كيميائي الاسد يعيد للذاكرة مأساة حلبجة العراقية

كيميائي الاسد يعيد للذاكرة مأساة حلبجة العراقية

رغم مرور سنوات طويلة على استهداف حلبجة بالسلاح الكيميائي من قبل نظام صدام حسين عادت ‏ذكرى تلك المأساة تطل على اهالي هذه البلدة العراقية، مع تعرض المدنيين في سوريا لهجوم مماثل ‏حيث انهم اكثر من يدرك ابعاده الكارثية.‏

فقد اعاد تعرض منطقة في ريف دمشق في 21 اب/اغسطس الماضي الى هجوم باسلحة كيميائية ‏والذي اتهم النظام السوري بالوقوف ورائه، ذكريات مؤلمة لاهالي مدينة حلبجة الكردية الصغيرة في ‏شمال العراق.‏
ورغم وجود اختلافات كبيرة بين قيام نظام صدام حسين بقصف حلبجة عام 1988 بالغازات السامة ‏وما خلفه ذلك من الاف القتلى والاتهام الذي يتعرض له نظام الاسد، الا ان هناك تشابه كبير بين ‏الحدثين.‏
يقول محمد امين حسين، وهو رجل في مطلع السبعينات، يجلس في احدى مقاهي حلبجة التي تقع في ‏اقليم كردستان الشمالي “سمعت الخبر عبر الاذاعة بان هناك هجمات كيماوية على منطقة قرب ‏دمشق”.‏
وتابع بحزن “انا حزين جدا ، فقد ذكرني هذا الهجوم بذلك اليوم من ربيع عام 1988، عندما قامت ‏طائرات عراقية بقصف حلبجة”.‏
وقصفت مدينة حلبجة في ربيع 1988، بينما كانت الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) تقترب ‏من نهايتها، عندما قام المقاتلون الاكراد باستيلاء على حلبجة في جبال كردستان، ورد الجيش العراقي ‏بقصفها ما ارغم الاكراد على الانسحاب الى التلال المجاورة.‏
وفي 16 اذار/مارس حلقت مقاتلات عراقية فوق المنطقة لمدة خمس ساعات والقت خليطا من غازي ‏الخردل والسارين وغازات الاعصاب، ما اسفر عن سقوط نحو خمسة الاف قتيل والاف الجرحى ‏معظمهم من النساء والاطفال.‏
ويستذكر حسين قائلا “في ذلك اليوم، وخلال دقائق قليلة انتشر الخوف والرعب بين اهالي حلبجة” ‏وتابع “حتى الاب لم يستطع ان ينقذ ابناءه. كانت لحظات مأسوية”.‏
وفي اشارة الى الهجوم الكيميائي المفترض في سوريا، قال حسين الذي فقد ابن في العاشرة من العمر ‏وابنة في الثامنة في عام 1988، “انه نفس ما حدث في حلبجة”. ‏
وتتهم القوى الغربية نظام الاسد بشن الهجوم على ريف دمشق في 21 اب/اغسطس ادى الى مقتل ‏المئات ودفع بالرئيس الاميركي باراك اوباما الى التهديد بشن ضربة عقابية ضد الاسد. ‏
الا ان النظام السوري وحلفائه الدوليين نفوا تلك التهم واتهموا المعارضة المسلحة بشن تلك الهجمات. ‏
ولكن في الثمانينات كانت الولايات المتحدة تقف بقوة الى جانب صدام حسين في حربه ضد ايران، ‏حيث اظهرت وثائق تم الكشف عنها مؤخرا ان واشنطن كانت على علم باستخدام صدام حسين اسلحة ‏كيميائية، طبقا لمجلة فورين بوليسي. كما ان الكشف عن الحادثين مختلف تماما. ‏
ففي العام 1988 عرف العالم بمجزرة حلبجة بفضل صحافيين ايرانيين، وبعد ذلك بفضل طاقم ‏تلفزيون بريطاني. ‏
اما هجوم دمشق فقد تم توثيقه بشكل كبير بفضل العدد الكبير من الصور وتسجيلات الفيديو للحادث ‏والتي نشرت على مواقع الانترنت. ‏
وقد استندت الولايات المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش التي مقرها نيويورك الى تلك الصور ‏والتسجيلات في اتهامهما للاسد. ‏
وقال اليوت هيغينز الذي نشر تحليلات مفصلة للاسلحة المستخدمة في النزاع السوري المستمر منذ ‏اكثر من عامين على مدونته “براون موزيز” ان ما حدث في سوريا يختلف تماما عن ما حدث في ‏العراق “كاختلاف الليل والنهار”. ‏
واشتهر اليوت اثناء الحرب في سوريا بتوثيق الاسلحة التي يستخدمها طرفا النزاع من خلال تسجيلات ‏الفيديو والصور في منزله في ليشيستر في انكلترا. ‏
ومهما كانت الاختلافات فبالنسبة لسكان حلبجة فان الهجوم الكيميائي المفترض على الغوطة يثير ‏ذكريات حزينة. ‏
يقول رستم كريم (60 عاما) الفلاح الذي يجلس في نفس المقهى مع حسين “رأيت اخبار الهجوم ‏الكيماوي على قنوات تلفزيونية عربية”. وتابع “طلبت من ابنائي ان يغيروا القناة فورا، انها تذكرني ‏بالمأساة التي وقعت في حلبجة”.‏
فيما شبه اخرون النظامين البعثيين في سوريا وبغداد سابقا، على الرغم ان جناح البعث الذي يقوده ‏صدام حسين انفصل عن البعث بقيادة الاسد في عام 1960، ودخلا في صراع تاريخ طويل.‏
وتقول مريم هواري التي فقدت اثنين من اخوتها في الهجوم الكيميائي على حلبجة حين كان عمرها ‏عشر سنوات ان “النظام السوري بعثي كما كان النظام العراقي، وكلاهما ديكتاتوري واستخدما اخطر ‏الاسلحة من اجل الاحتفاظ بالسلطة”.‏

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة