26 أبريل، 2024 6:07 م
Search
Close this search box.

لعبة “شد الحبل” بين ترامب وروحاني .. قد تنتهي بتحجيم النفوذ الإيراني

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

حاول “مركز دراسات الأمن القومي في إسرائيل” رصد السيناريوهات المستقبلية للعلاقات الإيرانية الأميركية في عهد الإدارة الجديدة للرئيس “دونالد ترامب”، وتداعياتها على الوضع الإقليمي في ظل الدور الإيراني ضمن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب. ضمن أحدث دراسات المركز التحليلية.

التصعيد والصدام.. الدائم

حيث أظهرت الدراسة أن علاقات الإدارة الأميركية الجديدة بإيران تتجه نحو “التصعيد والصدام” حتى قبل تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وكانت التجارب الصاروخية الإيرانية في 29 كانون ثان/يناير 2017، أي بعد أيام قليلة من تولي ترامب مهام منصبه، هي سبب رد الفعل الفوري من جانب الإدارة الجديدة, الذي لم يختلف في جوهره عن ردود فعل إدارة أوباما. حيث وقعت إدارة ترامب عقوبات على 13 شخصية، إضافة إلى 12 شركة ضالعة في تصنيع تلك الصواريخ. وكان المستشار السابق للرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي “مايكل فلين” قد وجه في 3 شباط/فبراير 2017 تحذيراً بأن “إيران أصبحت تحت الملاحظة”. فيما أكد وزير الدفاع الأميركي “جيمس ماتيس”، بعدما شن الحوثيون المدعومين إيرانياً هجوماً على سفينة سعودية، على أن “إيران هي أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم”.

مايكل فلين

طهران من جانبها لم تخفِ قيامها بهذه التجارب، وأكدت في الوقت نفسه على أن تلك التجارب لا تشكل خرقاً لقرارات مجلس الأمن بحال من الأحوال، لأنها تأتي ضمن برنامجها العسكري السنوي, كما أهابت بالإدارة الأميركية الجديدة عدم اتخاذ ذلك ذريعة لرفع حدة التوتر بين البلدين، فيما أكدت طهران أنها سترد بالمثل على أي إجراء أميركي. في الوقت ذاته لا تزال إيران تواصل سلسلة المناورات العسكرية بزعم أنها ضمن خطتها السنوية، ولكن يبدو أنها تسعى من خلال ذلك لإقرار أمر واقع, إضافة إلى اختبار رد فعل الولايات المتحدة.

تقول دراسة المركز الإسرائيلي: “في العلن, حرصت طهران خلال الأيام التي تلت تنصيب ترامب، على إطلاق تصريحات معتدلة نسبياً دون توجيه رسائل لاذعة له. وفي هذا السياق أعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية في إيران أنه ينبغي لطهران أن تتصرف بحكمة وأن تتبنى استراتيجية معتدلة إزاء الولايات المتحدة. فيما علق المستشار السياسي للمرشد الأعلى في إيران “علي أكبر ولايتي”، على تصريحات ترامب قائلاً: “إن إيران لا تأخذ تصرفات ترامب على محمل الجد”. أما المرشد الأعلى “خامنئي” فقد شكك في مصداقية تهديدات ترامب بالقيام بعمل عسكري ضد بلاده، قائلاً: “إن الحرب الحقيقية للعدو قائمة بالفعل على المستوى الاقتصادي وهي تهدف إلى جعل الشعب الإيراني يفقد الأمل في ثورته”.

تخفيف الخطاب الشعبوي

ويشير المركز الإسرائيلي إلى أن الخطاب المعتدل نسبياً من جانب إيران قد تجلى حتى في فعاليات “عيد الثورة”، فإلى جانب الهتافات التقليدية “الموت لأميركا”، ودهس العلمين الأميركي والإسرائيلي، ظهرت هذا العام شعارات تُميز بين ترامب وإدارته وبين الشعب الأميركي. بل إن الرئيس “روحاني” وصف نظيره ترامب بـ”المراهق السياسي”، وقال مُعلقاً على تهديداته، إنها ستلقى الرد المناسب. هذا ويتجلى التمييز بين ترامب وبين الشعب الأميركي حتى في الخطاب الإعلامي الإيراني، حيث علقت بعض الصحف في مقالاتها الافتتاحية على مشاركة المنتخب الأميركي في بطولة المصارعة الدولية التي أقيمت مؤخراً في إيران، وأوضحت تلك المقالات أن تعاطي الإيرانيين مع المنتخب الأميركي يثبت أن الشعب الإيراني ليس لديه مشكلة مع نظيره الأميركي.

ترامب.. يحاول الإدارة بشكل مختلف

جيمس ماتيس

رغم عدم مرور وقت طويل على تولي إدارة ترامب، إلا أن النهج الأميركي – المعلن على الأقل – تجاه إيران يبدو مختلفاً عما كان عليه في السنوات الأخيرة. وربما يأتي ذلك، في ظل التأكيد على انتهاج موقف متشدد على الأقل لفظياً، لإقناع الإيرانيين، بأنه خلافاً لعهد الرئيس أوباما، فإن إدارة ترامب لن تقبل بتصرفات استفزازية من قبل طهران. وهناك اعتقاد أميركي بأن هذا النهج الأميركي الجديد سيعزز قدرة الردع الأميركية وسيثبت للعالم أجمع أن انتقادات ترامب خلال حملتة الانتخابية لنهج إدارة أوباما تجاه إيران سرعان ما تحولت إلى سياسة أميركية جديدة.

من الواضح في الوقت نفسه، أن الإدارة الأميركية تتوخى الحذر إزاء الاتفاق النووي مع إيران، بحيث لم تعد تذكر تصريحات ترامب عشية الانتخابات بأنه “سيعمل على إلغائه”. ويبدو أن الإدارة الجديدة تحاول الفصل بين تعاطيها مع الاتفاق النووي وبين ردود فعلها إزاء تصرفات إيران في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، أكد التقرير الصادر عن البيت الأبيض بشأن المكالمة الهاتفية بين ترامب والملك سلمان أن “الزعيمين اتفقا على ضرورة تطبيق الاتفاق بحذافيره”، بما يعني أن الإدارة الأميركية قد رأت الإبقاء على الاتفاق، ويبدو أن ذلك أيضاً تم برغبة سعودية.

تحجيم النفوذ الإيراني

تقر دراسة المركز البحثي الإسرائيلي بأنه “ربما تكون الإدارة الأميركية – حتى بالرغم من كل الإجراءات التي اتخذتها – لا تزال في بداية الطريق لبلورة سياستها طويلة الأمد تجاه إيران. وسيكون الهدف الذي ستضعه إدراة ترامب هو غالباً الحد من النفوذ الإقليمي لإيران، وردعها عن القيام بأي خطوات استفزازية أو أي انتهاك للاتفاق النووي. وفي هذا الإطار ستضطر الإدراة الأميركية أن تواجه عدة  تحديات معقدة، وعلى رأسها:

*ضرورة إثبات جدية التصريحات المتشددة التي تطلقها الإدارة الأميركية عبر اتخاذ خطوات ملموسة. حيث تعلم إدارة ترامب أن عدم حدوث ذلك قد يضر بهيبة الولايات المتحدة وسيأتي بنتائج عكسية ضدها. وتستطيع الولايات المتحدة بالتأكيد أن توجه ضربات عسكرية ضد أهداف تتبع إيران أو حلفائها، ولكن من غير المؤكد إن كانت إدراة ترامب مستعدة لا سيما في هذه المرحلة، لإحداث تدهور سريع قد يؤدي إلى تصعيد عسكري.

* إن أحد السيناريوهات المحتملة هو تشديد العقوبات الأميركية في مجالات لا تتعلق بالملف النووي، سواء كان ذلك عن طريق قرارات رئاسية أو عن طريق تشريع يصدره الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون. ومع ذلك، فمن أجل زيادة العبء على طهران ستحتاج الإدارة الأميركية إلى إقناع الأوروبيين والروس للقيام بخطوات مماثلة، وهو أمر بعيد المنال لأن تلك الدول لن ترغب في إهدار الاستثمارات الاقتصادية في إيران التي تحققت بعد توقيع الاتفاق النووي.

* محاولة إحداث وقيعة بين روسيا وإيران.. عن طريق إقناع الروس بوقف التدخل الإيراني في سوريا، في مقابل تقديم الولايات المتحدة تنازلات إلى روسيا في بعض الملفات. ولكن تبدو هذه مهمة صعبة في ضوء تصاعد وتيرة التعاون العسكري بين موسكو وطهران في سوريا. وعلاوة على ذلك، فإن الدور الإيراني في الحرب على داعش في العراق، يبدو ضرورياً أكثر من ذي قبل، ولا يبدو أن الولايات المتحدة ستخاطر بإنجازاتها هناك. كما أن الروس ما فتئوا يؤكدون على أنه من الخطأ إقصاء إيران من التحالف الذي يكافح الإرهاب الإسلامي.

وتؤكد الدراسة على أن “إيران من جانبها لا ترغب في تصعيد التوتر، ولا يبدو أنها ستتجه، على الأقل في الفترة الحالية، إلى تبني نهج مختلف أو أكثر عدائية. وستتركز جهود روحاني في الأشهر المقبلة على الحيلولة دون تفاقم الصراع الداخلي في إيران. لأن التهديدات المتزايدة من جانب إدارة ترامب ضد إيران قد تقوي شوكة المعسكر المحافظ في الداخل – الذي كان قد عارض الاتفاق النووي وأكد عدم الوثوق بالولايات المتحدة – بينما في المقابل سيضعف موقف معسكر الرئيس روحاني، الذي حاول تعزيز سياسة الانفتاح على الغرب. وعلى ما يبدو ستكون هذه القضية في بؤرة تجاذبات بين الفرقاء في إيران خلال الأشهر المقبلة وحتى موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في آيار/مايو 2017. وإن أي تطرف في الخطاب الإيراني الداخلي في أعقاب أي تصعيد أميركي، قد يدفع الرئيس روحاني إلى تبني خطوات متشنجة من جانبه أيضاً، مخافة أن يبدو في مظهر الخاضع للأميركان وأن سياساته باءت بالفشل”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب