خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة قد تعكر صفو العلاقات “العراقية-الأميركية”، وتجعلها تأخذ موقفًا حازمًا تجاه “العراق”، كشف النائب في البرلمان العراقي، رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق، “حاكم الزاملي”، السبت، عن وجود مفاوضات بين “موسكو” و”بغداد” حول تزويد “العراق” بمنظومة (أس-400).
وقال “الزاملي” إن: “هناك توجهًا عراقيًا لتعزيز التعاون في مجال التسليح مع روسيا، وهذا ما نتج عنه توقيع عقد بقيمة أربعة مليارات دولار لشراء مقاتلات، بالإضافة إلى عقد بمليار دولار لتجهيز العراق بمدرعات”.
وأضاف “الزاملي”: “بغداد تتفاوض الآن على شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية، (إس-400)”، مبينًا أن: “هذه المنظومة مهمة جدًا، ومن المتوقع أن تكون خلال العامين المقبلين قد دخلت العراق”.
مطالب للحكومة بتوضيح المفاوضات..
من جانبه؛ قال النائب، “فالح يونس”، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان العراقي، إن اللجنة طالبت الحكومة بتوضيح المفاوضات مع الجانب الروسي بشأن منظومة (إس-400).
وأضاف “يونس”، أمس الاثنين، أن: “لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المعنية بمثل هذه الاتفاقيات، لم يرد إليها أي اتفاقيات سابقة، أو معلومات جديدة بشأن هذه المفاوضات التي تم تداولها عبر وسائل الإعلام”.
وتابع: “اللجنة وجهت خطابها إلى الحكومة منذ يومين لتوضيح ما إن كانت هناك اتفاقيات أو مفاوضات في فترة البرلمان السابق من عدمه، نظرًا لأن اللجنة الحالية لم تشهد أي اتفاقيات من هذا النوع”.
وأوضح أنه من المفترض أن ترد اللجنة على الخطاب الموجه لها في غضون يومين، وأن يتضمن الرد كافة التفاصيل حول الأمر.
خلافات “فرنسية-أميركية”..
في الوقت ذاته؛ كَشَفت صحيفةٌ (الشرق الأوسط) اللندنية، السبت الماضي، عن خلافات بين “فرنسا” و”الولايات المتحدة الأميركية” بشأن ملف التسليح العراقي، مشيرًة إلى أن الأخيرة تريد إبقاء هيمنتها على التسلح العراقي.
ونقلت الصحيفة، في تقرير لها، عن مصادر فرنسية رسمية قولها، إن: “باريس لن تتنازل عن مجموعة المدفعية المتقدمة المسماة، (القيصر)، التي نشرتها شمال العراق، للمساعدة في محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، والسبب في ذلك معارضة “الولايات المتحدة الأميركية”، التي تريد أن تبقي هيمنتها على التسلح العراقي”.
وأضافت المصادر، أن: “باريس يمكن أن تبيع من شركة (ألستوم) الأجهزة الخاصة بالرقابة على الحدود، وأن تستمر في المساهمة في تدريب وحدات عسكرية وأمنية عراقية”.
تحذيرات أميركية مسبقة..
يُذكر أنه كانت “واشنطن” قد حذرت، في مطلع العام الماضي، “العراق” ودولًا أخرى، من تبعات عقد صفقات لشراء أسلحة روسية، وذلك وفقًا لقانون “مواجهة أعداء أميركا عبر العقوبات”، (CAATSA).
وذكرت الناطقة باسم الخارجية الأميركية، “هيذر نويرت”، في معرض ردها على سؤال عن احتمال إقتناء “بغداد” منظومات (إس-400) الروسية للدفاع الجوي، أن: “الولايات المتحدة تتحادث مع دول كثيرة، ومنها العراق، لتشرح مغزى القانون المذكور والتبعات الممكنة لعقد هذه الدول صفقات دفاعية مع روسيا”.
وأضافت “نويرت” أنها: “لا تعلم هل تم توقيع الصفقة بين العراق وروسيا حول منظومات (إس-400) أم لا”.
وكان رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد، (الشيوخ)، في البرلمان الروسي، “فيكتور بونداريف”، قد قال أن “سوريا” و”العراق” و”السودان” و”مصر” مرشحة للحصول على منظومات (إس-400) الروسية.
فيما أورد السفير الروسي لدى بغداد، “ماكسيم ماكسيموف”، أن الجانب العراقي بصدد توجيه طلبات جديدة لشراء أسلحة روسية الصنع، وقد تشمل منظومات (إس-400) أيضًا.
وكان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قد وقع، في 2 آب/أغسطس الماضي، قانون “مواجهة أعداء أميركا عبر العقوبات” الموجهة ضد “روسيا” و”إيران” و”كوريا الشمالية”.
قادرة على إسقاط جميع الأهداف الجوية..
يُذكر أن صواريخ (إس-400)؛ قادرة على إسقاط جميع الأهداف الجوية، بما فيها الطائرات الشبحية وطائرات الإنذار المبكر الأميركية، وضرب الطائرات قبل إقلاعها من متن حاملات الطائرات، وفقًا لمجلة (ناشيونال إنترست) الأميركية.
صعب إتمامها بسبب الضغط الأميركي..
تعليقًا على الخطوة العراقية، وعلى نتائجها المستقبلية، خاصة من الجانب الأميركي، رأى الخبير العسكري والإستراتيجي، “د. أحمد الشريفي”، أنه من الصعب أن تتم الصفقة، وذلك بسبب ضغط “الولايات المتحدة”، التي سيلعب تأثيرها دورًا في منع شراء “العراق” لمنظومة (إس-400) الروسية.
وأوضح أنه: “في الحقيقة، في العراق، الطموح شيء والواقع شيء آخر، والجميع في العراق يطمحون لإعادة تسليح الجيش العراقي بالسلاح الروسي، ولكن يوجد تأثير أميركي على مسألة الاتفاقيات في مجال التسليح والتدريب وغيرها من الإمكانيات بشكل عام، ولذلك القرار سيكون قرارًا صعبًا، لا سيما أنه لا توجد في العراق وفرة مالية، حيث تعاني الميزانية من شُح مالي”.
تعزيز السيادة الجوية..
وحول أهمية منظومة (إس-400)، بالنسبة لـ”العراق”، أشار “الشريفي” إلى أنه: “إذا تحدثنا عن منظومة (إس-400)، هذا يعني تعزيز السيادة الجوية بشكل يكاد يكون مطلق، وهذه المنظومة من أكفأ المنظومات في العالم، ومن ناحية ثانية هناك إرتباط روحي بين السلاح الروسي وبين العراقيين اللذين جربوا السلاح الروسي، ولكن تبقى المسألة هنا سياسية؛ وسيكون هناك ضغوط أميركية لمنع الصفقة لأنها ستكون مغايرة لطموحات واشنطن في أن تكون أسلحة العراق كلها أميركية”.
واعتبر “الشريفي” أن حصول “العراق” على هذه المنظومة سيصبح لديه قدرة دفاع جوي وإحكام سيطرة ضمن مفهوم سيادة تجعله في مصاف الدول المتقدمة إقليميًا ودوليًا، لأن (إس-400) تستطيع مواجهة طيارات متقدمة من “الجيل الرابع” وحتى “الجيل الخامس”، وبالتالي سيعطي أصحاب القرار السيادي العراقي مرونة وقوة أكبر.
قد تتعرض لعقوبات أميركية..
من جانبه؛ أشار الخبير العسكري اللبناني، “عمر معربوني”، إلى أن “شراء العراق لمنظومة الدفاع الجوي الروسية (إس-400)؛ أمر ظهر للعلن بعد إعلانه من قِبل رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، الذي أشار إلى أن المفاوضات بين العراق وروسيا قطعت شوطَا كبيرَا بشأن شراء المنظومة”.
وأضاف أنه” “من المفيد القول أن العراق، كغيره من البلدان في منطقة الشرق الأوسط، الراغبين بشراء أسلحة روسية بسبب جودة السلاح وسعره المناسب مقارنة بالأسلحة الغربية، ورغبة هذه البلدان بتنويع مصادر أسلحتها. إلا أن عوائق كثيرة تقف في وجه عقد هذه الصفقات؛ على رأسها موقف الولايات المتحدة الأميركية الرافض لحصول هذه البلدان على منظومات أسلحة روسية، والتهديد بوضع عقوبات عليها بسبب خرقها للعقوبات الأميركية على روسيا”.
يساهم في تحرير المنطقة من التبعية الأميركية..
وأوضح “معربوني”: “السبب الآخر هو إدراك الولايات المتحدة أن حصول بلدان المنطقة على أسلحة روسية سيساهم في تحررها من التبعية الأميركية وسيزيد من نفوذ روسيا، وهو الأمر الذي تخشاه الولايات المتحدة الأميركية، خصوصًا أن المنطقة تتجه للدخول في مرحلة من التحولات الكبرى كنتيجة طبيعية للدور الروسي الذي ساهم في تحقيق هزيمة الإرهاب؛ ومعرفة الولايات المتحدة الأميركية أن تحول بلدان المنطقة، ومنها العراق، إلى التزود بالسلاح الروسي والنوعي منه خصوصًا سيؤثر في ميزان القوى المرتبط بالصراع مع الكيان الصهيوني، حيث أن إمتلاك العراق لمنظومة (إس-400) في ظل تحولات العراق السياسية للتقرب من إيران في علاقات تبدو أنها تسير نحو التحالف الإستراتيجي ما تعتبره واشنطن بمثابة حائط صد عن إيران مستقبلًا، وهو أمر يعني الكثير بالنسبة لإسرائيل التي ستشكل هذه المنظومة عائقًا بوجهها لجهة عدم التمكن من عبور الأجواء العراقية في أي اشتباك مع إيران مستقبلًا”.
ورأى الخبير “معربوني”؛ أن “واشنطن” ستعمل جهدها لعرقلة الصفقة بين “روسيا” و”العراق” لحرمان “العراق” من الحصول على فائض قوة وحرمان “روسيا” من الصفقات التي ستدر عليها مبالغ. بعشرات مليارات الدولارات، حيث لا يقتصر الأمر على منظومة الـ (إس-400)، بل يتعداه لشراء مدرعات وطائرات مقاتلة وحوامات هجومية.
الجديد بالذكر؛ أن العلاقات “الأميركية-التركية” الآن في أوج توترها بسبب إقبال “تركيا” على شراء منظومة (إس-400) الروسية، فدائمًا ما تهدد “واشنطن” ويحذر (البنتاغون)، “أنقرة”، من شراء هذه المنظومة لما تراه من مخاطر وتهديد عليها، ودائمًا ما ترفض “أنقرة” تلك التهديدات مصممة علي شراء تلك المنظومة، بالإضافة إلى رفضها للعرض الأميركي الخاص باستبدال تلك المنظومة بطائرات (إف-35) الأميركية.