خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
بالأمس التقى الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، ونظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، في مدينة “جنيف”، حيث اعترف الطرفان بأن العلاقات الثنائية في أكثر حالتها برودة. لذلك؛ ولأن اللقاء لم يكن احتفالي وقاصر على التقاط الصور فقط، لا يجب أن نتوقع أن يفضي اللقاء إلى نتائج خارقة للعادة.
ووفق إذاعة (BBC) البريطانية؛ فقد التقى الطرفان تحت تدابير أمنية مشددة، ووقفا أمام الكاميرات لإلتقاط الصور بصحبة الرئيس السويسري، “غاي بارمولان”، الذي أعرب عن أمله في أن تكون للقمة: “انعكاسات إيجابية على البلدين والعالم”.
وعلق “بايدن” قائلًأ: “كما أقول كثيرًا، فاللقاء وجهًا لوجه أفضل”. ووصف البلدين بالقوتين العظمتين؛ ووأكد سعي “الولايات المتحدة”، خلال العقود الثلاث الأخيرة، إلى عدم تجاهل دور “موسكو” العالمي. وحين أعلنت “روسيا” الهجوم على “أوكرانيا”؛ وصف الرئيس الأميركي، آنذاك، “باراك أوباما”، “موسكو”: بـ”القوة الإقليمية”.
وعليه تُرسل تصريحات “بايدن”؛ إشارة إيجابية للجانب الروسي. وفي بداية حديثه، أثنى “بوتين” على: “مبادرة، بايدن، للقاء”، وقال: “أعلم أنك قطعت مسافة طويلة، بينما يجب عليك القيام بالكثير من الأعمال. والعلاقات بين البلدين تنطوي على الكثير من الموضوعات، وآمل أن يكون هذا اللقاء مؤثرًا ومفيدًا”. بحسب صحيفة (إيران) الرسمية.
مشكلات “بايدن-بوتين” الشخصية والوطنية..
يأتي هذا اللقاء؛ في ظل البرودة التي تخيم على العلاقات بين البلدين، فضلًا عن توتر العلاقات بين “بايدن” و”بوتين”، ورغم المجاملات الثنائية بين الطرفين؛ إلا أنهما لم يشعرا بالسعادة وتبادلا الوصف: بـ”العدو الذكي” و”الشخص الذي لا يمكن التعامل معه”.
وبحسب تقرير صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية، فإن أول خواطر، “بوتين”، عن تصريحات، “بايدن”، تعود للعام 2011م، وقد كان حينها نائبًا للرئيس الأميركي، وفيها: “أظن أن الرئيس الروسي بلا روح”.
وفي ربيع العام الجاري؛ وصف في حوار صحافي، نظيره الروسي: بـ”القاتل”. وهو ما استدعى رد فعل روسي سريع، حيث حذر، “بوتين”، الغرب بشكل عام من تجاوز الخطوط الروسية الحمراء؛ وإلا فإنه فسوف يواجه غضب “الكرملين”.
مع هذا؛ ووفق صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، فالمشكلات بين “بايدن” و”بوتين”، تتجاوز وجهة النظر الشخصية. ولعله من تصاريف القدر أن يلتقي الرئيسان، الأميركي والروسي، بعد لقاء الرئيسان: “رونالد ريغان” و”ميخائيل غورباتشوف”، عام 1985م، حيث أكتنفتهما الرغبة في المصالحة؛ إنهاء حالة الحرب الباردة.
وقد تغير العالم كثيرًا، منذ هذا اللقاء، لكن وجه الشبه بين اللقائين هو أجواء المصالحة النسبية بين البلدين، لأن “بايدن”، الذي وصف، “بوتين”، مؤخرًا: بـ”الخبير بعالم السياسية”، يواجه “روسيا” على الأراضي السورية، والتي تتمتع من المنظور السياسي بنفوذ كامل في الشرق الأوسط رغم العقوبات. ويُمثل التقارب الروسي مع “الصين”، المعادية لـ”الولايات المتحدة”، تهديدًا كبيرًا.
وعليه؛ يبدو أن “بايدن” لا يعتزم تبنى نفس منهج سلفه المعادي لـ”الصين”، القتال على جبهتين، ولذلك ورغم تصريحاته المناوئة للجانب الروسي مؤخرًا، فإنه يعتقد أن خياره الوحيد ينحصر بين الـ (ناتو) أو حلف الأطلسي، ويعمل منذ الوصول إلى السلطة على إرسال إشارات إلى الجانب الروسي تمثل دعوة للتعاون المشترك والقضاء على الخلافات الدولية الرئيسة.
فرصة للولايات المتحدة وروسيا والعالم..
رغم برودة العلاقات الشخصية والوطنية للقيادات الأميركية والروسية، إلا أن اجتماع “جنيف” يُمثل فرصة جيدة للبلدين للتعاون في الوصول إلى حل مشترك لإنقاذ العالم من المخاطر التي يعيشها.
وبحسب تقرير وكالة أنباء (رويترز)، نقلًا عن مصدر مطلع في الإدارة الأميركية، فقد دعا “بايدن” للحوار حول خمس محاور أساسية منها :
“الهجمات الإلكترونية”: حيث يعتقد، “بايدن”، تورط “روسيا” في قرصنة المؤسسات والانتخابات الأميركية. وفي المقابل يتهم الجانب الروسي، نظيره الأميركي، بالتورط في الحشد الإعلامي المضاد. وكذلك “حقوق الإنسان”: وتدعم “الولايات المتحدة”، “أليكسي نافالني”، باعتباره أكبر وأشهر معارض للرئيس، “بوتين”، وتتطلع للضغط على “الكرملين” للإفراج عنه سريعًا. في المقابل تُشكك “روسيا”، في الديمقراطية الأميركية؛ وتؤكد إزدواجية المعايير الأميركية، لأنها تتعامل نفس المنطق مع من هاجموا “الكونغرس”.
ويتوقع الطرفان إجراء مباحثات موسعة، بخصوص السيطرة على السلاح والإلتزام بالاتفاقيات المبرمة. ورغم التوقيع على اتفاقية، “البداية الجديدة”، لكن من المتوقع التوقيع على اتفاقيات جديدة، لاسيما بعد شيوع أخبار عن نشاط تسليحي للجانبين تؤكد استمرار الجانبين في تطوير أسلحة نووية جديدة.
كذلك فقد تناولت محادثات (بايدن-بوتين) ملفات: “أكرانيا وسوريا وليبيا”، كما يعتزم الجانبان التعاون في ملفات مثل: “(كورونا) والتغييرات الإقليمية والبرنامج النووي الإيراني وكوريا الشمالية والحرب الأفغانية”.