خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
يرى بعض المحللين الإسرائيليين أن قرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، للإعتراف بسيادة “إسرائيل” على “هضبة الجولان”؛ لا يعزز فقط المصالح الأمنية للدولة العبرية، بل يخدم في المقام الأول أمن “الولايات المتحدة الأميركية”، التي تعتمد على “إسرائيل” في ردع جميع القوى المعادية لـ”واشنطن” في منطقة الشرق الاوسط.
إسرائيل قاعدة أمامية للولايات المتحدة !
يقول المحلل الإسرائيلي، “يورام أتينغر”، في مقاله بموقع (نيوز وان) العبري: إن قرار الرئيس الأميركي، “ترامب”، الإعتراف بسيادة “إسرائيل” على “هضبة الجولان” السورية، يعزز قدرة الردع للدولة العبرية التي تعتبرها “الولايات المتحدة” قاعدة أمامية لخدمة مصالحها الأمنية والإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.
ويأتي قرار الرئيس، “ترامب”، تأكيدًا لمدى التعاون الأمني والإستراتيجي القائم بين “واشنطن” و”تل أبيب”؛ والفوائد المشتركة التي تعود على الدولتين من ذلك.
أما الإعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على “هضبة الجولان”؛ فإنه يدعم قوة الردع لدولة “إسرائيل”، بقدر ما يدعم الهيمنة الإستراتيجية لـ”الولايات المتحدة” في الشرق الأوسط، دون الحاجة إلى القيام بتعزيزات لقواتها في المنطقة.
إسرائيل تنفذ الأجندة الأميركية..
يضرب الكاتب الإسرائيلي مثالًا على ما تمثله “إسرائيل” من أهمية إستراتيجية لـ”الولايات المتحدة” في منطقة الشرق الأوسط، فيقول: “لقد قامت سوريا، الموالية للاتحاد السوفياتي في عام 1970، بغزو الأردن الموالية للولايات المتحدة الأميركية، وكان هدف القيادة السورية، في ذلك الوقت، هو إسقاط نظام الحكم الهاشمي كخطوة أولى لإسقاط جميع الأنظمة الموالية للولايات المتحدة؛ سواء كان ذلك في السعودية أو الكويت أو الإمارات المتحدة أو سلطنة عمان أو البحرين. وبالطبع كانت تلك الخطوة السورية ستخدم المصالح الإستراتيجية السوفياتية، وستمثل ضربة موجعة وغير مسبوقة لاقتصاد وأمن الولايات المتحدة، التي كانت تعتمد إعتمادًا كليًا على النفط القادم من دول الخليج العربي”.
وكانت “الولايات المتحدة”، في عام 1970، غارقة في المستنقع الفيتنامي، لذلك لم يمكنها تقديم المساعدات العسكرية لملك “الأردن”، حتى يتمكن من صد العدوان السوري.
وفي ظل هذا العجز الأميركي؛ طلب الرئيس، “ريتشارد نيكسون”، من رئيسة الوزراء الإسرائيلية، “غولدا مائير”، التحرك لوقف الغزو السوري، وعلى الفور قام الجيش الإسرائيلي بتعزيز قواته العسكرية في “مرتفعات الجولان”، التي تمثل الحدود المشتركة بين “إسرائيل” و”سوريا” و”الأردن”، والتي تبعد 55 كيلومتر فقط عن العاصمة السورية، “دمشق”.
ولقد أدت تلك الرسالة القوية، المدعومة بتعزيز قوة الردع الإسرائيلية، إلى انسحاب القوات السورية من “الأردن”، خلال 48 ساعة، دون أن يحدث تبادل لإطلاق النار بين الجيشين الإسرائيلي والسوري.
أشار الكاتب الإسرائيلي؛ إلى أن سيطرة “إسرائيل” على “هضبة الجولان”، في عام 1970، أسهمت في الحد من نشوب مواجهات عسكرية وعززت استقرار الأنظمة العربية الموالية لـ”الولايات المتحدة”، كما عززت أيضًا المصالح الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. ولقد تحققت كل تلك المصالح لـ”الولايات المتحدة” دون أي تدخل عسكري من جانبها، ودون الحاجة إلى إهدار ميزانيات أميركية ضخمة أو التعرض لمخاطر أمنية شديدة.
الدولة العبرية تحمي الأنظمة العربية الموالية لواشنطن !
يؤكد “أتينغر” على أن سيطرة “إسرائيل”، في الوقت الراهن، (2019)، على “هضبة الجولان”، تُمكنها من إحباط مساعي النظام الإيراني الذي يطمح إلى بسط نفوذه على “العراق” و”سوريا” و”لبنان”. كما سيُمكن لـ”إسرائيل”، من خلال سيطرتها على “الجولان”، أن تقوم بتقليم أظافر التنظيمات السُنية والشيعية التي تُفرزها الحرب الأهلية السورية.
وستتمكن “إسرائيل”، كذلك، من حماية الأنظمة العربية الموالية لـ”الولايات المتحدة الأميركية”، وستكون قادرة على تعزيز استقرار نظام “الحكم الهاشمي”، في المملكة الأردنية، الذي يواجه مخاطر عديدة مثل المد الشيعي الإيراني، ووجود 1.5 مليون لاجيء سوري في شمال “الأردن”، واحتمال قيام الغالبية الفلسطينية و”جماعة الإخوان المسلمين” بالتآمر على النظام، إضافة إلى الانقسام داخل القطاع البدوي.
ماذا لو انسحبت إسرائيل من الجولان ؟
بحسب “أتينغر”؛ فإن أهمية تحقيق عامل الردع لـ”إسرائيل”، من أجل خدمة المصالح الأميركية، (من خلال سيطرتها على هضبة الجولان)، تزداد يومًا بعد يوم، في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من متغيرات: مثل تنامي قوة “نظام الملالي” في “طهران”، الذي يرى أن “الولايات المتحدة” هي العائق الأكبر الذي يعوق سيطرته على منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية وجميع منطقة الشرق الأوسط، ومثل استمرار تسونامي “الربيع العربي”، الذي يعصف بالمنطقة منذ عام 2010، ويهدد الأنظمة الموالية لـ”الولايات المتحدة”.
ختامًا يزعم “أتينغر”؛ أن انسحاب “إسرائيل” من “هضبة الجولان”؛ سيقلل من قوة الردع التي تملكها وسيزيد من المخاطر الوجودية للدولة العبرية، فضلًا عن أنه سيُحول “إسرائيل” إلى عبء إستراتيجي على كاهل “الولايات المتحدة الأميركية”، بعدما كانت تُمثل كنزًا إستراتيجيًا لها.