خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
انتقل (حزب الله) في تفرة قصيرة من حالة التعرض لضغوط الحد الأقصى، إلى الحد المتوسط. وهذا في حد ذاته يكشف عن قوة (حزب الله) اللبناني. وكانت المقاومة اللبنانية قد تعرضت لضغوط من “السعودية”، والكيان الإسرائيلي، و”الولايات المتحدة، وفرنسا”، بغرض تسليم السلاح، مع تصور غير دقيق عن مكانة (حزب الله) الحالية، علمًا أن نزع سلاح المقاومة هو في الحقيقة مفتاح إقصاء “لبنان” والشيعة عن المعادلات الإقليمية. بحسب ما استهل “سعد الله زارعي”؛ تحليله المنشور بصحيفة (كيهان) الإيرانية.
أخطاء في حسابات العدو..
وقد تجاهل أعضاء (حزب الله) جميع الملاحظات؛ من مثل ارتباط شرعية الحكومة اللبنانية بمشاركة الطوائف الرئيسة، كما تجاهلوا حقيقة أن تفكيك هذا النظام الإداري، الذي يُعدّ في جوهره جزءًا من سلطتهم، قد يؤدي إلى انهياره. لقد كانوا جديين جدًا في مخططهم.
لكن، عندما نُراجع التطورات في “لبنان”؛ خلال الشهرين الماضيين، نُلاحظ أن الإصرار على تنفيذ هذا المشروع قد تراجع، ليحل محله الإقرار بصعوبة؛ بل واستحالة، تحقيق هذا الهدف. وهذا الموضوع نتاج خطأ في حسابات العدو منذ البداية.
وسواء اعتبرنا أن الهدف من نزع سلاح (حزب الله) هو إقصاء “لبنان” من الساحة الإقليمية، أو إقصاء الشيعة منها، فإن نقطة الانطلاق كانت خاطئة.
خيبة “مشروع باراك”..
وتصريحات “توم باراك”؛ حول تقرير “إسرائيل”، ما سيتم الاتفاق عليه من عدمه، تعكس خيبة أمله من نجاح مشروع ارتبط باسمه.
فقد زادت الضغوط العسكرية الإسرائيلية على “لبنان” من قوة موقف (حزب الله) وتقوية تأييده الشعبي. وكلما مضينا قدمًا، أصبح ملف نزع سلاح (حزب الله) أكثر تعقيدًا، وأقل قابلية للتنفيذ. كان من المُفترض أن يقدّم الجيش اللبناني خطة لنزع سلاح (حزب الله) بحلول 08 أيلول/سبتمبر، ولكن بحسّب المتداول فقد طرح قائد الجيش، مجموعة من الشروط والمستَّلزمات، من بينها انسحاب “إسرائيل” من سبع نقاط تحتلها في “جنوب لبنان”، بدلًا من تقديم جدول زمني.
وبهذا أوضح قائد الجيش بطريقة فنية وبلغة دبلوماسية، أنه لا يؤمن بنزع سلاح (حزب الله) طالما أن التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية مستَّمرة، والجيش غير قادر على مواجهتها. فالجيش يعلم أن نزع سلاح (حزب الله) سيؤدي إلى مزيد من الاعتداءات الإسرائيلية، إلى درجة لن تكون معها حتى قواعد الجيش اللبناني في مأمن، وحينها، لن يكون الجيش قادرًا على تبرير موقفه أمام الشعب أو المسؤولين اللبنانيين.
من ثم فإن (حزب الله)، بالنسبة للجيش، بمثابة سيف مرفوع فوق رأس “إسرائيل”، ووجود هذا السلاح يؤمن نوعًا من الأمان لـ”لبنان”.
نزع “هيبة لبنان”..
وما يُثار في بعض وسائل الإعلام عن احتمالات نشوب صراع داخلي، فذلك احتمال معقدَّ جدًا. فكل طرف يُريد الدخول في هذه المواجهة يجب أن يحسّب جيدًا رد فعل الطرف الآخر.
وبما أن الشيعة يُشّكلون النسبة الأكبر من سكان “لبنان”، فإنهم يمتلكون القدرة على حسم هذا الصراع لصالحهم. ولكن، نظرًا لأن أي صراع داخلي يجلب الخسائر على الجميع، فإن (حزب الله) لا يعتبر هذا الخيار أداة لحل مشاكله الداخلية.
وكما سبقت الإشارة، لا يعني مصطلح نزع سلاح المقاومة سوى إخراج “لبنان” من المعادلات الإقليمية، لصالح الكيان الإسرائيلي، و”السعودية، والولايات المتحدة”، أو بعبارة أخرى، نزع “هيبة لبنان”، ولذلك وقف معظم اللبنانيين، من مختلف الطوائف، في مواجهة هذا المشروع.
أكثر مراحل التاريخ الشيعي حساسية..
يُدرك الشيعة أنهم مستهدفون ضمن مؤامرة معقّدة، تبدأ بنزع سلاح “شيعة لبنان”. ولهذا تحول سلاح (حزب الله) إلى رمز للشيعة في المنطقة. والمسؤولية الكبرى لحفظ هذا السلاح، تقع أولًا على عاتق “شيعة لبنان”، الذين يعتبرونه مهمة تاريخية في واحدة من أكثر مراحل التاريخ الشيعي حساسية، والتي وصفها بعض كبار العلماء: بـ”مرحلة الظهور الصغرى”.
وقد بدأت مجاميع شيعية في “العراق” أيضًا بإدراك حساسية هذه المرحلة. وهم يرون أن سقوط أي منطقة شيعية بيد الأعداء، يفتح الطريق أمام مزيد من الهجمات ضد الشيعة الآخرين، ويجب التصدي لذلك بحزم.
من ثم فإن محاولة استبعاد الشيعة من معادلات المنطقة، هي في الحقيقة محاولة لإقصاء العنصر المحرك لإحياء الإسلام. ومن هنا، فإن مواجهة الاستكبار للشيعة، ليست سوى وجه آخر لمواجهة الإسلام.
والشعور العام في العالم الإسلامي الآن؛ هو أن إخراج “إيران” من المعادلات يعني إخراج الإسلام منها، كما أن بقاء “إيران” في قلب هذه المعادلات يعني بقاء الإسلام حاضرًا فيها. وبالمثل، فإن شعور المسلمين والمسيحيين والدروز في “لبنان” اليوم هو أن نزع سلاح (حزب الله) يعني نزع “لبنان” من المعادلات، وأن الإبقاء عليه يعني الحفاظ على دور “لبنان” في المعادلات الإقليمية.