7 أبريل، 2024 12:19 ص
Search
Close this search box.

لأول مرة بتاريخها .. “الغارديان” ترصد قلق إسرائيل من قضية جنوب إفريقبا أمام “العدل الدولية” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

قلق إسرائيلي جِدي من القضية التي رفعتها “جنوب إفريقيا” أمام “محكمة العدل الدولية” ضدها بسبب الحرب على “غزة”؛ واتهامها “تل أبيب” بتنفيذ عملية إبادة جماعية، وينبع قلق “إسرائيل” من الإعداد الجيد للقضية من قِبل “بريتوريا” ودعم دول أخرى لها، والسوابق التاريخية.. فما هي السيناريوهات المتوقعة لهذه القضية ؟

واكتسّب طلب “جنوب إفريقيا” اتخاذ إجراء مؤقت من قِبل “محكمة العدل الدولية” لمنع “إسرائيل” من ارتكاب أعمال إبادة جماعية محتملة – في المقام الأول من خلال الدعوة إلى وقف العمليات القتالية – فجأةً أهميةً مُلحَّة كانت قد بدت قبل أسبوعين غير قابلة للتصديق، حسّبما ورد في تقرير لصحيفة (الغارديان-The Guardian) البريطانية.

يجري الآن تجميع فِرَق قانونية متخصصة، وتُصّدر الدول بيانات داعمة لـ”جنوب إفريقيا”، وأعربت “تركيا” عن دعمها للدعوى التي قدمتها “جنوب إفريقيا” ضد الاحتلال الإسرائيلي في “محكمة العدل الدولية”، والتي اتهمته فيها بارتكاب إبادة جماعية بسبب العدوان المستمر على “غزة” منذ أشهر، والذي أوقع الآلاف من الشهداء أغلبهم نساء وأطفال.

بدورها؛ رحّبت “منظمة التعاون الإسلامي”، في وقتٍ سابق، بالدعوى التي قدمتها “جمهورية جنوب إفريقيا” ضد الاحتلال، وأكدت المنظمة أن كل: “ما ترتكبه إسرائيل من استهداف عشوائي للسكان المدنيين، وقتل وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وغالبيتهم من النساء والأطفال، وتهجيرهم قسّريًا، ومنعهم من الحصول على الاحتياجات الأساسية، والمساعدات الإنسانية، إلى جانب تدمير المباني والمؤسسات الصحية والتعليمية والدينية، يُشكّل في مجمله جريمةَ إبادة جماعية”.

“إسرائيل” تتخلى عن تجاهلها للقضاء الدولي وستدافع عن نفسها أمام المحكمة..

وقالت “إسرائيل” إنها ستدافع عن نفسها في المحكمة؛ مما يقلب سياستها الممتدة عبر عقود والمتمثلة في مقاطعة “المحكمة العُليا”؛ التابعة لـ”الأمم المتحدة”، وقضاتها الخمسة عشر المنتخبين.

ومن المقرر عقد الجلسة الأولى في “لاهاي”؛ يومَي 11 و12 كانون ثان/يناير 2024. وإذا كان من الممكن الاسترشاد بسابقة، فمن الممكن أن تُصدر “محكمة العدل الدولية” حكمًا مؤقتًا في غضون أسابيع، في حين من المُرجّح أن تظل الهجمات الإسرائيلية على “غزة” جارية.

ويتماشى طلب “جنوب إفريقيا” لإصدار حكم مؤقت مع الاتجاه الأوسع في “محكمة العدل الدولية” لمثل هذه الأحكام. وكانت الأطراف التي ترفع الدعاوى تسّعى إلى الحصول على تدابير مؤقتة بوتيرة متزايدة خلال العقد الماضي، الذي أصدرت فيه المحكمة تدابير مؤقتة في (11) قضية، مقارنة بعشر قضايا في الخمسين سنة الأولى من وجود المحكمة؛ (1945 – 1995).

وكما هو الحال مع التدابير المؤقتة الصادرة عن المحاكم الوطنية، تسّعى التدابير الصادرة عن “محكمة العدل الدولية” إلى تجميّد الوضع القانوني بين الأطراف لضمان نزاهة الحكم النهائي في المستقبل. استمرت الشكوك لفترة من الوقت حول ما إذا كانت هذه التدابير تُعتبر مُلزمة من قبل “محكمة العدل الدولية”. لكن المحكمة بدّدت هذه الشكوك في الحكم الصادر في “قضية لاغراند”؛ في حزيران/يونيو 2001، حيث رأت أن الأحكام مُلزمة، نظرًا: “للوظيفة الأساسية للمحكمة المتمثلة في التسّوية القضائية للمنازعات الدولية”.

من المفترض أن تكون مُلزمة.. ولكن هل هي كذلك في الواقع العملي ؟

وأشار أحد التقيّيمات التي أعدها المحامي الأميركي؛ “ماتي أليكسيانو”، إلى أن الدول الأطراف التزمت بإجراءات المحكمة في: (50%) فقط من القضايا، بينما في بعض القضايا – وهي عادة القضايا الأحدث بما ذلك قضية “أوكرانيا” ضد “روسيا” في 2022، وادعاءات “غامبيا” ضد “ميانمار” بارتكاب إبادة جماعية في 2020، و”ناغورنو كاراباخ”، والعقوبات الأميركية على “إيران” – فقد تحدَّت الدولة الخاسرة في القضية المحكمة ببسّاطة.

وليس من المسّتغرب أنه كلما كان الحكم المخالف أكثر تدخلاً في شعور أي بلد بالسيّادة الوطنية، قلَّ احتمال الامتثال إليه.

قد تُلحق ضررًا معنويًا بـ”إسرائيل” !

ولكن إذا وضعنا جانبًا ما إذا كانت “إسرائيل” سوف تمتّثل لأي أمر من “محكمة العدل الدولية” لتغيّير تكتيكاتها العسكرية والكف عن أي عمل يُحكم عليه باعتباره إبادة جماعية، فإن الضرر الذي قد يُلحق بسّمعة “إسرائيل” نتيجة لهذا الحكم سيكون كبيرًا، وقد يؤدي على الأقل إلى تعديل حملتها العسكرية. وحقيقة أن “إسرائيل” اختارت الدفاع عن نفسها أمام “محكمة العدل الدولية”، وأنها من الدول الموقّعة على “اتفاقية الإبادة الجماعية”، تجعل من الصعب عليها أن تتجاهل أي نتيجة سّلبية.

“جنوب إفريقيا” أعدت دفوعًا قوية ومسّتندًا لتصريحات أممية..

ينبغي القول إنه رُغم أن ادعاء “جنوب إفريقيا” ضد “إسرائيل”؛ أمام “محكمة العدل الدولية”، بدت وكأنها جاءت فجأة من العدم في 29 كانون أول/ديسمبر، فهي ليست شيئًا جمعه محامو الدولة الإفريقية على عجالة.

إن الادعاء؛ المكون من: (80) صفحة، موضوعي ومبني على حجج قوية ومليء بإشارات مفصلة إلى كبار مسؤولي “الأمم المتحدة” وتقاريرها، والذي نادرًا ما يحّيد عن هدفه الأساس الضروري المتمثل في السّعي لإثبات نية “إسرائيل” للإبادة الجماعية. والمحامون الذين تُرسّلهم “جنوب إفريقيا” إلى “لاهاي” هم أفضل المحامين لديها. الكثير من حجج “جنوب إفريقيا” مسّتمدة من حكم “محكمة العدل الدولية” بشأن التدابير المؤقتة التي أصدرتها في “قضية غامبيا” ضد “ميانمار”؛ في عام 2020.

هناك نية إسرائيلية معلنة لتدمير الفلسطينيين كجماعة بشرية..

ووفقًا لطلب الادعاء؛ فإن: “الأفعال والتقصّيرات من جانب إسرائيل… هي إبادة جماعية في طابعها، لأنها تُرتَكَب بنية محددة… لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من الجماعة الوطنية والعنصرية والإثنية الفلسطينية الأوسع”، وأن: “سلوك إسرائيل – من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناءً على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سّيطرتها أو نفوذها – إزاء الفلسطينيين في غزة، يُعَد انتهاكًا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”.

في الواقع؛ تقول “جنوب إفريقيا” إن: “المحكمة ليست مُطالَبة بالتأكد مما إذا كان قد حدث أي انتهاك لالتزامات إسرائيل بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”.

وتُضيف: “لا يتعين على المحكمة أن تُقرر أن جميع الأفعال موضوع الشكوى يمكن أن تندرج ضمن أحكام الاتفاقية”، ويكفي أن: “بعض الأفعال المزعومة على الأقل يمكن أن تندرج ضمن أحكام الاتفاقية”.

وبالمثل؛ لا تحتاج المحكمة إلى التأكد مما إذا كان وجود نية الإبادة الجماعية هو الاستنتاج الوحيد الذي يمكن استخلاصه من المواد المعروضة على المحكمة، لأن: “هذا الشرط من شأنه أن يصل إلى حد قيام المحكمة بالبت في موضوع الدعوى”.

وتسّعى “جنوب إفريقيا” إلى إثبات أن التدابير التي اتخذتها “إسرائيل” تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس وتمتد إلى تدمير الفلسطينيين.

الادعاء يُشير لأعداد الضحايا والتجويع والتهجير..

ويوضح الادعاء تفاصيل عدد القتلى المألوف؛ وإن كان صادمًا، والتهجير القسّري، والحرمان من الطعام، والقيود المفروضة على الولادات، من خلال الهجمات على المستشفيات، قائلاً إنها أدلة كافية لاستنتاج نية معقولة للإبادة الجماعية.

ويُضيف هذا الادعاء عنصرين آخرين: الدرجة التي استُهدِفَت بها الحياة الثقافية الفلسطينية، والدرجة التي دعا بها المسؤولون الإسرائيليون مرارًا إلى تدمير الفلسطينيين وليس فقط (حماس).

تحريض القادة الإسرائيليين على الإبادة الجماعية مثل كلام “نتانياهو”..

وتورد “جنوب إفريقيا” أمثلةً عديدة على: “التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية من قِبل مسؤولي الدولة الإسرائيلية”، بما في ذلك من قِبل رئيس الوزراء؛ “بنيامين نتانياهو”. إن التهديدات بجعل “غزة” غير صالحة للسّكن بشكلٍ دائم، والإشارات إلى الفلسطينيين كحيوانات بشرية كلها موثقة في الادعاء. وقد استُشهِدَ في ذلك بدعوات الوزيرين اليمينيين المتطرفين؛ “بتسلئيل سموتريتش” و”إيتمار بن غفير”، لإعادة توطين الفلسطينيين خارج “غزة”.

وداخل “إسرائيل” نفسها، كتب مسؤولون سابقون إلى المدعي العام؛ “غالي باهاراف ميارا”، يطلبون فيه اتخاذ إجراء ضد المسؤولين الحكوميين والسياسيين المنتخبين الذين دعوا إلى التطهير العرقي. ومن بين الموقعّين على هذه الرسالة السفير السابق؛ الدكتور “ألون ليل”، والبروفيسور “إيلي بارنافي”، و”إيلان باروخ”، و”سوزي بشار”.

وهذا النوع من الأدلة؛ والذي ربما نشأ من تشاؤم إسرائيلي جديد بشأن إمكانية السلام، حسّب وصف تقرير الصحيفة البريطانية، هو الذي قد يدفع القضاة إلى تقييّم أن “إسرائيل” تعتقد أن أمنها يعتمد على إخراج الفلسطينيين من “غزة”، ولكن كان هناك العديد من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون تتعارض مع هذا الرأي، والتي سيتعين على المحكمة موازنتها.

تنفيذ أي حكم سيكون في يد “مجلس الأمن”..

موقع (Walla) الإسرائيلي؛ يقول إنه إذا أصدرت “محكمة العدل الدولية” حكمًا مؤقتًا، فإنها لن تُصدر أمرًا لـ”إسرائيل” بوقف الحرب، لكن “مجلس الأمن”؛ التابع لـ”الأمم المتحدة”، قد يُصّدر قرارًا ضد “إسرائيل” بعد حكم “محكمة العدل”.

ويقول الموقع قد يجعل أمر المحكمة من الصعب للغاية على الدول الصديقة لـ”اإسرائيل”؛ مثل “الولايات المتحدة” أن تستخدم حق النقض ضد اقتراح مثل هذا القرار. بالإضافة إلى ذلك؛ قد يواجه الأميركيون صعوبة في تمرير حزمة مساعدات في “الكونغرس” لتمويل وتسّليح “إسرائيل” إذا صُدر هذا الحكم.

وبالطبع؛ لا يمكن استبعاد أن تظل “الولايات المتحدة” تُدافع عن “إسرائيل” حتى لو قضت “محكمة العدل الدولية” أن ما يحدث إبادة جماعية، خاصةً أن “واشنطن” استبقت القضية بالقول إنها لا ترى مؤشرات على وجود إبادة جماعية بـ”غزة”.

وفي حديثه إلى موقع (Walla)؛ أوضح الدكتور “روي شيندورف”، نائب المدعي العام الإسرائيلي، أن: “المحكمة تتكون من خمسة عشر قاضيًا يُعيَّنون في مناصبهم على أساس التمثيل الجغرافي ويُمثلون وجهات سياسية مختلفة”، موضحًا: “على سبيل المثال، هناك قاضٍ لبناني، وآخر صيني، وآخر روسي. بعض القضاة يأتون من دول موقفها بشأن الحرب في غزة لا يتعاطف مع إسرائيل، وهذا بالطبع يمكن أن يكون له تأثير”.

لأول مرة في التاريخ “إسرائيل” تُقاضَى أمام “محكمة العدل”..

وأضاف أن هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تُقاضَى فيها “إسرائيل” في “محكمة العدل الدولية”. وقال: “هناك نوعان من الإجراءات التي تُنظر فيها المحكمة. هناك إجراء يُطلب فيه من المحكمة إصدار رأي استشاري. على سبيل المثال أن تلجأ الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى طلب فتوى من المحكمة، ثم تصدر المحكمة فتوى ليس لها أثر قانوني مُلزم”. وتابع قائلاً: “النوع الآخر من الإجراءات هو إجراء بين دولتين، كما هو الحال في الإجراء الحالي”.

وقال “شيندورف” أيضًا إن هذه ليست المرة الأولى؛ التي تُشارك فيها دولة “إسرائيل” في مثل هذا الإجراء الدولي في المحكمة. في الخمسينيات من القرن الماضي، رفعت “إسرائيل” دعوى قضائية ضد “بلغاريا” بسبب إسقاط طائرة إسرائيلية، لكن “إسرائيل” كانت هي الطرف المدعي، لكن الآن تقف “إسرائيل” للمرة الأولى كطرفٍ مُدعى عليه.

وعندما سُئل عما سيحدث إذا أصدرت المحكمة مثل هذا الأمر واختارت “إسرائيل” عدم الامتثال، أجاب “شيندورف” بأنه: “من المفترض أن تمّتثل الدول لأوامر محكمة العدل الدولية”. وقال إنه في حالة عدم الامتثال: “سيُعرَض الأمر على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعندها يكون السؤال الكبير هو ماذا سيفعل الأميركيون ؟”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب