28 مارس، 2024 12:05 م
Search
Close this search box.

لإنهاء الصراع .. أكاديمي إسرائيلي يدعو الأمم المتحدة لمحاكمة مجرمي حرب سوريا

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

إن الهجوم بالأسلحة الكيماوية في الرابع من شهر نيسان/ابريل الجاري ضد السكان المدنيين في مدينة “خان شيخون” التابعة لمحافظة إدلب بشمال سوريا والذي أدى إلى مقتل ما يزيد عن 70 شخصاً غالبيتهم من الأطفال, يثير انتقادات شديدة بسبب عجز المجتمع الدولي عن إيقاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تم ارتكابها خلال تلك الحرب, التي أدت حتى الآن لمقتل قرابة نصف مليون نسمة ونزوح حوالي خمسة ملايين آخرين إلى خارج البلاد. وفي هذا السياق نشر “المركز الإسرائيلي لدراسات الديمقراطية” مقالاً تحليلياً للبروفيسور “يوفال شاني” بعنوان “هل اقترب يوم الحساب ؟”، وفيه تناول المساعي الدولية لإحالة كبار المسؤولين في نظام الأسد للمحاكمة الجنائية.

يقول الكاتب الإسرائيلي – الذي عمل سابقاً عميداً لكلية الحقوق بالجامعة العبرية – إن رد الفعل المتراخي من جانب المجتمع الدولى على الجرائم التي تُرتكب في سوريا يرجع في الأساس إلى الدعم السياسي الذي تقدمه روسيا لنظام بشار الأسد. حيث قامت روسيا باستخدام حق الفيتو لإحباط معظم مساعي الدول الأخرى الاعضاء في مجلس الأمن, سواء لفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية ضد الحكومة السورية المسؤولة عن ارتكاب تلك الجرائم, أو لتفويض المحكمة الجنائية في “لاهاي” لتقديم لوائح اتهام ضد المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبتها كل أطراف الصراع في سوريا.

هناك أبواب متعددة للمساءلة بعيداً عن مجلس الأمن..

موضحاً شاني أن هناك عدة طرق قانونية, بعيداً عن مجلس الأمن, يحاول من خلالها المجتمع الدولي خلق مستوى معين من المساءلة بشأن الوضع في سوريا. وتهدف تلك الطرق إلى إيجاد الوسيلة الممكنة لإحالة المتهمين بارتكاب جرائم حرب في سوريا للمحاكمة الجنائية.

ويرى أن أهم آلية في هذا السياق هي “لجنة التحقيق المستقلة الخاصة بالشأن السوري”, والتي شكلها “مجلس حقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة عام 2011. حيث قامت تلك اللجنة التي يترأسها الخبير البرازيلي في مجال حقوق الإنسان “باولوا بينيرو” بإعداد ما يزيد عن 10 تقارير حول انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان, ارتكبتها جميع الأطراف المتنازعة في سوريا. فيما قام مجلس حقوق الإنسان بتوسيع صلاحيات اللجنة لاستيضاح الحقائق والملابسات التي يمكن أن تدعم المساعي المبذولة لمحاكمة منتهكي القانون الدولي ومرتكبي الجرائم في حق الإنسانية.

يؤكد الكاتب الإسرائيلي على أن آخر تقرير للجنة عن شهر شباط/فبراير 2017، يتضمن أدلة كافية, تثبت قيام قوات الجيش السوري بارتكاب جرائم حرب خلال محاصرة منطقة حلب, بما في ذلك استهداف المستشفيات والخدمات الصحية, بالإضاف لوجود أدلة بشأن استخدام “غاز الكلور”. كما ينص التقرير على أن استخدام “القنابل العنقودية” من قبل سلاحي الطيران الروسي والسوري في حلب يُعد جريمة حرب, وأن قوات المعارضة قد ارتكبت هي الأخرى جرائم حرب بإطلاقها القذائف دون تمييز نحو غرب المدينة, وباستخدامها السكان المدنيين كدروع بشرية. ولقد أعلنت اللجنة عن اعتزامها التحقيق في الهجوم الكيماوي الذي تعتبره جريمة حرب وانتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان.

مشيراً شاني إلى تطور آخر مهم حدث مؤخراً, ويهدف أيضاً لزيادة الضغط القضائي على أطراف النزاع في سوريا، وهو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 248/ 71 الصادر في كانون أول/ديسمبر الماضي بإنشاء آلية دولية لدعم عمل اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا، وجمع وتحليل الأدلة، وإعداد ملفات المحاكمات للمتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. (يُذكر أن ذلك القرار قد صدر بتأييد 105 دولة ومعارضة 15 دولة أخرى وامتناع 52 دولة وغياب إسرائيل عن التصويت). ويعني هذا التأييد السياسي الواسع للقرار أن هناك  إمكانية كبيرة لإنشاء الآلية القضائية اللازمة لمحاكمة مجرمي الحرب من كل أطراف النزاع في سوريا.

الدول الغربية تتخذ الإجراءات القانونية بشكل منفرد..

يوضح البروفيسور الإسرائيلي أن هناك عدداً من الدول الغربية قد بدأت تفعيل الصلاحيات القضائية الجنائية فيما يخص الجرائم التي تم ارتكابها في سوريا. حيث قامت كل من “النمسا وألمانيا” بالبدء في اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد لاجئين سوريين حاربوا ضمن صفوف المعارضة السورية وارتكبوا جرائم حرب, بما في ذلك: “قتل أسرى أو تعذيب أو خطف مدنيين أو تمثيل بجُثث”. وفي “السويد” تمت محاكمة شخصين سوريين متهمين بارتكاب جرائم حرب (أحدهما خدم في الجيش السوري, والثاني في صفوف المتمردين, وكلاهما حصلا على البراءة لعدم توفر الأدلة). ومن المهم أن “فرنسا” بدأت هي الأخرى ثلاثة تحقيقات ضد مسؤولين سوريين جراء ارتكابهم جرائم تعذيب وقتل وإخفاء قسري للمسجونين والأسري, “وفي النهاية تجدر الإشارة أيضاً إلى أن هناك دعوات قضائية رُفعت في الولايات المتحدة الأميركية ضد قيادات سورية جراء مسؤوليتهم عن اعتداءات ضد صحافيين أجانب”.

تدل تلك التطورات على أن الصعوبات الجيوسياسية – التي تحول دون اتخاذ إجراء موحد من قبل المجتمع الدولي ضد الأفراد والجهات المسؤولة عن الجرائم والانتهاكات الخطيرة خلال الحرب السورية – لا تمنع على الإطلاق مساعي المؤسسات الدولية عن معاقبة المتورطين في جرائم الحرب السورية. وتقوم الجمعية العمومية ومجلس حقوق الإنسان التابعان للأمم المتحدة بلعب دور إيجابي في هذا السياق من حيث تعزيز إمكانية محاكمة مقترفي جرائم الحرب السورية مهما طال الأمر. ويبدو في الحقيقة أن الضغوط القضائية لم تبلغ حتى الآن المدى المؤثر على أداء أطراف النزاع, لكن ربما استمرار ممارسة الضغوط – لاسيما على الأطراف الدخيلة في الصراع مثل روسيا وإيران – سيؤدي إلى التغيير في آلية الحرب والحد من حالات الجرائم وحجمها.

وينهي الكاتب الإسرائيلي شاني بقوله، إن تجارب الماضي المتعلقة بالحروب الأهلية في “يوغوسلافيا ورواندا واليمن والعراق” تثبت أن الهيئات القضائية تصبح ذات أهمية خاصة في المراحل النهائية للنزاع, وأن أثرها يكون واضحاً على إجراءات تغيير نظام الحكم في الدولة التي ابتليت بالنزاعات. ومن هنا فحتى إن كانت الهيئات القضائية الدولية القائمة لا تملك سوى التأثير المحدود على مجريات الحرب السورية, فإنها سوف تؤثر على النظام الذي سُفرض هناك بعد انتهاء الحرب, وسوف تساعد تلك الهيئات على إزاحة كبار المسؤولين في نظام الأسد وقيادات المتمردين الملطخة ايديهم بالدماء, عن المشاركة في نظام الحكم المستقبلي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب