خاص – كتابات :
مستمرة هي إذاً خطوات التصعيد الغربية بحق “روسيا” بعد أزمة تسميم الجاسوس الروسي، صاحب اللجوء السياسي في بريطانيا، “سيرغي سكريبال”.. وآخر تلك الخطوات ما أعلن عنه في أميركا، نهاية يوم الجمعة 6 نيسان/أبريل من عام 2018، من فرض عقوبات قاسية على أفراد وهيئات روسية غاية في التأثير وكأنها المرحلة الأخيرة من فرض الحصار على موسكو.
تضييق الخناق أولاً !
فقد أعلن “البيت الأبيض” على لسان المتحدثة باسمه، “سارة ساندرز”، أن الإدارة الأميركية فرضت عقوبات على 7 روس من أصحاب النفوذ و12 شركة و17 من كبار المسؤولين الحكوميين وحلفاء للرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، وهي خطوة من شأنها تضييق الخناق وتجفيف التحركات السلسة للروس ومن ثم تأتي خطوات أخرى للتصعيد الأكثر شراسة، إذ شملت العقوبات كلاً من: “وزير الداخلية الروسي، سكرتير مجلس الأمن القومي، قائد قوات الحرس الوطني، مساعد الرئيس الروسي، مفوض الرئيس الروسي في الدائرة الفيدرالية الجنوبية، رئيس الإدارة العامة لمكافحة التطرف بوزارة الداخلية، رئيس هيئة الرقابة على الاتصالات والإعلام” وغيرهم من المسؤولين !
“ترامب” يحاول استغلال الموقف..
بررت “ساندرز” فرض العقوبات الجديدة بأنها تأتي تماشياً مع رغبة الكونغرس، وأن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، كان محقاً في القول بأنه ليس هناك أشد حزماً منه في التعامل مع روسيا.. وهي نقطة يحاول “ترامب” استغلالها قبل خضوعه شخصيًا للتحقيق أمام المحقق الخاص، “روبرت مولر”، في قضية التدخل الروسي في الانتخابات التي أتت به رئيسًا للولايات المتحدة، ليظهر أنه غير ودود مع الروس طالما تعارضوا مع مصلحة بلاده !
ردًا على الأنشطة الروسية الخبيثة..
38 فردًا وكيانًا روسيًا؛ هي حصيلة أحدث فصل في سلسلة العقوبات الأميركية المتلاحقة ضد موسكو، لكنها الأقسى حتى لحظة كتابة هذه السطور.
بدورها، أشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى أن العقوبات جاءت ردًا على ما سمي الأنشطة الروسية، “الخبيثة”، في العالم التي تشمل دعم نظام الرئيس، “بشار الأسد”، في الحرب السورية واحتلال شبه جزيرة “القرم” و”القرصنة الإلكترونية”، كما اتهمت روسيا كذلك بالسعي لتخريب الديمقراطية الغربية، في إشارة واضحة إلى التدخل الروسي، “المحتمل”، حتى الآن، في انتخابات الرئاسة الأميركية التي جرت في الربع الأخير من عام 2016.
محاولات متسارعة لإفساد تنظيم روسيا لكأس العالم..
يقول خبراء في العلاقات الدولية الأميركية إن الإجراءات الأخيرة تأتي بحق جهات غير منفصلة عن الدولة الروسية، إذ إنها متدخلة بمشروعات كبرى كالألعاب الأولمبية في “سوتشي” وعدد من المشروعات، وهي جزء من السياسة الخارجية العدوانية التي تنتهجها روسيا منذ عام 2008 في الحرب “الروسية/الجورجية”، وربما هي خطوات لإفساد استضافة روسيا لـ”كأس العالم” المقررة في حزيران/يونيو 2018 !
عقوبات على تصنيع السلاح !
شملت العقوبات الأميركية الجديدة، التي أتت نتيجة ضغوط كبيرة من الكونغرس، 7 من رجال المال والأعمال الروس النافذين، ولا سيما في القطاع الطاقة من الغاز والنفط، وعدد من الشركات التابعة لهم، علاوة على 17 من أرفع المسؤولين الروس وشركة حكومية لتصنيع السلاح وبنك مملوك للدولة الروسية، وهي خطوات يحاول فيها الغرب إيقاف صفقات السلاح الروسية التي أخذت من رصيد أسلحتها في مناطق كثيرة.
وهي تشكل في مجملها ما قد يسمى بالحلقة الضيقة النافذة التي تحيط بالرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين” !
هذه العقوبات، ووفق محللين، تستهدف أشخاصًا يرجح بقوة أن تكون لهم صلات شخصية بالرئيس، “بوتين”، أو على الأقل تأكدت واشنطن من تأثيرهم في قراراته – بحسب معلومات وضعتها أجهزة الاستخبارات أمام البيت الأبيض -، ومن شأن محاصرتهم إرباك المشهد تمامًا في روسيا وعزلها عن المحيط الخارجي وحصار مبيعات أسلحتها !
عقوبات عاجلة للردع..
العقوبات جرى إعدادها خصيصًا لردع روسيا عن الإقدام على مزيد من الأنشطة؛ وليس حل قضايا معلقة كـ”أوكرانيا” و”القرم” و”سوريا”، لأن هناك عقوبات سابقة مفروضة عليها بسبب تلك القضايا بالفعل، وهو ما يعني أن الهدف المعلن هو منع روسيا من المزيد من العدوان في تلك المناطق.
“ديريباسكا” على رأس المعاقبين..
شملت العقوبات أيضًا، رجال أعمال يرتبطون بـ”الكرملين”؛ بينهم رجل الأعمال الروسي النافذ، “أوليغ ديريباسكا”، الذي تقول وسائل إعلام أميركية إن له صلات بالرئيس السابق لحملة “ترامب” الانتخابية، “بول مانافورت”، الذي اتهم بالإحتيال المالي والتآمر والتهرب الضريبي ضمن التحقيقات التي يقودها المحقق الخاص، “روبرت مولر”، في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.
تأتي هذه الخطوة في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام أميركية أن “مولر” بدأ بإستجواب رجال أعمال روس، أوقفوا مؤخرًا في الأراضي الأميركية، للإشتباه أن لهم صلات مالية مع مقربين من الرئيس، “دونالد ترامب”، وتمويل حملته الانتخابية !
“ترامب”.. الأمر ينتهي بمقابلة المحقق الخاص..
يتزامن ذلك مع التقارير الواردة من واشنطن حول استعدادات “ترامب”، غير الرسمية، لإستجواب محتمل يجريه معه المحقق الخاص، “روبرت مولر”.
وبينت التسريبات أن محامين من البيت الأبيض، ضمن الإدعاء، قد اجتمعوا الشهر الماضي، آذار/مارس 2018، لتحرير المسائل التي سيتم الخوض فيها خلال الإستجواب.
ووفق ما ذكرت (سي. إن. إن) الأميركية، فإنه لم يتم تحديد إجراءات الإستجواب المحتمل؛ حتى لحظة كتابة هذه السطور، من قبيل: “هل يدلي ترامب بحديثه تحت القسم”.
الشبكة الأميركية قالت إن محاميه، ومقربين منه، حذروه من عواقب الحديث إلى الإدعاء العام، “مولر”، الذي وجه تهمًا إلى 19 شخصًا !
وأكدت على أن “ترامب” لم يوافق رسمياً على الخضوع للإستجواب، غير أنه عبر مرارًا عن تطلعه لمقابلة المحقق الخاص، “مولر”؛ لأن ذلك ينهي في رأيه ملف التحقيق في تدخلات روسية محتملة في المنظومة السياسية الأميركية.