خاص : ترجمة – آية حسين علي :
عندما نواجه موقفًا صعبًا أو أزمة ما فإننا نلجأ إلى الطعام لتخفيف حدة تلك المشاعر السلبية، فنفاجأ بأن الحالة النفسية تسوء، والصحية أيضًا، تُعرف هذه الحالة علميًا باسم “الجوع العاطفي” أو الجوع الناتج عن مشاعر عاطفية سلبية، وهو شعور وهمي يدفع الشخص إلى تناول كميات كبيرة من النشويات بشكل خاص والأطعمة الدسمة، وتزداد حدة هذه الحالة خاصة في فترة المساء.
كشفت خبيرة التغذية الإسبانية، “إميل لوبيز”، عن آلية التفريق بين الجوع العاطفي، والجوع المادي، موضحة أن الجوع المادي يبدأ بشكل تدريجي ويمكنك إيقافه، كما أن حدته تخف بمجرد تناول أي شيء، وبمجرد الشعور بالشبع يتوقف الشخص عن تناول المزيد، كما أن هذا النوع من شهوة الطعام لا يؤدي إلى شعور الشخص بالذنب، أما الجوع العاطفي فإنه من الصعب مقاومته، إذ يؤدي إلى الشعور بشهوة تجاه أنواع معينة من الطعام، ويظهر بشكل مفاجيء، وإذا ترك الشخص العنان لنفسه فإنه سوف يتناول كميات أكبر بكثير من الطبيعي، ثم يشعر بعدها بتأنيب الضمير.
وهناك أنواع كثيرة للجوع العاطفي، منها؛ الجوع نتيجة الملل، ونتيجة الشعور بالحزن، أو الناتج عن انخفاض الهمة، أو الغضب من أجل التغطية على الإحساس بالقهر أو الظلم.
وأضافت “لوبيز” أن هذا النوع من الجوع يدفع الشخص إلى الأكل بشراهة، خاصة خلال فترة الليل، وتكمن المعضلة في أنه خلال تلك الفترة من اليوم لا يحسن الجسم توظيف السعرات الحرارية، ما يؤدي إلى مقاومة “الإنسولين” ومن ثم زيادة الوزن والإصابة بالأرق، إلى جانب زيادة معدلات الأصابة بعدد من الأمراض.
كيف يمكن التغلب على الجوع العاطفي ؟
أوضحت خبيرة التغذية؛ أنه يمكن لأي شخص تخطي أزمة الجوع العاطفي بنفسه من خلال عدة خطوات، أولها؛ أن يكون مدركًا لما يشعر به ويستطيع التفريق بين الجوع العادي والعاطفي، ومن ثم يبذل جهدًا من أجل تحسين عاداته اليومية، ومن أبرز الأمور التي تساعد على التغلب على الجوع العاطفي وعدم الإنجراف وراءه تناول 5 وجبات خفيفة على مدار اليوم، أي وجبة خلال 4 أو 5 ساعات، على أن تتضمن كل واحدة منها عناصر غذائية أساسية من بروتين حيواني أو نباتي ونشويات منخفضة السكر ودهون غير مشبعة، والمواد الغذائية الغنية بالألياف والبريبايوتك، الذي يحفز نشاط الكائنات الحية الدقيقة المفيدة داخل الجسم، بالإضافة إلى الحرص على تناول كميات كافية من الماء بواقع لترين بشكل يومي، وتقليل المستهلك من الدهون المشبعة والسكر، كما تسهم التمرينات الرياضية والحالة النفسية وقدرة الشخص على التغلب على المشاعر السلبية في تحسين الوضع.
وكانت “لوبيز” قد نشرت مؤخرًا كتابها، (Tu última dieta-حميتك الأخيرة)، الذي تضمن تفسيرًا مبسطًا للكثير من المفاهيم التي تتعلق بعلم التغذية، ونصائح مختلفة لكل من يرغب في إتباع نظام غذائي صحي أو إنقاص وزنه، كما يعرض الكتاب ما ورد في أحدث الدراسات العلمية المتعلقة بتلك الموضوعات، وكذلك موضوعات أخرى مثل ما يُعرف بـ”ميكروبيوم” أو الميكروبات المتعايشة مع الإنسان.
الاختلافات والدعاية سببت تخبط المستهلك..
أشارت “لوبيز” إلى أنه أمام الاختلافات الواضحة بين خبراء التغذية يجد الأشخاص، غير المتخصصين، صعوبة في تحديد الطريق، ويشعرون بالتخبط بين هذا وذاك، كما أن أصحاب العلامات التجارية يلجأون إلى شخصيات مشهورة أو بارزة على منصات التواصل الاجتماعي من أجل الترويج لمنتجاتهم؛ ما يضع المستهلك في حيرة كبيرة.
تعديل جدول الطعام تبعًا للساعة البيولوجية..
ثمة علاقة وثيقة بين “الساعة البيولوجية” وعملية التمثيل الغذائي والهضم، وذهبت الكثير من الدراسات العلمية الحديثة إلى التأكيد على أن تناول الطعام في أوقات معينة يسهم بشكل أفضل في تنظيم إفراز الدهون والهضم.
وأوضحت “لوبيز” أن من بين أبرز الأمور التي تساعد على تحسين وظائف الجسم وخسارة الوزن تحديد الأوقات المناسبة لتناول الطعام بما يتناسب مع الهرمونات التي تُفرز، لذا يجب اختيار وجبات تتناسب مع “الساعة البيولوجية” لكل شخص، وأوضحت أن هذا الأمر بات علمًا معروفًا مكن العالم من اكتشاف أمورًا عديدة، من بينها معرفة أنه من الأفضل تناول الكربوهيدرات من خبز ومعكرونة وأرز وبطاطس خلال الساعات الأولى من النهار، وأن تناول كميات أكبر من البروتينات والخضراوات في وجبة العشاء له تأثير جيد على الجسم، لأن تناول البروتينات مساء يحسن مستويات هرمونات النمو وإفراز هرمون “ميلاتونين”، المسؤول عن تنظيم إيقاع العمليات الحيوية، كما أنه ينصح بعدم تأخير وجبة الغداء لما بعد الساعة الثالثة، والتوقف عن تناول الطعام بعد الساعة التاسعة والنصف مساء؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى زيادة الوزن ومقاومة “الإنسولين”.