28 مارس، 2024 11:18 م
Search
Close this search box.

لحوم البرازيل المسرطنة تزلزل اقتصادها .. والإمارات الأكثر حرصا على شعبها

Facebook
Twitter
LinkedIn

قل مأساة إن شئت.. صنفها كارثة إذا أحببت.. فاجعة في تفاصيلها، تلك التي أصابت العالم وكل من يأكل اللحوم البرازيلية – وما أكثرهم – بعد اتهام سلطات الأمن في البرازيل نحو 30 شركة من كبريات الشركات المصدرة للحوم والدواجن هناك بتقديم رشاوى لأطباء الحجر البيطري من أجل إصدار تقارير بأن اللحوم صالحة للاستهلاك الآدمي وغير فاسدة.

أكبر مورد لحوم

الكارثة في أن البرازيل أهم مورد لحوم ودواجن في العالم بقيمة 13 مليار دولار سنوياً لنحو 150 دولة بأوروبا والشرق الأوسط وآسيا وعلى رأسها الصين، وسارت في دماء الملايين من بقاع الدنيا.

ويكفي أن نقول إن البرازيل وردت لمصر وحدها في عام 2016 أكثر من 200 ألف طن من اللحوم و100 ألف طن من الدواجن.. فضلاً عما تورده لدول كثيرة في المنطقة العربية.

مواد مسرطنة وتلاعب في الخواص

لقد كشفت السلطات في البرازيل في السابع عشر من آذار/مارس 2017 بعد مداهمة 2000 شرطي لـ194 مجزراً ومحطة تبريد في 6 محافظات مختلفة، وبعد تحقيقات وتحريات لعامين كاملين، أنه كان لابد من التحرك بعد التأكد بأدلة ثابتة أن شركات إنتاج اللحوم والدواجن قدمت رشاوى لمسئولين فى الحكومة للموافقة على بيع لحوم فاسدة، استخدموا أحماضاً ومواد كيميائية لإخفاء خواصها الفاسدة وتغيير ملامحها وأن المواد المستخدمة من النوع المسبب للسرطانات بالدرجة الأولى.

خلطة زيادة الوزن

لم يتوقف الأمر على ما سبق، بل ذهبت التحقيقات إلى وجود أدلة لمصانع أخرى تخلط البطاطس والمياه وحتى الورق المقوى بلحوم الدواجن “المفرومة” لتحقيق زيادة في الوزن وبالتالي زيادة في الأرباح على حساب مواطني دول العالم الذي يستحيل أن يذهب تفكير أحدهم للكشف عن خواص ما يأكل في أي من المعامل المعتمدة دولياً.

الشرطة الفيدرالية في البرازيل قالت إن تحت يدها أدلة على ما لا يقل عن 40 حادثاً شملوا هذه المخالفات، فضلاً عن كشفها لبعض مديري شركات اللحوم الذين قدموا رشاوى إلى مفتشين وسياسيين بهدف الحصول على تصاريح حكومية لمنتجاتهم لتصديرها إلى أنحاء العالم.

كما وجهوا اتهامات إلى 30 شركة بممارسات غير صحية تودي بحياة الإنسان بعد تسببها في تدمير كامل للصحة بسرطانات متنوعة وأمراض في المناعة، ومن تلك الشركات المتهمة شركتا “جيه. بي. إس” (JBS)، أكبر مُصدّر للحوم الأبقار في العالم، و”بي. آر. إف” (BRF)، أكبر منتج للحوم الدواجن في العالم، ما اعتبرته جهات التحقيق أنه بالتأكيد سبب أمراضاً وأصاب الكثيرين من محبي اللحوم البرازيلية في شتى أنحاء العالم.

صحة المصريين في خطر

ويكفي أن نعلم أن دولة مثل مصر يحظر قانونها استخدام اللحوم البلدية “المحلية” في الصناعات الغذائية، وبالتالي فإن كل مصنعات اللحوم تعتمد على اللحوم البرازيلية أو الهندية في حالة المصنعات الأقل جودة، أي أن البرجر والسوسيس والسجق وغيرها من اللحوم المصنعة في مصر تعتمد على تلك اللحوم، أي أن في مصر وحدها إن كان من يتناول اللحوم والدواجن البرازيلية بنسبة 20%، فإن هناك 20 مليون مصري ربما تعرض لأضرارها.

رغم ذلك أفرجت مصر – ثاني أكبر مستورد للحوم البرازيلية بعد الصين – عن شحنات اللحوم المحجوزة بالجمارك المستوردة من البرازيل بعدما قالت وزارة الزراعة في القاهرة إنها تأكدت من مطابقتها للمواصفات القياسية، وأنه جرى فقط إيقاف التعامل مع شركتى “ار. اف”، و”جى. زد. زد”، بعد التأكد من قيامهما ببيع لحوم ودواجن فاسدة، بينما تستمر مصر في استيراد اللحوم والدواجن من خلال باقى المجازر البرازيلية البالغ عددها نحو 2850 مجزر، والتي تقول إنه يتم معاينتها من قبل لجنة مصرية معتمدة من الهيئة العامة للخدمات البيطرية لمطابقة الفحوص المعملية والأوراق والذبح حسب الشريحة الإسلامية، وكان أهم انتقاد للقاهرة هو ذلك الذي وجهته وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية تحت عنوان “رغم تلوثها وفسادها.. مصر تنقذ اللحوم البرازيلية”!.

فحص روتيني واللجان أُلغيت

 في المقابل يقول خبراء ومسؤولون سابقون في وزارة الزراعة المصرية إن عمليات الفحص روتينية وليست بالدقة التي تجنب مصر دخول كل هذه الكميات من اللحوم المسرطنة، بل زادوا على ذلك بأنه نتيجة ضغوط عدد من المستوردين من كبار رجال المال والأعمال المصريين؛ ألغيت اللجان البيطرية التي تفحص اللحوم المستوردة من الخارج منذ كانون ثان/يناير 2017؛ لأنها وبحسبهم تقف عقبة أمامهم لمحاولاتهم استيراد لحوم رديئة من الخارج لا تصلح حتى كطعام للحيوانات.

الصين: “كله تمام”

الصين التي يتخطى تعداد سكانها المليار و300 مليون نسمة، أكبر مستورد للحوم والدواجن البرازيلية على مستوى العالم بأكثر من مليار ونصف المليار دولار بحسب إحصائية 2016، سارت على خطى مصر، وقالت إنها ستستأنف استيراد اللحوم والدواجن من البرازيل باستثناء مصنع واحد ورد ذكره في تحقيقات السلطات البرازيلية، لافتة إلى أنها تجيد الرقابة على كل المواد الغذائية التي تدخل بكين بما فيها اللحوم والدواجن البرازيلية.

الخليج يرفض

في المقابل علقت كل من السعودية وقطر والإمارات استيراد اللحوم والدواجن من البرازيل، بل دعت الرياض التي استوردت في 10 أشهر فقط من 2016 أكثر من 25 ألف طن من البرازيل، مواطنيها إلى ضرورة التخلص من أي مخزون من الواردات من البرازيل، مؤكدة على أنها ستعمل على ملء الفراغ في السواق بمنتجات بديلة صحية وخاضعة للرقابة البيطرية.

منشورات إماراتية وإعدامات فورية

بينما اتسع الأمر في الإمارات، إذ قررت بحسب بيان أصدرته وزارة التغير المناخي والبيئة حظر استيراد لحوم الأبقار والدواجن وبعض منتجات الخضروات المجمدة والعسل والأسماك المجمدة من البرازيل؛ لورود أسماء تلك الشركات ضمن 21 منشأة علقت البرازيل أنشطتها لتورطها في قضية المنتجات الفاسدة.

الإمارات كانت الأكثر حرصاً على مواطنيها، إذ عممت منشورات في كل من دبي وأبو ظبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة، تطلعهم فيها على الأرقام التعريفية “الكود” لجميع المنتجات البرازيلية الواردة في التحقيقات والتي دخلت البلاد وناشدت المسؤولين التخلص منها بإعدامها على الفور مهما كانت الكميات وكذلك أي كميات من هذه الشركات في الموانئ.

إسبانيا وإيطاليا أكثر المتضررين بأوروبا

 أوروبا بدورها تعاملت مع القضية بهدوء وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيوقف استيراد اللحوم والدواجن من الشركات الوارد اسمها في التحقيقات حفاظاً على سلامة مواطنيها بعد التأكد من إصابة شحنات بـ”السالمونيلا”، بينما ذكرت تقارير أن إيطاليا وإسبانيا أكثر المتضررين لأنهما يستوردان من هذه الشركات بكميات كبيرة، ما استدعى وقف التعامل وعدم استلام شحنات في الطريق.

اكتفاء أوروبي

ويقول الخبراء إن أوروبا لن تتأثر كثيراً باللحوم والدواجن البرازيلية، إذ أنها من أكبر الدول المصدر للحوم والدواجن ولكن داخل القارة العجوز وبين دولها، فأيرلندا أهم مصدر للحوم الأبقار ذات الجودة العالية، وكذلك ألمانيا، بينما فرنسا وهولندا أهم مورد للدواجن في أوروبا، بينما تصدر الدنمارك الخنازير بكميات كبيرة، خاصة أن كثير من الأوربيين يعتمد عليها، فضلاً عن لحوم الأغنام التي تأتي من نيوزلندا وأستراليا، ومن خارج القارة تعتمد أوروبا على الخنازير القادمة من كندا والدواجن القادمة من أميركا.

تأثيرات اقتصادية

الأزمة البرازيلية، بلا شك، كان لها مردود في أسواق اللحوم والدواجن العالمية، وربما تغير من اتجاهات بعض الدول وخريطتها الاستيرادية وكذلك تؤثر على منتجات أخرى غير اللحوم والدواجن، ويكفي أن نعلم ان البرازيل صدرت للدول العربية في نصف الأول من عام 2016 فقط ما قيمته نحو 5 مليارات و300 مليون دولار من لحوم وسكر ومعادن وحبوب وفواكه لكل من السعودية ثم الإمارات – ثاني أكبر مستورد عربي من البرازيل بعد السعودية – ثم مصر، ثم قطر والكويت.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب