارقة أن دولة تمتلك أكبر المناجم وثاني أكبر احتياطيات الغاز وثالث أكبر احتياطيات النفط في العالم وثاني أكبر احتياطيات المناجم تحت الأرض؛ ولها المركز الأول في السجاد والفستق والكافيار والزعفران والأرز والماء والكهرباء والشاي والآثار وغيرها، لكن عُملتها من بين الأقل قيمة في العالم”.
فساد “قاليباف” وحبس الصحافيين..
وفي سياق متصل، كانت قد قضت “محكمة الثورة الإيرانية” بسجن الصحافي، “ياشار سلطاني”، رئيس تحرير موقع (معمار نيوز) الإخباري، خمسة أعوام.
واعتقل “سلطاني”، عام 2016، بعدما نشر تحقيقًا يُظهر حجم الفساد في بلدية العاصمة، “طهران”، التي كان يترأسها “محمد باقر قاليباف”، القائد الأسبق للقوة الجوية لـ”الحرس الثوري” الإيراني.
و”محمد باقر قاليباف”؛ حاليًا هو عضو “مجمع تشخيص مصلحة النظام”، ومن أبرز قادة التيار الأصولي المتشدد، ويعول عليه أن يكون مرشحًا للانتخابات الرئاسية، عام 2021، وكان قائدًا سابقًا لسلاح الجو لـ”الحرس الثوري”، من عام 1997 – 2000، ورئيس الشرطة الإيرانية في الفترة من 2000 – 2005، وترشح عدة مرات للانتخابات الرئاسية، لكنه خسرها.
وفي الخامس من أيلول/سبتمبر 2016، أقدمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على حجب موقع (معمار نيوز) بأمر من السلطات القضائية، بعد استدعاء مدير الموقع، الصحافي “سلطاني”، من قِبل “محكمة طهران” المعنية بقضايا الصحافة ووسائل الإعلام.
وكشف “سلطاني”، في تحقيقه؛ عن قضايا اختلاس وفساد مالي كبيرة في بلدية “طهران”، مشيرًا إلى أن: “الأمين السابق للعاصمة طهران، محمد باقر قاليباف، باع 200 من عقارات تملكها البلدية شمال طهران بقيمة سوقية تتجاوز 800 مليون دولار، بأقل من نصف السعر وبالتقسيط، إلى 150 مسؤولًا ونائبًا في البرلمان”.
ورغم شيوع الفساد بشكل لافت داخل دوائر مقربة من السلطة في “طهران”، حاول القضاء الإيراني الإيحاء أمام الرأي العام في الداخل بمكافحة الفساد، سواء بتدشين محاكم اقتصادية خاصة، أو عرض المحاكمات على الهواء مباشرة.
“الحرس الثوري” الأكثر فسادًا..
تكشف بيانات رصدتها “وزارة الخارجية الأميركية” أن إجمالي ثروات المسؤولين الإيرانيين، المتورطين بشبهات فساد؛ تتخطى مليارات الدولارات، حيث كان آخرهم محافظ “البنك المركزي” الأسبق، “محمود بهمني”، (مقيم خارج إيران)، المتهم بالإستيلاء على نحو 2.7 مليار دولار أميركي من عوائد تصدير “النفط الخام” ومكثفات “الغاز” الإيرانية، قبل سنوات.
واعتبرت “الخارجية الأميركية”، عبر حسابها الرسمي باللغة الفارسية على موقع (تويتر)؛ أن وجوه الفساد في “إيران” عديدة من بينهم؛ “يحيى رحيم صفوي”، القائد السابق لميليشيات “الحرس الثوري” والمستشار الخاص للمرشد الإيراني، “علي خامنئي”.
وتتجاوز حصيلة ثروة “صفوي” مليارات الدولارات، (غير محددة)، حصل عليها نتيجة التلاعب في الأسواق المحلية، إلى جانب استخدامه ممارسات تجارية غير عادلة بُغية تحقيق أرباح طائلة.
كما تُعتبر شركة “سباهان” لتكرير النفط، (مستقلة)، التي يديرها “مصطفى صفوي”، شقيق مستشار “خامنئي”، أحد أبرز أشكال الفساد في “إيران”، كونها تحظى بدعم مباشر من ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني.
ويستشري الفساد في جميع مفاصل المؤسسات الرسمية والموازية الإيرانية، حيث يتجاوز حجم ثروة مرشد نظام ولاية الفقيه، “علي خامنئي”، 200 مليار دولار أميركي، في حين يقل أجر العامل الإيراني عن دولار واحد يوميًا.
ويُذكر أن “إيران” شهدت احتجاجات عمّت أغلب المدن والمحافظات الإيرانية؛ بسبب رفع سعر الوقود 300%، في شهر تشرين ثان/نوفمبر الماضي، وراح ضحيتها حوالي 1500 قتيل ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين، بسبب القمع الشديد الذي مارسته السلطات الإيرانية.
127 ألف طالب تركوا التعليم بسبب الفقر..
وفقًا للإحصاءات التي قدمتها “وزارة التربية والتعليم”، زاد عدد الأطفال الذين غادروا المدرسة، هذا العام، بمقدار ثلاثة آلاف؛ ليصل إلى ما مجموعه 127 ألف طالب.
ولا تملك “وزارة التربية والتعليم” المساحة التعليمية لتعليم الطلاب غير الحاصلين على تسجيل أسمائهم للدراسة. ومع الإتجاه الحالي لمقاطعة “سيستان” و”بلوشستان”، لن يكون هناك تحسن في المؤشرات المذكورة.