كواتم الصوت “تطهر” جنوب العراق من أهل السنة

كواتم الصوت “تطهر” جنوب العراق من أهل السنة

كتب نجاح محمد علي : عاد مسلسل القتل والاغتيال بالكواتم وغيرها الى البصرة الغنية بالنفط والغاز. ‏والمستهدفين هم رجال من أهل السنّة المسالمين المتآلفين مع أهلهم وإخوتهم، بحسب ما أفاد الشيخ ‏مزاحم الكنعان التميمي رئيس قبيلة بني تميم المعروفة في البصرة جنوب العراق.‏

وذكر الشيخ مزاحم، وكان أول محافظ للبصرة بعيد الاحتلال البريطاني إثرسقوط نظام دام في ‏أبريل/نيسان 2003، أن هذه الاغتيالات تتم بدفع من جماعات معروفة من قبل مسؤولي أجهزة السلطة ‏والأحزاب السياسية الحاكمة الذين يغضّون الطرف عنها “ولم تبدر منهم أية بادرة لوقف هذا الإجرام ‏لأسباب سياسية أو بدافع الخوف منها.”‏
وأعاد الشيخ مزاحم التميمي التذكير بتحذيراته السابقة من موقعه على رأس قبيلة هي من أكبر قبائل ‏العراق فيها من السنة والشيعة “وكلهم أبناء متحابون متحالفون”، مشددا على “أن الهدف من هذا ‏الإجرام هو السعي لإخلاء الجنوب من أبناءه السنة”.‏
وقال الشيخ مزاحم “لن أقف مكتوف اليد وأنا أرى أبنائي واخوتي يسقطون هكذا بفعل رصاص آثم”. ‏ووجه نداء عاجلا الى السلطات المحلية في البصرة للدعوة الى عقد مؤتمر تخصصي موسع لبحث هذه ‏القضية الملحة وعدم تركها الى قوى الأمن”، موضحا أن هذه القضية يجب أن تعالح اجتماعيا وسياسيا ‏قبل معالجتها أمنيا”.‏
ودعا عدد من أنصار الشيخ مزاحم التميمي إلى أن تقوم العشائر نفسها بتوفير الحماية الشعبية للمواطن ‏السنّي البصري، في ضوء عجز الحكومة المحلية و قوى اﻷمن عن حماية المواطنين .‏
ونقلت أوساط عراقية مخاوف سكان “حمدان” ببلدة أبو الخصيب ذات الغالبية السنية جنوب البصرة، ‏الذين يقولون إنه تم اغتيال عدد من السنٰة في هذه المنطقة في أبريل/نيسان إضافة منطقة بلد محزوم ‏بالبصرة التي يروج بعض المتطرفين إلى أن الفكر السلفي منتشر فيها.‏
ويعيش في مدينة البصرة خليط من السنة والشيعة العرب. وقد تعايشوا على مر عقود طويلة دون أن ‏يعكر صفو تلك الحياة الاجتماعية الهادئة أي عنف أو بغضاء بين الطائفتين، حتى بلغ حد تلك العلاقة ‏إلى الزيجات المشتركة المشاركة بالأعمال التجارية. وقد أصبح اسم البصرة دليل على التعايش السلمي ‏بين أبناء الشعب العراقي، وأخذ يضرب بأهلها الأمثال لطيبتهم وكرم أخلاقهم.‏
وأكد الشيخ عبد الكريم الخزرجي رئيس الوقف السني في المنطقة الجنوبية ومقره البصرة أن ‏الاغتيالات تصاعدت وراح ضحيتها 12 من أهل السنّة خلال أربعة أيام فقط بينهم مشرف تربوي ‏وإمام وخطيب وغير ذلك.‏
وقال إن هذه الاغتيالات تمت في أبي الخصيب والزبير ومنطقة البصرة، وتهدف إلى تهجير “السنّة” ‏حيث يتلقى الأهالي رسائل واتصالات تهديدهم بالقتل، إذا لم يغادروا مدينتهم التي قال إنهم يحبونها ‏وهي تجري في عروقهم.‏
وطالب أهل السنّة السلطات بتوفير الحماية للمساجد والكشف عن الجناة وإجراء تحقيق جدي في هذه ‏الاغتيالات التي كان آخر ضحاياها الشيخ عبد الكريم مصطفى إمام وخطيب جامع التقوى الذي اغتيل ‏الثلاثاء وإعلان النتائج عبر الاعلام.‏
وقتل الشيخ عبد الكريم مصطفى على يد مسلحين مجهولين بعد خروجه من صلاة الظهر في منطقة ‏المشراق القديم مركز محافظة البصرة .‏
وناشد الشيخ عبد الكريم الخزرجي رئيس الوزراء نوري المالكي بالتدخل لكي تقوم السلطات المحلية ‏في البصرة بدورها في تعزيز الأمن المفقود هذه الأيام في المدينة التي تزود العراق بأكثر من 85% ‏من ميزانيته الاتحادية.‏
من جانبه استنكر رئيس ديوان الوقف الشيعي محمد عبود المطوري “حملات استهداف رجال الدين ‏السنة في البصرة”، مبينا أن “مجاميع خارجة عن الدين والقانون تستهدف هذه الشخصيات من أجل ‏الضرب على الوتر الطائفي لعودة البصرة الى ذلك المربع”.‏
كذلك نددت شخصيات دينية وعشائرية في محافظة البصرة، باستهداف أئمة المساجد رجال الدين من ‏‏”اهل السنة” في المحافظة. وأكدت أن الهدف من الاستهداف هو “اعادة احداث العنف الطائفي”. ‏
وفيما كشف أن “ثماني اسر سنية في الزبير تركت منازلها بعد تلقيها “تهديدات طائفية”، حملت ‏الأجهزة الامنية “مسؤولية وقف الاستهداف وحماية الشخصيات المهمة”.‏
ويعزو بعض المحللين التمترس الطائفي الى نظام “المحاصصة” الذي أصبح يهيمن على الساحة ‏السياسة بعد احتلال العراق، وقبل ذلك في مؤتمر المعارضة العراقية بلندن منتصف ديسمبر/كانون ‏أول 2002.‏
وكمظهر من هذا التمترس الطائفي، قام عدد من أهل السنّة في بدايات الاحتلال بوضع حراسات على ‏أبواب المساجد في الزبير وأبو الخصيب وغيرها، لكن ذلك لم يمنع من تنفيذ عدد كبير من عمليات ‏الاغتيال في البصرة حيث أغتيل في يونيو/حزيران 2006 الشيخ الدكتور يوسف يعقوب الحسان ممثل ‏هيئة علماء المسلمين في المنطقة الجنوبية وإمام وخطيب جامع البصرة الكبير، عندما كان متوجها ‏لألقاء خطبة الجمعة في جامع البصرة الكبير حينما هاجمه مسلحون مجهولون بعد خروجه من منزله ‏بقليل.‏
وارتفع مسلسل الاغتيالات الطائفية في جنوب العراق بعد تفجير سامراء “مرقدي الإمامين ‏العسكريين” في فبراير/شباط 2006. وكان لافتا في تلك الفترة أن الاغتيالات في البصرة استهدفت ‏معتدلي السنة كرد على قتل الشيعة من قبل تنظيم القاعدة والتنظيمات المسلحة التي تكفر الشيعة ‏وتصفهم بالروافض.‏
ويخشى العراقيون من أن تتحول بلادهم الى مسرح لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية، مع وجود نية ‏لدى الولايات المتحدة الاميركية لتوجيه ضربة إلى سوريا.‏
وأعلن العراق حالة استنفار قصوى الاسبوع الماضي بعد تزايد تفجير السيارات المفخخة التي يذهب ‏ضحيتها عشرات الشيعة كل يوم، خصوصا في بغداد، وسط دعوات لإعلان البصرة اقليما فديراليا مثل ‏كردستان. وهو مايراه البعض خطيرا، ويقول إنه جزء من “مخططات اقليمية تهدف الى تقسيم العراق ‏وسوريا الى دويلات على أسس طائفية و قومية”.‏

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة