لقاء “بايدن” و”بوتين” .. خطوة أولى نحو عودة العلاقات بين أكبر خصمين في العالم !

لقاء “بايدن” و”بوتين” .. خطوة أولى نحو عودة العلاقات بين أكبر خصمين في العالم !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في لقاء تاريخي، اتجهت إليه أنظار العالم، فلم يحدث أن اجتمعا الطرفان، منذ 36 عام، فقد اختار الرئيسان: الروسي “فلاديمير بوتين”؛ والأميركي “جو بايدن”، “جنيف”، حيث جرى في عام 1985؛ اجتماع الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي، “ميخائيل غورباتشيوف”، والرئيس الأميركي، “رونالد ريغان”.

ورغم الخلافات الحادة بينهما؛ إلا أن “روسيا” و”الولايات المتحدة” اختارتا الحوار كوسيلة لمحاولة الوصول إلى أرض مشتركة لحل الخلافات بينهما.

فأكد البيان الأميركي الروسي المشترك، الذي صدر عقب إنتهاء القمة بين رئيسي البلدين، يوم الأربعاء، أن حوارًا ثنائيًا شاملاً سيجري إطلاقه حول الاستقرار الإستراتيجي، في مسعى إلى خفض التوتر بين البلدين.

وقال الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، ونظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، في البيان، إنهما يلاحظان إن “موسكو” و”واشنطن” قادرتان على إحراز تقدم في تنفيذ الأهداف المشتركة، حتى في أوقات التوتر.

التوتر لا يمنع التنبؤ في المجال الإستراتيجي..

وأورد البيان الذي أعقب “قمة جنيف”، أن التوتر لا يمنع “الولايات المتحدة” و”روسيا” من ضمان القدرة على التنبؤ في المجال الإستراتيجي، والحد من مخاطر النزاعات المسلحة وخطر الحرب النووية.

وأورد الرئيسان أن التمديد الأخير لمعاهدة “ستارت” يُشكل: “شهادة على إلتزامنا بالحد من الأسلحة النووية. اليوم نُعيد تأكيد تمسكنا بمبدأ أنه لا يمكن أن يكون هناك رابحون في حرب نووية ولا ينبغي إطلاق العنان لها”.

وأشار “بايدن” و”بوتين”؛ أن الحوار الذي سيجري إطلاقه سيكون حوارًا جوهريًا وحيويًا، ثم أضافا أنه: “من خلال هذا الحوار، نهدف إلى إرساء الأساس للتدابير المستقبلية للحد من التسلح وتخفيف المخاطر”.

عودة تبادل السفراء..

وفي وقت سابق، قال الرئيس الروسي، إنه اتفق مع نظيره الأميركي، “جو بايدن”، على عودة السفيرين الروسي والأميركي إلى كل من: “واشنطن” و”موسكو”، في مؤشر على تمكن اللقاء من إذابة بعض الجليد الذي يربك علاقات البلدين.

وأورد “بوتين”، خلال مؤتمر صحافي، بـ”جنيف”، عقب إنتهاء القمة مع “بايدن”، أن الاجتماع كان مُثمرًا وبناءً، وسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة لحل الخلافات بين البلدين.

من ناحيته، قال “بايدن” إنه ناقش، مع نظيره الروسي، مجموعة من القضايا المهمة، من بينها: “التعاون الإستراتيجي، والهجمات السيبيرانية، وحقوق الإنسان، واعتقال روسيا للمعارض، أليكسي نافالني، والملف النووي الإيراني، والوضع في أوكرانيا سوريا وليبيا، والتعاون في القطب الشمالي”.

وأضاف: “أنا وبوتين؛ تبادلنا المسؤولية المشتركة لإدارة العلاقات بين أكبر دولتين.. يجب أن تكون علاقتنا مستمرة ويكمن التنبؤ بها، وأن نكون منفتحين على التعاون حسب مصالحنا المشتركة”.

وتابع الرئيس الأميركي قائلاً: “أخبرت بوتين؛ أن أجندتي ليست ضد روسيا أو أي طرف آخر، وإنما لمصلحة الشعب الأميركي”.

محادثات مباشرة وبناءة..

عن اللقاء، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى؛ إن المحادثات بين الرئيس “جو بايدن”؛ ونظيره الروسي “فلاديمير بوتين”، لم تُغير أجواء العلاقات “الأميركية-الروسية”، لكن نبرة المحادثات كانت مباشرة وبناءة وغير جدلية وعملية.

وأضاف المسؤول، عقب القمة، التي جمعت بين الرئيسين في “جنيف”: “الأمر لا يتعلق بضغطة زر. سيستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة ما إذا كانت مجالات التعاون المحتمل تلك ستؤدي بالفعل إلى نتائج، لا ندري”.

ترامب” يهاجم القمة..

فيما هاجم الرئيس الأميركي الأسبق، “دونالد ترامب”، القمة، ووصفها بأنها كانت يوم عظيمًا لـ”روسيا”، مضيفًا أن “أميركا” لم تحصل على شيء منها.

وقال “ترامب”، في تصريحات لـ (فوكس نيوز)، عقب إنتهاء القمة: “لم نحصل على شيء، لقد منحنا روسيا منصة كبيرة للغاية، ولم نحصل على شيء. لقد تخلينا على شيء قيّم بشكل لا يصدق. لقد أوقفت خط إمداد (نورد ستريم 2)، وتمت إعادته دون أن نحصل على شيء فى المقابل”.

تنازل عن العقوبات..

وكانت إدارة “بايدن” قد أعلنت، الشهر الماضي، أنها تنازلت عن عقوبات ضد شركة “نورد ستريم”، التي تملكها “روسيا”، ومقرها “سويسرا”، حيث تشرف على بناء خط إمداد غاز يربط “روسيا” و”ألمانيا” تحت “البحر الأسود”، بحسب ما تقول صحيفة (نيويورك بوست). ورأى مشرعون، من كلا الحزبين، أن (نورد ستريم 2) تُمثل خطرًا أمنيًا يقوض الـ (ناتو) والمصالح الأميركية، بجعل “ألمانيا” أقرب لـ”روسيا”، وحرمان “أوكرانيا” من عائدات رئيسة.

وكان “ترامب” قد فرض العقوبات عند توقيعه مشروع ميزانية الدفاع السنوى، فى أواخر عام 2019، وانتقد “ألمانيا” وحلفاء “أميركا” الأوربيين للتحول إلى “روسيا” لتلبية احتياجاتهم من الطاقة.

وقال “ترامب”، في تصريحاته لـ (فوكس نيوز): “لقد ذهبت إلى ألمانيا، وقلت أسمعوا إننا نحميكم مع الـ (ناتو)، بثمن قليل للغاية، لدينا 52 ألف من الجنود هناك، وهو أشبه بمدينة كبيرة للغاية صراحة، إنهم يجنون ثروة معنا، ثم يذهبوا ويدفعون لروسيا المليارات والمليارات من الدولارات مقابل الطاقة”.

فرصة عظيمة لإقامة علاقة..

وفيما يتعلق بالقمة، قال “ترامب”، لمذيع (فوكس نيوز)، الشهير: “شون هانتي”، إنه كان يعرف الرئيس الروسي جيدًا، وأضاف أنه يعتقد أن كانت هناك فرصة عظيمة لإقامة علاقة لا تصدق مع “روسيا”، وكان يمكن أن يكون ذلك رائعًا، مفيدًا حقًا لكلا البلدين. فكما تعلم، إنهم يحتاجون إلى الاقتصاد ونحتاج إلى الأشياء التي لديهم، لديهم أرضٍ ثمينة للغاية من حيث حقوق التعدين والعديد من الأشياء الأخرى.

رسالة من “البيت الأبيض” باستعادة أميركا مقعدها..

وفي تحليله للقاء، قال الدكتور “ماك شرقاوي”، المحلل السياسي الأميركي، إن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، رجل يتحدث عن البدائل وتقديم التسويات، مؤكدًا أنه نجح، من خلال قمته مع نظيره الروسي، “بوتين”، في إيصال رسالة “البيت الأبيض”، إلى العالم، باستعادة “الولايات المتحدة” مقعدها في قيادة العالم.

ورأى “شرقاوي” أن لقاء “بايدن” و”بوتين”؛ كان: “براغماتيًا”، مشيرًا إلى أن الاتفاق على عودة السفيرين بين البلدين، دون تحديد موعد، مؤكدًا أنه مؤشر إيجابي.

ولفت إلى أن الرئيس الروسي؛ أكد أنه يتم تطبيق القانون على “نافالني”، المعارض الروسي المحبوس في السجون الروسية، بعد مطالبات أميركية بالإفراج عنه، مشيرًا في الوقت ذاته؛ إلى أن “بوتين” تعهد، لـ”بايدن”، بأن “إيران” لن تصل إلى السلاح النووي.

وأكد أن القمة خرجت بالعديد من الإيجابيات؛ أبرزها أن الخلافات “الأميركية-الروسية” يمكن حلها عبر الحوار، مضيفًا أن “بوتين” نفى تدخله في الأمور الخاصة الأميركية.

ونوه المحلل السياسي بأن الصراع بين أكبر قوتين نووتين، قد يؤدي إلى نهاية الكون.

خطوة أولى أكثر تساهلاً..

من جهتها، قالت الكاتبة “هديل عويس”، المتخصصة في الشأن الأميركي، إن هناك اعتراف من “واشنطن” و”موسكو”؛ بأن العلاقة اليوم تمر بأسوأ مراحلها، لافتة إلى أن إدارة “بايدن” لم ترغب في وجود خاسر أو رابح من “قمة جنيف”.

وأضافت “هديل عويس”؛ أن الإدارة الأميركية تأمل، من هذه القمة؛ بأن تتوقف المشكلات مع “روسيا” ويكون لها حلاً، لافتة إلى أن نتائج القمة سوف نعرفها مما سيتحقق خلال الشهور المقبلة.

وأوضحت المتخصصة في الشأن الأميركي أن الإدارة الأميركية تؤمن بأن الحديث العلني المتشدد لم يؤدِ إلى أي نجاحات دبلوماسية، وهذا سبب رفض عقد اجتماع علني بين الرئيس الأميركي ونظيره الروسي.

وأشارت إلى أن “قمة جنيف” لها مغزى مهم، وهو رغبة الطرفين بالعمل المشترك، منوهة بأن هذه القمة كانت خطوة أولى فيها الكثير من التساهل، وهناك رغبة حقيقية بالعمل، خاصة أن “الصين” أكبر خطر يهدد السياسة الأميركية.

دعوات للتفاؤل حول ما سيحدث مستقبلاً..

وحول هذه القمة؛ قال مدير مركز “العربي” للدراسات الإستراتيجية، “محمد صادق إسماعيل”؛ أن: “من أبرز الخطوط الحمراء التي حددتها الرئاسة الروسية؛ هي عدم التدخل بالشؤون الداخلية لروسيا، كالمعارضة وشبه جزيرة القرم ومزاعم التدخل في الانتخابات الأميركية، ولكن يبقى هناك نقاط تلاقي، أهمها لقاء الرئيسين شخصيًا، ووجهًا لوجه، ما قد يُزيل الكثير من الخلافات، والمكان له دلالة، والتوافق الروسي الأميركي سيحدث ولو جزئيًا، وفي بعض الملفات كالانتشار النووي وملفي ليبيا وسوريا، وإن تصريحات كلا الجانبين قبل اللقاء تدعو للتفاؤل بما سينتج عنه”.

الصراع يجعل الإشكاليات على طاولة المفاوضات..

وفي حديثها، قالت دكتورة “سماء سليمان”، المتخصصة في العلاقات الدولية: “إن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية؛ دولتان كبيرتان في النظام العالمي، وهذا أمر يصعب إنكاره، لكن المشكلة أن الولايات المتحدة تسعى إلى الهيمنة على النظام الدولي ولا ترغب في تحويله إلى نظام متعدد الأقطاب، وهي في ظل إدارة بايدن ترغب أن تكون الدولة القائدة في النظام العالمي ولا تريد التراجع عن هذا الهدف”.

وأضافت أن: “الولايات المتحدة؛ تريد تقليص الدور الروسي في كل قارات العالم، لكن روسيا دولة كبيرة ويحق لها أن تؤمن أمنها القومي من وجهة نظرها، وأن تبسط نفوذها في مناطق التهديد بالنسبة لها، وبالتالي الصراع الحاصل مع الولايات المتحدة، يجعل هذه الإشكاليات دائمًا على طاولة النقاش والمفاوضات، لذا لا بد وأن تكون هناك نقاط توافق بين الدولتين حتى تستقر الأوضاع في العالم كله”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة