خاص – كتابات :
ليس معنى أن ترفض أوروبا “العقوبات الأميركية”، التي فرضها الرئيس، “دونالد ترامب”، على “إيران”؛ أن تتماشى دول “الاتحاد الأوروبي” وتتوافق مع “طهران”.. لكن لكل بلد خطته في معاقبة “إيران”..
إخضاع طهران..
إذ إن الإعلان اليوم عن فرض السلطات الفرنسية لإجراءات عقابية قاسية بتجميد ما قالت إنها أصول تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية بـ”فرنسا”، يأتي ضمن مرحلة إستراتيجية إخضاع “طهران” وحصارها وإنذارها عقابًا لها على عدم إلتزامها بالخروج من “العراق” وترك ساحته السياسية ومقدراته الاقتصادية لأبنائه، فضلاً عن استمرارها في التواجد بصيغة أو بأخرى داخل الأراضي السورية.
لقد اعتقل “الأمن الفرنسي” 11 شخصًا، خلال عملية وصفت بأنها لمكافحة الإرهاب، استهدفت مركزًا “شيعيًا” والمسؤولين عنه في بلدة “غراند سانت” بشمال “فرنسا”.
مراكز الشيعة مهمة لإيران.. حان وقت العقاب..
ووفق ما ذكرت وكالات أنباء عالمية، فقد جمدت “فرنسا” أموال مركز “الزهراء” لـ 6 أشهر ووثقت قراراها بجريدة “فرنسا” الرسمية.
اختارت “فرنسا” ذلك الإتجاه وهي تدرك جيدًا أهمية المراكز “الشيعية” لإيران في الخارج، وهنا وقع الاختيار على مركز “الزهراء”، أحد أبرز المراكز الشيعية الرئيسة في أوروبا بالكامل؛ فهو يضم عدة جمعيات بينها “الاتحاد الشيعي لفرنسا” و”الحزب ضد الصهيونية” و”فرنسا ماريان تيلي”، وكلها جمدت أموالها لـ 6 أشهر اعتبارًا من الثاني من تشرين أول/أكتوبر 2018.
تهمة الإرهاب جاهزة..
وسائل إعلام فرنسية؛ علقت بالقول إن التحقيقات كشفت مصادرة الشرطة لأسلحة ومواد أخرى، فضلاً عن امتلاك أفراد فحصت الشرطة منازلها لأسلحة بدون ترخيص.
اللافت أن هناك اتهامات وجهت كذلك لتلك الجمعيات الإيرانية؛ بأنها تدعم الإرهاب ومنظمات كـ”حزب الله” اللبناني.
نفس العاصمة التي أسقطت “الشاه” !
كان يمكن اعتبار الإجراء الفرنسي أمرًا عاديًا، ضمن سلسلة إجراءات من المقرر أن يتخذها الغرب للحد من تمدد النفوذ الإيراني في الدول العربية، لكن ما يدفع للقول بأن ثمة حملة عدائية مقصودة تجاه “طهران” تبدأ من “فرنسا”، أن “باريس” هي العاصمة الأوروبية التي قاد منها، آية الله “الخميني”، الثورة ضد “شاه إيران” حتى حقق النصر عام 1979 !
فضلاً عن أن “فرنسا” يعيش بها أكثر من 10 آلاف إيراني، بالإضافة إلى أبناء المكون الشيعي من “العراق ولبنان وسوريا وباكستان” ودول الخليج وإفريقيا؛ وعددهم مجتمعين يتجاوز الـ 300 ألف شيعي – نصفهم في العاصمة، “باريس”، وضواحيها، بينما نصفهم الآخر في مدن وضواحي “تولوز وليون ومنبلي وليل ودنكيرك ومرسيليا”، ما يعني أنهم يشكلون قوة تنظيمية لا يستهان بها على أرض “فرنسا”.
لكن “فرنسا”، في الوقت نفسه، هي الدولة التي تستضيف أهم المعارضين للنظام الإيراني حاليًا، وعلى رأسهم، “مريم رجوي”.
26 مركزًا و70 حسينية شيعية تحت المجهر..
إن إعلان “فرنسا” الحرب على المراكز الشيعية على أرضها؛ يؤكد أن 26 مركزًا و70 حسينية شيعية، في عموم أوروبا، ربما أضحت قريبة من الملاحقة والمتابعة والاستهداف الأمني الغربي في مراحل لاحقة، تتصاعد مع حلول عام 2019.
فـ”فرنسا” وحدها لديها العشرات من المراكز الشيعية التي تجمع غالبية الشيعة من جميع الجنسيات، وفي مقدمة المؤسسات الشيعية، “مؤسسة الإمام الخوئي الثقافية”، ومقرها “باريس”، تم إنشاؤها عام 1988.
وهناك “الجمعية الإسلامية اللبنانية”، ومقرها مدينة “تولوز”، وتضم غالبية الشيعة اللبنانيين في “فرنسا”، وهناك مركز “زينب”، ومقره مدينة “تولوز” أيضًا، و”الاتحاد الشيعي الفرنسي”؛ ومقره «غراند سينت/محافظة با دو كاليه»، وهو تجمّع رسمي يمثِّل الشيعة في “فرنسا” بجميع أصولهم، وهدفه تقوية الوعي لدى الشيعة ونشر ثقافة “آل البيت”، ويديره، “يحيى القواسمي”، أحد أبرز رجال “إيران” في “فرنسا”، والذي يطلق عليه “رجل طهران القوي في باريس”.
“رجال إيران في فرنسا” أبرز المستهدفين..
لذلك كان المستهدف الأول ورجاله من قبل السلطات الفرنسية، فهو يحمل الجنسية الفرنسية، لكنه جزائري الأصل ورئيس “حزب ضد الصهيونية”، ورئيس “الاتحاد الشيعي الفرنسي”.
وهو ومن معه؛ من أبرز “شيعة فرنسا” المقربين من “النظام الإيراني”، والمؤمنين بـ”ولاية الفقيه”، إذ يؤمن بدور نظام “خامنئي”، فضلاً عن تمتعه بعلاقات واسعة مع “حزب الله” اللبناني.
إذ لا تنسى له “باريس” زيارته الأمين العام لحزب الله، “حسن نصرالله”، بالعاصمة اللبنانية، “بيروت”، في كانون ثان/يناير من العام 2010، ومناقشته معه التصعيد ضد الغرب.