وكالات – كتابات :
اعتبر موقع (دوتشيه فيله) الألماني؛ أن الأحداث التي جرت في سجن “حي الصناعة”؛ في “الحسكة” السورية، بين عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي، و”قوات سوريا الديمقراطية”؛ (قسد)، التي يقودها الكُرد، تُظهر أن التنظيم لا يزال لديه القدرة على القتال، لكن الخبراء يعتبرون أنه لا يُشكل تهديدًا عالميًا؛ بسبب إفتقاره إلى الأموال والمقاتلين والسلاح.
ومع سيطرة قوات (قسد) على الموقع، أشار التقرير الألماني إلى أنه لا يزال من غير الواضح عدد سجناء (داعش) الذين تمكنوا من الفرار، وأن السؤال المطروح يتعلق: بماذا سيحدث بعد ذلك ؟.
“داعش” لم يُعد في قوته السابقة..
واعتبر التقرير؛ أن المعركة التي جرت تُظهر تصميم الطرفين، وهي لا تدع مجالاً للشك في أن (داعش) لا يزال يتمتع بقوة كبيرة، لكنه في الوقت نفسه، ليس قادرًا على التغلب على القوات المحلية وحلفائها، بخلاف النجاح الذي حققه (داعش)؛ خلال ما يُسمى: بـ”الخلافة”، بين عامي: 2014 و2016.
وذكر التقرير بأن (داعش) كان وقتها؛ أغنى تنظيم “جهادي” في العالم، حيث كان يستحوذ على أكثر من ملياري دولار أميركي، ولديه نحو: 100 ألف مقاتل في “العراق” و”سوريا”.
ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة (كونفليكت آرمامنت ريسيرش)، فإن (داعش) لم يشترِ الأسلحة فقط، وإنما استحوذ أيضًا على شبكة واسعة قادرة على تجميع أنظمة الأسلحة.
لكن منذ هزيمة التنظيم، فقد تراجع مقاتلوه وقدراته المالية وترسانة أسلحته بشكل متواصل، إلا أن (داعش) لم يصل إلى النهاية بعد.
مصادره المالية في نضوب..
وذكر بتقرير لـ”وزارة الخزانة” الأميركية؛ صُدر في العام 2021، يتحدث عن تقلص الموارد المالية لـ”داعش”، من دون أن تنضب تمامًا. وتقول دراسة الوزارة الأميركية أن تنظيم (داعش) الإرهابي؛ “حقق إيرادات مالية من خلال ابتزاز الشركات المحلية، والخطف من أجل الفدية وعمليات النهب”، مضيفًا أن جزءًا كبيرًا من أموال (داعش) كانت تأتي أيضًا من خدمات التحويلات المالية العالمية.
وذكر تقرير الوزارة الأميركية أنه: “بالإضافة إلى الإيرادات التي يتم تحصيلها من أنشطته المالية غير المشروعة، يتمتع (داعش) أيضًا بقدرته على الوصول إلى عشرات الملايين من الدولارات من الاحتياطيات النقدية التي يتم صرفها في جميع أنحاء المنطقة”.
إلا أن تقرير (دوتشيه فيله) اعتبر أنه في حين أن هذه الأموال تبدو ضخمة، إلا أنها لا تُشكل سوى جزء بسيط مما كانت تمتلكه الجماعة في السابق، وهو لا يكفي لبدء خلافة جديدة في المنطقة.
وإلى جانب ذلك، فإن أعداد العناصر الناشطة ضمن (داعش)، آخذة بالتناقص، حيث تُقدر “الأمم المتحدة”، أن: 10 آلاف عنصر من أصل: 100 ألف عنصر، ما زالوا منضوين في التنظيم.
تقلص الأعضاء..
ونقل التقرير عن مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “المجلس الأوروبي” للعلاقات الخارجية في برلين؛ “جوليان بارنز”، قوله: “لا أعتقد أن (داعش) يعمل بنجاح وفعالية؛ حتى الآن، في ضم أعضاء جدد، إلا أن التساؤل هو إلى أي مدى ما زال الأعضاء القدامى يُعيدون تنظيم صفوفهم في الصحراء العراقية والسورية، أو ما إذا كان سجناء (داعش) الذين فروا، قد عادوا للإنضمام إلى التنظيم”.
إلا أن التقرير أوضح أنه في ظل عدم وجود بدائل للعديد من المقاتلين، بما في ذلك الذين تمكنوا من الهروب من سجن “الحسكة”، فإن المُرجح أنهم قد يكونوا مستعدين للإنضمام إلى (داعش) مجددًا، لكن ذلك لن يؤدي إلى زيادة أرقام أعضاء التنظيم إلى المستويات السابقة، بالإضافة إلى أن معداتهم العسكرية أقل بكثير مما كانوا يحصلون عليه في السابق، حيث استخدمت في الاشتباكات أسلحة خفيفة ومتوسطة.
ونقل التقرير عن مدير “المركز الأوروبي” لمكافحة الإرهاب والدراسات الاستخباراتية في بون؛ “جاسم محمد”، قوله ان أسلحتهم كانت قد سُرقت من مخازن الجيش العراقي، ومن جهة أخرى، فإن (داعش) وضع الكثير من أسلحته في مخابيء كالآبار الجافة في “الباغوز” الذي كان آخر معاقلهم.
ويعتبر “جاسم محمد” أن (داعش) كان يُهاجم بشكل أساس منشآت الدولة؛ مثل الثكنات أو السجون، ويمتنع عن مهاجمة أهداف مدنية، وأن السبب وراء ذلك هو أن التنظيم يسعى إلى تجنب انقلاب السكان المدنيين عليه.
في سوريا والعراق..
إلا أن التقرير الألماني اعتبر أن معظم السوريين مرهقون ولا يهتمون بذلك، موضحًا أنه بالإضافة إلى أكثر من عشر سنوات من الحرب، فقد عانت “سوريا” من واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ 70 عامًا، ومياه الشرب أصبحت نادرة، وتفاقم التضخم والعقوبات الدولية ضد نظام “الأسد”، تجعل الحياة بالنسبة إليهم أكثر صعوبة.
أما في “العراق”، وهو المعقل الآخر لـ (داعش)، بحسب التقرير، فإن الغالبية العظمى من المواطنين، بما في ذلك المواطنين السُنة، مشغولون بشكل كبير بشؤونهم السياسية الداخلية.
ونقل التقرير عن “بارنز” قوله؛ إن: “المشكلة الأساسية هي الفراغ الحكومي والأمني في سوريا والعراق”، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن التنظيم لا يُشكل تهديدًا إستراتيجيًا على المستوى الدولي أو حتى الإقليمي، موضحًا: “أنهم ليسوا على وشك الانتفاض والسيطرة على الرقة أو الموصل مرة أخرى”، لكن العالم يتوقع استمرار التمرد الداعشي في “العراق” و”سوريا” لبعض الوقت مستقبلاً.
ترجمة: شفق نيوز