وكالات – كتابات :
تصاعدت حالة الجدل في الداخل الأميركي حول أنشطة التداول المالي لأعضاء “الكونغرس” الأميركي، وفي مقدمتهم رئيسة مجلس النواب؛ “نانسي بيلوسي”، التي حققت هي وزوجها ثراءً ملحوظًا خلال فترة عضويتها في “الكونغرس”، لتُثير تلك الأنشطة المالية شكوكًا واسعة حول وقوع مخالفات محتملة، حتى إن كان التداول على الأسهم للنواب أمرًا مشروعًا وفقًا لقوانين المجلس.
وفي ضوء هذا؛ نشر موقع (إنتلغنس آون لاين)، تقريرًا بعنوان: “ملكة وول ستريت.. “بيلوسي” من كبار المتداولين في الكونغرس”، في 14 كانون أول/ديسمبر 2022، ويمكن استعراض أبرز ما جاء فيه على النحو التالي..
01 – زيادة قيمة محفظة الأوراق المالية لعائلة “بيلوسي”..
بحسب التقرير يرجع جزء كبير من تنامي ثروة “بيلوسي” إلى زيادة قيمة محفظة الأوراق المالية لها ولزوجها، حتى اكتسبت لقب: “ملكة وول ستريت” بسبب نجاحات العائلة في السوق، فكان معدل العائد على التداولات التي أبلغت عنها أفضل من تلك التي حققها جميع أعضاء “الكونغرس” باستثناء خمسة، لتتتبع عدد من مواقع الويب عمليات البيع الخاصة بها بدقة، حتى يتمكن المواطنون العاديون من جني المكافآت الثرية التي تحصل عليها.
فيما يواصل العديد من أعضاء “الكونغرس” وأقاربهم شراء وبيع الأسهم، حتى إنه خلال الأيام الأولى لأزمة (كوفيد-19) حقق العشرات من أعضاء مجلسي “النواب” و”الشيوخ” أكثر من: 150 مليون دولار من معاملات الأسهم، وهي المعاملات التي كانت غالبًا في مجال الرعاية الصحية وتكنولوجيا العمل عن بُعد وغيرهما من أنشطة الشركات التي ستتأثر آفاقها المالية بشكلٍ كبير بالوباء واستجابة “الكونغرس” لها؛ وذلك فيما تُشّير مراقبة التداولات المالية لأعضاء “الكونغرس” عن بيعهم ما يقرب من: 430 مليون دولار من الأسهم وعقود الخيارات العام الماضي، بالإضافة إلى: 124 مليون دولار من الأوراق المالية الأخرى مثل صناديق الأسهم الخاصة.
02 – أنشطة مالية كبيرة لأعضاء “الكونغرس” في مجال الدفاع..
أثارت بعض المعاملات المالية لأعضاء “الكونغرس” الريبة؛ فتلك المعاملات التي أجراها المسؤولون المنتخبون تأثرت فيما يبدو بدورهم العام؛ حيث يكشف تتبع تلك المعاملات أن ما لا يقل عن: 15 من المشّرعين الذين يلعبون دورًا بارزًا في تشكيل السياسة الدفاعية اشتروا أو باعوا أسهمًا؛ خاصة بالمقاولين العسكريين، وشمل ذلك عضو “الكونغرس” الجمهوري؛ “كيفين هيرن”، رئيس فريق الميزانية والإنفاق في لجنة الدراسة الجمهورية، الذي اشترى هو وزوجته أسهمًا في شركة (لوكهيد مارتن-Lockheed Martin) و(Raytheon Technologies)، في الوقت الذي كان يُدافع فيه عن زيادة كبيرة في إنفاق (البنتاغون) ويُصّوت لصالح الشركتين، بحسب التقرير.
03 – وجود بعض المحاذير على الأنشطة المالية للأعضاء..
يُعتبر تداول أعضاء “الكونغرس” وأفراد عائلاتهم؛ الأسهم أمرًا قانونيًا تمامًا، بالرغم من أن المسؤولين المنتخبين لديهم إمكانية الوصول إلى المعرفة: “المادية غير العامة”؛ التي تُصنّفها قوانين الأمن على أنها: “معلومات داخلية” إذا كان يمتلكها أي شخص آخر.
وحتى مع إصدار “الكونغرس”؛ منذ عام 2012 – وبعد أعوام من الغضب العام الذي أذكته تقارير عن التداول من الداخل من قبل المسؤولين المنتخبين – قانون وقف التداول على المعرفة في “الكونغرس” المعروف باسم قانون الأسهم، لكنه لم يفعل الكثير لتقييد تداول الأسهم من قبل الأعضاء، بخلاف المطالبة بالكشف عن التداولات في غضون 45 يومًا، وحتى هذا البند كثيرًا ما يتم تجاهله.
04 – إثارة تداولات أعضاء “الكونغرس” مخالفات محتملة..
في ضوء ما سبق؛ فإن تداولات الأسهم التي قام بها جميع أعضاء “الكونغرس” وأفراد عائلاتهم تُثيّر احتمالية ظهور مخالفات.
ويمكن الإشارة هنا إلى تخلي “بول بيلوسي”؛ عن: 25 ألف سهم لشركة (Nvidia)، في تموز/يوليو الماضي، قبل شهر من فرض الحكومة الأميركية قيودًا على قدرة الشركة المُصّنعة لأشباه الموصلات على التعامل مع “الصين” و”روسيا”؛ ما أدى إلى انخفاض سعر أسّهمها بنسبة: 20%، وقبل ذلك في 19 آذار/مارس 2021، كان قد اشترى “بيلوسي” ما يقرب من: 06 ملايين دولار من أسهم شركة (مايكروسوفت)، وهي الصفقة التي أبلغت عنها؛ “نانسي بيلوسي”، في 10 نيسان/إبريل، بعد 11 يومًا من إبرام الشركة عقدًا بقيمة: 22 مليار دولار مع الجيش؛ ما ساعد على دفع سعر أسهمها للارتفاع الحاد.
05 – تعقّد جهود الإصلاح المطروحة بسبب معارضة “بيلوسي”..
تنامت الدعوات الداخلية في “الكونغرس” لتشّديد القوانين المنظمة للتداول المالي من جانب الأعضاء، وهي الجهود التي قوبلت بمعارضة خاصة من جانب “نانسي بيلوسي”؛ ففي كانون أول/ديسمبر 2021، ووسط تقارير عن تّربح “الكونغرس”؛ خلال جائحة (كوفيد-19)، أعلنت علنًا دعمها استمرار التداول من قبل أعضاء “الكونغرس”، وقالت: “نحن اقتصاد سوق حر.. يجب أن يكونوا قادرين على المشاركة في ذلك”، وإن تراجعت عن موقفها بعد أن أثارت تصريحاتها استهزاءً عامًا وأعلنت دعمها مشروع قانون يُلزم أعضاء “الكونغرس”، وكذلك يُلزم الرئيس ونائب الرئيس والقضاة الفيدراليين، بوضع استثماراتهم في صندوق ائتماني أعمى، وهي وسيلة مالية لتجنب تضارب المصالح.
ولكن عند الفحص الدقيق، يتبّين أن التشّريع المعّني يُعّرف: “الثقة العمياء”؛ بشكلٍ فضفاض لدرجة لن يكون لها تأثير يُذكر.
ختامًا؛ أوضح التقرير أن مشروع القانون المدعوم من “بيلوسي”؛ يستبق قانون المنافسة على بطاقات الائتمان المُعّلق الذي يُعد أكثر صرامة ويحظر بشكلٍ قاطع على أعضاء “الكونغرس” شراء وبيع الأسهم الفردية، ولكن رغم مناقشة مجلسي “الشيوخ” و”النواب” للقانون منذ أشهر، وكان من المُقّرر أن يصوت الأخير عليه في أيلول/سبتمبر الماضي، فإن الأمر تأجل، وأصبح من المؤكد أن “الكونغرس” سيؤجل هذا العام أي تصويت من المجلسين على القانون.