خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
التطورات على الحدود الشمالية الغربية لـ”الجمهورية الإيرانية”؛ قد تؤثر بقوة على الوزن السياسي الإيرانية والروسي في آتون تطورات منطقة “القوقاز”، بل وأبعد من ذلك.
ما يحدث الآن على الحدود الشمالية الغربية الإيرانية، هو بمثابة تشكيل تحالف غير مرئي بين: “الولايات المتحدة وتركيا وأذربيجان وأرمينيا والكيان الصهيوني”، والهدف إجراء تغيير جيوسياسي ينطوي على نتائج إستراتيجية ضد: “إيران” و”روسيا”. بحسب “سعد الله زارعي”؛ في صحيفة (كيهان) الإيرانية الأصولية المتشددة.
وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى :
تيار خاف الأحداث..
01 – أغلقت القوات المسلحة الآذرية محور (جوريس قابان)، في “أرمينيا”، ولم تُعد تسمح بمرور شاحنات النقل الثقيل الإيرانية، وهذا بمثابة انتهاك سيادة الجمهوريتين: الإيرانية والأرمينية، واستمرار هذا الوضع سوف يُفضي بالنهاية إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.
أضف إلى ذلك، فالتوتر على الحدود الشمالية؛ قد يمتد إلى نطاق حوزة “بحر قزوين”، وكل هذا بالتوازي مع النبرة الإعلامية والأوساط غير الرسمية، (التي تعتبر في الواقع بيان رسمي من الجمهورية الآذرية)، والتي تدفع باتجاه العداء بل وتستخدم ألفاظ صبيانية.
في المقابل؛ لا يمكننا، (دون قصد)، المقارنة بين حجم هذه الجمهورية بحجم “الجمهورية الإيرانية”.
وعليه خصلنا إلى نتيجة بوجود تيار مشؤوم خلف هذه الأحداث يسمح للبعض في “آذربيجان”؛ بالكذب والمبالغة.
دور الكيان الصهيوني..
02 – إلغاء خط (21) كيلومتر على الحدود الإيرانية مع منطقة “أرمينيا”، وكذلك إلغاء خط الحدود الأرمينية في هذه المنطقة، حيث من المتوقع تسليم محافظة “سيونيك” الأرمينية إلى “آذربيجان”، يُزيد من تعقيد الوضع الجيوسياسي الإيراني في “منطقة القوقاز”.
ومع الأخذ في الاعتبار للميول العنصرية التركية والمطامع في النواحي الشرقية والغربية من “بحر قزوين”، وكذلك تنامي نفوذ “الكيان الصهيوني”، في “أذربيجان” و”أرمينيا”، خلال العقود الثلاثة الماضية؛ وتحول هذا الكيان المنحوس إلى أحد الأطراف الرئيسة في تسليح الجمهوريتين “الآذرية” و”الأرمينية”؛ بحيث أصبح شراء هذه الحكومات السلاح من “الولايات المتحدة”، منوط بالرشاء من “الكيان الصهيوني”، بخلاف المساعي الأميركية الجادة الرامية إلى إفتعال أزمة على حدود “الجمهورية الإيرانية”، ومراقبة التطورات الجيوسياسية شمال الحدود الإيرانية، إنما يتسبب في خسائر وتهديدات لـ”الجمهورية الإيرانية”.
ولذلك لا يجب السماح لـ”الجمهورية الآذرية”، بأي شكل؛ تعريف هذه التطورات غير الطبيعية والمؤامرات باسم الاتفاق الثنائي، والإدعاءات بشأن إرتباط الموضوع بفرض السيادة، إذ يتعرض مبدأ حسن الجوار ومصالح الطرف الثالث، (وهي قاعدة مقبولة دوليًا)، إلى الانتهاك في هذه القضية.
حكومة “باشينيان”..
03 – تعتبر حكومة “أرمينيا”، وشخص “باشينيان”، موالية للغرب؛ مقارنة بالحكوة السابقة، وقد قررت الإنضمام إلى الطرح “الأميركي-التركي” على أمل اكتساب القدرات السياسية والاقتصادية، في حين يعتبر خيانة للدولة الأرمينية.
حكومة “باشينيان”؛ سعيدة بالوعود “الأميركية-التركية”، وقد يؤدي تسليم محافظة “سيونيك”؛ إلى توطيد العلاقات مع الجمهوريتين: الأذرية والتركية؛ وتدعيم موقف حكومة “باشينيان”، وسوف تبقى مدينة “قره باغ” تحت السيطرة الأرمينية.
في حين لا يمكن من جهة؛ القضاء على مشكلة تمتد إلى مئة عام بين الأرامنة والأتراك باتفاق سياسي، ومن جهة أخرى سوف تمنح “أرمينيا” إمتيازات للنقد الجيوسياسي مقابل وعود مؤجلة بتثبيت الموقع الجغرافي الراهن.
و”أرمينيا” في هذه الصفقة؛ جار لـ”الجمهورية الإيرانية” وسوف تخسر إمكانية الاستفادة من “إيران”؛ حال التعرض إلى تهديد من “تركيا” أو “أذربيجان” أو “جورجيا”، وتتنازل في الوقت نفسه للعدو عن محافظة هامة ذات إمكانيات ترانزيت.
بينما لا يمكن تعويض هذه الخسائر الجيوسياسي والجيوإستراتيجية بأي وعود اقتصادية أو سياسية. لقد حصلت “أرمينيا”، في مقابل وعود بتثبيت موقف “قره باغ” الشمالية؛ على الثُلث الجبلي من المدينة، في حين سوف تتعرض “قره باغ” الشمالية إلى هجوم مؤكد من “باكو”؛ بعد تثبيت موقف “سيونيك”؛ باعتبارها محافظة آذرية، وسيكون من السهل خسارة هذه المنطقة الأرمينية بسهولة.
نقاط قوة في أيدي إيران..
04 – الحكومات التركية والآذرية؛ تقدم على مخاطرات كبيرة قد تتسبب في أزمات وجودية لهم أكثر من الآخرين؛ حيث تواجه حكومة “علي أف” كتلة سكنية شيعية؛ تناهز 06 مليون شخص تميل بلا شك إلى مركزية شيعية، وحكومة “إردوغان”، في “تركيا”، تواجه كذلك حوالي: 23 مليون شيعي علوي.
ولم تفكر “الجمهورية الإيرانية” في استغلال هذه الإمكانيات في التعامل مع: “إردوغان” أو “علي أف”. نحن في “إيران” على خلافهم؛ نراعي الأسس الأخلاقية، وحسن الجوار.
وبالطبع يتذكر “إلهام علي أف”؛ أن التعاون الأمني “الإيراني-الروسي” المشترك، كان سببًا في إحباط الانقلاب الأميركي الناعم ضد حكومة “أذربيجان”؛ وفشل المشروع الأميركي لإجراء تغيير على حكومات “آسيا الوسطى” والمنطقة عمومًا.
وكذلك يعلم “إردوغان” دور “إيران”، والجنرال “قاسم سليماني”، في الحيلولة دون نجاح الانقلاب الأميركي عليه؛ و”حزب العدالة والتنمية”. وبالتالي لم نتسبب في أي مشكلات لـ”أذربيجان” و”تركيا”؛ حتى الآن.
وأخيرًا يعلم، “إردوغان” و”علي أف”، قدرة “إيران” على إحباط هذه المؤامرة؛ حيث تبعث رائحة المؤامرة “الأميركية-الصهيونية” من الأحداث الراهنة في الشمال الإيراني؛ والتي يعتبرها “إردوغان” و”علي أف” بمثابة لعبة، لكنها ليست لعبة بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية” و”روسيا”، بحيث يمكن تجاهلها. وليعلموا أن: “رعاية الأخوة” ليس شيك على بياض.