“كورونا” في العراق .. للقضاء على المظاهرات أم لكشف عورات النظام ؟

“كورونا” في العراق .. للقضاء على المظاهرات أم لكشف عورات النظام ؟

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

يعيش العالم أجمع منذ عدة أسابيع، حالة من الفزع والهلع جراء انتشار فيروس “كورونا” المستجد في كثير من الأقطار. وباتت جميع الدول منشغلة بأحوال ذلك الفيروس الخطير وأطواره وتداعياته الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

لكن كل دولة استقبلت الفيروس وفق ظروفها وقدراتها الخاصة، ولا شك أن الفيروس حلَّ على العراقيين في فترة عصيبة، حيث فاجأ الثوار الذين قدموا الكثير من التضحيات، لكنهم حتى الآن لم يتمكنوا من القضاء على منظومة الفساد وانتخاب حكومة مستقلة تنحاز للشعب ولا تخضع للضغوط الخارجية.

سلطات بغداد سبب انتشار الوباء..

يختلف البعض بشأن أثر وباء “كورونا” على الأوضاع في “العراق”، فهناك من يرى أنه بات مُعوقًا للحراك الشعبي الذي إندلع، منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي، ضد فساد النظام العراقي والمطالبة بالديمقراطية والتغيير.

وهناك من يرى أنه جاء ليكشف عورات النظام الحاكم، حيث اتهمت اللجنة المنظمة للتظاهرات، سلطات “بغداد”، بتعمد نشر فيروس “كورونا” القادم من “إيران” بين العراقيين، مُضيفة أن الجنس البشري في “العراق” مُهدد بالإبادة الجماعية المتعمدة من قبل عملاء “إيران” في “بغداد”، الذين سمحوا بمجييء رحلات قادمة من أكبر بؤر العالم المصابة بفيروس “كورونا”، وهي مدينتي “طهران” و”مشهد”.

ويتهم المعتصمون، الحكومة العراقية وميليشيات (الحشد الشعبي)، التابعة لـ”إيران”، بتعمد نقل المرض إلى “العراق” للقضاء على المظاهرات، عبر إهمال متعمد لإجراءات الحماية من انتشار فيروس “كورونا”، من خلال استمرار فتح الحدود مع “إيران”.

ثوار العراق يُرحبون بالفيروس !

يقول الكاتب والمحلل السياسي، “عبدالملك الحسيني”: لقد تزامن دخول وباء “كورونا” إلى “العراق” مع الأزمة السياسية المتفاقمة جراء الحراك الشعبي المطالب بتغيير النظام السياسي وفق إرادة وطنية خالصة بعيدًا عن التدخلات الخارجية مما أجبر حكومة، “عادل عبدالمهدي”، على تقديم استقالتها، مطلع كانون أول/ ديسمبر 2019، تلاها عجز القوى السياسية عن إيجاد البديل الذي يُلبي المطالب الجماهيرية.

يُضيف “الحسيني”: “كورونا، الذي استعاذ منه العالم، رحب به العراقيون وتعاملوا معه بشكل طبيعي وكأنهم قد ألفوه منذ عقود من الزمن. هذا الفيروس الذي أدى إلى هبوط حاد في الأسهم على صعيد الاقتصاد العالمي وأوقف المصانع والخدمات وأجبر الناس على البقاء في منازلهم، لا تُقارن أضراره عند العراقيين بحجم ضرر الفساد لدى سياسييهم الذي خلف دمارًا شاملًا في بلد يُعد من أغنى بلدان العالم أورث له التخلف والتراجع والفقر والضياع وتفشي البطالة والأمراض”.

وبالمقارنة مع وباء الفساد فإن العراقيين اتفقوا على أن “كورونا” حقق لهم فوائد كثيرة، وأهمها عزل البلدان المتدخلة في شؤونهم وإغلاق الحدود معها بعد أن كان مطلبًا جماهيريًا رفضت حكومتهم الاستجابة له.

“كورونا”.. يُقلِّصُ أعداد المتظاهرين !

جدير بالذكر؛ أن فيروس “كورونا” المستجد، دفع المعتصمين في “ساحة التحرير”، في “بغداد” والساحات الأخرى، إلى إعلان تعليق تواجدهم جزئيًا وإيقاف كافة الفعاليات والمسيرات والأنشطة الثقافية لحين الإنتهاء من أزمة الفيروس، بعد تواجدهم فيها، منذ 25 تشرين أول/أكتوبر 2019.

وكان  معتصمو “ساحة التحرير” قد أصدروا بيانًا جاء فيه: “لقد خرجنا منذ تشرين أول/أكتوبر 2019، بحركة احتجاج لتغيير النظام السياسي الفاسد الحالي، المليء بالأخطاء والكوارث البنيوية في داخل جسده، النظام الذي فشل طوال نحو عقد ونصف في كل اختيار وطني، أمنيًا كان أو صحيًا أو دبلوماسيًا. ويُثبت الوقت يومًا بعد آخر أنه ليس أمام العراقيين سوى التغيير الشامل السلمي، من خلال انتخابات مبكرة، ومشاركة شعبية واسعة، تحت ظل قانون انتخابي منصف”.

أضاف البيان أن: “هذا النظام أكد فشلة مجددًا بفضيحة وباء كورونا، حيث تجلى للعيان ما حدث من سرقات وفشل بإدارة الدولة، فضلًا عن إمتناعه حتى اليوم عن غلق الحدود وحركة الطيران مع دول الجوار، خصوصًا مع إيران التي تُعد بؤرة انتشار الفيروس”.

وكشف المعتصمون عن تشكيل فرق جوالة مهمتها تطهير وتعقيم كافة الطرق والمحلات في “ساحة التحرير” ومخارجها، كما دعا أبناء الشعب العراقي إلى الإلتزام بإجراءات الوقاية لحين إحتواء الوباء والوصول لعلاج يقضي عليه.

الكورونا السياسية هي البلاء الأكبر !

يرى المحلل السياسي، “حسن شنكالي”؛ أن هناك فيروس أخطر بكثير يُصيب الساسة العراقيين، ألا وهو فيروس “الكورونا السياسية”.

مؤكدًا أنه لابد من القيام بحجر سياسي لكل من تبوء منصبًا في الدولة العراقية، بعد عام 2003، ليخضع للعلاج ويُحقن بجرعات حب الوطن والتفاني في خدمة شعبه الذي عانى الأمرين من تراكم السياسات الخاطئة ويُبعد عن الساحة السياسية لإصابتهم بفيروس “الكورونا السياسية”، الذي أصبح مرضًا معديًا يسري بسرعة البرق بين المسؤولين العراقيين كافة دون تمييز، ويتم اختيار كابينة وزارية من التكنوقراط وأصحاب الإختصاص شريطة عدم تعرضهم لفيروس “الكورونا السياسية”، الذي إنتاب غالبية ساسة “العراق”، حتى يتعافى البلد من المرض الذي لم يجد له علاج لسنوات خلت من الفساد الذي إجتاح المؤسسات الرسمية والإدارية كافة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة