10 مارس، 2024 5:31 ص
Search
Close this search box.

“لبنان” أمام مشهد معقد .. نواب “التغيير” دفعة للتفاؤل أم مادة للذوبان في القوى الحاكمة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

لأول مرة في “لبنان”، استطاعت قوى غير تقليدية اختراق البرلمان بعد فوزها: بـ 14 مقعدًا من أصل: 128، إلا أن تساؤلات عديدة تُطرح حول ما إذا كان هؤلاء سيتوحدون ضمن كتلة وبرنامج محدد أم لا.

قوى “التغيير”، هو الاسم الذي يُطلق على الوافدين الجُدد إلى البرلمان؛ نظرًا لكونهم يحملون أفكار انتفاضة 17 تشرين أول/أكتوبر 2019، ومطالبها، والتي يُعتبر أبرزها التخلّص من الفساد، ومحاسبة المسؤولين عن الأزمات الاقتصادية والسياسية.

ووفق نتائج الانتخابات، لم تُعد: “الغالبية البرلمانية” محصورةً بيد فريق سياسيّ معين، إنما بات الثقل موزّعًا في عدة اتجاهات، مع وجود: 03 تكتلات أساسية ونواب آخرين مستقلين.

والتكتلات الثلاثة هي: تحالف (حزب الله)، و(حركة أمل)؛ (شيعة)، مع (التيار الوطني الحر)؛ (مسيحي)، وحلفائهم. وتحالفٌ يضم حزب (القوات اللبنانية)؛ (مسيحي)، والحزب (التقدمي الاشتراكي)؛ (دُروز)، ونوابًا كانوا سابقًا مع (تيار المستقبل)؛ (سُنَّة)، الذي قاطع الانتخابات رسميًا. أما التكتل الثالث فيضمّ نواب قوى “التغيير” وبعض المستقلين.

وكان (حزب الله) و(التيار الوطني الحر) وحلفاؤهما؛ يستحوذون على الغالبية النيابية المنبثقة عن انتخابات 2018.

مصدر الصورة: رويترز

إلا أنهم فقدوا تلك الغالبية بانتخابات 2022، حيث تراجع عدد نوابهم من: 71 إلى نحو: 60، فيما تتوزّع المقاعد المتبقية على قوى حليفة لـ”واشنطن” و”الرياض”، فضلاً عن عدد آخر من النواب المستقلين.

وكانت احتجاجات شعبية انفجرت في “لبنان”؛ في 17 تشرين أول/أكتوبر 2019، واستمرّت عدة أشهر، حيث حمّل المتظاهرون، الطبقة السياسية، مسؤولية الفساد وطالبوها بالرحيل.

ومع أن القوى الجديدة تُمثل شريحةً واسعة من اللبنانيين وتُشكل ترجمةً للاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد بين عامَي: 2019 و2020، إلا أن خبراء رجّحوا صعوبة توحيد موقفهم حول قضايا عدة.

تباين في وجهات النظر..

وفي حديث لوكالة (الأناضول) التركية؛ قال المحلل السياسي؛ “أمين قمّورية”، إن الاقتراع الكثيف لصالح نواب “التغيير”؛ أخذ بُعدًا وطنيًا وليس حزبيًا، وبعيدًا عن الطائفية والمذهبية، مشيرًا إلى أن الشعار الرئيس لهؤلاء كان: “محاربة الفساد”.

“قمّورية” يضع فوز هؤلاء النواب ضمن سياقٍ اعتراضيّ واسع، على أداء السلطة السياسيّ والاقتصاديّ، وليس على أساس برامجهم وخلفياتهم التي تختلف بين نائب وآخر.

وشكّل دخول قوى “التغيير” إلى البرلمان؛ كسرًا للتمثيل التقليديّ لقوى السلطة الذي كان محصورًا طيلة عقدين بين فريقي: (8 آذار)؛ (حلفاء طهران ودمشق)، و(14 آذار)؛ (حلفاء الرياض وواشنطن).

ورجّح “قموّرية” أن تبرز في صفوف نواب “التغيير” تياراتٌ واتجاهات متباينة، بشأن الملفات الاقتصادية، والموقف من نفوذ (حزب الله) وسلاحه، والقضايا المجتمعية كمسائل الزواج المدني وحقوق المرأة.

مصدر الصورة: رويترز

ملفات توافقية..

أما الملفات المُرجّح أن يتوافقوا عليها فتتعلق؛ بحسب “قمّورية”، بالتعديلات القانونية المرتبطة بالقضاء واستقلاليته أو اللامركزية الإدارية مثلاً.

ومنذ سنوات؛ يُطالب حقوقيون لبنانيون؛ البرلمان، بإقرار مشروع قانون يرمي إلى استقلالية القضاء، وإخراجه من هيمنة السلطة السياسية، من خلال فرض إصلاحات جوهرية وهيكلية على السلطة القضائية.

ورأى “قمّورية” أنه في حال عدم نجاح نواب “التغيير” بإنشاء تكتل كبير بسبب عدم التوافق على الأمور الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فمن المُرجح أن يكونوا ضمن كتل عدة تتعاون في بعض الملفات وتختلف في أخرى.

حالة فريدة..

بدوره؛ رأى الكاتب السياسي؛ “عماد شدياق”، أن النواب الـ 14: “يُشكلون حالة فريدة في لبنان”، لكن من المُبكر الحسم بأنهم سيكونون موحّدين أم لا.

وفي حديثه لـ (الأناضول)، قال “شدياق” إن المعطيات تُشير إلى أن البلاد مُقبلةٌ على عدة استحقاقات، حيث قد يتقاطع هؤلاء عند بعضها، ويفترقون عند بعضها الآخر.

قلق للسلطة..

لكن “القلق الأكبر”؛ الذي يُشكله هؤلاء النواب للسلطة، بحسب “شدياق”، هو عدم وجود مرجعية موحّدة لديهم، وعدم تبعيّتهم لأي جهة خارجية، ما يصعّب على أحزاب السلطة التعاطي معهم.

وأشار “شدياق” إلى أن هذه الكتلة أو الكتل الجديدة ستُشكل أسلوبًا جديدًا بالتعاطي البرلمانيّ، ما سيجعل الحكومة حذرةً جدًا من المساءلة والمحاسبة.

والملاحظ أن نواب “التغيير” يُبدون اندفاعةً وحماسة لتحسين الواقع الاقتصاديّ والسياسي الذي تُعاني منه البلاد.

ويستمد النواب الجُدد زخمًا من الاحتجاجات الشعبية، لإحداث خرق للوضع السائد في البلاد منذ عقود.

قوة ثالثة..

أما المحلل السياسي؛ “فيصل عبدالساتر”، فاعتبر أن: “نواب (التغيير) يُشكلون قوةً ثالثة في البرلمان الجديد، كونهم جاؤوا من خارج لوائح الأحزاب التقليدية”، لكن السؤال: “هل سيكون هؤلاء معًا أو منفردين أو كتلاً متعددة ؟”.

مصدر الصورة: رويترز

ولفت “عبدالساتر”؛ المقرّب من (حزب الله) إلى أن: “أيًّا من القوى السياسية لم يفُز بالغالبية النيابية”، التي تُشكل: 65 نائبًا من أصل: 128، “لكن النواب التغييريين أثبتوا وجودهم وفق التقسيم الجديد للقوى البرلمانية”.

وأضاف؛ لـ (الأناضول)، أن البلاد ستكون أمام: “مشهد مُعقّد” خلال الفترة المقبل، متسائلاً: “هل سيكون رئيس الحكومة المقبلة من داخل الكتل النيابية أم خارجها، وهل ستكون حكومة تكنوقراط أم سياسية ؟”.

تشاؤم أميركي !

لكن “عبدالساتر” رأى أن التصريحات الأخيرة لمساعد وزير الخارجية الأميركي السابق؛ “ديفيد هيل”، “كانت لافتة” عقب صدور نتائج الانتخابات، حيث قال إن: “الانتخابات النيابية لن تكون خلاصًا للبنان من مشكلاته”.

وقال “عبدالساتر” إن: “ما يعنيه هيل؛ ربما يوحي بأن واشنطن كانت تُريد شيئًا ما من الانتخابات ولم يتحقق، مثل أن تكون الأكثرية النيابية بيد جهاتٍ تدعمها واشنطن؛ كحزب (القوّات) وبعض قوى (التغيير)، إلا أن الأميركيين خرجوا خائبين، ونحن أمام مشهدٍ معقد”، وفق تعبيره.

وفي 17 آيار/مايو الماضي، قال “هيل”، في مقال نشره موقع (ويلسون سنتر) الأميركي، إن ما ينتظر “لبنان”؛ في الأيام المقبلة، هو حالةٌ من الشلل، مشيرًا إلى أنه من الخطأ الإعتقاد أن الانتخابات اللبنانية يُمكن أن تُنتج الحكومة اللازمة لاستعادة الثقة بالحكم وبالشؤون المالية وغير المالية للبلاد.

ومنذ عام 2019، يُعاني “لبنان” أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، حيث سجلت عُملته المحلية؛ “الليرة”، إنهيارًا كارثيًا، تزامنًا مع شُحّ في “الدولار” انعكس شُحًا في السلع الأساسية التي تراجعت القدرة على استيرادها، إضافةً إلى هبوط حاد بالقدرة الشرائية لدى اللبنانيين.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب