خاص : ترجمة – محمد بناية :
لا ينحصر تشبيه وزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، برئيس الوزراء الأشهر، “محمد مصدق”، في وسائل الإعلام الإصلاحية؛ على تلكم الفترة التي بدا خلالها وأن المفاوضات قد تكللت بالنجاح وتصدع جدار العقوبات؛ وإنما لابد من البحث في أوجه التشابه أيضًا، في هذه الفترة، حتى يتسنى تقديم مؤشرات عن المستقبل، كما الفترة التي تصور خلالها “مصدق” الفوز في المفاوضات مع “الولايات المتحدة الأميركية”، لكن فشلت المفاوضات بالنهاية وتحول “مصدق” إلى قعيد.
وعليه؛ إذا كان من المقرر أن نناقش أوجه شبه “ظريف” مع “مصدق”، في تلكم الفترة؛ وأن ننشر في بوق الإعلام فقط، تلك المراحل عن انتصارات “مصدق” الظاهرية والخيالية، فإن علينا أيضًا الكتابة عن مصير “مصدق” في المفاوضات مع “أميركا”؛ وعلاقاته بالمجتمع الإيراني.
ففي نفس الفترة، التي تحدثت فيها إحدى الصحف الإصلاحية عن التشابه الكبير بين “مصدق” و”ظريف”، وإزداد الحديث عن مدى التشابه بينهما، انتشرت مرارًا الروايات عن هزيمة “مصدق”؛ باعتباره سياسي ساذج بغرض تنوير الرأي العام، حيث نتيجة مفاوضات “مصدق”، آنذاك، “لا شيء تقريبًا” أو “لا، شكرًا”.. بحسب وكالة أنباء (مهر) الإيرانية شبه الرسمية.
فشل دبلوماسية “مصدق” وعلاقته بالقاعدة الاجتماعية..
لكن ثمة طبقة أخرى، من الرواية التاريخية، وهذا التشابه. فحين وصل “مصدق” إلى نقطة الفشل، أقصاه الشعب بشكل دائم عن المشهد السياسي والإداري للدولة.
ومن الأفضل للحديث عن هذا الموضوع؛ الرجوع إلى الذاكرة والمستندات التاريخية لمناقشة هذه الطبقات من مصير تيار الإغتراب، ونقدم تشبيه أكثر دقة بالمقارنة مع سائر التشابهات السابقة.
من ثم؛ يجب القول: يمكن مناقشة الموضوع عبر البُعد المصيري للمفاوضات مع “الولايات المتحدة”، وكذلك المكانة الاجتماعية لتيار الإغتراب بعد الفشل المتكرر في المواجهة والإرتباط بـ”البيت الأبيض”.
ومن خسائر “مصدق”، فيما يخص العلاقات والمفاوضات مع “الولايات المتحدة الأميركية”، يمكن الإشارة إلى حادث زيارته إلى “واشنطن”، التي استغرقت 47 يومًا، والمباحثات المتعددة مع الرئيس الأميركي، آنذاك، “هاري ترومن”، وسائر المسؤولين الأميركيين. فقد طرح “مصدق”، خلال هذه اللقاءات، العديد من المطالب، لكن “البيت الأبيض” لم يقبل أي من هذه المطالب، واضطر “مصدق” للإعتراف أمام الجمعية الوطنية، بالقول: “لم تحقق جهودي للحصول على موافقة الآخرين أي نتيجة”، آنذاك، كانت قاعدة “محمد مصدق” الاجتماعية تدعمه.
لكن الشكوك بشأن تعامل “مصدق” وسياساته سوف تستمر إلى أن بلغت سذاجته حد دفع، آية الله “كاشاني”، قبل يوم من الانقلاب، إلى استرجاع أخطاء “مصدق” في المفاوضات مع “أميركا” والتأكيد على عدم تكرار أخطاء الماضي.
تشابه “ظريف” و”مصدق” في تآكل القاعدة الاجتماعية..
رغم التحذير المتكرر، منذ البداية، من مصير مفاوضات “مصدق” وعدم التفاؤل بـ”الولايات المتحدة”، لكن قطار الحكومة وجهاز السياسة الخارجية إنطلق معتمدًا على الثقة في “أميركا” والغرب، ثم أحيى رد “ترامب”: “لا، شكرًا”، على مطلب “ظريف” بالتفاوض من جديد، ذكريات التعاطي الأميركي مع مطالب ومساعي “مصدق” المتكررة.
وبناء على ما سبق، من الحديث عن مصير “مصدق”؛ من حيث فشل المفاوضات والتساهل مع المسؤولين الأميركيين وتآكل قاعدته الاجتماعية بعد العجز عن إدارة الدولة والفشل الدبلوماسي مع “أميركا”، يمكن القول: إن إجابة “ترامب”، على “ظريف”، تشبه نفس إجابة، “هاري ترومن”، على “محمد مصدق”، الذي لم يتخاذل فقط عن مساعدة رئيس الوزراء في إدارة البلاد؛ وإنما ساهم في التأثير على قاعدته الاجتماعية. علاوة على ذلك.