25 أبريل، 2024 8:19 م
Search
Close this search box.

لعدم فاعلية الإجراءات .. رحيل “دي مستورا” عن الملف السوري يقلب الموازين رأسًا على عقب !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة مفاجئة، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، “ستافان دي مستورا”، أنه بصدد التخلي عن مهمته، قائلاً أمام “مجلس الأمن الدولي” أنه سوف يترك منصبه في نهاية تشرين ثان/نوفمبر المقبل.

وكان “دي مستورا” قد تولى مهمته مبعوثًا خاصًا لـ”الأمم المتحدة” إلى “سوريا”، عام 2014.

وشارك “دي مستورا” في عدة جولات من المفاوضات؛ سعيًا لجلوس الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات، ووضع نهاية للصراع في “سوريا”، الذي لايزال دائرًا في أجزاء من البلاد بعد اندلاعه عام 2011.

مصادر دبلوماسية عربية؛ رجحت أن يتم تعيين مبعوث عربي كممثل لـ”الأمم المتحدة” في “سوريا”، وأشارت في تعليق لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء إلى أن المشاورات حول بديل للمبعوث “ستافان دي ميستورا” قد بدأت منذ مطلع شهر آب/أغسطس الماضي.

وكان الدبلوماسي الإيطالي السابق، الذي يحمل أيضًا الجنسية السويدية، “دي ميستورا”، قد أعلن، الأربعاء الماضي، أنه سيتنحى عن منصبه في نهاية تشرين ثان/نوفمبر المقبل.

وكانت شائعات عديدة قد أشارت، في السنتين الماضيتين، إلى أن “دي ميستورا” قدّم استقالته، لكن سرعان ما تبيّن أن المبعوث الأممي لم يكن يُفكر بهذا الأمر؛ رغم أنه واجه إنتقادات عنيفة من المعارضة السياسية السورية والنظام الحاكم في “دمشق”، على حد سواء.

يزور “دمشق” لمناقشة ما يتعلق بتشكيل اللجنة الدستورية..

ويأتي الإعلان عن الاستقالة في وقت نقلت فيه صحيفة (الوطن) السورية، المقربة من النظام، عن مصادر أنّ “دي ميستورا” سيزور “دمشق”، الأربعاء القادم، لمناقشة الأحداث الأخيرة فيما يتعلق بتشكيل “اللجنة الدستورية​”.

وبرزت مؤخرًا أسماء مرشحين لخلافة “دي ميستورا”، من بينهم وزير الخارجية الجزائري السابق، “رمضان لعمامرة”، المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، “نيكولاي ملادينوف”، والمبعوث الأممي الخاص إلى العراق، “يان كوبيش”. ويشير موقع “الأمم المتحدة” إلى أنه “تأتي تصريحات، دي ميستورا، بعد مرور أكثر من أربع سنوات منذ تسلمه منصب المبعوث الخاص”.

فيما يقول المبعوث الأممي: إنه “إذا توفرت الإرادة السياسية، فلا يوجد سبب لعدم عقد اللجنة الدستورية في تشرين ثان/نوفمبر 2018، أي بعد 10 أشهر من إعلان سوتشي”.

التأخر من جانب الحكومة..

ويرى أن “مذكرة التفاهم، بشأن إدلب، توفر فرصة فريدة لإطلاق لجنة دستورية ذات مصداقية وشاملة، الأمر الذي يجب الاستفادة منه”، ليلفت الأنظار إلى أن “السبب الرئيس للتأخير، حتى الآن، في عقد الدورة الأولى للجنة دستورية ذات مصداقية وشاملة في جنيف؛ هو الصعوبات التي تجدها الحكومة في تقبل القائمة الثالثة الحالية للمشاركين، التي أعدتها الأمم المتحدة وفقًا لإعلان سوتشي وقرار مجلس الأمن 2254”.

كما كشف أنه سيتوجه إلى “دمشق”، الأسبوع المقبل، بناء على دعوة من الحكومة السورية، قائلاً إنه يخطط لـ”إشراكهم في العمل الذي تم القيام به في اللجنة الدستورية”، مضيفًا: أن “مجموعة البلدان الصغيرة، وهي مصر وفرنسا وألمانيا والأردن والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، قد دعت إلى عقد اللجنة الدستورية دون تأخير”.

بسبب عدم فعالية الإجراءات..

من جانبه؛ كشف “الكرملين”، الخميس 18 تشرين أول/أكتوبر 2018، أسباب كشف “دي مستورا”، المبعوث الأممي لـ”سوريا”، عن نيته للاستقالة.

قائلاً المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، “دميتري بيسكوف”، إنه لم تكن جميع الإجراءات في “سوريا” فعالة، وهو ما دفع المبعوث الأممي للاستقالة، مؤكدًا على أن “الكرملين” يتطلع إلى دفع عملية التسوية السورية.

وأوضح “بيسكوف”: إن الاتصالات مع “دي ميستورا” كانت مستمرة، “ولكن لا يمكن أن نعتبر أن كل ما جرى كان فعالاً”. مضيفًا: “نحن نأمل، في كل الأحوال، أن تستمر التسوية السياسية في سوريا، لأنه لا يوجد بديل لذلك”.

روسيا لا تتفق مع موقف “المجموعة المصغرة”..

كما أعلن وزير الخارجية الروسي، “سيرغي لافروف”، أن “روسيا” غير متفقة مع موقف ما يسمى بـ”المجموعة المصغرة”؛ حول “سوريا”، فيما يتعلق باستخدام “دمشق” للأسلحة الكيميائية.

وقال “لافروف”: “تعمل مجموعة تأسست بمبادرة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تسمى (المجموعة المصغرة) حول سوريا، تضم فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والأردن والسعودية ومصر”.. مشيرًا إلى أن هذه المجموعة تتخذ مواقف لا توافق عليها “روسيا”.

وأَضاف “لافروف”: “نحن لا يمكننا أن نتفق مع موقف أعضاء ما يسمى بـ (المجموعة المصغرة)، وخاصة الدول الغربية، إزاء استخدام القوة ضد الدولة السورية والمنشآت الحكومية بحجة استخدام دمشق للأسلحة الكيميائية، والذى لم يثبت بالأدلة ولو مرة واحدة”.

وذكّر “لافروف”، أن ضربات “فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة” على المنشآت، التي يزعم أنه جرى تصنيع “الأسلحة الكيميائية” فيها، في نيسان/أبريل الماضي، شنت قبل ساعات قليلة من تفتيشها المخطط له من قبل مفتشي “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.

وسيط غير نزيه فشل في مهمته..

تعليقًا على الاستقالة؛ قال الدكتور “بسام أبوعبدالله”، أستاذ العلاقات الدولية، إن “دي مستورا” شخص ليس وسيط نزيه، إنما يمثل وجهة النظر الغربية الأميركية، وفشل في إنجاز مهامه في “اللجنة الدستورية”.

وأكد على أن استقالته ستكون نقطة إنطلاق جديدة، وكل الموفدين الدوليين كل منهم يأتي مكلف بأهداف محددة من قِبل القوى التي تدعمه، ويحمل الأجندة الخاصة بالدول الغربية.

وأردف “أبوعبدالله” قائلاً: “دي مستورا” حاول تمرير العديد من الأجندات الخارجية.

وأشار إلى أن الأسماء المطروحة من الممكن أن يكون من بينها، وزير الخارجية الجزائري السابق، أو “نيكولاي ميلادينوف”، فضلاً عن أن هناك أسماء أخرى، ومن الممكن أن يكون الاسم الأكثر رواجًا، عربي.

تراجع الدور الأميركي وتقدم السوري..

وقال “د. رامي الخليفة العلي”، الباحث في الفلسفة الإسلامية بجامعة “باريس”، إن دور “الأمم المتحدة” تراجع بشكل كبير، حيث حاول “دي ميستورا” أن ينجح، ولكن بعد سيطرة النظام السوري على أجزاء واسعة بدا أن الاتفاقيات الدولية هي التي تفرض شكلاً على الوضع، وبينما مهمة “دي ميستورا” كانت تطبيق القرارات الدولية، ومنها القرار رقم (2254)، وهذا لم يحدث مع وجود إجماع دولي على بقاء الرئيس السوري في الفترة الانتقالية، لذلك تراجعت مهمه “دي ميستورا” بشكل كبير وكان هناك تردد في استقالته المطروحة في الفترة الماضية مع مطالبة من “الأمم المتحدة” ببقائه..

مضيفًا “العلي” أنه لا يعتقد أن الإستقالة لها تأثير سلبي أو إيجابي في ظل توافقات علي الوضع مع وجود اتفاقات وتفاهمات دولية أخرجت “الأمم المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” من المعادلة بعيدًا عن الوضع؛ كما يحدث الآن في “جنوب سوريا” مع الجانب الإسرائيلي والأميركي، وفي “إدلب” هناك تفاهم “روسي-تركي” نزع عملية عسكرية، كان يمكن أن تكون لها آثار كارثية.

الانتقال لمرحلة إلزام المعارضة بالتسوية الإستسلامية..

وترى “سميرة المسالمة”، في مقال بـ (المرصد السوري لحقوق الإنسان)؛ أنه بإعلان المبعوث الأممي، “ستيفان دي مستورا” استقالته نهاية الشهر القادم، ينهي مرحلة التمهيد الأممي لإعلان فشل جهود “الأمم المتحدة” في إلزام النظام السوري بالخضوع للقرارات الدولية، من بيان (جنيف1)، عام 2012، إلى القرار (2254)؛ عام 2015، والانتقال إلى مرحلة إلزام المعارضة بالتسوية الإستسلامية التي يديرها الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، وتصمت عنها الإدارة الأميركية، وتسوف لها “الأمم المتحدة” بإختصار الحل السياسي بـ”لجنة دستورية” مرتهنة لمصلحة الدول المشكلة لها.

ثلاث مبعوثين للأمم المتحدة إلى سوريا..

موضحة أن “الأمم المتحدة” سجلت عبر تتالي المبعوثين الأمميين الخاصين إلى “سوريا”، (كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي وستيفان دي مستورا)، مراحل تطور ملف الصراع في إتجاهين: أولهما الصراع في “سوريا” وعليها، وثانيهما الصراع داخل أروقة “الأمم المتحدة” للهيمنة على قراراتها وتدجينها وتعدد قراءاتها حسب المصالح الدولية ورهاناتها على الملفات البينية بين الدول المتصارعة في الساحة السورية.

فمنذ بداية اندلاع الثورة، ومع كل تسمية جديدة لمبعوث خاص كان يمكن أن يلمس السوريين موقف “الأمم المتحدة”، ومدى جديتها في إنهاء الصراع “مع أو ضد الثورة”، فحيث أبدت “الأمم المتحدة” عبر تدخلها الأول، (خطة كوفي عنان)، رغبتها في قلب موازين القوى في “سوريا”، وإلزام النظام بالإمتثال إلى عملية سياسية شاملة، وتأطير الحراك على أنه “ثورة شعبية”، بمطالب سياسية وحقوقية، وفقًا للإرادة الأميركية المساندة آنذاك لفعاليات الثورة، إلا أنها في المرحلة الثانية بدت أكثر ميلاً للحلول “التهادنية” لمصلحة النظام من دون التسليم بانتصاره، لتمر إلى مرحلة التسليم بإرادة “روسيا”، والصمت على عمليات التهجير والتغيير الديمغرافي والمشاركة بها، والخضوع لإرادة الدول باستمرار الصراع حتى تحقيق مصالحها داخل “سوريا” وخارجها.

فحيث رغب “عنان”، (23 شباط/فبراير – 2 آب/أغسطس 2012)، في وضع حد للحرب التي أعلنها النظام على السوريين؛ وأدت إلى حمل السلاح على الطرف المواجه له، وذلك من خلال التمسك بالنقاط الست، (خطة عنان)، التي ركزت على الإلتزام بالعملية السياسية الشاملة بقيادة السوريين، والإلتزام بوقف جميع أعمال العنف المسلح، بما في ذلك وقف استخدام الأسلحة الثقيلة وسحب القوات، وإنهاء تحركات الجيش السوري بإتجاه المدن، والإفراج عن المعتقلين تعسفيًا، وضمان حرية حركة الصحافيين، والاتفاق على حرية تكوين المؤسسات وحق التظاهر السلمي، كان خليفته “الإبراهيمي”، (أيلول/سبتمبر 2012 – آيار/مايو 2014)، يبشر السوريين أنهم ذاهبون إلى “صوملة سوريا”، في حال لم يسيروا بإتجاه وقف إطلاق النار، (الذي فشل مرارًا)، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لم يستبعد منها “النظام”، وانتخابات برلمانية أو رئاسية، وهذا ما شجعته “روسيا” آنذاك، وهي لا تبتعد اليوم في حلولها المقترحة في “سوتشي” عن ذلك، مع تعديلات بسيطة تتمثل بأن تنهي إطلاق النار بإستسلام الفصائل المسلحة، وتسليم سلاحها، وتحولها إلى شرطة روسية، أو إنخراطها بـ”جيش الأسد”.

ومن جهة أخرى؛ لم يبتعد “دي ميستورا”، (تموز/يوليو 2014 – تشرين أول/أكتوبر 2018)، عن طروحات “خطة الإبراهيمي”، على رغم استصدار القرار (2254)، والذي يحدد مراحل الحل السياسي، بدءًا من مرحلة بناء الثقة التي تتضمن عمليًا ما جاء في “خطة عنان”، 2012، عن وقف إطلاق النار وسحب الجيش إلى ثكناته وإطلاق سراح المعتقلين، والتي حولها “دي ميستورا” إلى “سلال تفاوضية”؛ وهي أساسًا وفق القرار الأممي فوق تفاوضية، بل تم تحييد “الأمم المتحدة” نهائيًا في الحرب التي شنتها “روسيا” على “حلب” لاستعادتها إلى حكم النظام، 2016، ولاحقًا قَبل بمصادرة “روسيا” لمناقشة بنود إجراءات الثقة في مسارها، “آستانة”، المفتعل لتعطيل مسار “جنيف”، وفرغ جلّ وقته لإعادة هيكلة المعارضة السياسية، في الوقت الذي تعهدت فيه الدول الضامنة لاتفاقات خفض التصعيد بإعادة هيكلة الفصائل المسلحة وتفتيتها أو تجميعها بما يضمن مسار التسويات الدولية لهم.

تسير نحو الحل البيني “الروسي-الأميركي”..

وعلى ذلك؛ فإن بدء مرحلة أممية جديدة، من خلال مبعوث خاص يرضى عنه النظام ولا تضع “موسكو” أو “الولايات المتحدة” تحت اسمه ملاحظات تعيق إستلامه المنصب، يعني أن “الأمم المتحدة” تسير بإتجاه الحل البيني “الروسي-الأميركي”، الذي مهدت له خطة “اللاورقة والوثائق الأميركية المسربة، وتصريحات المسؤولين بتأكيد أن الحل يبدأ من خروج إيران من سوريا والمشهد السياسي في المنطقة، وهو يعتمد محاباة روسيا في إسترجاع الأراضي السورية كاملة تحت سيطرة النظام، كشرط مسبق لتسويات سياسية، تتلخص بصياغة دستور بالتراضي بين أعضاء اللجنة من الطرفين، (المعارضة والنظام)، واختصار كامل الصراع، الممتد منذ 8 أعوام، بتعديلات حكومية، وانتخابات برلمانية، ليس لدى “قيادات المعارضة” خطة واضحة لإكتساب مقاعدها، بعد أن تحولت المظاهرات الشعبية في مناطق خارجة عن سيطرة النظام، من مساندة لها، إلى مطالبة برحيلها قبل النظام.

رحيله باعث على القلق..

وضمن هذا السياق؛ فإنه على رغم تحقق رغبة المعارضين للنظام في رحيل المبعوث الدولي، “ستيفان دي ميستورا”، عن مهمته في “سورية”، حيث لم تغب لافتات تتساوق في معناها مع “أرحل يا دي مستورا”، عن المظاهرات الشعبية أيضًا، وهي في ذات الوقت كانت مطالبات المتحدثين باسم الكيانات المعارضة، في مراحل متعددة، وتحميله مسؤولية فشل إدارة ملف التفاوض، ليصبح كـ”قميص عثمان” حسب تصريحاته، مع، أو ضد، مصالح كيانات المعارضة، وتبرير أخطائها، إلا أنه لا بد من القول إن رحيل المبعوث في هذا التوقيت، ومع تنامي فرص “موسكو”؛ بوضع يدها على كامل الملف السوري، يبعث على “القلق” الذي فقدناه مع رحيل “عنان”، رحمه الله، عن مهمته، فحيث التوافق المطلوب على اسم المبعوث الجديد يعني ضمنيًا العودة إلى نقطة البداية، ليس في تنفيذ القرارات الدولية؛ وإنما في قولبة المعارضة واستكمال مرحلة “أنسنتها مع النظام وإعلان انتصاره”، بما ينسجم مع مشروع المرحلة المقبلة، واستحقاقات التنازلات فيها لتمرير التسوية البينية “الروسية-الأميركية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب