12 يوليو، 2025 10:30 م

لشعورها بتهديد وجودي .. “واشنطن” تستدعي عناصر أفغانستان والعراق للتجسس على “الصين” !

لشعورها بتهديد وجودي .. “واشنطن” تستدعي عناصر أفغانستان والعراق للتجسس على “الصين” !

وكالات – كتابات :

التجسس على “الصين” بات أولوية وكالات الاستخبارات الأميركية، ولكن هذا القرار يُمثل تحديًا صعبًا أمام هذه الوكالات، بعد أن كان تركيزها السابق لعقود موجهًا لما تصفه بأنشطة مكافحة الإرهاب.

ففي اجتماع مغلق مؤخرًا مع قادة مركز مكافحة الإرهاب بـ”وكالة المخابرات المركزية”، أوضح المسؤول الثاني في الوكالة أنَّ محاربة تنظيم (القاعدة) والجماعات المتطرفة الأخرى ستظل أولوية، لكن أموال الوكالة ومواردها ستتحول بإزدياد إلى التركيز على “الصين”، حسبما ورد في تقرير لوكالة (آسوشيتيد برس) الأميركية.

التجسس على “الصين” أصبح له الأولوية..

فبعد عام واحد من إنهاء الحرب في “أفغانستان” والانسحاب الأميركي من هذا البلد، صار الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، وكبار مسؤولي الأمن القومي يتحدثون أقل عن مكافحة الإرهاب، وأكثر عن التهديدات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تُشكّلها “الصين” و”روسيا”.

كانت هناك تحركات هادئة داخل وكالات الاستخبارات لإعادة تمحور، من خلال نقل مئات الضباط إلى مواقع تركز على “الصين”، بما في ذلك بعض الذين كانوا يعملون في السابق في مجال الإرهاب.

لكن أوضح ما حدث؛ الأسبوع الماضي، أنه يتعين على “الولايات المتحدة” التعامل مع كليهما في نفس الوقت. فبعد أيام من مقتل زعيم تنظيم (القاعدة)؛ “أيمن الظواهري”، في “كابول”، أجرت “الصين” مناورات عسكرية واسعة النطاق وهددت بقطع الاتصالات مع “الولايات المتحدة” على خلفية زيارة رئيسة “مجلس النواب”؛ “نانسي بيلوسي”، إلى “تايوان”.

لطالما شعرت “الولايات المتحدة” بالقلق من الطموحات السياسية والاقتصادية المتنامية لـ”الصين”. فقد حاولت “بكين” التأثير في انتخابات دول أجنبية، وشنت حملات من تجسس الشركات والتجسس السيبراني، واحتجزت الملايين من أقلية مسلمي “الإيغور” في معسكرات اعتقال؛ (بحسب إدعاءات الآلة الدعائية الأميركية والغربية والتي يروج لها تقرير الوكالة الأميركية بطبيعة الحال). ويعتقد بعض الخبراء الغربيون أيضًا أنَّ “بكين” ستحاول في السنوات القادمة الاستيلاء على جزيرة “تايوان” التي تصفها بالقوة.

مزاعم أميركية: “بكين” أخطر من الإرهاب ونريد معرفة حقيقة فيروس “كورونا”..

يزعم مسؤولو المخابرات الأميركية إنهم بحاجة إلى مزيد من الإيضاحات حول “الصين”، بما في ذلك عدم قدرتهم على تحديد السبب القاطع لجائحة (كوفيد-19). حيث اتُّهِمَت “بكين” بحجب معلومات حول أصول الفيروس؛ (وقد تجاهلت واشنطن والمؤسسات الأممية والغربية التابعة لها تمامًا تلك المعلومات الموثقة والمستندات الدامغة التي استولت عليها روسيا من المختبرات الأوكرانية أثناء العملية العسكرية على “كييف”؛ وقد أثبتت التخليق البيولوجي كأسلحة في حرب تشنها أميركا من أوكرانيا).

ويدعم التحول في الأولويات العديد من ضباط المخابرات السابقين والمشرعين من كلا الحزبين الحاكمين في “أميركا”؛ (الديمقراطي) و(الجمهوري)، الذين يقولون إنَّ إعادة التمحور حول “الصين” هي خطوة واجبة تأخرت كثيرًا. ويشمل ذلك الأشخاص الذين خدموا في “أفغانستان” ومهمات أخرى ضد تنظيم (القاعدة) والجماعات الأخرى.

وفي هذا السياق؛ أعرب النائب؛ “غيسون كرو”، وهو حارس سابق بالجيش خدم في “أفغانستان” و”العراق”، عن إعتقاده أنَّ “الولايات المتحدة” كانت تُركز بإفراط على مكافحة الإرهاب على مدى السنوات العديدة الماضية.

قال “كرو”، وهو ديمقراطي عضو بلجنتي المخابرات والقوات المسلحة؛ بـ”مجلس النواب” الأميركي: “تُشكِّل روسيا والصين تهديدًا وجوديًا أكبر بكثير”. وأضاف أنَّ الجماعات الإرهابية: “لن تدمر أسلوب الحياة الأميركي.. بالطريقة التي تستطيع الصين فعلها”.

من جانبها؛ أشارت الناطقة باسم وكالة المخابرات المركزية؛ “تامي ثورب”، إلى أنَّ الإرهاب: “لا يزال يُمثل تحديًا حقيقيًا للغاية”.

وقالت “ثورب”: “حتى في الوقت الذي تتطلب فيه الأزمات؛ مثل الحرب الروسية في أوكرانيا والتحديات الإستراتيجية مثل تلك التي تُشكلها جمهورية الصين الشعبية اهتمامنا، ستواصل وكالة المخابرات المركزية بقوة تعقب التهديدات الإرهابية على مستوى العالم والعمل مع الشركاء لمواجهتها”.

وضغط “الكونغرس” على “وكالة المخابرات المركزية” ووكالات الاستخبارات الأخرى؛ لجعل “الصين” أولوية قصوى، وفقًا للعديد من الأشخاص المطلعين على الأمر، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة مسائل استخباراتية حساسة. وتطلّب دفع الموارد نحو “الصين” تخفيضات في أماكن أخرى، بما في ذلك في مكافحة الإرهاب. لكن لم تكن الأرقام المحددة متاحة لأنَّ ميزانيات الاستخبارات سرية.

على وجه الخصوص؛ يُريد المشرعون الأميركيون مزيدًا من المعلومات حول تطور “الصين” في التقنيات المتقدمة. وفي عهد الرئيس؛ “شي جين بينغ”، خصصت “الصين” تريليونات الدولارات من الاستثمار في العلوم الكمية والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات التي من المحتمل أن تُعطل كيفية خوض الحروب المستقبلية وهيكلة الاقتصادات.

الاستخبارات الأميركية تؤسس مركزين جديدين بهدف التجسس على “الصين”..

إعادة التمحور الأميركي نحو “الصين” يشمل محاولة لجان “الكونغرس” تحسين تتبعها لكيف تنفق وكالات الاستخبارات تمويلها على الأنشطة المرتبطة بـ”الصين”، حسبما نقلت الوكالة الأميركية عن شخص مطلع.

وتسعى لجان “الكونغرس” للحصول على مزيد من التفاصيل حول كيفية مساهمة برامج محددة في هذه المهمة.

قال النائب “كريس ستيوارت”، وهو جمهوري يعمل في لجنة المخابرات بـ”مجلس النواب”: “لقد تأخرنا، لكن من الجيد أننا أخيرًا نُحول تركيزنا إلى تلك المنطقة؛ وهذا يعني في الناس، والموارد، والأصول العسكرية، والدبلوماسية”.

وفي العام الماضي، أعلنت “وكالة المخابرات المركزية الأميركية” أنها ستُنشيء: “مركزين للبعثات” جديدين – أحدهما في “الصين” والآخر حول التقنيات الناشئة – وتحسين جمع المعلومات الاستخبارية بشأن هذه القضايا. وتُحاول “وكالة المخابرات المركزية” أيضًا تجنيد المزيد من المتحدثين باللغة الصينية؛ وتقليل أوقات الانتظار للنظر في التصاريح الأمنية لتوظيف أشخاص جدد في مدة أسرع.

ضباط الاستخبارات الأميركية يتعلمون اللغة الصينية..

وداخل الوكالة؛ فإنَّ العديد من الضباط يتعلمون اللغة الصينية وينتقلون إلى مناصب جديدة تُركز على “الصين”، على الرغم من أنَّ كل هذه الوظائف لا تتطلب تدريبًا على اللغة، حسبما كشفت مصادر مطلعة.

ويُشير المسؤولون إلى أنَّ ضباط المخابرات مدربون على التكيف مع التحديات الجديدة، وأنَّ العديد منهم نُقِلوا بسرعة أكبر إلى أدوار مكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وكما قال ضباط سابقون، التقدم المحرز في أعمال مكافحة الإرهاب – بما في ذلك الاستخدام الأفضل للبيانات ومصادر الاستخبارات المختلفة لبناء الشبكات وتحديد الأهداف – مُفيد أيضًا في مواجهة “روسيا” و”الصين”.

وقال “دوغلاس وايز”، ضابط كبير سابق في “وكالة المخابرات المركزية”، وكان نائب رئيس العمليات في “مركز مكافحة الإرهاب”: “إنها آلة التحليلات والاستهداف التي أصبحت استثنائية”.

ودار نقاشٌ طويل حول ما إذا كانت مكافحة الإرهاب قد أبعدت وكالات الاستخبارات بعيدًا عن التجسس التقليدي، وما إذا كان بعض عمل “وكالة المخابرات المركزية” في استهداف الإرهابيين يجب أن تتولاه بدلاً من ذلك القوات الخاصة التابعة للجيش الأميركي.

وقال “مارك بوليمروبولوس”، وهو ضابط متقاعد من عمليات “وكالة المخابرات المركزية الأميركية” ورئيس سابق لقاعدة في “أفغانستان”، إنه يدعم زيادة التركيز على “الصين” و”روسيا”، لكنه أضاف: “لا يوجد سبب لتقويض ما يتعين علينا فعله”.

وقال الضابط السابق؛ “وايز”، إنَّ إعادة توجيه الوكالات نحو المزيد من التركيز على “الصين” و”روسيا” سيستغرق في النهاية سنوات ويتطلب الصبر والاعتراف بأنَّ ثقافة الوكالة ستستغرق وقتًا للتغيير.

وأضاف “وايز”: “على مدى عقود، كنا نُحارب الإرهاب. لذا يجب أن يكون لدينا خطة عقلانية لإجراء هذا التكيف، دون أن يستغرق وقتًا طويلاً لدرجة تمكين أعدائنا من استغلال بطء هذه العملية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة