27 ديسمبر، 2024 9:24 م

لأنهم أهملوا الزراعة .. أكراد العراق يعانون الفقر بسبب أسعار البترول !

لأنهم أهملوا الزراعة .. أكراد العراق يعانون الفقر بسبب أسعار البترول !

خاص : كتابات – بغداد :

رغم تاريخ طبيعتها الزراعية، يعيش أغلب سكان مدن “إقليم كُردستان العراق” على عوائد صناعة النفط بشكل أو بآخر؛ مما ساعد على دخول الإقليم في أزمة اقتصادية مع انخفاض أسعار البترول عالميًا، يعانيها حاليًا المواطن الكردي..

عند سفح تلة وعرة، وعلى بُعد 55 كيلومترًا، شمال شرق “أربيل”، كبرى مدن “كُردستان العراق”، حيث تمتد بلدة “مير رستم” على مساحة شاسعة، كروم من العنب الناضج بات جاهزًا للقطاف ليكون مصدر دخل للإقليم الشمالي الغارق في أزمة اقتصادية. فقد عاد سكان الإقليم، الذي يتمتع بحكم ذاتي، إلى الإعتماد على الزراعة، التي تراجع العمل فيها بعد سقوط نظام “صدام حسين” في العام 2003، عندما تشكلت حكومة، وخُصّص الإقليم بميزانية كبيرة، فتوجه غالبية السكان إلى وظائف الدولة لضمان رواتب شهرية.

العودة إلى الحقول..

ويؤكد “عبدالله حسن”، وهو مزارع في بلدة “مير رستم”، أنها: “المرة الأولى” منذ سنوات التي يقطف فيها العنب من مزارع البلدة التي كانت موردًا رئيسًا للعيش إبان فترة الحصار الذي فرض على العراق وانتهى بإسقاط “صدام حسين”.

ووفقًا لـ”البنك الدولي”، يواجه العراق، هذا العام، تدهورًا اقتصاديًا بسبب إعتماد ميزانية البلاد على صادرات النفط. بالنسبة إلى “كُردستان”، الذي يشهد خلافات مستمرة مع حكومة “بغداد” حول ميزانية الإقليم إثر الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتفشي وباء (كوفيد-19)، أصبح الوضع أكثر صعوبة.

ويحذر “البنك الدولي” من أن: “نقاط الضعف الموجودة أصلاً في العراق قد تؤدي إلى انهيار اقتصادي وموجة جديدة من العنف” في البلاد.

ويرى الخبير الاقتصادي، “بلال سعيد”، أن كل ما يحدث من انهيار لاقتصاد “كُردستان” اليوم، سببه عدم إعتماد سلطات الإقليم على نظام اقتصادي قابل للتطبيق من أجل ضمان الإزدهار على المدى البعيد.

قصر التنمية على القطاع النفطي..

ويقول “سعيد”، لوكالة (فرانس برس)؛ إن: “موارد مالية كبيرة تحقّقت (لكُردستان): ميزانية مخصصة من (حكومة) بغداد وعائدات المنافذ الحدودية مع تركيا وإيران”.

ويضيف: “لكن، بدلاً من استثمارها للبنى التحتية الزراعية والصناعية والصحية والسياحية، ركزت حكومة الإقليم على تطوير قطاع النفط فقط”.

وكما هو الحال مع الحكومة المركزية، أدى توفير الوظائف في القطاع العام، مع أن عددًا كبيرًا منها بدون جدوى، إلى حدوث تضخم. ويوجد اليوم في “إقليم كُردستان”، حيث يسكن خمسة ملايين شخص، 1.2 مليون موظف حكومي، أربعون في المئة منهم عناصر في الجيش والشرطة، وتكلّف رواتبهم أكثر من 725 مليون دولار شهريًا.

ولم تدفع حكومة الإقليم، منذ كانون ثان/يناير الماضي، غير 6 رواتب شهرية لموظفي الدوائر المدنية، وقررت في حزيران/يونيو؛ أن تخفّض بنسبة تصل إلى 21% الرواتب التي تتجاوز 250 دولارًا.

ويعني هذا انخفاض فاتورة الرواتب إلى 591 مليون دولار، لكن التراكمات ما زالت متواصلة رغم تسلم الإقليم مبلغ 260 مليون دولار من الحكومة المركزية في كل شهر، وأصبحت رواتب الموظفين الحكوميين مشكلة أمام الحكومة المركزية في ظل عدم إقرار الموازنة حتى الآن.

ويتسلم الموظفون المدنيون في حكومتي الإقليم وبغداد، الرواتب منذ سنوات في ظل أزمة اقتصادية متصاعدة، لكن الموارد التي يعتمد عليها البلد أصبحت مهددة بالنفاذ، وفقًا لمعهد “لندن” للاقتصاد.

وأشار تقرير صادر عن المعهد؛ إلى أن: “الأحزاب السياسية المهيمنة، (على البلاد)، تكافيء الموالين لها بالرواتب، وتستخدم عقود المشاريع لإثراء رجال الأعمال المقربين منها. بالمحصلة، أصبحت موازنة الوزارات تُسرق لتحقيق مكاسب حزبية وشخصية”.

ليس اقتصادًا صحيًا..

وقال رئيس لجنة الاستثمار في إقليم كُردستان، “محمد شكري”: “نحن أغنياء عندما يكون سعر النفط مرتفعًا وفقراء عندما ينخفض”، مضيفًا: “أنا لا أسمي هذا اقتصادًا صحيًا”.

وتابع: “من أجل تصحيح ذلك، قامت اللجنة بمنح 60 رخصة لمستثمرين بقيمة 1.5 مليار دولار، غالبيتها في قطاعات الزراعة والصناعة”.

في غضون ذلك، تطلق السلطات وعودًا بتحسين الأوضاع الاقتصادية وبناء مشاريع كبيرة كالسدود والطرق وسكك الحديد، ودعت المستثمرين الأجانب الى المشاركة في المشاريع.

في هذا الوقت، ينفذ صبر الصناعيين المحليين الذين يواجهون منافسة يومية حادة بوجه منتجات تغرق الأسواق تصل من تركيا وإيران، الجارتين اللتين تنخفض عملتهما بشكل متواصل فيما لا يزال الدينار العراقي محافظًا على قيمته مقابل الدولار.

وطالب “بارز رسول”، وهو صاحب شركة للحديد الصلب يصل إنتاجها إلى خمسين ألف طن شهريًا، بفرض “زيادة في الضرائب الجمركية ومراقبة الحدود” للحد من تدفق البضائع الى البلاد، مشيرًا إلى ضرورة دعم قطاع الزراعة.

وقال “رسول”، الذي قام قبل فترة قصيرة بتفكيك 50 بيت زراعة زجاجيًا، “إنتاج الكيلوغرام من الخيار يكلفني 21 سنتًا، بينما يباع كيلو الخيار الإيراني أو التركي بـ 13 سنتًا في أسواق إربيل”.

ولم يصوّت برلمان “إقليم كُردستان” على موازنة منذ 2014، وبالتالي، من المستحيل معرفة عائدات المنافذ الحدودية أو النفط أو الضرائب، ولا حتى كلفة المصاريف.

وكمؤشر على تدهور الوضع الاقتصادي، خاطب رئيس وزراء الإقليم، “مسرور بارزاني”، مطلع تشرين أول/أكتوبر، البرلمان بهذا الخصوص، وذلك للمرة الأولى منذ تشكيل حكومته في تموز/يوليو 2019.

وأكد أن الدين وصل إلى 28.4 مليار دولار، بينها تسعة مليارات دولار هي قيمة رواتب غير مدفوعة منذ عام 2014.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة