خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إشارة إلى التقارب “السوري-السعودى”، الذي إنقطع منذ 10 سنوات، ذكرت صحيفة (الوطن) أن مندوب “سوريا” الدائم في الأمم المتحدة، “بشار الجعفري”، شارك بحفل خاص تلبية لدعوة من مندوب “السعودية” في الأمم المتحدة، “عبدالله بن يحيى المعلمي”.
ونقلت عن مصادر دبلوماسية غربية متابعة في “نيويورك”، أن “الجعفري” شارك في حفل خاص أقيم على شرف وزير الدولة السعودي، “فهد بن عبدالله المبارك”، تحضيرًا لرئاسة “السعودية” للاجتماع القادم لـ”مجموعة العشرين”.
وذكرت المصادر أن: “الجعفري حضر الحفل تلبية لدعوة خاصة كان قد تلقاها من مندوب السعودية في الأمم المتحدة، عبدالله بن يحيى المعلمي، وتقصد المعلمي والوزير المبارك اللقاء بالجعفري خلال الحفل، ما أثار اهتمام الحاضرين وشكل مفاجأة ودية لهم”، وعبر المسؤولون السعوديون، خلال هذا اللقاء، عن قناعتهم بأن ما جرى بين البلدين يجب أن يمر، مشددين على العلاقات الأخوية، التي طالما جمعت بين “سوريا” و”السعودية”.
وفي هذا الخصوص؛ أشارت مواقع إلكترونية، إلى أن المسؤولين السعوديين عبرا، خلال الحفل، عن محبتهما لـ”سوريا”، مؤكدين على أن ما شهدته العلاقات بين البلدين ليس سوى سحابة صيف ستُمر حتمًا.
وأثار حضور “الجعفري” للحفل، بحسب تلك المواقع، اهتمام ومتابعة الحضور الذين فوجئوا بوجوده وبحفاوة الاستقبال السعودي له، وما كشفته المواقع الإلكترونية، أكدته مصادر (الوطن)، التي رفضت الكشف عن هويتها، معتبرة أن هذا الخبر “جدير بالإهتمام”.
وسبق الخطوة السعودية، خطوة إماراتية مماثلة، حيث اعتبر القائم بأعمال دولة “الإمارات العربية المتحدة” في دمشق، المستشار “عبدالحكيم إبراهيم النعيمي”، أن العلاقات بين بلاده وسوريا “متينة ومتميزة وقوية”.
وخلال حفل استقبال بمناسبة “العيد الوطني للإمارات العربية”، في سفارتها بـ”دمشق”، أعرب “النعيمي” عن أمله في أن: “يسود الأمن والأمان والاستقرار ربوع الجمهورية العربية السورية تحت القيادة الحكيمة”.
خطوة جديدة في إطار تطبيع العلاقات..
المحللون السياسيون يرون أن هذا اللقاء يُعد خطوة جديدة مهمة في إطار المساعي الرامية إلى تطبيع العلاقات “السعودية-السورية” بشكل متدرج لأسباب واعتبارات عدة لديها علاقة بمصالح البلدين. ويعتبرون أن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، يضطلع اليوم بدور كبير في تفعيل هذه المساعي. فهو حريص على عودة العلاقات الثنائية “السعودية-السورية”؛ لأن ذلك سيسمح لـ”روسيا” بتيسير التنسيق مع قوى إقليمية في منطقة الشرق الأوسط؛ منها “العربية السعودية وإيران وروسيا وتركيا ومصر وإسرائيل”. و”بوتين” مقتنع بأن إنخراط “المملكة العربية السعودية” في إعادة إعمار “سوريا”، بعد عودة العلاقات “السورية-السعودية” عنصر إيجابي جدًا يستفيد منه اقتصادًا، هذين البلدين، علمًا أن الدول الغربية ليست متحمسة حتى الآن لفكرة المساهمة ماليًا في هذه العملية؛ وأن “روسيا” ليست لديها الإمكانات المالية التي تتيح لها المساهمة فيها بشكل فاعل.
الجامعة العربية.. والوساطة مع إيران..
أما الهدف الأساس الذي يمكن لـ”سوريا” أن تحققه من خلال إعادة العلاقات مع “السعودية”، فهو العودة إلى “الجامعة العربية”. وتدرك “دمشق” تمامًا أن وزن “الرياض” مهم جدًا لتحقيق هذا الغرض. وأما القيادة السعودية فإنها مقتنعة، اليوم، بأن إعادة العلاقات “السعودية-السورية” إلى مجراها يمكن أن يساعدها على تحقيق عدة أهداف؛ منها إيجاد وسيط طبيعي مع “إيران” لتجاوز التصعيد “الإيراني-السعودي”، وفتح أفق لإنهاء النزاع اليمني الذي أهتدى، الأمير “محمد بن سلمان”، ولي العهد، إلى أن استمراره عقبة كأداء أمام مشروعه الرامي إلى تنويع مصادر الثروة السعودية وتجاوز مرحلة الإعتماد شبه الكلي على عائدات “النفط”. وكان قد ألمح إلى ذلك في حديث خص به، في آب/أغسطس عام 2018، مجلة (تايم) الأميركية؛ قال فيه مما قال إن: ” بشار باق”، في إشارة إلى الرئيس السوري. وأضاف يقول في الحديث ذاته إنه من مصلحة “بشار الأسد”: “ألا يترك الإيرانيين يتصرفون كما يريدون في المنطقة”.
رسالة لإنفراجة في العلاقات..
كما يقول سفير سوريا السابق لدى أنقرة، الدكتور “نضال قبلان”، حول أهمية التقارب “السوري-السعودي”؛ أنه: “في الأشهر الأخيرة هناك بوادر إنفراجات، حيث تم إعادة افتتاح السفارة الإماراتية والسفارة البحرينية في دمشق، أما بالنسبة للسعودية فعلى ما يبدو بأن الأميركي ضغط على السعودية لتأجيل فتح السفارة السعودية في دمشق وربطها بشروط لا تقبل بها دمشق، والسعودية تبقى دولة مهمة في منطقة الخليج كانت لها علاقات قوية تاريخيًا مع دمشق، والخطوة السعودية ربما هي رسالة لإنفراج في العلاقات بين دمشق والرياض”.
إعادة ترتيب المسؤوليات..
ويرى الخبير الإستراتيجي السوري، “كمال جفا”، أنها: “خطوة إيجابية من قِبل الجهات الرسمية السعودية؛ جاءت في ظروف استثنائية، حيث وصلت المنطقة إلى مرحلة متقدمة من الصراع والتشابك الإقليمي، وخاصة بعد تفجر الأوضاع في ليبيا وإنكشاف الأطماع الإقليمية لتركيا الواضحة في التصريحات المتلاحقة للقادة الأتراك حول الأهداف التوسعية، وحتى سحب البلاط بالكامل من تحت أرجل الدول العربية في تحديد مصير المنطقة، وحتى زعامة الأمة الإسلامية مما يحتم على السعودية إعادة قراءة المشهد السياسي والعسكري والميداني لما يحدث في المنطقة وإعادة ترتيب مسؤولياتها العربية والإسلامية من جديد وإعادة تفعيل دورها في المنطقة؛ وهذه الخطط لابد أن تكون سوريا ممر ومعبر للسعودية للدخول أو لتوسيع دورها في قضايا المنطقة”.
لجم الأطماع السورية..
وأضاف “جفا”: “الملف السوري وتشابكات المصالح بين الدول المنخرطة في الملف السوري يساعد السعودية على عودة دورها العربي والإسلامي؛ ومع تضارب المصالح التركية مع السعودية فالوجهة الوحيدة هي القيادة السورية والتي لها مصلحة أيضًا في لجم الأطماع التركية وتحجيم الأدوات التركية في سوريا عبر إيجاد منصة وملاذ ومدخل مرضي أيضًا لبعض الفصائل المعتدلة للإنتقال من الحضن التركي إلى السعودية، وخاصة لمن يرفضون الدور الروسي كوسيط مع الحكومة السعودية”.
فوائد التقارب للبلدين..
وحول العوامل المشتركة بين البلدين؛ وما هي فوائد التقارب لكل من البلدين، قال “جفا”: “عودة الدفء للعلاقات (السورية-السعودية) هو مصلحة مشتركة وهناك نقاط تلاقي اليوم على أرضية الصمود الذي حققه الجيش والقيادة السورية وتوسع سيطرة الحكومة السورية على مساحات واسعه وإنتهاء أحلام معظم الدول بإسقاط الدولة والجيش السوري وسقوط المشاريع التقسيمية، يُحتم على السعودية البناء من جديد على بدء مرحلة جديدة من العلاقات ضمن مصالح إستراتيجية واسعة ومتبادلة أولها منع مزيد من التفتيت والتدمير للمنظومة العربية ولجم الدور التركي أو تحجميه والتنسيق ما أمكن في بعض القضايا الخلافية في حرب اليمن والدور الإيحابي الذي يمكن لسورية أن تلعبه مع إيران، عدا عن التوافق في الملف الليبي بين البلدين مما يعني أن نقاط التقارب والتوافق أكبر من نقاط الاختلاف”.
نقطة تحول كبيرة في مجمل العلاقات العربية..
وأشار “جفا” إلى ضرورة: “تفعيل دور المجتمع المدني والجمعيات والمؤسسات والاتحادات الشعبية في رفع مستوى هذه العلاقة للبناء على ما يتم إنجازه في كسر الحواجز العالية الشعبية والرسمية التي شابت العلاقات خلال السنوات السابقة.. عودة العلاقات (السعودية-السورية) ستكون نقطة تحول كبيرة في مجمل العلاقات العربية وستتبعها حتى خطوط تواصل مع عدد من الدول العربية التي تدور في الفُلك السعودي؛ كمصر والإمارات والكويت، مما سيؤدي الى نقطة تحول سياسي واجتماعي واقتصادي؛ وهو الأهم بالنسبة لسورية ضمن الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب السوري”.
بهدف العودة للوضع الاقتصادي السليم..
من جهته؛ اعتبر المحلل السياسي السعودي، “سعد بن عمر”، أن: “هذا اللقاء يوضح الأخلاق العربية في مثل هذه المحافل الدولية، حيث تأبى الأخلاق العربية إلا أن تكون حاضرة قبل أي جهد سياسي أو دبلوماسي، لذلك يُفضل أن نراها من هذه الزاوية”، مضيفًا: “أما من ناحية عودة العلاقات، أعتقد أننا جميعًا نسير في هذا الطريق”.
وحول الفوائد التي ستعود على البلدين في حال عودة العلاقات، قال الخبير السعودي: “لا شك أن سوريا بحاجة إلى المحيط العربي بالدرجة الأولى، فسوريا لا تستطيع أن تنسلخ عن جلدتها العربية … وأعتقد أن سوريا بحاجة لنسج علاقات عربية سواء مع العراق أو الأردن أو السعودية أو مجلس التعاون الخليجي، لكي تعود إلى الوضع الاقتصادي السليم”.
وأشار إلى أن: “مصلحة السعودية كبيرة جدًا بعودة سوريا إلى الحضن العربي، وهي بالدرجة الأول تُصب في مصلحة أمن النظام العربي السياسي والإستراتيجي والأمني؛ لأن هناك أخطار تحدق في المنطقة … وبالتالي عودة سوريا إلى حضن العرب”.