خاص : ترجمة – د. محمد بناية:
على عكس كل الادعاءات، رضخ “بنيامين نتانياهو”؛ الثلاثاء 21 تشرين ثان/نوفمبر الجاري، لقرار وقف إطلاق النار مدة أربعة أيام، وذلك بعد مرور 46 يومًا على حرب “غزة”. بحسب تقرير “جعفر بلوري”؛ المنشور بصحيفة (كيهان) الإيرانية.
هذا القرار؛ والذي من المتوقع أن يبدأ صباح الخميس، هام ومزلزل وكاشف للحقائق، وفيما يلي نطرح بعض الملاحظات:
النقض الإسرائيلي للاتفاق..
– من غير المسّتبعد نقض الصهاينة اتفاق وقف إطلاق النار حتى قبيل دقائق من سّريانه؛ لأننا لا نتعامل مع طرف موزون يلتزم بتعهداته.
ولو نراجع تصريحات ومواقف الصهاينة على مدى 47 يومًا الماضية عن الفلسطينيين، مؤكد سوف نعرف أن الطرف الصهيوني عنصري بشدة؛ يعتبر نفسه الأفضل بين الكائنات البشرية، لذلك لا يعبأ بالتعهدات التي يقطعها البشر.
كذلك لو نراجع جرائم الصهاينة في “غزة”؛ خلال الفترة الماضية، سوف يتملكك الخوف من وحشيتهم. رأينا كيف لا تعتبر تصريحات الصهاينة بداية من أرفع المسؤولين، وحتى الحاخامات والعسكريين، الفلسطينيين كبشر أساسًا، بل على العكس ترى أن قتل النساء والأطفال في القطاع مسألة إنسانية !.. هم يعتقدون أن الله خلق الغزاويين فقط لخدمة هذا العرق.
ولذلك من المسّتبعد أن يلتزم الصهاينة بتعهداتهم. لذلك حذرت فصائل المقاومة؛ وأعني في “لبنان واليمن وفلسطين”، من الرد حال انتهاك الصهاينة بنود وقف إطلاق النار.
الفشل الإسرائيلي..
– يحظى قرار وقف إطلاق النار بأهمية استثنائية، وللتعرف على مدى أهمية هذا القرار يكفي مراجعة تصريحات أرفع المسؤولين في “الكيان الصهيوني”؛ خلال الأيام الأولى للحرب؛ حيث أكد “بنيامين نتانياهو”؛ رئيس الوزراء، و”يوآف غالانت”؛ وزير الحرب، و”إسحاق هرتزوغ”؛ رئيس الكيان الصهيوني، عدم القبول مطلقًا بأي “هدنة إنسانية” والاستمرار في الحرب بقوة حتى اخضاع “غزة” بالكامل واقتلاع شأفة (حماس) وتحرير جميع الأسرى.
والآن وأنت تطالع هذه المقالة لم تُحتل “غزة”، ولم يُقض على (حماس)، ولم يُفرج عن جميع أسرى “الكيان الصهيوني”، بل إن مندوبي الكذابين الثلاثة الصهاينة هم من أبرموا الاتفاق مع (حماس).
بعبارة أخرى، قبول الصهاينة وقف إطلاق النار إنما يعني هزيمة “إسرائيل”؛ رُغم ما كانت تحصل عليه من مساعدات مستمرة من المال والسلاح والمعلومات الاستخباراتية من جانب “الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا” وبعض الدول العربية الرجعية، لكن المنافس وأعني عدة مجموعات من فصائل المقاومة في القطاع وخارجه.
فشلت “إسرائيل”؛ رغم إلقاء آلاف الأطنان من المتفجرات والصواريخ على الأبرياء في “غزة”؛ (قدرتها توازي ثلاثة أضعاف القنابل النووية الأميركية في اليابان)، في تحقيق أهدافها المعلنة، وتُعلن قبول وقف إطلاق النار.
تراجع وهزيمة “أميركا”..
– انطلاقًا من خروج السيطرة على الشأن الإسرائيلي منذ بدء عمليات (طوفان الأقصى)؛ يوم 07 تشرين أول/أكتوبر 2023م، من أيدي الصهاينة، وسيطرة “الولايات المتحدة” على إدارة هذا الكيان المزعوم، يمكن اعتبار هزيمة “إسرائيل” بمثابة هزيمة لـ”الولايات المتحدة الأميركية”.
وتوجد وثائق تُثبت معارضة الأميركيين سواءً في حرب 2006م؛ أو في الحرب الراهنة على “غزة”، القبول بوقف إطلاق النار سواءً بشكل دائم أو مؤقت. لكن طالب الصهاينة منذ اليوم الرابع أو الخامس من العمليات بوقف إطلاق النار للكثير من الأسباب مثل عدم القدرة على الاستمرار في حروب طويلة، لكن لم يسمح الأميركيون بذلك.
والتصريحات السابقة لأمثال “نتانياهو” و”غالانت”؛ بشأن عدم القبول بوقف إطلاق النار أجراها على ألسنتهم المسؤولون بإدارة؛ “جو بايدن”، الديمقراطية.
لذلك؛ القبول بوقف إطلاق النار هو تراجع وهزيمة لـ”الولايات المتحدة”.
أسباب التراجع “الأميركي-الصهيوني”..
– وعن أسباب رضوخ “أميركا” و”إسرائيل” تُجدر الإشارة إلى عدة نقاط هامة. عزت وسائل الإعلام العبرية مثل (هاآرتس) هذا الرضوخ إلى ضغوط الرأي العام العالمي.
كذلك من الأسباب الأخرى شجاعة ومقاومة سكان “غزة” المثالية. تلك الشجاعة لا ترتبط بجينات هذا الشعب المسلم أو تتعلق بتأثير الماء والطعام !.. ولكن نشأ وترعرع جميع الغزاويين في “قطاع غزة” تحت الحرب والحصار الكامل والصعوبات اليومية.
ومن منظور علم النفس الاجتماعي فإن من ينشأ في أوضاع صعبة يكون أشجع من أقرانه. فما بالك إذا أضفنا الإيمان والتوكل على الله إلى هذا الوضع.
كذلك من أسباب التراجع “الأميركي-الصهيوني”، أصدقاء (حماس) الأوفياء، فلم تكن (حماس) وحدها في المواجهة مع “إسرائيل”، بل إن (حزب الله) اللبناني تسبب؛ وفق فضائية (الجزيرة)، في إرباك الأوساط “العلمية-العسكرية” في الغرب و”أميركا”، فلم يترك “غزة” وحيدة حتى يومًا واحدًا.
كما أثمرت جهود “ثوار اليمن” في تلك الفترة. والواقع فقد واجهت “الولايات المتحدة” و”إسرائيل”؛ (وبالتأكيد بضعة دول عربية وغربية)، ثلاث جبهات ناشطة بقوة وتتسم بالشجاعة.