11 مارس، 2024 9:37 م
Search
Close this search box.

لتغيير قواعد اللعبة .. “الصين” تستعد لخوض غمار الحروب باستخدام “الذكاء الإصطناعي” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

نشرت مجلة (ذا دبلومات) تقريرًا يستعرض الجهود التي تبذلها “الصين” في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب. وخلُص التقرير، الذي أعدَّه؛ “يوان تشو جينغ”، الأستاذ المساعد في المعهد العالي لدراسات الشؤون العسكرية الصينية في “تايوان”، إلى أنه يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي، على وجه الخصوص؛ بوصفه تكنولوجيا إستراتيجية محورية: “لتغيير قواعد اللعبة”.

الصين وتفاوت القدرات..

يستهل الكاتب تقريره بالقول: بعد مراقبة العمليات الميدانية والحملات الحربية الأميركية، منذ أكثر من ثلاثة عقود، يُدرك قادة “جيش التحرير الشعبي” الصيني تمامًا الفارق الكبير بين قدراته وقدرات الجيش الأميركي في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويبدو أنه من غير المُرجَّح سد هذه الثغرة في المستقبل القريب.

وبخلاف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أصبحت التكنولوجيات المتطورة، التي يُطلَق عليها أيضًا التكنولوجيا المُدمِّرة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكم والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، ذات صلة بالمجال العسكري. ويُنظر إلى الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص بوصفه تكنولوجيا إستراتيجية محورية: “لتغيير قواعد اللعبة”؛ ومن المتوقع تطبيق زيادة سرعة الآلات وقوة المعالجة على التخطيط العسكري والقيادة العملياتية ودعم القرار بوصف ذلك جزءًا من: “استخدام الذكاء الاصطناعي” في الحروب.

ويُضيف الكاتب: يُثير الذكاء الاصطناعي اهتمام الجيش الصيني، نظرًا لإتاحته فرصة أمام “بكين” كي تتنافس مع “واشنطن” على قدم المساواة في مجال تطوير تكنولوجيا ناشئة. وقد وُصِفَت سياسة الذكاء الاصطناعي الصينية أول ما وُصِفَت في: “خطة تنمية الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي”، التي أصدرها “مجلس الدولة” الصيني؛ في عام 2017، وهي الخطة الهادفة لاستخدام ما يُعرف باسم: “الاندماج العسكري المدني”، بوصفه أحد: “الواجبات الرئيسة” لتطوير الذكاء الاصطناعي. ويُستخدَم الاندماج العسكري المدني بوصفه نهجًا لتطوير الذكاء الاصطناعي، بناءً على إيمان “الصين”؛ بأنها تستطيع أن تُحقِّق نجاحًا مذهلًا يُمكِّنها من التفوُّق على “الولايات المتحدة”.

وكما أوضح، “شي جين بينغ”؛ في تقرير عمله الذي قدَّمه إلى المؤتمر الحزبي، (المعروف باسم المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي)؛ في نسخته التاسعة عشرة، في تشرين أول/أكتوبر 2017، “يجب أن يُعجِّل الجيش الصيني بتطوير إدخال الذكاء في المجال العسكري، وتحسين قُدُرات العمليات المُشتركَة والقدرات القتالية في جميع المجالات؛ بناءً على نُظُم المعلومات الشبكية”؛ لتحقيق أهداف التطوُّر العسكري الصيني. ويعكس هذا التصريح إصرار، “شي جين بينغ”؛ على الإرتقاء بمفهوم إدخال الذكاء باعتباره مبدأً توجيهيًّا للتحديث العسكري الصيني في المستقبل.

وتعزيزًا لهذا الغرض، لفت تقرير حكومي دفاعي، صُدر عام 2019؛ الانتباه إلى المشهد المتغيِّر للحروب الحديثة، مشيرًا إلى أن: “التطوُّر الذي تشهده الحروب في الوقت الحالي يفتح المجال أمام وضع تطوير المعلومات، ما يُدل على ارتفاع آفاق الحرب القائمة على استخدام تكنولوجيا الذكاء”.

وفي الوقت ذاته؛ وتماشيًا مع إستراتيجية “الأوفست الثالثة”؛ (الجيل الثالث من إستراتيجيات الجيش الأميركي)، اختارت “الولايات المتحدة”، لاحقًا؛ الذكاء الاصطناعي لتطوير أساليب قتال جديدة تمامًا مثل أسراب الطائرات المُسيرة والروبوتات القاتلة. ومن المؤكد أن “بكين” تُدرك هذه التحرُّكات الإستراتيجية الأميركية، كما أعرب التقرير الحكومي الدفاعي، لعام 2019؛ عن قلقه الشديد من أن: “الولايات المتحدة تنخرط في الابتكار التكنولوجي والمؤسسي سعيًا وراء التفوُّق العسكري المُطلَق”.

كيف ينظر الجيش الصيني إلى حروب الذكاء الاصطناعي ؟

ونقل التقرير ما ذكره، “تشو تشيليانغ”، نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية، في مقال نُشر بعد الجلسة العامة الخامسة للجنة المركزية التاسعة عشرة لـ”الحزب الشيوعي الصيني”، إذ أشار إلى أنه مع دخول “جيش التحرير الشعبي” حقبة استخدام الذكاء الاصطناعي، يجب أن يُعزِّز الجيش التطوُّر المتكامل: “لإدخال التحديثات الثلاثة” على الميكنة وإشاعة المعلومات واستخدام الذكاء الاصطناعي. كما أكَّد “تشو”؛ على حاجة “الصين” إلى: “توسيع نطاق التفكير الإستراتيجي وتسريع عملية الانتقال من التكيُّف السلبي مع طريقة العمليات إلى تصميمها بصورة استباقية”. وتُظهر تصريحات “تشو” أن “الصين” تهدف إلى استخدام التكنولوجيا المُدمِّرَة لوضع تصوُّر لنوعٍ جديد من الحروب والانتصار فيها.

ويعتقد مفكرون عسكريون صينيون أنه في ظل ظروف الحروب القائمة على تطوير المعلومات، تُعد الهيمنة على نظام مواجهة الأنظمة بدلًا من استنزاف قوات العدو على نطاق واسع؛ العامل الرئيس في الانتصار في الحروب. ولذلك، تتمثَّل الإستراتيجية الرئيسة التي يتبعها الجيش الصيني من أجل هزيمة خصمٍ ما في ساحة المعركة في خلق اضطرابات أو جمود في جانب العدو من خلال نظام عمليات الأنظمة.

ويعتقد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا محوريًّا في الحروب القائمة على استخدام الذكاء من أجل استهداف العناصر الرئيسة للأنظمة التشغيلية الخاصة بالخصوم وتحطيمها. وأشار “لي مينغهاي”، العقيد المخضرم في الجيش الصيني، إلى أن الخوارزميات والمنصات غير المأهولة والمجالات المتطرفة تُمثِّل عوامل ناشئة تسهم في شكل الحروب القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وفي الوقت ذاته، يعتقد “جو روبينغ”، عميد كلية الأمن القومي في جامعة “الدفاع الوطني” الصينية، أن جيش “الصين” ينبغي أن يمتلك طريقة فريدة في خوض الحروب القائمة على استخدام الذكاء الاصطناعي، استنادًا إلى المفهوم الذي وضعه، “ماو تسي تونغ”؛ وقال فيه: “قاتل بطريقتك ونحن نقاتل بطريقتنا”. ويُجادل “جو روبينغ”؛ بأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمكِّن جيش “الصين” من النجاح في تطوير قدرات تكنولوجية وعسكرية من أجل اتخاذ موقف قوة جديد وتحقيق الفائدة المتمثلة في: “استغلال القوة في هزيمة الضعف” في حقبة استخدام الذكاء الاصطناعي.

وهذا يعني أن الجيش الصيني يجب أن يطوِّر قدراته العسكرية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وأن يستهدف مواطن ضعف “الولايات المتحدة”؛ بدلًا من التنافس معها في مواجهة مكتملة الأركان. ويضيف “جو روبينغ”؛ أن “الصين” يجب أن تحرص على تفادي الإنزلاق في سباق تسليح وألا تتجرَّع ويلات التجربة ذاتها التي خاضها “الاتحاد السوفياتي” السابق، خلال “الحرب الباردة”.

تنمية القدرات القائمة على الذكاء الاصطناعي..

وردًا على إستراتيجية “الأوفسيت” الأميركية، أبرز الرئيس الصيني، “شي جين بينغ”؛ الجهود المتفانية المخلصة المتمثلة في: “بناء جيش شعبي ابتكاري”، مؤكدًا على المنطق القائل إن الذي: “ينجح في تنفيذ الابتكار العلمي والتكنولوجي بصورة سليمة، سيكون قادرًا على الحصول على السبق وجني الثمار”.

وفيما يتعلق بالتكنولوجيا، ترى “الصين” أيضًا، بحسب التقرير، أن مهمة تطوير الذكاء الاصطناعي بوصفها مشروعًا إستراتيجيًّا وطنيًّا تأكدت أهميتها بالقدر ذاته الذي اكتسبه مشروع: “قنبلتان وقمر صناعي واحد”، في حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وتعتقد “بكين” أن نجاح مشروع: “قنبلتان وقمر صناعي واحد”؛ يرتكز على العزم الراسخ لدى قادة الحزب، والجهود المخلصة التي تبذلها الدولة بأكملها، والإنجاز الروحي للعلماء كما جسَّده، “تشيان شيوسين”؛ (المشهور بلقب عالِم الشعب، الذي طردته الولايات المتحدة ولجأ إلى الصين)، ومديرو المشروع بكفاءة إستراتيجية غزيرة. ومن المؤكد أن “الصين” ستستمر بالعقلية ذاتها في المستقبل وتدمج جميع الموارد لتطوير أسلحة الذكاء الاصطناعي.

ومن ناحية أخرى، يقدِّم تطوُّر التكنولوجيات المُدمِّرة السريع، مثل البيانات الضخمة والحوسبة السحابية، تناقضًا ملحوظًا مع المحللين العسكريين التقليديين التابعين للجيش الصيني، الذين كانوا يميلون إلى شرح الدروس العسكرية المستفادة من خلال نُهُج مثل تعميم القضايا واستنباطها في الماضي. وبدلًا من ذلك، قد تُتاح أمام الجيش الصيني فرصًا في المستقبل القريب من أجل تطوير نظرية عسكرية ذات تفكير ابتكاري قبل اندلاع الحروب. وبعبارة أخرى، أصبح: “تصميم الحرب” أمرًا مستساغًا.

الذكاء الاصطناعي.. وسيلة فعَّالة في الحرب الخاطفة..

وبالعودة إلى التاريخ، على حد تعبير الكاتب، أبرزت قوات الدفاع الألمانية، (التي وحَّدت ألمانيا)؛ والمعروفة باسم: (فيرماخت)، أهمية الحرب الخاطفة في هجومها الجبهوي الذي شنَّته لتتغلَّب على المنافسين بناءً على استفادتها النسبية من السرعة خلال الحرب العالمية الثانية. ويرى الصينيون المُلمِّون بالفنون العسكرية أن هناك عبارة معروفة ذات صلة تحقق الهدف ذاته: “لا يوجد دفاع منيع، ولكن السرعة هي الفيصل”. وقد برزت السرعة في التاريخ بقوة بوصفها عاملًا حاسمًا يُحدِّد نتيجة الحروب.

وينطبق هذا الأمر تمامًا على الذكاء الاصطناعي الذي تتمثَّل إحدى مزاياه في تسريع عملية اتخاذ القرار العسكري. وبصورة تتسم بمزيد من التحديد، يتناسب الذكاء الاصطناعي على نحوٍ خاص مع تكتيكات الهجوم الخاطف. ووفقًا للسيناريو الذي يشنُّ فيه الجيش “الصين” حربًا على “تايوان”، تجعل المسافة التعزيزات الأميركية الفورية أمرًا صعبًا.

ولذلك، سيستفيد الجيش الصيني من السرعة في شن الهجوم؛ ومن ثمَّ يتمكَّن من تثبيط أي نية أميركية لإنقاذ “تايوان”. ومن خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، من المُتوقَّع أن يُركز الجيش الصيني على الخوارزميات والمنصات غير المأهولة والمجالات المتطرفة وتطوير أسلحة ذكية، بما في ذلك صواريخ دقيقة التوجيه ومركبات انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت وطائرات من دون طيار وهجوم إلكتروني واستهداف نقاط الضعف في أنظمة شبكة المعركة الأميركية، من أجل استغلال مزاياها النسبية لتحقيق منع الوصول إلى المنطقة.

الذكاء الاصطناعي.. أداة لشن هجوم نفسي..

من المُرجَّح بشدة أيضًا؛ أن نلاحظ أن الجيش الصيني يطبِّق الذكاء الاصطناعي في مجال الحرب الإدراكية، التي تُستخدَم فيها تكتيكات غير مألوفة مثل المعلومات المغلوطة والمُضلِّلَة وإستراتيجيات التأثير في حرب الدعاية. وتُعد الحرب الإدراكية نهجًا نفسيًّا يتماشى مع الحكمة العسكرية الصينية التقليدية التي تُفيد أن: “فن الحرب الأسمى يتمثَّل في إخضاع العدو من دون قتال”؛ فضلًا عن أن: “كسْب قلوب الشعوب مُقدَّم على الاستيلاء على المدينة”.

ويختم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن السبب الرئيس لانتصار “جمهورية الصين الشعبية”، في الحرب الأهلية الصينية؛ التي اندلعت عام 1949؛ وهيمنتها المؤقتة في الحرب الكورية، التي اندلعت عام 1950، في الاستنزاف الدعائي والنفسي بوصفه أداة للتلاعب بالحروب الإدراكية. وعند دخول عصر استخدام الذكاء، ستُحاول “الصين” استخدام مهارات ذكاء اصطناعي تتَّسِم بمزيد من التقدُّم لتحقيق جهود الحروب الإدراكية ذاتها. على سبيل المثال، تُعد تكنولوجيا التزييف العميق أحد تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي التي تطورها “الصين” حاليًا لنشر أخبار، بل ومقاطع فيديو وصور مُلتقطة عبر الأقمار الصناعية زائفة ضد خصومها في محاولة لتضليل المعارضين وتنظيم الرأي العام داخل البلاد وخارجها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب